السوق العربية المشتركة | الدكتور فخرى الفقى المستشار السابق لصندوق النقد الدولى فى حوار لـ«السوق العربية»: مساعدات الخليج تسد الفجوة التمويلية لمدة عام.. وأنقذت مصر من الإفلاس صندوق النقد ليس مؤسسة خيرية.. والقرض يشجع الاست

السوق العربية المشتركة

الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 - 11:33
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

الدكتور فخرى الفقى المستشار السابق لصندوق النقد الدولى فى حوار لـ«السوق العربية»: مساعدات الخليج تسد الفجوة التمويلية لمدة عام.. وأنقذت مصر من الإفلاس صندوق النقد ليس مؤسسة خيرية.. والقرض يشجع الاست

 الدكتور فخرى الفقى
الدكتور فخرى الفقى

أكد الدكتور فخرى الفقى الخبير الاقتصادى والمستشار السابق بصندوق النقد الدولى أن مفاوضات الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولى لن تعود قبل 6 أشهر على الاقل لحين التحول الديمقراطى واستقرار الاوضاع السياسية وقال الدكتور فخرى الفقى فى اول حوار له بعد احداث 30 يونيو ان ديون مصر الداخلية تجاوزت التريليون جنيه وكذلك الديون الخارجية التى تجاوزت 44 مليار دولار وهو ما يعد تجاوزا لحدود الامان المتعارف عليها عالميا وعلى حكومة الدكتور الببلاوى ان تعمل للخروج من هذا المأزق الاقتصادى خاصة ان المساعدات الخليجية سوف تساهم فى تحسن الاوضاع نسبيا حاليا وطالب الدكتور الفقى باجراءات اصلاحية منها الغاء ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة وسرعة تطبيق ضريبة القيمة المضافة مؤكدا ان اى اصلاح اقتصادى لابد ان يكون بعيدا عن محدودى الدخل.. وفيما يلى نص الحوار:

كيف ترى المشهد الاقتصادى فى مصر؟

- ان الاحداث السياسية انعكست على الأوضاع الاقتصادية فى مصر، وذلك منذ أحداث ثورة 25 يناير، فمعدلات النمو فى تراجع شديد ولم يتجاوز معدل النمو الـ2.4%، وتراجع التصنيف الائتمانى لمصر 8 مرات بجانب ارتفاع الدين العام من 1.3 مليارات جنيه إلى 1.6 مليارات جنيه، فى الوقت الذى تستحوذ فيه فوائد الدين على ربع الموازنة العامة، بالإضافة إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية من 8.5 مليارات جنيه إلى 800 مليون جنيه، وارتفعت الأسعار وزادت البطالة وتراجع الاحتياطى النقدى الأجنبى. والبنوك لم يعد لديها فائض مالى، كما أن هناك خمسة بنوك تعرضت لتخفيض تصنيفها الائتمانى لإقراضها الحكومة من ودائع الأفراد، كما انخفضت إيرادات الدولة الضريبية وغير الضريبية.



كم بلغ حجم الديون على مصر حتى الان؟

- لقد بلغ حجم الدين الداخلى 1300 مليار جنيه، وبلغ الدين الخارجى 44.5 مليار دولار بما يعادل 300 مليار جنيه، اى ان حجم الديون الداخلية والخارجية بلغت 1.6 تريليون جنيه، بما يعادل 91% من إجمالى الناتج المحلى.

ماذا يعنى ذلك؟

- ان الحدود الامنة للدين المحلى من المفترض الا تزيد عن 60% من الناتج المحلى الإجمالى، وزيادتها عن هذا الحد يشكل ضغوطا على قدرة الاقتصاد المصرى على الوفاء بالتزماته الداخلية والخارجية، وهو ما يدفع الدولة للجوء للبنك المركزى، لإصدار نقد جديد، بهدف سداد الدين الداخلى، الامر الذى يزيد السيولة ويرفع معدلات التضخم، ومن ثم زيادة الاسعار.

