السوق العربية المشتركة | رئيس الجمهورية القادم وتحديات الاقتصاد

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 أغسطس 2025 - 20:35
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
رئيس الجمهورية القادم  وتحديات الاقتصاد

رئيس الجمهورية القادم وتحديات الاقتصاد

بدأت الخطوات الحثيثة والأخيرة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد الذى سيواجه تحديات اقتصادية قوية على رأسها تراجع النمو الاقتصادى وارتفاع البطالة ونمو التضخم وتراجع الاحتياطى الأجنبى إلى جانب الضغوط على اسعار الصرف ونمو الفائدة مع توقعات بزيادة عجز الموازنة الى 140 مليار جنيه وارتفع الدين الاجمالى لنحو تريليون جنيه وهى ارقام تعتبر تحديات أساسية امام اى رئيس قادم.



إن نجاح الثورة المصرية يسهم فى وضع عملية الإصلاح الاقتصادى على الطريق الحقيقى والصحيح فالمشهد السياسى الذى يتكون تباعا مع كل حدث هو مشهد مختلف بكل معنى الكلمة. والنظر فى عمق هذه التحولات يفضى إلى استنتاج منطقى بأن الشأن الاقتصادى يقع فى صلبها، وسيكون حتما فى صدارة نتائجها بعد بلوغ مرحلة الاستقرار.

كذلك فان الجميع متفق على أهمية تعميم الإصلاح بمفاهيمه الشاملة كنتيجة طبيعية لتحركات ثورتى 25 يناير و30 يونيو الواسعة التى تتفاعل فى العديد من النواحى. بما يشمل تداول السلطات، والتوزيع العادل للدخل القومى الذى يحقق النمو والتنمية معا، ومحاربة الفساد عبر نهوض المؤسسات وتفعيل القضاء، وإنتاج فرص عمل حقيقية تستقطب معدلات البطالة المرتفعة خصوصا فى أوساط الشباب.

إن العقد الاجتماعى الاقتصادى الجديد المطلوب إبرامه لا يشمل تحقيق النمو ومكافحة التضخم والتقدم على مسارات تحقيق الأهداف المالية والنقدية والتنموية فحسب، إنما ينبغى التأكد من أنه يجرى التقدم اللازم على صعيد الاستثمارات الجديدة فى القطاع الموفرة لفرص العمل الجديدة وكذلك فى إيجاد المساكن الملائمة للشباب بما يسهم فى خلق مستوى أفضل من الطمأنينة بشأن مستقبلهم. من جهة أخرى التأكيد على العمل على تمكين الشباب من خلال مستويات أفضل من التعليم والتدريب التقنى تتلاءم مخرجاته مع حركة الاقتصاد ومجالات نموه وتطوره المستقبلى. فرئيس الجمهورية الجديد سيكون مطالب بالعمل أيضا على إنشاء المؤسسات القادرة على دفع الإصلاحات السياسية والديمقراطية وكذلك الاقتصادية والاجتماعية قدما، وذلك مع تفعيل قدرة هذه المؤسسات على ممارسة الرقابة وتحقيق التوازن بينها.

هناك ضرورة حقيقة الان لزيادة معدلات النمو الى نسبة تتراوح بين 5% و7% سنويا لتوفير 500 ألف فرصة عمل على الاقل سنويا بما يخفض معدل البطالة الى اقل من 8% بالاضافة الى ضرورة الوصول بنصيب الفرد من الناتج المحلى الاجمالى الى ما يتراوح بين 10 الاف و12 ألف دولار سنويا، كما ان ضرورة للعمل على دعم احتياطى النقد الاجنبى ليصل مرة اخرى الى حدود 30 مليار دولار لتخفيف الضغوط على اسعار الصرف المحلية مع دعم البدائل التمويلية الاكثر مرونة حاليا لتخفيض الدين الاجمالى الى نحو 600-650 مليار جنيه كمستوى امن مع عدم السعى لزيادة الدين الخارجى بما يساهم فى خفض متوسطات اسعار الفائدة الى ما بين 8% و10% ويهبط بعجز الموازنة الى ما بين 25مليار جنيه و30 مليار جنيه مع العمل على تخفيض العجز فى الميزان التجارى بزيادة الصادرات والحد من الواردات وإعادة الفائض من جديد لميزان المدفوعات المصرى.

