السوق العربية المشتركة | المهندس «محمد السيد بدوى» رئيس لجنة الطاقة باتحاد جمعيات المستثمرين لـ«السوق العربية»: استخدام الفحم فى مصانع الأسمنت ملوث للبيئة ولا بد من بدائل مناسبة

السوق العربية المشتركة

الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 - 11:25
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

المهندس «محمد السيد بدوى» رئيس لجنة الطاقة باتحاد جمعيات المستثمرين لـ«السوق العربية»: استخدام الفحم فى مصانع الأسمنت ملوث للبيئة ولا بد من بدائل مناسبة

محمد السيد بدوى يتحدث للسوق العربية
محمد السيد بدوى يتحدث للسوق العربية

تزايد الجدل فى الفترة الأخيرة حول مستقبل الإنتاج والاستهلاك المصرى من الطاقة والآثار المحتملة لما يمكن أن يسمى بأزمة الطاقة المستقبلية على مجمل الاقتصاد المصرى مستقبلا، فما تعانيه البلاد من أزمة متصاعدة فى الطاقة ترتب عليه صعوبات فى توفير الكميات الكافية لتشغيل المصانع من الغاز والمازوت، الأمر الذى فرض على الشركات التفكير فى حلول مبتكرة للخروج من هذا النفق المظلم وبالفعل بدأ أصحاب المصانع فى التفكير فى إمكانية تخصيص جزء من استثماراتهم للاستثمار فى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة لتكون بمثابة البديل المنطقى للغاز والمازوت. وللتعرف على البدائل المتاحة للطاقة فى مصر التقت «السوق العربية» المهندس «محمد السيد بدوى» رئيس لجنة الطاقة والنقل بالاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين.. والى نص الحوار.
نحتاج إلى حزمة تشريعات تضمن للمستثمر حقه فى تحقيق الربح

كيف ترى ازمة الطاقة فى مصر؟

- فى البداية أوضح أن كميات الطاقة التى توجد على عمق قريب من سطح الأرض أوشكت على النفاد وأن أعمال استخراج المواد البترولية والغاز من الأعماق السحيقة فى مياه البحار أو فى الصحارى أمر مكلف للغاية وبالتالى فإن أسعار ما يمكن استخراجه بهذه الآلية ستكون مرتفع حتى تعوض الشركات المستخرجة ما تنفقه خلال عمليات الحفر إلى جانب هامش الربح الذى تراه هذه الشركات مناسبا لها وقد يصل سعر المليون وحدة حرارية فى هذه الحالة إلى 15 دولاراً فى حين أن أسعار نفس الوحدة تبلغ 6 دولارات فى حالات الاستخراج من الأعماق القريبة لسطح الأرض، وأن مشكلة نقص الطاقة فى مصر يمكن انهاؤها بفتح الباب أمام استثمارات جديدة فى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح واعادة تدوير المخلفات الزراعية والحيوانية، لاسيما أن الاستثمار فى هذه المجالات جميعا لا يتعدى مليار جنيه حتى الآن.



ما المطلوب لتنفيذ هذه المشروعات؟

- تطبيق هذه المشروعات على أرض الواقع يتطلب إرادة سياسية وحزمة تشريعات تضمن للمستثمر حقه وتحترم التعاقدات بين الدولة والمستثمر، وأن اقامة مشروعات لتوليد الطاقة من الشمس أو الرياح أو المخلفات ليست معضلة لكنها تحتاج إلى استثمارات وبنية تحتية قوية وقبل كل ذلك تحقيق الاستقرار السياسى.

هل تعتقد أن الطاقة الشمسية يمكنها أن تحقق الاكتفاء الذاتى من الكهرباء؟

- بالطبع فمحطة الطاقة الشمسية الحرارية يمكن أن تصل إلى 400 ميجاوات وهذا الرقم يعتبر محطة متوسطة، حيث إن المحطة الكبيرة تصل قدرتها إلى 1000 ميجاوات سواء كانت غازية أو مازوتية أو نووية لذلك لا يمكن القول بأن المحطات الشمسية الحرارية ذات قدرات ضعيفة حيث إنها يمكن أن تغطى الاحتياجات ويمكن تكرارها كوحدات متعددة وربطها بالشبكة الكهربية فبناء المحطات الشمسية لا يأخذ وقتًا طويلًا حيث يتراوح زمن البناء من عام ونصف إلى ثلاثة أعوام حسب حجم المحطة فإذا كانت المحطات الشمسية الحرارية هى خيار استراتيجى فيمكن بناء عدة محطات بالقدرات التى تحتاجها الدولة ولن يزيد زمن البناء على ثلاثة أعوام.

