خبراء الطاقة والاقتصاد: وصول الدعم لمستحقيه..أهم تداعيات القرار
«السوق العربية» دائما ما تعيش هموم المواطنين وتشعر بآلامهم فور صدور قرار رفع اسعار الغاز قامت بعمل تحقيق شامل تجولت فيه بين آراء رجال البترول والاقتصاد والمسئولين حول هذا القرار وما يترتب عليه من آثار اقتصادية واجتماعية وبالطبع نزلت السوق العربيه الى المواطنين ايضا لتستطلع آراءهم ورؤيتهم لهذا القرار.
من جانبه أكد المهندس شريف إسماعيل، وزير البترول والثروة المعدنية، أن الدولة ستوفر ما يقرب من مليار جنيه من تعديل أسعار شرائح الغاز، وسيتم ضخها فى توصيل الغاز إلى المناطق الفقيرة وتوفير اسطوانات البوتاجاز للمناطق التى لم يدخلها الغاز الطبيعى بعد وإن تكلفة فاتورة الغاز الطبيعى بعد تعديل الأسعار ستكون فى حدود 16 جنيها، مؤكدا فى الوقت ذاته أن تطبيق القرار يهدف لوصول الدعم إلى مستحقيه، وتحقيق العدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن القرار يستهدف توحيد سعرى أسطوانة البوتاجاز والغاز الطبيعى ولن يشعر به المواطنون، خاصة أن 70% من المنازل تستهلك أقل من 25 متر غاز شهريا.
وأضاف إسماعيل أنه سيتم زيادة سعر الغاز للمنازل مع تحديدها بشرائح مراعاة لمحدودى الدخل، خاصة أن أغلب المنازل تقع ضمن الشريحة الأولى التى يتراوح استهلاكها شهريا بين 25 و50 مترا مكعبا مؤكدا أن السعر التجارى الذى تم تحديده للغاز بالنسبة للمصانع والفنادق المطاعم التى تستهلك أكثر من 50 مترا مكعبا من الغاز، هو جنيه ونصف للمتر المكعب، موضحا أن مصر تعد الدولة الوحيدة التى تدعم الغاز الطبيعى بنسب كبيرة، حيث تتم محاسبة المستهلكين فى باقى دول العالم بالأسعار العالمية، حيث يصل سعر البيع للمتر المكعب فى العديد من الدول بما يعادل ثلاثة جنيهات.
وشدد الوزير على أن الحكومة لديها خطة لتحريك أسعار المنتجات البترولية تدريجيًا على مدار خمس السنوات المقبلة؛ لتصل إلى قيمتها للمواطن إلى تكلفة استهلاكها على الدولة، وليس بيعها بالأسعار العالمية، نافيا ما تردد حول رفع الحكومة أسعار الوقود فى الوقت الحالى. من ناحيه اخرى قال مصدر مسئول فى قطاع البترول إن تطبيق نظام الشرائح الجديد استند إلى «تحقيق المساواة» بين مستهلكى أسطوانات البوتاجاز والغاز الطبيعى، وإنه سيوفر نحو مليار جنيه سنويا من دعم الغاز. وكانت مصر قد رفعت سعر أسطوانة البوتاجاز المنزلية العام الماضى للمرة الأولى خلال عقدين قبل محادثات مع صندوق النقد الدولى بشأن الحصول على قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار. وأوضح المصدر أن هذا القرار سيعمل على تحقيق نوع من العدالة بين مستخدمى الغاز الطبيعى ومستخدمى البوتاجاز حيث سبق فى نهاية عام 2012 رفع سعر اسطوانة البوتاجاز من 65ر2 قرش الى 8 جنيهات للاسطوانة فيما لم تشهد أسعار الغاز الطبيعى أى زيادة.
وأضاف أنه لو تم احتساب سعر اسطوانتى البوتاجاز مقارنة باستهلاك معظم الاسر من الغاز الطبيعى سنجد أن أسعار الغاز الطبيعى بالنسبة لمعظم الأسر وبالرغم من قرار زيادة أسعارها الى أنها لاتزال أقل من أسعار اسطوانة البوتاجاز التى يضاف اليها 4 جنيهات أخرى سعر توصيلها الى المنزل بخلاف أن الغاز الطبيعى آمن وأن مستخدمه لا يتعرض لجشع التجار.