ان مصر تمتلك بدائل استثمارية عريضة على رأسها القوة الاقتصادية للمصريين فى الخارج والذين يمكن ربط دعمهم للاقتصاد المصرى باستثمارات محددة الى جانب امكانية طرح صكوك تمويل بعملات اجنبية لتمويل مشروعات تنموية مثل تشجيع زراعة القمح محليا بما يعنى زيادة فرص عمل وتنشيط اقتصادى بالاضافة الى زيادة فى النقد الاجنبى اخذين فى الاعتبار ان تحويلات المصريين فى الخارج العام الماضى قد بلغت رقما قياسيا تجاوز 12 مليار دولار.

كذلك فان من البدائل الاقتصادية حاليا تحصيل الضرائب المتأخرة وترشيد الانفاق الحكومى مع وضع خطة تحفيزية لاستغلال ودائع القطاع المصرفى فى بدائل تنموية امنة واعادة النظر فى الاصول الحكومية غير المستغلة وتشغيل المصانع المعطلة وتحويل قناة السويس الى منطقة اقتصادية للخدمات اللوجستية عالميا بالاضافة الى اعادة النظر فى الحوافز الاقتصادية والضريبية وربطها فى الاساس بمؤشرات العائد الاستثمارى والقيمة المضافة.

إن مصر تحتاج الان الى افكار ابتكارية لمعالجة هذه الازمة الاقتصادية وقد يكون من بين هذه الافكار بيع الارضى استثمار للمصريين فى الخارج وتوحيد سياسة المعاملة التعريفية بين السائح المصرى والسائح الاجنبى داخل مصر لهذا فالحكومة المصرية ومجلس الشعب مطالبان بشن حمله بعنوان اشترى المصرى للحد من الواردات الاجنبية الاستهلاكية وسد العجز فى ميزان المدفوعات المصرى والميزان التجارى وتوفير فرص عمل وزيادة الناتج المحلى الاجمالى وتوفير المدفوعات من النقد الاجنبى مع التأكيد انه لايمكن القبول باى شكل من الاشكال بأن تمس سيادة الدولة المصرية او كرامتها لاى سبب ما من الاسباب فى مرحلة اعادة البناء التى تجتازها مصر حاليا فشعار «نبنى مصر بايدينا» هو ركيزة النمو القادمة.

كما يجب هنا التركيز على أن هناك قصورا فى إدراك أهمية التعرف إلى مواطن الفساد فى الإدارة والاقتصاد ودورها فى توليد وزيادة مشاعر الإحباط لدى المواطنين، لاسيما لدى الشباب منهم. وهذه كلها أمور تزيد من الأسباب الداعية إلى الفشل فى تحقيق التوقعات وبالتالى إلى زيادة حدة اليأس والشعور بانسداد الأفق.

على الرغم من التحديات الكبيرة أمامنا، فالجميع يتطلع إلى المرحلة المقبلة بتفاؤل وأمل كبيرين، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة، وتحفيز التنافسية العالمية للاقتصاد من خلال تحديث الاقتصاد وتطوير المناهج التعليمية بحيث يتمكن الشباب من المنافسة محليا وعالميا، إضافة إلى خلق فرص عمل جديدة والحد من البطالة والفقر. ولعل الإفادة المثلى من المرحلة الراهنة تتطلب التوازن بين تطوير البيئة السياسية من جهة، وبين تطوير آليات ومحركات النمو الاقتصادى المستدام والرفاه الاجتماعى للشعب من جهة أخرى. فنجاح الإصلاحات السياسية مرتبط إلى حد بعيد بنجاح الإصلاحات الاقتصادية، والعكس صحيح أيضا.

إن الإصلاح هو الركيزة الأهم لبناء الثقة كممر إلزامى مثالى لبلوغ الاستقرار الحقيقى وتعميم فوائده، وهذا ما نطمح إليه جميعا دولة وشعبا وأنظمة. والإصلاح بمفهومه الشامل على الصعيد الوطنى هو المسار الأمثل لإعادة صياغة خريطة طريق طموحة الرؤى والأهداف لمنظومة العمل على نحو يضمن التنمية المستدامة.