الخبراء يؤكدون أن الطاقة الشمسية مرتفعة الثمن؟

- الاستثمار فى مجال الطاقة الشمسية مكلف جدا فانتاج 1 ميجا (الف كيلو وات) كهرباء من الطاقة الشمسية يكلف 1.2 مليون دولار لذلك اقامة مشروع لانتاج 10 ميجاوات يتطلب 100 مليون جنيه وأن التكلفة المرتفعة تتطلب بالضرورة شراكات بين الحكومة والقطاع الخاص أو فيما بين القطاع الخاص مع دعم الحكومة للمستثمر فى هذا المجال لمدة 5 أو 10 سنوات هذا الدعم من الحكومة للمستثمرين فى انتاج الطاقة الشمسية يتمثل فى توفير بنية أساسية تحتية ومساحات شاسعة من الأراضى بحق انتفاع لا يقل عن 50 سنة حيث ان انتاج 1 ميجاوات كهرباء من الشمس يحتاج إلى مساحة 20 ألف متر مسطح لذلك يجب ان يكون الدعم للمستثمرين فى هذا المجال ماديا سواء كان ذلك بشكل مباشر أو دعم المنتج نفسه الذى يحصل عليه المستهلك لأن المستثمر فى هذه الحالة سوف يبيع الكهرباء بسعر التكلفة الذى قد يتخطى 1 جنيه للكيلووات وبالتالى فإن الحكومة قد تشترى كل الانتاج أو بعضه بالسعر المتفق عليه وهو السعر الحقيقى للتكلفة ثم تتصرف فيه كما تشاء ويمكن أن يدعم المستثمر عن طريق السماح بسريان الكهرباء المنتجة من خلايا الطاقة الشمسية عبر شبكة الكهرباء القومية وتسليم الكميات المستحقة للمستثمر فى أى مكان بالجمهورية مقابل رسم يدفع للحكومة كما أن هذه النوعية من الاستثمارات تتطلب تسهيل فى الائتمانات البنكية بحيث تكون بأسعار فائدة معقولة وفتح الباب أمام شراكات بين مشروعات قائمة بالفعل ومستثمرى الطاقة الشمسية لامداد هذه المشروعات بطاقة متجددة بدلا من اعتمادها على السولار فى توليد الكهرباء كما فى مدينة مرسى علم السياحية التى لم تدخلها الكهرباء حتى يومنا هذا وتعتمد بشكل كامل على الكهرباء من مولدات تعمل بالسولار الذى يعانى الجميع للحصول عليه الآن بأسعار مبالغ فيها من السوق السوداء واصحاب المشروعات السياحية بها على استعداد للدخول فى شراكات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.

لكن الحكومة فشلت فى تجربة الطاقة الشمسية كما حدث فى الكريمات على سبيل المثال؟

- الكريمات قضية أخرى فالمحطة بقدرة 20 ميجاوات وتكلفت 100 مليون دولار وهذه تكلفة كبيرة جدًا لمحطة شمسية بالإضافة إلى اختيار الموقع كان غير موفق على الإطلاق فهى تقع جنوب حلوان أكثر المناطق تلوثًا فى العالم ونسبة رطوبة عالية ورمال كثيفة كما أنها لا تعمل فى الشتاء لوجود سحب وهذا يؤدى إلى قلة كمية الإشعاع الشمسى الساقط على المرايا نتيجة التلوث والرطوبة العالية فهى من أنواع المحطات باربوليك تروف وهى فى شكلها المبسط عبارة عن شكل مواسير من المرايا تشكل قطعا مكافئا يعكس الشمس فى شكل خط على ماسورة بها زيت وهذا النوع يستخدم لرفع قدرة المحطات البخارية ولا يمكن استخدامه منفردًا فى إنتاج الكهرباء لأنه يرفع درجة الحرارة إلى ما يقرب من 400 درجة مئوية وهذا لا يكفى لإنتاج الكهرباء فيستخدم معها وقود لرفع درجة الحرارة إلى 525 على الأقل لكنه إذا تم إنشاء محطة شمسية حرارية ذات برج مركزى بنفس التكلفة 100 مليون دولار فستكون محطة ذات قدرة مضاعفة وتنتج الكهرباء 24 ساعة يوميًا.

