السوق العربية المشتركة | المهندس مدحت إسطفانوس رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات: أنا ضد تصدير الأسمنت لأنه لا يحقق قيمة مضافة للاقتصاد القومى

السوق العربية المشتركة

الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 23:45
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

المهندس مدحت إسطفانوس رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات: أنا ضد تصدير الأسمنت لأنه لا يحقق قيمة مضافة للاقتصاد القومى

أكد المهندس مدحت إسطفانوس رئيس شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات ونائب الرئيس التنفيذى لمجموعة «تيتان» للأسمنت أن إنتاج واستهلاك الأسمنت ينفرد بتحقيق درجة عالية من القيمة المضافة للاقتصاد القومى وأن انتعاش استهلاكه يتيح المزيد من فرص العمل التى تصل إلى نحو 25 ألف فرصة عمل تقريباً وأوضح إسطفانوس أن صناعة الأسمنت من أهم الصناعات الوطنية التى تدعم الاقتصاد القومى فهى تساهم بـ30٪ من الناتج القومى إلى جانب أنها أكثر الصناعات المحلية إتاحة لفرص العمل، وطالب رئيس شعبة الأسمنت بضرورة مساندة وتشجيع هذه الصناعة فى مصر لما تعود به هذه الصناعة من مكاسب ونفع للاقتصاد الوطنى، وشدد مدحت إسطفانوس على أنه ضد تصدير الأسمنت فالتصدير لابد أن يقدم قيمة مضافة للاقتصاد القومى وتصدير الأسمنت لا يحقق هذه القيمة وبالنسبة لطرح رخص أسمنت جديدة أوضح أنه لا جدوى من هذه الخطوة وعدم الحاجة إليها لزيادة الإنتاج لدرجة الاكتفاء بما لا يجعل هناك أى ضرورة لتحميل الدولة أعباء بناء 13 مصنعاً دون حاجة ملحة لها وكثف عن أن قيمة حصيلة خزانة الدولة من المصروفات السيادية المفروضة على صناعة الأسمنت وحدها تقترب من 10 مليارات جنيه سنوياً، وانتقد إسطفانوس الهجوم المتكرر وغير المبرر من بعض وسائل الإعلام وبعض التجار ممن ليس لهم دراية بصناعة الأسمنت وتقنياتها.



● هناك من يطالب بضرورة نقل مصانع الاسمنت إلى مناطق صحراوية.. هل هذا الامر سيؤدى بدوره إلى إعاقة النهوض بتلك الصناعة؟

- صناعة الأسمنت تواجه الان هجمات شديدة من الجهات المعنية بالصناعة مطالبين بنقل مصانع الاسمنت إلى الظهر الصحراوى بحجة انها ملوثة للبيئة وغير مسموح بتواجدها بالقرب من المناطق السكنية التى نشأت اساسا بجوار المصانع للانتفاع والاسترزاق فى ظلها حيث إن غالبيتها مساكن عشوائية الامر الذى يهدد الصناعة ويعوق استمراريتها.