ماذا لو تعثرت الدولة فى الوفاء بالتزاماتها الخارجية؟

- تضطر الدولة فى هذه الحالة للإعلان عن عدم قدرتها على السداد، او ما يعرف بـ”الإفلاس” او “التعثر”، وذلك امام المؤسسات الدولية، طالبة من صندوق النقد الدولى المساندة من خلال وضع برنامج للتقشف، كذلك من الممكن فى هذه الحالة ان تقوم هذه المؤسسات بتقديم المساعدات المالية لمصر،شريطة تنفيذ شروط اقتصادية شديدة الصعوبة.

ماذا عن العجز بالموازنة العامة للدولة؟

- ارتفع العجز بالموازنة العامة بشكل كبير، ليصل إلى 226.4 مليار جنيه خلال العام المالى المنتهى فى 30 يونيو الماضى، بنسبة 13%من إجمالى الناتج المحلى، والمطلوب من حكومة الببلاوى تخفيض العجز بالموازنة العامة للدولة من 13% إلى 9%، طبقا لما جاء بالموازنة الجديدة.

بماذا تنصح الحكومة الحالية للتعامل مع هذا الوضع شديد الخطورة؟

- الجميع يترقب اجراءات حكومة الببلاوى اولا باول من أجل الخروج من المأزق الاقتصادى الذى نمر به، وعلى الحكومة الحالية ضرورة مساعدة المصانع المتعثرة حتى تعود للعمل مرة أخرى من أجل دعم الاقتصاد، خاصة ان هناك ما يقرب من 4600 شركة ومصنع متعثر ومتوقف عن العمل،كذلك يجب دمج القطاع غير الرسمى، وتشجيعه على الدخول فى المنظومة الضريبية،حيث أن دخول هذا القطاع بدون دفع الضرائب يضيف للناتج المحلى الإجمالى 110 مليارات جنيه، كذلك فإن المتأخرات الضريبية تبلغ نحو 60 مليار جنيه. وعلى الحكومة ايضا استهداف معدل نمو لا يقل عن 3.5%، الأمر الذى يتطلب زيادة الاستثمارات من 240 مليار جنيه لـ300 مليار جنيه، بواقع 60 مليار جنيه، وضرورة الغاء توزيع رغيف العيش بالكوبونات لأنه أمر غير مقبول. كذلك على الحكومة أن تلغى ضريبة الدمغة على تعاملات بالبورصة اليومية، بهدف تنشيط تعاملات البورصة، مع ضرورة إعادة النظر فى ضريبة المبيعات، وتبديلها بضريبة القيمة المضافة بنسب ثابتة، كذلك تقديم تسهيلات ضريبية للاقتصاد غير الرسمى، وللمؤسسات التى لديها متأخرات ضريبية.

هل هذه الإجراءات كافية لتحسين اداء الاقتصاد المصرى؟

- بالطبع هناك العديد من الإجراءات الضرورية كضم الصناديق التابعة للوزارات والهيئات والمحافظات والمحليات للموازنة العامة للدولة لزيادة الإيرادات، بالإضافة لاتخاذ خطوات فعلية لترشيد الدعم وتطبيق الكروت الذكية بما يوفر ما لا يقل عن 20 مليار جنيه، وزيادة الشرائح الخاصة بضريبة الدخل، والتى تصل لخمس شرائح، لتصبح سبع شرائح بحيث تصل ضريبة الدخل لـ35% على كل من تزيد مرتباتهم على الـ250 ألف جنيه.