وجودك فى منصب الأمين العام لجمعية مستثمرى الشيخ زايد ما التحديات التى تواجه الاستثمار بالشيخ زايد؟

- منطقة الشيخ زايد بها مشروعات عقارية عملاقة خاصة الواقعة على محور 26 يوليو، تتنوع بين الفنادق والمولات والمشروعات السكنية والمبانى المخصصة للاغراض التجارية هذه المشروعات تعانى وجود ركود نسبى فى استثمارات المنطقة بسبب اخلال بعض المتعاقدين مع الشركات الاستثمارية بشروط التعاقد بالاضافة إلى حالة عدم الاستقرار السياسى فى البلد التى تؤجل ضخ المزيد من الاستثمارات فى هذا المجال الواعد وأنه منذ الثورة لم يتم ضخ جنيه واحد كاستثمار جديد فى هذه المنطقة.

هل هناك بحوث قرر الاتحاد ان يتبناها ويحولها الى مشروعات استثمارية؟

- اتحاد المستثمرين وقع خلال الفترة الماضية مع المجلس القومى للبحوث بروتوكولا لخلق حلقة وصل بين المستثمرين والمركز القومى للبحوث كما التقت لجنة الطاقة والنقل بالاتحاد رئيس المركز القومى للبحوث فى نوفمبر الماضى للاطلاع على آخر الابحاث التى يمكن تحويلها الى مشروعات استثمارية وتم الاتفاق مع رئيس المركز القومى للبحوث على عقد لقاءات قطاعية تناقش مشكلات كل قطاع استثمارى على حدة.

ماذا عن المصانع المتعثرة؟

- تضارب الأرقام الخاصة بالمصانع المتعثرة يعود إلى التباين فى توصيف مصطلح المصنع المتعثر فهناك من يرى أن المتعثر هو المصنع المتوقف نهائيا عن العمل وهناك من يرون المتعثر أنه المصنع الذى قام بتخفيض طاقته الانتاجية بل وصل الأمر ببعض الجهات إلى أن تعلن عن أعداد كبيرة لمصانع متعثرة بمنطلق أنها تلك التى تعانى تعثراً ماليا، وبغض النظر عن اعداد المصانع المتعثرة فإن الأهم أن تبادر الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة لإقالة هذه المصانع من عثرتها سواء تلك التى أغلقت بشكل نهائى أو التى قامت بتخفيض طاقتها الانتاجية أو تلك التى تعانى تعثرا ماليا يؤثر سلبا على أدائها فى الاسواق.

كيف ترى قرار الحكومة السماح لاستخدام الفحم فى مصانع الاسمنت بدلا من الغاز والمازوت؟

- استخدام الفحم فى مصانع الأسمنت بدلا من الغاز والمازوت ستكون تكلفته أرخص لكنه ملوث اكثر للبيئة ولا بد من البحث عن بدائل مناسبة للطاقة والاتجاه الى الطاقة النظيفة واستخدام المخلفات الصلبة والزراعية والقمامة كوقود خاصة فى مصانع الأسمنت التى تكون فيها درجة الحرارة عالية مما يقلل التلوث الناتج عن الحرق لدينا العديد من البدائل والمشروعات ذات التكلفة الأقل ولكن الحكومة حتى الان لم تبدأ أى مشروع منهم فمصر تنتج سنويا ٣٥ مليون طن من المخلفات الزراعية يمكن استخدامها كبديل للطاقة عن طريق وحدات معدات ومعامل تقوم بتحويلها الى وقود صلب مثل المازوت وهذا يحقق جدوى اقتصادية وبيئية عالية جدا بالاضافة الى ان الحكومة يمكنها أن تساعد اصحاب المصانع فى استخدام الطاقة الشمسية وبناء محطات خاصة بهم تكون بنية أساسية للمصانع وذلك باعفاءات ضريبية وجمركية وتخفيض التأمينات لتشجيع المستثمر على استخدامها وتوفير الكهرباء والغاز الطبيعى للدولة.