واكد أن المخابز البلدية المستخدمة للغاز الطبيعى مستثناة وفقا لقرار رئيس الوزراء من رفع أسعار الغاز الطبيعى الذى سيتم تطبيقه اعتبارا من أول شهر مايو المقبل، لافتا الى أن هذا القرار سيؤدى الى زيادة فى ايرادات الدولة وسيستخدم العائد المادى للزيادة فى تمويل مشروعات أخرى .
من جانبه قال المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق فى تصريحات خاصه لـ«السوق العربية»: أن القرار صعب للغاية من حيث التوقيت لكن لو نظرنا فى حقيقة الامر سنجد أن الأوضاع فى مصر تزداد سوءا منذ فترة كبيرة بسبب كم الأحداث المتلاحقة وللأسف بهذا الشكل لن يجد المسئولون اى وقت مناسب لاتخاذ قرارات حاسمة ومهمة بشأن ملف الطاقة ومشاكله المتراكمة منذ سنوات فالحكومة الحالية مضطرة لا محالة مع سوء الاحوال الحالية ان تتخذ هذا القرار نظرا لاهميته فإن استمرار عدم تحريك أسعار السلع البترولية واهمها الغاز يعد مصيبة كبرى لأن المواطن عندما يشعر بثبات أسعار السلع لفترات وازمنة طويلة يتكون لديه اعتقاد جازم بأن السلعة رخيصة ولا تكلف الدولة الكثير من المال وذلك خطأ كبير لانه ليس معنى أن الدولة توفر المنتجات البترولية بأسعار مدعومة ان السلعة رخيصة لأن الدولة تقوم بتحمل فارق الاسعار لهذه المنتجات ويعد ذلك عبئا كبيرا جدا على الحكومات المتعاقبة وهو ما يتسبب دائما فى حدوث عجز الموازنات وخسائر مالية فادحة لقطاع البترول ومن اكبر الامثلة على ذلك اسطوانة البوتاجاز التى ظلت قرابة الـ23 عاما تعطيها الدولة للمواطنين بالسعر المدعم فى الوقت الذى كانت تكلف فيه الاسطوانة على الدولة بسعر اكبر بكثير حتى جاء الوقت الذى لم تعد الدوله تستطيع فيه تحمل فارق السعر بين تكلفة الاسطوانة والسعر المدعم للمواطنين فاضطرت الى رفع سعرها.
وأضاف كمال اهم ما فى القرار انه راعى مسألة التدرج بتقسيم الزيادة على ثلاث شرائح مختلفة تراعى به كل شريحة واحتياجاتها المادية ومستواها المعيشى وبالطبع كما يعلم الكثير ان معظم الاماكن التى وصل اليها الغاز الطبيعى هى اماكن مرتفعة المستوى المعيشى ويمكن لاصحابها التكيف مع الزيادة الجديدة نظرا لارتفاع الدخول والمستوى المادى اما الاماكن الاكثر فقرا كالعشوائيات فالاعتماد الأكبر فى هذه المناطق على اسطوانة البوتاجاز لان معظم هذه المناطق كالعشوائيات وغيرها لم يصل معظمها الغاز الطبيعى الى الآن.
وأكد ايضا ان استمرار الحكومات المؤقتة سبب رئيسى فى المشكلة فالقيادة الخائفة المرتعشة الايدى لا تصنع قرارات حاسمة خوفا من عواقبها فتترك الامر للحكومة التى بعدها ويستمر الامر هكذا حتى يتأخر اتخاذ القرار مدة كبيرة تضر باهمية هذا القرار ونتائجه، وتعجب كمال من مطالبات البعض للحكومة المؤقتة بحل الازمات والمشاكل المختلفة وفى نفس الوقت تهاجم الحكومة بسبب قرار كهذا اذن فماذا تفعل الحكومة اذا كان الهجوم عليها دائما فى كل الاحوال.وقلل كمال من اثارة البعض للمواطنين بقولهم ان القرار به شطط وخالف وغيرها من الادعاءات مؤكدا انه قرار عادى وبالعكس قد تأخر كثيرا جدا ولا يستحق كل هذه الضجة والتذمر الذى نراه من بعض المحللين والسياسيين.
