الطاقة الشمسية الأمل فى حل أزمة الكهرباء.. وخبراء: تعميمها يتحقق خلال 10 سنوات
هل يمكن أن تكون الطاقة الشمسية وسيلة مصر فى حل أزمة الطاقة التى تمر بها؟ خبراء الطاقة أجابوا عن هذا السؤال مؤكدين أن مصر تقع فى منطقة متميزة تسمى بالحزام الشمسى، ولها النصيب الاكبر من الاشعاع الشمسى ولذلك سينجح مشروع الطاقة الشمسية بكفاءة عالية وبسعر أرخص.
وفى هذا الشأن أكد الدكتور إبراهيم العسيرى، خبير الشئون النووية وكبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا، أن هناك طريقتين أساسيتين لتوليد الطاقة الشمسية الأولى «الفوتوفولتية»، ويمكنها توليد الكهرباء بشكل مباشر من خلال أشعة الشمس والثانية من خلال تسخين أنواع معينة من الزيوت على درجة حراراة عالية ثم تمريرها على المياه ما يولد بخارا يحرك التوربينات التى تولد الطاقة.
وأضاف العسيرى فى تصريحات خاصة لـ«السوق العربية» بدأت صناعة هذه الخلايا الشمسية فى الخمسينيات وقد صنعت الخلية الشمسية الأولى من السليكون ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن أدخلت تعديلات عديدة فى كيفية صناعتها وكذلك توسيع قاعدة المواد التى تصلح لهذه الخلايا وما زالت الأبحاث جارية فى هذا المضمار وذلك لتخفيض تكلفة هذه الخلايا التى لا زالت عالية حتى الآن.
وتابع العسيرى ان الـ20 كيلومترا مربعاً الموجودة بالضبعة والمقرر إنشاء محطات نووية بها يمكنها أن تنتج طاقة أضخم بكثير من محطة شمسية تمتد من الساحل الشمالى لأسوان فى الجنوب.
وأكد ان الدول الخارجية تنصحنا بالطاقة الشمسية لدفعنا عن العدول عن الطاقة النووية، لافتا الى ان تكلفة الكيلووات من الطاقة الشمسية يساوى 5 مرات التكلفة من الطاقة النووية وان «أزمة الطاقة الشمسية فى مصر تكمن فى أننا لا نمتلك مساحات واسعة تسمح بتوليد طاقة كثيفة من الشمس».
وأشار إلى أن الدول الخارجية ليست معترضة على تصنيع مصر لمحطات الخلايا الشمسية لتوليد الطاقة، مؤكدا أن تصنيع الخلايا الشمسية يسبب لها بعض الأضرار من التصنيع وتنتج عنه مواد سامة، وتلك الدول فى غنى عنه.
وأضاف ان موضوع صيانة المرايات الشمسية التى ستستخدم لتوليد الطاقة ستكون ضخمة للغاية وستغطى مساحات واسعة وان العمر الافتراضى لهذه المرايات المولدة للطاقة الشمسية من 20 إلى 25 سنة وفى مصر سيكون عمرها الافتراضى اقل بسبب الظروف المناخية المتغيرة.
وقال ان المحطات النوية عمرها الافتراضى 60 سنة مشيرا الى ان الطاقة الشمسية يمكن استخدامها فى اغراض التسخين وانارة الاندية الاجتماعية والمساجد، والكنائس مؤكدا ان الأماكن المتاحة والصالحة لهذه المرايات الشمسية بالقرب من قرى الصحراء الغربية موضحا ان التنمية الاقتصادية والاجتماعية ليس من الممكن تحقيقها من خلال الطاقة الشمسية فقط وشدد على ان الطاقة الشمسية مكملة للطاقة النووية وليست بديلا عنها.
كما قال الدكتور إبراهيم زهران، خبير الطاقة وعضو المجالس القومية المتخصصة، إن متوسط اعتماد العالم كله على طاقتى الشمس والرياح لم تتعد الـ3%، وبالتالى فإنه من الصعب أن تتخطى مصر المتوسط العالمى لاستخدام الطاقة الشمسية. وأضاف زهران، فى تصريحات خاصة لـ«السوق العربية» أن التكلفة العالية جدا للطاقة الشمسية فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة لمصر تقف عائقا فى سبيل الاعتماد على الطاقة الشمسية كأحد مصادر الطاقة، لافتا إلى أن سعر الطاقة الشمسية 14 سنتا للكيلووات، وللكهرباء 2 سنت فقط، مما يعنى وجود فارق كبير بينهما سيضاف على الحكومة أو المستهلك. وتابع: «لدينا خطة للوصول لنسبة 10% استخداما للطاقة الشمسية خلال الفترة المقبلة، لكنها لا يمكن أن تتحقق دون ارتفاع فى مستوى الاقتصاد والتكنولوجيا». وأشار زهران إلى أن «مصر لديها خبراء فى الطاقة، كما أننا من الممكن أن نلجأ للصين فى هذا المجال للحصول على مزيد من الخبرة»، مشددا على أن الطاقة الشمسية أمل نتمنى تحقيقه.