● ماذا عن إنتاج واستهلاك الاسمنت وتأثيره على الاقتصاد القومى؟

- انتاج واستهلاك الاسمنت ينفرد بتحقيق درجة عالية فى القيمة المضافة للاقتصاد القومى، فالمليون طن اسمنت توفر سنويا نحو 250 فرصة عمل مباشرة وحوالى 2500 فرصة عمل غير مباشرة، فضلا عن أن انتعاش استهلاكه يتيح المزيد من فرص العمل التى تصل إلى نحو 25 الف فرصة تقريبا، بما يعنى أن المليون طن اسمنت توفر حوالى 27 الف فرصة عمل وذلك بشرط استهلاكه ورواج اسواقه، علماً بأن متوسط قيمة المليون طن يقدر بحوالى 500 مليون جنيه، ذلك بخلاف القيمة المضافة عند استهلاكه التى تصل بقيمته إلى نحو 7.5 مليارات جنيه، وان حجم الانتاج السنوى من الاسمنت يبلغ حوالى 50 مليون طن، وبالتالى فان صناعة الاسمنت تساهم فى الناتج القومى بما قيمته نحو 375 مليار جنيه بما يمثل حوالى 30% الناتج القومى الاجمالى البالغ تريليونًا وربع مليار جنيه، فضلا عن انها توفر نحو مليون ونصف المليون فرصة عمل ومع ذلك تواجه المصانع تهديدات مستمرة بالنقل بحجة التواجد داخل الكتلة السكنية وتهديد صحة السكان المحيطين بها، مع العلم أن نقل مصانع الاسمنت امر صعب جدا بل ومستحيل والاسهل منه نقل الوحدات السكنية، لأن تكلفة نقل المصانع تقدر بمئات الملايين حيث يتكلف مد خط الانتاج الواحد حوالى مليار ونصف المليار جنيه، علاوة على أن دورة عمر مصنع الاسمنت يجب ألا تقل عن 50 عاما قبل التفكير فى تغيير مقره او اعادة بنائه، الامر الذى يعد تخريبا لصناعة الاسمنت الوطنية ومن ثم للاقتصاد القومى باكمله، وغالبية المصانع القائمة حاليا تواجه شبح النقل منها على سبيل المثال مصانع بنى سويف والقاهرة الكبرى والسويس والقطامية ذلك على الرغم من مبادرة المصانع بالتواجد بالمناطق قبل الزحف السكانى حولها بما يجعل للمصانع أولوية البقاء، إذن لا بد من تهيئة المناخ لاستمرار هذه الصناعة وتجنبها المشاكل التى من شأنها تهديد بقائها، وانه لابد من قصر مناطق مصانع الاسمنت عليها وحدها وتحزيمها بحرم محدد لا يقترب منه الزحف السكانى والعمران، وان تطبيق المعايير البيئية بدقة وبشكل صحيح ومنتظم يوفر درجة عالية من الامان والطمأنينة ازاء التواجد قرب هذه المصانع.

● هناك اتهامات من بعض التجار تطال ممثلين فى شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية لمنتجى الاسمنت وادعاؤهم قيام الشركات بممارسات احتكارية من خلال التحكم فى الاسعار والكميات المطروحة بالاسواق.. فما ردكم؟

- هذا كلام غير صحيح بالمرة.. فلا يوجد أى ممارسة احتكارية من قبل الشركات، فهناك معايير اقتصادية عالمية تتبعها المصانع ازاء العملية الانتاجية بما يتضمن تحديد السعر وطرق حساب التكلفة الحقيقية والعائد على الاستثمار وانا مندهش ممن تجرؤ التجار بالحديث فى أمور الصناعة وتكاليفها بل وتقييمها ومن ثم محاسبة القائمين، فالمتعارف عليه والصحيح فى مختلف دول العالم أن أهل العلم ومن ثم الرأى فى المجتمع هم من يملكون العلم والدراية الكافية فى المجال الذى يتحدثون فيه، غير أن ما يحدث فى مصر أن وسائل الاعلام تستمع وتنشر لكل من يتكلم بغض النظر عن علمه أو جهله أو صحة وخطأ ما يقال، واذا كان التجار ليس لديهم اى فكرة عن تصنيع الاسمنت وان علمهم ينحصر بالطبيعة فى نشاطهم والقائم على التجارة فكيف يقيمون المنتجين واداءهم وما اذا كانوا محقين فى تقدير التكلفة ومن ثم السعر ام لا، فالرد على مثل هذه الاتهامات مضيعة للوقت وأود أن اقول إن هؤلاء التجار يخفون ارباحهم الحقيقية ولا يتبعون الشفافية فى طرق تربحهم والمغالاة فى تحديد هامش الربح، فهناك مغالاة غير مبررة فى تحديد هامش ربحهم الذى يصل فى بعض الاحيان إلى 100 جنيه فى الطن، والمكاسب التى تعود على التجار اضعاف ما يحصده الصناع مقارنة برأس المال، حيث إن دورة رأس المال فى تجارة الاسمنت من الممكن أن تدور لاكثر من 100 مرة فى السنة بعكس الصناعة التى تطول مدة الدورة الواحدة من رأس المال فيها وتصل إلى سنة مالية كاملة بما يعنى أن عائد رأسمال التاجر سنويا لا يقل عن 300% فى حين أن عائد رأس المال على الصناعة لا يتعدى 10% سنويا.