وأضاف الوزير السابق : انا لست مع تحريك اسعار السلع ومنها الغاز بدون اى ضوابط ولكن ارى ان الحل الافضل يكمن فى المنظومات الجديده المستحدثة كالكروت الذكية وغيرها والتى تقضى على السوق السوداء وتجار الطمع والجشع وتمنع التهريب الى حد كبير وايضا إيجاد حلول بديلة اقل تكلفة وأفضل مثل الطاقة الشمسية وغيرها من الطاقات البديلة.
من جهة أخرى قال الدكتور فخرى الفقى أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ومساعد رئيس صندوق النقد الدولى بواشنطن سابقا أن قرار رفع أسعار الغاز المنزلى قرار صائب وسليم وكان يجب اتخاذه منذ فترة كبيرة ولكن الازمات المعيشية والاقتصادية وحتى السياسية والاجتماعية الطاحنة التى تمر مصر بها منذ فترة سببت توترا كبيرا جدا على الاقتصاد المصرى فاصبح من المرعب اتخاذ اى خطوات جادة ولو كانت صعبة لحل ازمات الطاقة واهما الغاز العالقة منذ مدة وذلك خوفا من إثارة المواطنين وخلق عداوات بينهم وبين المسئولين وللاسف يتخذ اصحاب المصالح هذه القرارات ذريعة لاثارة الجماهير وتحريضهم على العنف والاعتراض بشكل يمكن ان يؤدى الى اضطرابات لا تحمد عقابها.
واكد الفقى ان تقسيم القرار الى شرائح فى منتهى الاهمية فان ذلك يعد نوعا من العدالة المطلوبة تطبيق القرار والتى تراعى استهلاك كل فئة على حدة بالاضافة الى المستوى المعيشى لكل شريحة من الشرائح المختلفة واشار الى ان اسعار الغاز ارخص بنسبة كبيرة جدا من اسعار اسطوانة البوتاجاز مع العلم ان الغاز يصل الى المواطن المشترك فى الخدمة الى منزله ولا يبذل اى مجهود للبحث عن الغاز او نقله بخلاف اسطوانة البوتجاز التى يعانى المواطن حتى يحصل عليها ويواجه مشكلات عديدة ترهقه بداية من ثمنها المرتفع مقارنة بالغاز حتى نقلها الى مكانه فكيف يتساوى الاثنان معا؟
وأضاف مساعد رئيس صندوق النقد الدولى السابق ان الخطأ الذى ارتكبته الحكومة الحالية اثناء اصدارها القرار هو عدم القيام بحوار مجتمعى حول القرار قبل اصداره ومشاركة فعالة من جانب الجماهير فى اتخاذه وعرض للدراسة التى اصدر على اثرها المسئولون القرار بشكل شفاف ودقيق على كل فئات المجتمع وايضا شرح أسباب القرار الاساسية التى اضطرت الحكومة لاصداره فى هذا التوقيت وبهذا الشكل حتى يتسنى لكل مواطن المشاركة فى معرفة ماهية القرار وتأثيره وحتى يكون مستعدا لتحمل تبعاته وعالما بكل تأثيراته السلبية والايجابية.
واشار الفقى الى ان المشكلة فى عدم وجود مجلس للنواب لاصدار مثل هذه القرارات ومناقشتها مع المسئولين كممثل عن الشعب الذى اختاره فالنظام الحالى والحكومة الحالية فى ظل عدم وجود مجلس شعب يقوم بمناقشة ودراسة هذه القرارات واصدارها بالاشتراك مع المسئولين مضطرا الى اصدار القرار بشكل منفرد وهو يرى من وجهة نظره انه موافق للصالح العام وفى اطار خطوات جادة لاصلاح المنظومة الاقتصادية فى مصر.
