الأزمة المرورية جعلت الحركة «محلك سر» شــوارع «المحروســــة» حاجــة تخنــق
خبراء الأمن والمرور: مطلوب كيان جديد لإدارة الأزمة مع تغليظ عقوبة المخالفات وإلغاء تراخيص السيارات المتهالكة
تمثل أزمة المرور واحدة من أخطر الأزمات التى تواجه المجتمع المصرى ليست فى القاهرة وحدها ولكن تنتشر فى جميع ربوع مصر، فإن آثارها المدمرة والسلبية واسعة الانتشار التى تؤدى إلى الإخفاقات وتدهور مستوى الخدمات التى تقدم إلى المواطنين ولها الأثر البالغ إلى تراجع الاستثمارات المحلية.
وأرجع الخبراء الأزمة إلى عدم احترام إشارات المرور وغياب الأمن فى معظم المواقف مستغلين الغياب الأمنى خاصة بعد ثورة 25 يناير والأجواء السياسية من اعتصامات وإضرابات وعصيان مدنى.
وأكد خالد سليمان مهندس زراعى أن أزمة المرور بعد ثورة 25 يناير أصبحت كابوساً مزعجاً يلاحقنا يومياً بسبب غياب دور الدولة الحقيقى فى حل هذه الأزمة وطالب بوجود حلول جذرية قبل موسم الصيف والإجازات التى تكثر فيها الرحلات وعمليات التنقل بين المحافظات والمصايف.
وأشار عاطف محروس- طبيب- إلى أن أزمة المرور فى الوقت الراهن تعد من أكبر الأزمات التى تعرضت لها البلاد منذ أكثر من 3 عقود، ويأتى ذلك فى انتشار البؤر الإجرامية على الطرق السريعة وأمام المواقف وزيادة الإضرابات والاعتصامات والمطالب الفئوية ما زاد من تفاقم الأزمة المرورية وتعطل حركة السير للمواطنين للذهاب إلى أعمالهم والطلاب إلى مدارسهم وجامعاتهم ما جعل الحياة لا تطاق.
وأكد ناصر فايد- محام- أن مشكلة المرور فى القاهرة الكبرى تشكل أزمة حقيقية لدى المواطنين نتيجة الزحام الشديد داخل معظم الشوارع ويأتى ذلك فى غياب رجال المرور من تنظيم الشوارع والسيارات ومعاقبة المخالفين، بالإضافة إلى انتشار أعمال البلطجة فى غالبية الشوارع غير مبالين بأرواح المواطنين.
مشيراً إلى أن الخطورة الحقيقية التى تكون السبب الرئيسى فى الحوادث على الطرق السريعة من سيارات النقل الثقيلة نظراً لأنها تسير بسرعة جنونية وتقوم برفع حمولاتها الإضافية.
وأكدت ليلى عبدالرحمن- ربة منزل- أن الاختناقات المرورية أصبحت مسلسلا شبه يومى ويأتى ذلك فى فترة أوقات الذروة نتيجة خروج المواطنين من أعمالهم وانتهاء فترة العمل ما يشكل أزمة حقيقية ومعاناة يومية.
وأشارت إلى أن محافظة الجيزة من أشهر المحافظات التى لديها كثافة مرورية ويأتى ذلك من انتشار الباعة الجائلين فى كافة ميادين المحافظة.
أما حنان فوزى فتؤكد أن مشكلة المرور قضية مزمنة ومتشابكة وجزء منها يعود إلى سوء التخطيط والعشوائية إلى جانب إشغالات الطريق التى يرتكبها أصحاب الأنشطة التجارية والترفيهية بزحفهم على نهر الطريق مستغلين فى ذلك قصور أداء المحليات ما يؤثر فى النهاية على حركة سير المرور وتعرض المشاة للخطر بسيرهم فى نهر الطريق بعد احتلال أصحاب الأنشطة التجارية الأرصفة ما يتطلب حلولاً غير تقليدية والاستفاة من تجارب الدول الأخرى وعودة حلم السبعينيات بتفريغ القاهرة من سكانها إلى المدن الجديدة. وتطالب بتغليظ تشريعات المخالفات المرورية بصورة تدريجية من خلال حزمة قوانين رادعة تمنع وقوف أو مبيت السيارات فى الأماكن غير المخصصة لذلك، والذى أدى إلى تحويل الشوارع إلى جراجات مفتوحة للسيارات وتطرح بعض الإجراءات الأخرى منها إعادة تخطيط المرور بالقاهرة وفق رؤية متكاملة وإعادة هيكلة جهاز المرور إلى جانب تطبيق بعض المقترحات الأخرى منها إلغاء تراخيص السيارات المتهالكة التى تعطل سير المرور وتناشد بضرورة إنشاء هيئة قومية للنقل والمرور وقيام رجال المرور بأداء عملهم بشكل أكثر جدية.