● ماذا عن تكلفة إنتاج الأسمنت وارتفاع أسعاره؟

- تكلفة انتاج الاسمنت وارتفاع اسعاره التى بلغت مؤخرا حوالى 510 جنيهات فى الطن للمستهلك النهائى، فهناك ارتفاع كبير فى جميع الخامات ومدخلات الانتاج حيث ارتفعت اسعار الطاقة بانواعها بشكل صارخ دفعة واحدة فسعر الغاز الطبيعى ارتفع من 75 سنتا سنة 2007 إلى 4 دولارات هذا العام ليشكل ما قيمته حوالى120 جنيها من تكلفة طن الاسمنت، كذلك الكهرباء تضاعفت 3 مرات دفعة واحدة ومثلها المياه، علاوة على الضرائب التى تتنوع ما بين 15 جنيها على ضريبة الطفلة و25 جنيها مبيعات على كل طن اسمنت إلى جانب رسوم المحاجر والضرائب المحلية التى تذهب للمحليات وقال أن كل الزيادات التى طرأت على سعر الاسمنت اعتبارا من عام 2007 ذهبت فى اجماليها إلى خزانة الدولة حيث انها بالكامل تمثل ما تفرضه الحكومة من مصاريف سيادية على الصناعة، إذًا فإن قيمة ما تحصل عليه الدولة من كل طن اسمنت يقدر بنحو 200 جنيه تقريبا اى بما يقدر بـحوالى 10 مليارات جنيه سنويا على اجمالى الاستهلاك المحلى من الاسمنت بالإضافة إلى الارتفاعات المتتالية من قبل الحكومة فى تكاليف التصنيع خاصة اسعار الطاقة، لأن تحريك اسعار الطاقة له تأثير مباشر على تكلفة الانتاج ومن ثم تنافسيته محليا امام المستورد وتصديريا امام منتجات الدول الاجنبية، وبالتالى فإن التأثير السلبى لارتفاعات أسعار الطاقة قد يصل لدرجة توقف بعض خطوط الانتاج للمصانع لانخفاض قدراتها التنافسية خاصة فى ظل المنافسة بسوق مفتوح يصدر ويستورد وفقا لمعايير الاقتصاد الحر، فتركيا تعد من اهم الدول المنافسة للمنتج المصرى محليا ويمثل منتجها منافسا قويا امام الاسمنت المحلى حيث يبلغ سعر الطن منه تسليم الموانى 520 جنيها وهناك معادلة اقتصادية عالمية يقاس على أساسها مدى نجاح اى الصناعة ومكسبها، وتفيد بأن الربح يجب الا يقل عن نسبة 10% من اجمالى التكاليف الاستثمارية للانتاج بمعنى انه اذا كانت التكلفة الاستثمارية لطن الاسمنت تقدر بـ250 دولارا بما يعادل 1500 جنيه اذن فإن الربح يجب الا يقل عن 150 جنيها فى الطن، وفى ضوء هذه المعادلة يتضح أن المتحقق حاليا لمصانع الاسمنت كعائد على الاستثمار يتراوح بين 4 و6 جنيهات فقط على كل طن وأنا أؤيد الحساب بالتكلفة الاستثمارية وليس بتكلفة الانتاج المباشرة، فسبب خسارة مصانع اسمنت القطاع العام والاضطرار إلى خصخصتها وبيعها للقطاع الخاص هو اتباع سياسة تحديد السعر بناء على التكلفة المباشرة، حيث كانت مصانع القطاع العام تتبع سياسة للبيع بنفس سعر التكلفة مع اضافة هامش ربح بسيط للحفاظ على ثبات الاسعار وانخفاضها بغض النظر عن الارتفاعات المتتالية فى تكاليف الاستثمار، الامر الذى وصل بها إلى تكبد خسائر فادحة منعتها من التطوير وبالتالى اضطرت الحكومة لبيعها نتيجة سوء وضعها المالى وعدم قدرتها على ضخ الاستثمارات لتحسين ادائها.