ويرى المهندس شامل حمدى وكيل وزارة البترول ورئيس شركة سوميد الاسبق انه بمقارنة فاتورة الغاز الطبيعى لاى منزل سنجدها تتراوح بين 8 و9 جنيهات وهو تقريبا نفس سعر اسطوانه البوتاجاز الواحدة وبالطبع استهلاك اى منزل من البوتاجاز يتعدى الاسطوانة الواحدة الى اثنين واحيانا كثيرة الى ثلاث اسطوانات شهريا. اذن بالمقارنة يتضح ان هناك نوعا من الظلم وليس به اى عدالة فى التفريق بين من يستعمل الغاز الطبيعى ويأتيه الى منزله بكل سهولة وبهذا السعر الشديد الانخفاض وبين من يستعمل اكثر من اسطوانة بوتاجاز شهريا باسعار مرتفعة فالقرار يجعل هناك نوعا من الموازنة ويحقق شيئا من العدالة فى التوزيع بين كلتا الحالتين وايضا مما يعود على الدولة بفائض مادى كبير يساهم فى النهوض بمشاريع اخرى.
ايضا اشار حمدى إلى ان معظم الاماكن التى وصل اليها الغاز الطبيعى اماكن مستواها المعيشى مرتفع الى حد ما بخلاف الاماكن الفقيرة كالعشوائيات والتى تعتمد اعتماد كامل على البحث عن اسطوانة البوتاجاز واستخدامها فى حياتهم اليومية ولذلك فالزيادة المقررة ستؤثر بشكل اكبر على ساكنى هذه الاماكن مرتفعة المستوى المعيشى.
واشاد حمدى بالدور المهم الذى يقوم به المهندس شريف إسماعيل وزير البترول والجهود التى يبذلها للنهوض بمنظومة البترول وتلافى سلبيات الوزراء السابقين وارجع ذلك الى خبرة الوزير فى منظومة البترول نظرا لعمله بها مدة طويلة.
من جانبه قال المهندس صلاح حافظ نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقا أن قرار المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء برفع أسعار الغاز الطبيعى هو قرار صائب بنسبة وموفق بل بالعكس القرار تأخر بشكل كبير مما زاد الامر سوءا بسبب الحكومات الضعيفة المتعاقبه التى خافت من اتخاذ قرارات مماثله واكد ان القرار سيساهم فى تخفيف عبء الدعم الذى تعانى منه الدولة وسبب انهيار القطاع بشكل خاص والذى يجب ان نتخلص منه فى اقرب وقت ممكن.
وأضاف الخبير البترولى إن هذا القرار جاء نتيجة حالة النقص الشديدة التى تعانى منها البلاد فى الغاز الطبيعى بشكل خاص والمواد البترولية بشكل عام وهو الأمر الذى سيشجع القطاع الخاص على استيراد الغاز وذلك بعدما يتقرب سعره فى السوق المحلى بالأسعار العالمية مشيرا الى ان المشكلة الاكبر انه كلما قل سعر الغاز زاد استهلاكه بشكل كبير وهذا يسبب خسارة فادحة.
واكد حافظ ان هناك بعض السلبيات فى القرار يجب اخذها فى الاعتبار وهى أن هناك فئة ستضار من هذا القرار وهى الفئة الفقيرة، خاصة أن نسبة الفقر تزداد فى مصر بشكل كبير لكن هناك مسئولية ملقاة على عاتق الدولة، خاصة وزارتى التموين والمالية من خلال تحديد هذه الفئة وتحديد كيفية التعامل معها وعدم إلقاء أعباء القرار عليها فقط وايضا لابد من وجود بعض الآليات اهما الشفافية فى اتخاذ القرار ومراعاة ظروف المجتمع والجهل والامراض المنتشرة فيه بشكل كبير ولكن ايضا على المواطنين ان يراعوا ما تمر به مصر من ازمات والتى تعد حالة حرب حقيقية يجب ان نتكاتف جميعا للخروج منها. وأوضح حافظ، أن قطاع البترول لن يشهد أى تقدم خلال الفترة القادمة بدون إلغاء نظام الدعم للمواد البترولية التى يتم إهدار العديد من الأموال عليها دون فائدة على القطاع، الذى أصبح مديونًا وتزداد ديونه للشريك الأجنبى بشكل يومى، وهو الأمر الذى يهدد بانهيار القطاع.