ماذا عن الاحتياطى من النقد الأجنبى؟

- لقد ساهمت المساعدات الخليجية والتى تقدر بنحو 12 مليار دولار من السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت على سد الفجوة التمويلية لمدة عام، وبالتالى فهى ابعدت خطر الإفلاس عن مصر، لتؤكد ان مصر اصبحت قادرة على الالتزام بالوفاء بتسديد الديون الخارجية، حيث سيصل صافى الاحتياطى النقدى لـ25 مليار دولار بنهاية العام، وبالتالى سيكفى 5 اشهر ونصف الشهر واردات، بدلا من ثلاثة اشهر. ولكن علينا فى المرحلة القادمة استغلال هذه المساعدات، بشكل يعيد عجلة الانتاج، ويوفر فرص العمل، وذلك من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادى والمالى، بعد إعادة صياغته، بدلا من إهدارها على شراء السلع.

ما الفرق بين الوديعة القطرية والودائع الإماراتية والسعودية؟

- إن الودائع الإماراتية والسعودية لا تسجل بالدين العام، لكنها تشكل التزامًا على البنك المركزى، بعكس الوديعة القطرية.

هل سيكون لبرنامج الإصلاح الاقتصادى تأثيرات سلبية على محدودى الدخل؟

- اى إصلاح اقتصادى، لابد وان يصاحبه بعض الإجراءات التقشفية كرفع الدعم عن السلع،و ارتفاع الأسعار، ولكننا قمنا بثورة، وعلى الجميع ان يتحمل تكلفة الإصلاح الاقتصادى شريطة ان يكون ذلك بعيدا عن الفقراء ومحدودى الدخل وان تسعى الحكومة لرفع المرتبات بشكل تصاعدى.

ما دور صندوق النقد الدولى فى هذا البرنامج الإصلاحى؟

- ان صندوق النقد الدولى، مؤسسة مالية واقتصادية، لها خبرة عالمية، وليست مؤسسة خيرية كما يعتقد البعض، فمصر لها حقوق لدى الصندوق، خاصة انها من الدول الأعضاء المؤسسة له وبالتالى فدوره ان يضع نظاما اقتصاديا عالميا للدول الأعضاء طبقا لقواعد وضوابط ارتضتها هذه الدول، ثم مراجعتها، ودعمها فنيا.

هل هناك تدخل امريكى فى وضع هذا البرنامج؟

- بالطبع، فأمريكا تمتلك 17% من حصة الصندوق، وبالتالى فهى من الدول المهيمنة لما تمتلكه من عدد اصوات، وفى المقابل فان حصة مصر لا تتجاوز النصف فى المئة فقط، ومن الطبيعى ان تبحث كل دولة على مصالحها، وفى هذه الحالة علينا ان نلوم انفسنا لا امريكا.

متى تعاود حكومة الببلاوى التفاوض مع صندوق النقد الدولى؟

- المفاوضات مع صندوق النقد الدولى لن تعود قبل 6 أشهر على الأقل من الآن لحين التحول الديمقراطى، واستقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية فى مصر، والمجموعة الاقتصادية بالوزارة الجديدة وضعت مصر على الطريق الصحيح، ومن ثم وضع برنامج واضح للإصلاح الاقتصادى. وحال عدم تحقيق كل من الاستقرار الأمنى والسياسى فى مصر لن نصل لاتفاق مع الصندوق.

ما اهمية حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولى؟

- الهدف من الحصول على قرض الصندوق البالغ قيمته 4.8 مليارات جنيه ليس الحصول على هذا المبلغ الضئيل وإنما الحصول على شهادة ثقة للاقتصاد المصرى، وبالتالى تشجيع الاستثمارات الخارجية، وفتح الأبواب أمام المساعدات والقروض الدولية. فعلى الرغم من حصول مصر على أكثر من ضعف مبلغ الصندوق من دول الخليج مؤخرا الا ان قرض الصندوق له وضعية خاصة.