أما المهندس «محمد السيد بدوى» رئيس لجنة الطاقة والنقل بالاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، فطالب الدولة بإصدار تشريعات تسمح باستخدام الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وحوافز تدفع المستهلكين للجوء إليها، لافتا إلى أن تكلفة استخدام الطاقة الشمسية لم تعد ضخمة فى ظل أزمات ارتفاع أسعار استهلاك الكهرباء والغاز. واضاف السيد فى تصريحات خاصة لـ «للسوق العربية « ان هناك العديد من المجالات التى من الممكن البدء فى استخدام الطاقة الشمسية بها بشكل موفر، موضحا أن تحويل إنارة الشوارع للطاقة الضوئية يمكن تحقيقه بنسبة 85% مما يوفر من 15%- 20% من الطاقة الكهربية المستخدمة لذلك. وتابع : «أنه يمكن الاعتماد على الطاقة الشمسية فى رى الاراضى الواسعة مثل مدينة «مرسى» التى لا يوجد بها «كهرباء» أو «غاز» وتعتمد على السولار والذى يواجه أزمة فى الفترة الحالية. ودعا السيد لاستخدام الطاقة الشمسية فى المنتجعات والساحل الشمالى وإلزام كافة المساكن الجديدة والتجمعات العمرانية بالاعتماد على الطاقة الشمسية بدلا من الغاز الطبيعى، الذى يستخدم كمادة خام فى مصانع الاسمدة والبتروكيماويات. واكد انه لابد من تحويل الإضاءة فى كافة المصالح والمنشآت الحكومية ليتم توليدها من المخلفات او باستخدام الطاقة الشمسية مما يوفر على الدولة 5000 جيجا من طاقة الكهرباء.
وقال الدكتور محمود الشريف، رئيس مركز البحوث المتطورة، وخبير الطاقة المتجددة، ان الطاقة الشمسية يمكن البدء فى استخدامها فى الإنارة للتخلص من أزمات الغاز الطبيعى والديزل، لافتا إلى انه فى مقدور الدولة ان تقتطع جزءا من الأموال التى تستخدمها لانتاج الكهرباء، فى سداد ثمن الخلايا الشمسية. وأضاف الشريف فى تصريحات خاصة لـ «السوق العربية» أن تكلفة الاعتماد على الطاقة الشمسية ستكون بسيطة، لافتا إلى ان ازمة استخدام الطاقة الشمسية تتمثل فى غياب اللوائح والقوانين التى تحكم العلاقة بين الشخص الذى سيستخدمها وشبكات نقل الطاقة. وتابع: «يمكن الاقتراض من مليارات الجنيهات المعطلة فى البنوك لشراء الخلايا الشمسية، وسداد هذا القرض يستغرق 8 سنوات فقط مقابل 20 سنة يستخدم فيها المستهلك الخلايا الشمسية بدون مقابل مادى». وأوضح أنه لابد من طرح مناقصات لشراء الخلايا الشمسية من الخارج فى البداية حتى ينخفض سعرها، لافتا إلى وجود شركتين فقط فى هذا المجال فى مصر، وان تلك المناقصة ستؤدى لتخفيض الاسعار، لحين بدء التصنيع المحلى وإنشاء مصانع انتاج الخلايا الشمسية بدلا من استيرادها.
أما «محمد برغش» الملقب بـ«الفلاح الفصيح» فقال: إن الطاقة الشمسية طاقة كثيفة يمكن استخدامها فى رى الأراضى الواسعة بدلا من «السولار»، وأنواع الوقود الأخرى ذات التكلفة العالية. وأضاف «برغش» فى تصريحات خاصة لـ«السوق العربية» أن استخدام طاقة الشمس فى الرى يكون عن طريق توصيل الخلايا الشمسية بكابلات تنقل التيار الكهربى للآلات اللازمة للرى، موضحا أنه يمكن الاعتماد على طاقة الرياح أيضا من خلال «المراوح الهوائية» لتوليد الكهرباء، وأن طاقة الرياح أقل تكلفة من الطاقة الشمسية والأهالى يعتمدون عليها بالفعل فى بعض المناطق. وتابع: «المشكلات التى تواجه الاعتماد على الطاقة الشمسية تتمثل فى ان تكلفتها عالية إلى جانب ان مصر بلدا ليست منتجة للخلايا الشمسية، ولو نجحت مصر فى تصنيع تلك الخلايا فإن الطاقة الشمسية على المدى الطويل ستكون أرخص من كهرباء السولار والرياح وكافة مصادر الكهرباء الاخرى». وأشار برغش إلى ان الطاقة الشمسية تنتج كهرباء نظيفة، إلى جانب إمكانية الاعتماد عليها لأن مصر بلد مشمسة طوال العام تقريبا، لذا فمصر أمامها فرصة استغلال مصدر رخيص للطاقة بطريقة منتجة.
