السوق العربية المشتركة | تغيير جذرى فى المفاهيم الاقتصادية والمالية

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 أغسطس 2025 - 23:28
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
تغيير جذرى فى المفاهيم الاقتصادية والمالية

تغيير جذرى فى المفاهيم الاقتصادية والمالية

لفت نظرى هذا المقال فى جريدة « فايننشال تايمز» حيث اعتبره العديد من الخبراء و المحللين اشارة اولى لتغيير جذرى فى المفاهيم الاقتصادية والمالية لهذا رأيت من المناسب ان اعرض محتواه على القارئ المصرى لتغير الاقتصادى و المالى فى المفاهيم عالميا.



قبل ثمانية عقود، قال الخبير الاقتصادى جون ماينارد كينز: «عندما تتغير الحقائق أغير رأيى، فماذا تفعل أنت سيدى؟». لعله من المفيد للمستثمرين أن يطرحوا هذا السؤال على أنفسهم وهم يفكرون فى الأحداث التى وقعت خلال السنوات الخمس الماضية، وكيف انقلبت بعض الحقائق بشأن التمويل العالمى رأسا على عقب. وكتبت فايننشال تايمز لتقول: من غير المفاجئ أن تكون الأزمة المالية وتداعياتها قد أفرزت بعض التحولات الجلية لدى معظم المستثمرين. اذ لم يعد أحد يفترض بعد الآن أن سندات الرهن العقارى آمنة، على سبيل المثال، أو يثق ثقة عمياء بالتصنيفات التى تحمل درجة AAA. كما لم يعودوا يسلمون بحقيقة أن البنوك الكبيرة لا يمكن أن تنهار أو أن البنوك المركزية الغربية لا يمكنها الابقاء على أسعار الفائدة عند الصفر.

وفيما قد تبدو هذه التحولات الصريحة فى الآراء صارخة ومثيرة للدهشة، ما هو أكثر اثارة ربما كيف أن آراءنا تغيرت ببطء وبطريقة يصعب ادراكها أيضا. فمعظم الوقت، لا يفكر المستثمرون فى طبيعة الحكمة التقليدية السائدة أو فى افتراضاتهم غير المعلنة، وفى نهاية المطاف، لا يرغب أحد بالاعتراف بأنه فى الواقع ابن بيئته المعرفية.

وبحسب فايننشال تايمز، فإن مصرفيا بارزا وكبيرا فى أحد البنوك المركزية شرع فى تمرين ذهنى شخصى، لاستكشاف كيف تحولت أفكاره التقليدية السائدة هو وزملائه خلال العقد الماضى، وخلص الى القائمة التالية التى شملت 8 نقاط:

1 - لم يعد يفترض أن الأكبر يعنى الأفضل. قبل عام 2008، كان المستثمرون يتحدثون على نحو غريزى باعتزاز واعجاب بالبنوك العملاقة (من قبيل سيتى غروب) أو البلدان ذات النظام المصرفى الحماسى (مثل ايرلندا). وبتنا نعلم الآن أن الاقتصادات الكبيرة الحجم فى بعض الأحيان ليست سوى وهم.

2 - لم يعد ينظر الى التمويل على أنه مصدر لتعزيز الاستقرار الذاتى، بل على العكس، يبدو أنه فى غالب الأحيان مصدراً «للتدمير الذاتى»، وفق ما يقول المصرفى العامل فى أحد البنوك المركزية. بشهادة أن حتى آلان غرينسبان، رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأسبق وعميد مدرسة «الاستقرار الذاتى»، يبدو اليوم قلقا بشأن سلوك البنوك.

3 - نعلم أن دافعى الضرائب يعلقون فى الشرك عندما لا تسير الأمور المالية على نحو صحيح. ولا يأمل أحد أن يأتى سحر خرافى غامض يمحو جميع المشاكل. فلننظر فقط الى كيف تشابكت التصنيفات السيادية وتصنيفات البنوك أو إلى أسعار مقايضة التخلف عن سداد الائتمان، منذ 2008.

