«السوق العربية» تكشف أخر تطورات بناء سد النهضة الدبلوماسية المصرية تنجح فى احتواء الأزمة.. ومشروعات مشتركة بين مصر وأثيوبيا قريباً
نجحت مصر فى تفادى أزمة الفقر المائى وما يترتب عليها من اثار اقتصادية بعدما نجحت الدبلوماسية المصرية فى معركتها الاخيرة ضد الحكومة الاثيوبية لوقف بناء سد النهضة بعد شرح الأضرار والمخالفات القانونية الجسيمة للدول التى تقوم بتمويل السد وهو ما دفع هذه الدول لاستصدار قرار أوروبى- روسى-صينى- عربي بوقف تمويل سد النهضة الإثيوبى، لم يبق سوى أن تعلن إثيوبيا عن وقف بناء السد واحترام الاتفاقيات الدولية بين البلدين.
وهو ما جعل (السوق العربية) تفتح خزائن الاسرار لتكشف عن كل التفاصيل التى ادت الى ايقاف المشروع وكيف خاضت الدبلوماسية المصرية هذه المعركة.
فى البداية يكشف الدكتور محمد ابراهيم جاد الخبير المائى واستاذ الموارد المالية بالمركز القومى لبحوث الصحراى عن عدة محاور فى ايقاف السد. فيقول: ان مصر عملت على عدة محاور لايقاف المشروع وهى الدبلوماسية المصرية ونجحت فى ممارسة ضغوط على جهات التمويل العربية والصينية والاوروبية تمثلت فى إعلان ان الامن القومى المصرى والعربى خط احمر وهو ما يعنى ان الامن القومى الخليجى هو امتداد للامن القومى المصرى وهو ما جعل دول الخليج التى كانت تقوم بتمويل المشروع تعيد النظر فى عمليات التمويل لعلم هذه الدول ان مصر هى الضمانة الوحيدة فى حمايتها من وصول المد الشيعى الايرانى اليها بجانب عدم وصول التهديدات الايرانية العسكرية اليها ايضا الان مصر هى الدولة الرادعة عسكريا لاى خطر عن الدول الخليجية وهو ما وضح فى الايام الاخيرة من خلال اشتراك القوات المصرية فى مناورات عسكرية فى عدد من الدول الخليجية منها الامارات والبحرين والسعودية، ومن هنا التقت المصالح المشتركة فى الملف الامنى والعسكرى فقامت كل من السعودية والامارات بسحب التمويل ومنع بناء السد.
اما بالنسبة لسحب الصين وصندوق النقد التمويل فجاء بعد جولة مكوكية فى القارة العجوز اوروبا لشرح خرق اثيوبيا المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بحوض النيل ودول المنبع والتى تقضى بعدم اقامة مشاريع على النهر دون الرجوع والتنسيق مع دولة المصب مصر وهو ما جعل سد النهضة مخالفا للقانون الدولى والمواثيق والاعراف الاوروبية بجانب ان الدول الاوروبية تأكدت ان البديل هو نشوب حرب مياه مما جعلها تقوم بايقاف التمويل.
اما الصين فقد قامت الحكومة المصرية بتهديد الحكومة الصينية بمراجعة بعض الاتفاقات الاقتصادية مما جعل حكومة الصين تقوم بممارسة ضغوط على البنوك المانحة لايقاف التمويل البالغ 1:4مليار دولار.
اما عن الدور الاسرائيلى المشبوه فى دول حوض النيل وفى المشروع الاثيوبى فيتمثل فى ممارسة الضغوط على مصر فى عدة محاور بعد رفص الحكومة المصرية ايصال الماء الى اسرائيل من خلال ترعة السلام مما جعل اسرائيل تضع خطة للسيطرة على مياه النيل الازرق القادم من هضبة الحبشة الذى يمثل 85% من الايراد السنوى لنهر النيل مما جعل اسرائيل تلعب دورا اساسيا فى اقامة السد يتمثل فى الدعم التكنولوجى غير المتوافر لإثيوبيا والدعم اللوجستى الذى يتمثل فى تدريب عمال فى تل ابيب وفنيين على كيفية ان شاء السد.
السعى الدائم من اسرائيل الحث الدول على الموافقة على التمويل من خلال شرح اتفاق عنتيبى الذى يهدر حصة مصر المائية وكان هذا حق اثيوبى اصيلا فى حين ان الاتفاقية مشبوهة اصلا.
ولم يقتصر دور اسرائيل عند هذا الحد بل قامت بانشاء مستشفيات ومدارس ومشاريع زراعية ونقل تكنولوجى زراعية عالية الى إثيوبيا
بجانب نجاح اسرائيل فى انشاء قواعد عسكرية فى كلا من اثيوبيا واريتريا مقابل 1:4مليار دولار لكلا من الدولتين وتهدف من ذلك الى ممارسة ضغوط على مصر من الحدود الجنوبية ومحاولة السيطرة على باب المندب للثأثير على قناة السويس وتقليل حصة مصر المائية بما يعادل 14 مليار متر مكعب سنويا من خلال نجاح اثيوبيا فى بناء السد.