فقد المستثمر الثقة فى الاستثمار على مدار الثلاث سنوات الماضية فما التدابير من اجل اعادة الثقة للاستثمار فى مصر؟

- ما قامت به الحكومة من طرح أراضٍ للاستثمار الزراعى والسياحى خطوة جيدة قد تسهم فى تحريك السوق خصوصًا فى القطاع الزراعى، لكن السياحة أمر صعب نظرًا إلى تدهور أوضاع القطاع وتراجع السياحة الوافدة بشكل كبير وطرح الحكومة هذه الأراضى يحتاج إلى قوانين وتشريعات جديدة تبث الطمأنينة لدى رجال الأعمال حتى لا تأتى الحكومة القادمة وتطعن على العقود وتسحب الأراضى وتتراجع فى اتفاقياتها كما يحدث الآن، مشددًا على ضرورة استقرار الأوضاع أمنيًّا وسياسيًّا وإعلاء راية العمل والإنتاج خصوصًا أن ظروف البلد تزداد صعوبة بالاضاف الى أنه لا بد من العودة على الحكومة بعد بيع أى شىء خاضع للقطاع العام أو قطاع الأعمال لأنها هى التى وقعت عقود البيع ولا يصح العودة على عقود البيع مثلما حدث فى عقد مدينتى وشركة الكتان وغزل شبين وطنطا والمراجل البخارية لأطراف خارجية ما ادى جعل المستثمر يهرب من مصر بسبب إلغاء عقود البيع المبرمة بينه وبين الحكومة بعد فترة من شرائه المصانع التابعة للدولة أى بعد أن أصبحت منتجة كما حدث بعقد مدينتى حيث اشترت الشركة من الدولة بأعلى من السعر الذى تم وضعه من قبل هيئة المجتمعات العمرانية وبعد سنوات تطالب الدولة برد هذه الأرض لها أو دفع سعر الأرض من جديد طبقًا لأسعارها الحالية لذلك يجب وضع بند هام فى العقود وهو إتاحة فترة معينة مثلا شهر للطعن على العقود ولكن قبل إتمام التعاقد حتى يتسنى لمن يجد شبهة فساد أن يتقدم بها للجهات المعنية خلال الفترة المحددة ويتم دراستها لكى يتم التعاقد أو إلغاؤه.

 ماذا عن شركة الطاقة الخضراء «green energy»؟

- شركة الطاقة الخضراء «green energy» لانتاج الوقود الحيوى المتخصصة فى توليد الطاقة من المخلفات سواء كانت مخلفات زراعية أو مخلفات الدواجن من روث أو مخلفات الاجزاء المتبقية بعد الذبح حيث يمكن من خلالها انتاج (bio gas) وقود غاز يمكن تحويل هذه المخلفات إلى غاز أو سولار أو مازوت وأن هذا الوقود بدوره يتحول إلى كهرباء من خلال تشغيل المولدات هذا النوع من الاستثمار يحقق العديد من الفوائد يأتى على رأسها التخلص الآمن من المخلفات المتراكمة التى تسبب تلوث البيئة مثل قش الارز ومصاصة القصب والمخلفات البلدية كالورق والمطاط وشنط البلاستيك التى يتطلب التخلص منها مدافن صحية لأنها لا تتحلل بمرور عشرات السنين.

رسالة توجهها الى الحكومة الحالية؟

- اطالب الحكومة بأن تسارع إلى الإعلان عن حزمة من الحوافز التشجيعية لكل صاحب مشروع يسعى وراء انتاج طاقة بديلة للاكتفاء ذاتيا من الوقود لما يمكن أن يترتب على هذه المساعى من رفع كثير من الاعباء عن كاهل الحكومة وفى ذات الوقت على الحكومة أيضا أن تضخ المزيد من الاستثمارات الحكومية التى تستهدف خلق المزيد من فرص عمل.