4 - أهمية الديون. قبل عام 2008، كان هذا الموضوع يبدو أمرا غير ذى أهمية أو غريب، لدرجة أنه عندما أسس بعض مصرفيى التوريق الأوروبيين فرقة روك هاوية فى أوائل 2007، أطلقوا على أنفسهم على سبيل المزاح اسم «الدين». أما اليوم، فلا يجرؤ أحد على الاستخفاف والضحك على تلك الكلمة.

5 - السيولة مهمة أيضا. قبل 2008، القلق بشأن هذه الكلمة بدا أمرا يدعو إلى الغرابة، ففى نهاية المطاف بدا الابتكار المالى قادرا على «تسييل» معظم فئات الأصول. أما اليوم، فيعلم الجميع أن السيولة يمكن أن تتلاشى وتختفى عندما تكون الحاجة ماسة اليها.

6 - الفقاعات لا توجد فقط فى الحمامات. قبل 2008، كان يروق لصانعى السياسات الاعتقاد بأنهم قادرون على التخلص من الفوضى الناجمة عن التجاوزات بعد حدوثها، إن لزم الأمر، بدلا من التدخل فى وقت مبكر. اليوم لم يعد الأمر كذلك.

7 - الحلول الهيكلية لم تعد من المحرمات. قبل 2008، كان من الغريب تقريباً الإشارة إلى أن صانعى السياسات قد يعمدون إلى تشكيل اتجاه التمويل على نحو متعمد من خلال التدخل فى السياسات. أما اليوم، حتى المنتمون الى اليمين المحافظ، فيعتقدون أنه من المنطقى وضع قيود على حجم وسلوك البنوك، فيما تطالب الأصوات من اليسار تشديد القيود أكثر عليها.

8 - بنوك الظل (أو شركات الاستثمار) يجب ألا تبقى محاطة بالغموض. فى السابق، تم تجاهل القطاع المالى غير المصرفى بشكل عام. اليوم يريد صانعو السياسات والمستثمرون على حد سواء تسليط الضوء على بنوك الظل وتسعى الحكومات (وإن متأخرة) إلى فرض الضوابط عليها.

لعل أحد أكبر وأهم التحولات الثقافية (والتى تربط بين الكثير من النقاط الثمانى السابقة) تتعلق بدور الحكومة.

قبل 2008، افترض المستثمرون أن القوى غير السياسية وغير الاجتماعية تقود الاقتصادات والأسواق. أما اليوم، فلا يعتقد أحد أن الاقتصاد مجرد أرقام صعبة، بل على العكس، العوامل السياسية والاجتماعية «الناعمة»، ناهيك عن إجراءات البنوك المركزية، تشكل معظم فئات الأصول. ولكن بغض النظر عن الاتفاق مع هذه التحولات أو عدم الاتفاق حولها، فإن الموضوع المهم هو التالى: يمكن للافتراضات أن تتغير خلسة عنا وغالباً بطرق بالكاد نلحظها. وهو السبب وراء حاجتنا إلى إمعان النظر والبحث فى أفكارنا، ومن ثم نطرح على أنفسنا سؤالا مهما آخر: هل يمكن لهذه الحكمة التقليدية أن تتغير مرة أخرى فى السنوات الخمس المقبلة؟ وإن حصل ذلك، فكيف سيكون تأثير ذلك على أسعار الأصول والنقاش المتعلّق بالسياسات؟

ماذا تغير فى المعتقدات؟

1 - الأكبر ليس الأفضل.. ولا ثقة عمياء بالتصنيفات الائتمانية بعد اليوم

2 - ضرورة ملحة ودائمة بفرض ضوابط على شركات الاستثمار

3 - لا تستخفوا بكلمة «قروض».. فقد يكون فيها تدمير ذاتى

4 - السيولة يمكن أن تتلاشى فى لحظة الحاجة الماسة إليها

5 - إقرار بسياسات التدخل الحكومى.. حتى من غلاة تحرير الأسواق

6 - الفقاعات واقع رديف للأسواق.. الأجدر التنبه لها قبل حدوثها

7 - لا مناص بعد اليوم من وضع قيود على أحجام البنوك وسلوكها

8 - الاقتصاد ليس مجرد أرقام.. بل سياسة واجتماع وعوامل أخرى.