بعد كارثة حريق شطورة تجارة الوقود المدعم.. تحرق مصر
تظل أزمة دعم المواد البترولية وتهريبها فى السوق السوداء أكبر عقبة تواجه الحكومات المصرية المتعاقبة والتى جعلت الدعم يذهب لغير مستحقيه، وعلى الرغم من حدوث حريق بأحد المخازن المجهزة لبيع الوقود فى السوق السوداء بقرية شطورة بسوهاج إلا أن هذه الظاهرة لن تختفى من السوق المصرى فى هذه الفترة إلا من خلال إجراءات قوية من قبل الحكومة الحالية أوالمقبلة.
وللوقوف على أسباب هذه الظاهرة ومعرفة الحلول لها التقت «السوق العربية» بخبراء الاقتصاد والمواد البترولية.
فى البداية يرجع د. إيهاب الدسوقى أزمة البنزين فى مصر إلى الطريقة الخاطئة الخاصة بالدعم، حيث إن المواطن البسيط لا يستفيد من هذا الدعم إلا بنسبة متدنية تتراوح من 40: 45٪ وذلك لأن المستفيدين من الدعم جهات كثيرة منها مصريون وغير مصريين، مضيفاً أن منظومة البطاقات الذكية قد تساهم فى حل المشكلة ومحاولة الحد من تهريب البنزين والسولار.
وأكد د.حمدى عبدالعظيم الرئيس السابق لأكاديمية السادات أن دعم الطاقة يصل إلى 120 مليار جنيه يذهب أغلبها لأصحاب الدخول المرتفعة بينما لا يصل منها إلا القليل إلى المواطن البسيط.
وعن أزمة البنزين يشير د.حمدى إلى أن حجم دخول السيارات إلى مصر أكبر بكثير من قيمة الدعم الأمر الذى أثر بالسلب كثيراً على منظومة الدعم وأضاف أنه قد يكون من الحلول المتاحة حالياً هو وقف استيراد السيارات وكذا وقف التراخيص الجديدة وفتح الباب أمام النقل الجماعى.
ويشير د.عبدالعظيم إلى أن ذلك قد يؤدى إلى اختفاء السوق السوداء، خصوصاً وأنها استشرت فى الآونة الأخيرة ما يدلل على غياب الدولة بشكل كامل فى مواجهة المشكلات.
ويرى المهندس محمد سعد الدين الخبير البترولى أن المشكلة الأساسية فى مسألة دعم الطاقة والوقود هى أن الدولة كانت تدعم السلعة وليس الأفراد وأن الحكومة الحالية والسابقة تحاول استدراك هذا الخطأ من خلال تطبيق منظومة الكارت الذكى وتعميمها على كل المواطنين فى أنحاء الجمهورية مما سيحد من المشكلة لينهيها مع مرور الوقت خاصة مشكلة التهريب والسوق السوداء.
ويشير سعد الدين إلى أن المهربين يستغلون الدعم بشراء كميات كبيرة وتهريبها إلى غزة وتركيا بأسعار منخفضة لكن مع الانتهاء من تطبيق نظام «الكارت الذكى» سيكون سعر لتر البنزين خارج النظام بالسعر العالمى أى ما يقارب 7 جنيهات وسيستحيل تهريبه وقتها.
ويؤكد سعد الدين أن الأزمات التى تشهدها مصر تأتى من دعم السلع وليس الأفراد.
كما أشار أيضاً إلى أن منظومة الكارت الذكى لا بد أن تشمل كل احتياجات الفرد من العيش والبنزين والمواد الغذائية المدعومة.. وأن الحكومة تقوم الآن بتجربة هذا النظام حتى يتسنى لها معرفة المستحقين الحقيقيين للدعم.
وأضاف سعد الدين أن التوسع فى هذه المنظومة سيقضى على ظاهرة التوك توك لأن التوك توك ليس له حق الترخيص، وبالتالى ليس له الحق فى الحصول على الكارت الذكى وسيتم بيع البنزين إلى زصحابه بالسعر العالمى.
وأضاف الخبير البترولى- محمد سعد الدين أن الدعم الخاص بالطاقة والوقود يصل إلى 150 مليار جنيه منها 23 ملياراً للبوتاجاز و60 ملياراً سولار و30 ملياراً للبنزين.
كما أشار سعد الدين إلى أنه ليس هناك حل آخر حالياً إلا التوسع فى تطبيق هذا النظام أو إعطاء الدعم نقدياً للمستحقين، مضيفاً أن هذا الحل سيكون غير مرحب به حالياً وذلك لما سيصحب ذلك من ارتفاع فى الأسعار وضرورة تعديله كل مدة زمنية حتى يتناسب مع الزيادة فى الأسعار.
وتقول د.عالية المهدى عميد كلية الاقتصاد بجامعة القاهرة السابقة أنه لا بد من وقف استيراد السيارات التى تعمل بالسولار وإحلال السيارات التى تعمل بالبنزين محلها حتى يكون بها إمكانية التحويل إلى الغاز الطبيعى مما سيؤدى إلى حل جزء من المشكلة وأكدت أن مشكلة دعم الطاقة مشكلة أصيلة فى مصر وذلك لأن المواطن لا يرى رفع الدعم البديل المناسب خصوصاً بعد أن قامت بعض المؤسسات بعمل دراسة عن رفع الدعم وجعله عينياً وجدت أن المواطنين لا يثقون فى أن الحكومة ستقوم بتطبيقه وأنها ستكون مجرد وسيلة لرفع الدعم نهائياً.
وأضافت أنه إذا كانت الدولة تريد حل هذه الأزمة فلا بد لها من رفع هذا الدعم فوراً حتى ولوسبب ذلك فى ارتفاع الأسعار. وعن ظاهرة السوق السوداء الخاصة بالمنتجات البترولية أكدت أن نظام الكارت الذى قد يمثل حلاً جزئياً للأزمة ولكن الأزمة تكمن فى منظومة الدعم ككل.