اما عن المخاطر الاقتصادية على مصر فى حال استكمال بناء السد فتتمثل فى حجز 74 مليار متر مكعب من الماء وهو ما يعنى نقص حصة مصر من الماء بنسبة 30 % ما يعنى دخول مصر فى فقر مائى وهو ما يوثر على الزراعة بالسلب من خلال تبوير 2 مليون فدان وهو ما يدخلنا فى ازمة غذائية شديدة تحتاج الى استيراد مواد غذائية بمبالغ قد تصل الى 15 مليار دولار لسد العجز فى الحاصلات الزراعية. بجانب نقص توليد الطاقة بنسبة 30% ايضا بسبب نقص الماء خلف السد العالى ولم يقف تأثير بناء السد عند هذا الحد بل يمتد لعدد من المجالات الاخرى منها السياحة ومياه الشرب وتهديد الدلتا بالتصحر نتيجة لزحف ماء البحر المتوسط المالحة مما يؤدى الى ارتفاع المياه الجوفية فى باطن الارض ويجعلها غير صالحة للزراعة.
اما الدكتور ياسر حنفى خبير البيئة استاذ التنوع البيولوجى والخبير المائي فيؤكد ان اثيوبيا قامت بالتوقف عن البناء بعد سحب الدول المموالة التمويل ويفجر حنفى مفاجأة من العيار الثقيل تتمثل فى ان اثيوبيا الان بدأت التفاوض مع كل من الحكومة التركية والقطرية لتمويل السد من جديد معتمدة على الخلافات الحالية بين مصر وهاتين الدولتين ويأتى سعى اثيوبيا بعد توجيه ضربة قاسمة من الدول الاروربية تتمثل فى ايقاف المساعدات الانسانية والمنح التنموية التى تقدر بمبلغ 3:2 مليار دولار والغريب فى الامر ان اثيوبيا كانت تسعى لبناء سد واربعة سدود خلفه مما يعنى انشاء 5 سدود بسبب ان الارض رخوة جد وان نسبة الامان بالسد على مقياس ريختر 1:8 وهو ما يعنى انه هاش جدا فى حين ان السد العالى 7:8على مقياس ريختر للسدود.
وعن الاثار المترتبة بيئيا على المنطقة جراء استكمال البناء فيقول حنفى ان المنطقة ستشهد تغيرا بئيا كبير بسبب ازالة الغابات ما يؤدى الى تغير فى مستقبلات الكربون وهو ما يعمل على تغير كامل للمناخ.
بجانب القضاء على جزء كبير من التنوع البيولوجى بموت حيوانات وزواحف وطيور بسبب البحيرة الصناعية وتهجير السكان بشكل قصرى وهو ما يؤدى الى زيادة حجم الفقر فى دولة فقيرة اصلا.
اما الدكتور مصطفى الغزاوى الخبير المائى فيقول أن إيقاف التمويل الأوروبى لدولة إثيوبيا سيكون له الأثر القوى فى إيقاف عملية البناء، مشيراً إلى أن إثيوبيا لا تملك قدرات مالية محلية لإتمام بنائه وحدهاخاصة أن بناء السد سيتكلف حوالى 9 مليارات دولار، وإثيوبيا كانت تستغل المعونات الأوروبية لمكافحة الفقر والعطش، لبناء سد يولد لها الكهرباء، مخترقة كل قواعد الاتفاقيات الدولية الثنائية، وكل القوانين التى تخص محددات الأنهار فى العالم.
وأضاف الغزاوى أن مصر ليست ضد تنمية إثيوبيا لكن بعيدا عن الإضرار بحقوق مصر فى مياه النيل، موضحاً أن تعنت إثيوبيا فى بناء السد سيضعها فى عزلة دولية لن تكون قادرة على الخروج منها.
مؤكدا ان سبب الأزمة الإثيوبية- المصرية يكمن فى البعد الواضح بين مصر ودول حوض النيل، ويمكن عبور تلك الأزمة بعمل مشروعات مشتركة بين البلدين ومد التواصل الشعبى بين مصر ودول حوض النيل لمنع اندساس أى طرف يعمل على إحداث وقيعة بينهما.
فيما أعرب الدكتور مصطفى علوى استاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة عن أمله فى أن تعيد مصر علاقاتها مع الدول الإفريقية خاصة دول حوض النيل حتى لا تتكرر أزمة سد النهضة الإثيوبى التى أنتجها انقطاع العلاقات بين البلدين.
خاصة أن الأزمة الإثيوبية- المصرية بسبب بناء سد النهضة تدخلت بها بعض الأطراف التى تكن العداء للمصريين مثل اسرئيل التى استغلات القطيعة بين مصر والدول الافريقية وقامت بذرع قواعد عسكرية ولعب دور اكثر فاعلية فى غياب مصر مما زاد من تذبذب العلاقات مع دول إفريقيا هو أحد عناصر المؤامرات الغربية، ضد مصر. وأوضح علوى أن مصر لا تعادى إثيوبيا ولا الدول الإفريقية، كما أن الأراضى المصرية تشهد حراكا شعبيا لإعادة التواصل مع الشعوب الإفريقية من أجل تخطى مثل تلك الأزمات فى المستقبل وهو ما بدا واضح فى زيارة رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب لعدد من دول افريقيا لاعطاء اشارة البدء لاعادة مصر الى احضان افريقيا وعودة الدور الريادى والقيادى لمصر فى قطار التنمية الافريقية.