● ماذا عن وضع الاسمنت المصرى من السوق التصديرى؟

- أنا ضد تصدير الاسمنت ولا أفضل تنشيط هذا الاتجاه، لأن التصدير لابد أن يقدم قيمة مضافة للاقتصاد القومى الا أن تصدير الاسمنت لا يحقق من القيمة المضافة المستهدفة سوى جلب العملة الصعبة الذى يعد المكسب الوحيد من وراء التصدير، حيث انه يعد تصديرا للطاقة المدعومة وللخامات الطبيعية غير المتجددة فضلا عن انه يؤدى إلى تآكل لرصيد مصر المسموح فى انبعاثات الكربون وفقا لاتفاقية «كيوتو» بما يضر ولا ينفع خاصة انه يقابل ذلك ارتفاع فى تكلفة التصدير تجعله غير مربح للمصدر، علاوة على محدودية مدة الصادرات حيث إن الاسمنت من السلع المحلية فى المقام الاول وإن توفيرها ذاتيا يمثل هدفا تسعى اليه كل دولة فى العالم، حيث انه يعد من السلع الاساسية لمواصلة حركة التعمير والبناء لذلك فإن تصديرها للدول يكون مؤقتا لحين اقامة الدولة مصانعها المحلية ومن ثم الاستغناء عن التصدير، ولابد من التعامل مع تصدير الاسمنت على وجه الخصوص باعتباره منفذا لتصريف الزائد من الانتاج على احتياجات السوق المحلى فقط، وتوجيه كامل الاهتمام للسوق المحلى وسبل تغطية كامل احتياجاته لأن القيمة المضافة الحقيقية للاسمنت تتحقق بالاستهلاك المحلى وليس بالتصدير إلى الخارج فأهم الدول التى نصدر اليها ومنها الدول العربية المجاورة مثل ليبيا والسودان والسعودية والاردن، فإن سوقى السعودية والاردن اغلقا امام الصادات المصرية مؤخرا وذلك بعد نجاحهما فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الاسمنت، واتوقع أن يغلق السوق الليبيى ايضا بمجرد انتهاء مرحلة اعادة الاعمار وعودة حركة النقل الدولى حيث لا يتاح لليبيا حاليا سوى الطريق البرى إلى مصر وبالتالى سيكون فى مقدور ليبيا الاستيراد من مختلف دول العالم وعدم الاقتصار على مصر، اما السودان فان الاسمنت الصينى الذى بدأ يغزوها مؤخرا سيدفع منتجنا إلى الانسحاب من السوق هناك، وإن اسواق اوروبا والولايات المتحدة واستراليا تعد ايضا من الاسواق التصديرية للاسمنت المصرى الا انه لا يعتمد عليها بشكل كبير لان الاتجاه اليها يكون بغرض تصريف الفائض من الانتاج فقط وليس انعاش النشاط التصديرى للاسمنت.

● ماذا عن اتجاه الحكومة لطرح رخص اسمنت جديدة فى السوق المصرى؟

- بالنسبة لاتجاه الحكومة لطرح 14 رخصة اسمنت منها 7 رخص مقرر طرحها خلال الايام المقبلة ففى ضوء كل ما سبق ذكره فإنه يتضح عدم جدوى هذه الخطوة وعدم الحاجة اليها ذلك لزيادة الانتاج المحلى لدرجة الاكتفاء بما لا يجعل هناك اى ضرورة لتحميل الدولة اعباء بناء 14 مصنعا دون حاجة ملحة تجاهها خاصة أن توفير الطاقة لهذه المصانع سيكون دون دعم وبالاسعار العالمية كذلك فتح الباب لاستيرداها بما يجعل الامر اكثر صعوبة ومشقة على الصناع لان ارتفاع اسعار الطاقة سيؤثر مباشرة على القدرات التنافسية لانتاج هذه المصانع بما يهدد اهدافها، فإن ازمة نقص الطاقة وارتفاع اسعاها اصبحت مشكلة مزمنة وستظل كذلك امام الاستثمار الصناعى إلى أن تجد الدولة حلولا جذرية لعلاجها كبناء محطات نووية على سبيل المثال.