
محسن عادل
الطروحات الجديدة والبورصة المصرية
افتقدت البورصة المصرية خلال الاعوام الماضية الى قوة دافعة رئيسية موجودة فى الاساس المالى لكل الاسواق العالمية وهى الطروحات الجديدة والتى تعد القوة الدافعة المستمرة لاجتذاب السيولة لسوق الاوراق المالية فى كل دول العالم كما انها تعد محور الدور التنموى والتمويلى والذى تقوم به اسواق المال فى خلق قيمة مضافة للاقتصاد بحيث تخرج عن فكرة كونها سوقا للمضاربات الى الاطار الاقتصادى المتعلق بتمويل المشروعات الجديدة وخلق مناخا لتجميع المدخرات لتمويل المشروعات التوسعية والتنموية من خلال منظومة اقتصادية اكثر عمقا مما هى عليه الان فى مصر.
فبعد خروج عدد كبير من الشركات من البورصة المصرية منذ ازالة الاعفاء الضريبى للشركات المقيدة ثم تطبيق قواعد القيد الجديدة خسرت البورصة المصرية فرصا ذهبية فى اجتذاب طروحات قوية بحيث لم نشهد خلال الاعوام الخمسة الاخيرة الا اقل من 15 طرحا بالبورصة المصرية بحيث تحول الدور الى تمويل اكتتابات زيادة رأس المال للشركات المقيدة وهو امر لايزال موضع جدل كبير لدى المتابعين فى ظل عدم استخدام عدد من الشركات التى قامت بزيادة رؤوس اموالها لهذه الزيادة فى عمليات توسعية تخدم نشاط الشركة الاساسى وهو ما فعل مقترحا بوضع ضوابط جديدة اكثر تشددا بالنسبة لاستخدامات زيادة رؤوس اموال الشركات.
عنصر هام اخر يجب النظر اليه وهو ان الفترة الماضية غابت عن السوق ايجاد سوق موازٍ او سوق اولى بالنسبة للشركات التى ترغب فى طرح اسهمها للاكتتاب عند التأسيس وهو امر يستلزم وضع ضوابط مشددة بهذا الخصوص مع توفير الفرصة للشركات لتمويل استثماراتها من خلال سوق المال المصرية فى وقت تتشدد فيه البنوك فى منح هذا التمويل مما لا يخدم عنصر النمو الاستثمارى المطلوب فى هذه المرحلة.
اتوقع أن تسهم هذه الطروحات الجديدة فى انعاش السوق وعودة المستثمرين الأفراد الذين خرج بعضهم خلال المرحلة الماضية نظرا لما تمثله هذه الطروحات من جاذبية وإغراء لصغار المستثمرين الذين يرون فى البورصة نوعا من الاستثمار المربح كما ان شمول الطروحات الجديدة المتوقعة لقطاعات جديدة سيمثل عنصر جذب اضافيا.
وارى أن عمليات الطرح الجديدة تمثل نوعاً من الفرص الاستثمارية الجاذبة للمستثمرين ومن ثم سوف تشهد السوق انتعاشة كبرى مع بدء عمليات الطرح الأمر الذى من شأنه أن يعيد البريق الاستثمارى للبورصة المصرية فى المرحلة المقبلة، فالسوق كانت قد افتقدت عمليات الطرح الكبرى منذ شهور طويلة وبالتالى ظل المتعاملون يدورون فى نفس الحلقة ويتعاملون على نفس الأوراق المحدودة ومن ثم فإن دخول سهم كبرى للتداول فى قطاعات جاذبة من شأنه أن يؤدى إلى رساميل جديدة.
كما أن الطروحات الجديدة من شأنها أن تبعث برسالة الى المستثمرين العرب والأجانب عن البورصة المصرية ومضمونها أن السوق المصرية لا تزال تحتفظ بحيويتها وديناميكيتها وكذلك رسالة حول الاستقرار الذى تتمتع به سوق المال، وأن أية عوامل خارجية أخرى لا تؤثر كثيراً فى مسار السوق وتوجهاته المستقبلية نحو مزيد من النضج وكبر الحجم والتأثير على بنية الاقتصاد الكلى.
ومن ثم فإن الطرح الجديد فى البورصة سوف يؤدى إلى دخول مستثمرين جدد إلى السوق خاصة من شريحة المستثمرين الأفراد بما يضفى بمزيد من الحيوية على السوق تستمر معها لفترة ليست قصيرة فهذه العمليات الجديدة تبعث شعوراً بالاطمئنان على مستقبل السوق لأن ذلك يعنى أن الاقتصاد الكلى لا يزال لديه شركات قادرة على دخول البورصة، وأن هناك بضاعة جيدة تدخل للسوق وأن هناك ثقة فى البورصة كآلية للتمويل والاستثمار فى نفس الوقت.