لماذا باءت مفاوضات الحكومة السابقة بالفشل فى التفاوض مع الصندوق؟

- حكومة “قنديل” فشلت فى تحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى، وهى عناصر أساسية للحصول على قرض الصندوق البالغ قيمته 4.8 مليارات دولار، والذى يعتبر شهادة ثقة للاقتصاد المصرى. فالوزارة السابقة لم تكن تتمتع بالخبرة الكافية، وفشلت فى إدارة الأمور الاقتصادية وهو ما تسبب فى تدهور الأوضاع الاقتصادية، ومن ثم عدم نجاحها فى التفاوض مع القائمين على صندوق النقد الدولى، رغم حصولها على موافقة مبدئية، إلا أن اضطراب الأوضاع السياسية والأمنية حال دون إتمام التفاوض، لتصبح تجربة هذه الحكومة مع الصندوق تجربة فاشلة.

هل هناك بديل حال عدم حصول مصر على قرض الصندوق؟

- على الحكومة الجديدة وبعد تعيينها نائبا لرئيس الوزراء مختصا بالشئون الاقتصادية، أن تطرح البدائل التى تضمن وضع برنامج للإصلاح الاقتصادى والالتزام بتنفيذه، حال عدم الحصول على القرض، على ان يكتفى الصندوق بمراقبة تنفيذ البرنامج. وعلى الحكومة ايضا أن تسعى لتحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى باعتباره أهم خطوة لتحقيق النمو الاقتصادى.

هل المناخ فى مصر الان ملائم لجذب الاستثمارات الخارجية؟

- الاستثمارات الخارجية مرهونة بتحقيق الحكومة الجديدة لنظام ديمقراطى حقيقى، وإعطاء مؤشرات إيجابية للدول الأخرى بأن الأوضاع فى مصر مستقرة سواء على المستوى السياسى أو الأمنى، كذلك اتجاه الدولة نحو بناء مؤسساتها وتحقيق المصالحة المجتمعية سيحسن بشكل كبير مناخ الاستثمار فى مصر. وفى حالة استقرار الأوضاع فمن المتوقع زيادة الاستثمارات الخليجية خلال الفترة المقبلة، حيث ان هناك استثمارات فعلية فى مصر على رأسها الفطيم والحكير والخرافى.

هل تتوقع خروج الاستثمارات التركية من مصر؟

- قد تجمد تركيا استثماراتها خلال الفترة المقبلة، بعد 30 يونيو، ولكنها لن تقدم على سحبها من مصر.

هل تتوقع تراجع التصنيف الإئتمانى لمصر خلال المرحلة المقبلة؟

- لقد قامت وكالة ستاندرد اند بورز بتثبيت تصنيفها لديون مصر السيادية بالعملة الصعبة عند “سى سى سى+” مشيرة إلى أن المنح والمساعدات الخليجية ساعدت مصر على تفادى أزمة فى ميزان المدفوعات، مع نظرة مستقبلية مستقرة بدلا من سلبية، على ان يتحسن التصنيف الائتمانى لمصر مع استقرار الاوضاع فى البلاد.

هل زيارة كاثرين اشتون مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى الأخيرة ستؤثر على العلاقات الاقتصادية بين الطرفين؟

- قد يكون لدى الاتحاد الأوروبى توجهات سياسية معينة، وليس بعيدا لن يلجأ الاتحاد لبعض الضغوط الاقتصادية التى من شأنها مساعدته على دعم هذه التوجهات، والتى لم يعلن عنها الاتحاد بشكل صريح حتى الآن.

ولكن مثل هذة الضغوط لن تجدى شيئا، لان مصر تسيير فى الاتجاه السليم الذى يمكنها من بناء دولة ديمقراطية حقيقية، تحسن إدارة الاقتصاد المصرى، وهو الامر الذى من المفترض ان يسعد به الجانب الأوروبى، ومن ثم فحال الضغط بسلاح الاقتصاد على مصر فلن يستطيع ذلك خاصة ان اشتون اكدت فى الزيارة الأخيرة ان الوضع السياسى فى مصر هو شأن خاص،و بالتالى فليس هناك ما يبرر التدخل الخارجى.