وقال وائل النشار، خبير الطاقة الشمسية، أن كافة محافظات مصر تصلح كمناطق لانتاج الطاقة الشمسية على العكس من طاقة الرياح التى يتطلب انتاجها مناطق معينة تكون فيها الرياح قوية كـ«الزعفرانة» و«ساحل البحر الاحمر». وأضاف النشار فى تصريحات خاصة لـ«السوق العربية» أن اختيار مناطق إنشاء محطات انتاج الطاقة الشمسية من الأفضل ان يتم بناء على مدى حاجة المكان للطاقة. وحول كيفية استغلال الطاقة الشمسية حاليا، قال النشار انها يمكن ان تحل أزمة انقطاع الكهرباء فى مصر فى وقت قصير جدا من خلال وضع محطات صغيرة فوق المنازل تتراوح من 5 لـ100كيلومتر بحيث تكون متواجدة على مساحات متناثرة وتولد الكهرباء على خطوط الضغط المنخفض والمتوسط. وتابع: «كمية الغاز الطبيعى المستخدمة فى توليد الكهرباء تمثل 84% من إجمالى الطاقة المستخدمة فى مقابل 8% فقط من المازوت والسولار والبقية من المحطات المائية، لكن الاعتماد الاكبر على الغاز الطبيعى، مشددا على ضرورة تغيير ذلك بحيث لا تقل نسبة الطاقة الشمسية المستخدمة فى انتاج الكهرباء عن 20% مع العلم ان الخطط الموضوعة لاستخدام الطاقة الشمسية بحلول 2020 تحقق الوصول لـ 1% فقط من نسبة الطاقة المستخدمة لانتاج الكهرباء.
وقال الدكتور عادل توفيق بشارة خبير الطاقة المتجددة وترشيد وتجديد الطاقة إن توليد الكهرباء من خلال الخلايا الشمسية اصبح ممكنا فى مصر بعد صدور تشريعات سنة 2013 من جهاز التحكم فى مرفق الكهرباء وحماية المستهلك. وأكد توفيق فى تصريحات لـ«السوق العربية» أن المواطن العادى اصبح من حقه تركيب الخلايا الشمسية فوق اسطح المنازل لتوليد الكهرباء مباشرة من أشعة الشمس وربطها على شبكة الكهرباء ذات الجهد المنخفض عن طريق عداد لقياس الطاقة. وأوضح أن سعر تكلفة إنشاء الخلايا الشمسية للأسرة الواحدة المكونة من 4 أفراد وتسمح باستهلاك متوسط بدون تكييفات 15 ألف جنيه، وفى هذه الحالة تقوم شركة توزيع الكهرباء المختصة فى المنطقة بشراء الكهرباء من المواطن وفقا لأعلى شريحة عن طريق الرصد من خلال شبكة الكهرباء. وأضاف إن تنفيذ مشروع الخلايا الشمسية فوق سطح منزل كل مواطن سيوفر كيلووات لكل مواطن فى حالة اشتراك الـ30 مليون مصرى فى مشروع الخلايا الشمسية ما سيوفر 30 مليون كيلووات من الكهرباء. وأضاف توفيق فى تصرحات خاصة لـ«السوق العربية»، أننا نحتاج إلى 10 سنوات لتنفيذ المشروع الخلايا الشمسية على مستوى الجمهورية. وقال توفيق: ان تكلفة تركيب السخانات الشمسية للمياه فوق اسطح المنازل، للأسرة الواحدة المكونة من 4 افراد 5 آلاف جنيه، مشيرًا إلى أن هذه السخانات تعمل عن طريق تجميع الطاقة شمسية، ونقلها الى الماء فى خزانات حرارية معزولة يمكن استخدامها على مدار 24 ساعة. وأضاف «توفيق» فى تصريحات لـ«السوق العربية» أن مصر تقع فى منطقة متميزة تسمى بالحزام الشمسى، لها النصيب الاكبر من الاشعاع الشمسى ولذلك سينجح مشروع الطاقة الشمسية بكفاءة عالية وبسعر أرخص. وأشار إلى أن السخانات الشمسية تحتاج إلى ابراج عالية تزيد على 10 أدوار وهذه الابراج أصبحت متوافرة فى المناطق السكنية الجديدة ويتم التسخين فيها عن طريق نظام مركزى للعمارات اما فى العمارات الصغيرة فإنه يكون لكل شقة سخان خاص بها.