وأكد عفت عبدالعاطى رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة أن أزمة المرور ترجع إلى انتشار ظاهرة الاعتصامات والإضرابات فى الشوارع الرئيسية فى وسط القاهرة ما أدى إلى زيادة الزحام والشلل المرورى الذى تحدثه السيارات ويؤثر سلباً على الناحية الاقتصادية للبلاد. وأشار عبدالعاطى إلى أننا نحتاج إلى تفعيل قوانين المرور لرجال الشرطة والأمن على المخالفات التى تحدث فى الطرق وعدم احترام إشارات المرور واصطفاف السيارات فى الشوارع صفا أل وثان ما يقف ضد مصالح البلد ويؤدى إلى تعطيل العمل.
وتابع عبد العاطى أن هناك سيارات قديمة وقد مر على استخدامها أكثر من 30 عاماً وتحتاج إلى إحلال وتجديد قد تصل أعدادها إلى نحو 15 ألف سيارة للأجرة.
من جانبه أكد اللواء فادى الحبشى الخبير الأمنى أن السبب الرئيسى لأزمة المرور يأتى بقيام بعض البلطجية والخارجين عن القانون بمطاردة المواطنين وفرض الإتاوة على السيارات مما يعوق حركة المرور.
وطالب الحبشى بزيادة الدوريات الأمنية على الطرق السريعة والطريق الدائرى حتى يعود الأمن كما كان فى سابق عهده.
ويرى اللواء مجدى الشاهد الخبير المرورى أن الوعود المتعددة من قبل المسئولين بحل الأزمة المرورية مجرد أوهام فى ظل عدم وجود جهة محددة مختصة بالمرور وأن تكون مسئولة عن مواجهة الأزمة المرورية نتيجة لتشعب مسئوليتها ويوضح أنه طبقا للقرار الجمهورى لعام 82 والذى يقضى بإنشاء جهة عليا مختصة بالمرور وهى المجلس الأعلى للمرور بالإضافة إلى قانون المرور فى مادته 82 والذى ينص على أن يمثل هذا المجلس من 3 محافظات وهى القاهرة والجيزة والقليوبية بالاشتراك مع عدد من الممثلين بالمجلس أهمهم مساعد أول وزير الداخلية للشرطة المختصة ومستشار مجلس الدولة ورئيس هيئة النقل وهيئة الطرق والكبارى والنقل البرى ووكلاء من وزارة الصحة والمالية والبحث العلمى.
ويرى أن الحل الأمثل للقضاء على مشكلات المرور فى مصر إنشاء كيان جديد لإدارة الأزمات المرورية على أن يشتمل هذا الكيان على هيئة الطرق والكبارى التابعة لوزارة النقل، بالإضافة إلى الإدارات المرورية بوزارة الداخلية على مستوى المحافظات،بالاشتراك على هيئة النقل العام من أجل تعظيم قيمة الخدمات المقدمة للمواطن وتقليل نسبة الخسائر والتى تصل فى بعض الأحيان إلى 50 مليار جنيه سنوياً.
وأرجع المهندس عادل الكاشف رئيس الجمعية المصرية لسلامة المرور أزمة المرور إلى أزمة أخرى هى أزمة الانفلات الأخلاقى التى زادت من ارتباك الحركة فى الشوارع لافتاً إلى أن كل مواطن أصبح يفعل ما يريد وقتما شاء فأصبح سائق السيارة يتركها فى وسط الشارع ويذهب لشراء احتياجاته دون أدنى مبالاة بحركة المرور أو يتركها صفا ثانيا.
أصبح الكثيرون فاقدين القدوة فى ظل الانفلات الأمنى الذى تعانى منه البلاد فضلاً عن أن الشعب المصرى مفتقد للثقافة المرورية فلا توجد أدنى مشكلة عند قائد السيارة فى أن يسير عكس الاتجاه ويقف فى الممنوع. وكذلك المواطن العادى الذى لا يلتزم بإشارة المرور ويجتاز الطريق دون مبالاة.
ويوضح الكاشف أن الشوارع الرئيسية دائماً ما تشهد اختناقات مرورية خصوصاً أن عدد السيارات فى مصر 5 ملايين و200 ألف وفقاً لآخر دراسة أجرتها الجمعية العام الماضى منها مليون مركبة فى القاهرة وحدها ومع حدوث أى خلل ولو بسيط ينعكس ذلك على الشوارع فمثلاً المظاهرات تنعكس على الحالة المرورية وكذلك استغلال أصحاب المحلات جانبى الطريق بوضع بضائعهم الخاصة أمام المحلات ما يؤثر على حركة المرور، وشدد الكاشف على أن الحكومات المصرية المتعاقبة تتحمل بالدرجة الأولى مسئولية أزمة المرور فى ظل غياب رؤيتها المستقبلية بشأن تلك الأزمة.