السوق العربية المشتركة | د.ماجد الشربينى رئيس أكاديمية البحث العلمى: ننظر إلى خريج التعليم الفنى على أنه «فاشل».. والدول الأوروبية تضعه فى قائمة أعلى المرتبات

السوق العربية المشتركة

الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 - 11:35
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

د.ماجد الشربينى رئيس أكاديمية البحث العلمى: ننظر إلى خريج التعليم الفنى على أنه «فاشل».. والدول الأوروبية تضعه فى قائمة أعلى المرتبات

د.ماجد الشربينى يتحدث للسوق العربية
د.ماجد الشربينى يتحدث للسوق العربية

تحضر الدول وتقدمها أصبح الآن يقاس بما تمتلكه الدولة من بحث علمى وباحثين قادرين على وضع الدولة فى مصاف الدول المتقدمة التى تعتمد فى كل قطاعاتها على البحث العلمى القائم على الخطط العلمية التى تؤدى فى النهاية إلى وجود صناعة وزراعة وتجارة ومواصلات جيدة تستطيع الدولة من خلالها أن تحقق الاكتفاء الذاتى بل وتصدر للخارج، لكن للأسف الشديد فإن مصر من بين الدول التى يعتبر فيها البحث العلمى مجرد ديكور ووجاهة حكومية فقط حيث تنفق 0.2٪ على البحث العلمى، فى حين أن كوريا الجنوبية تنفق 7٪ من الدخل القومى على البحث العلمى، والطامة الكبرى أننا ننظر إلى خريج التعليم الفنى أنه «فاشل» فى حين تضعه الدول الأوروبية فى قائمة أعلى المرتبات.



بعض الدول تتخذ من البحث العلمى «وجاهة حكومية» ومنها مصر

متفائل بعدما أقر الدستور تخصيص 7٪ من الدخل القومى للبحث العلمى

«السوق العربية المشتركة» وضعت هموم البحث العلمى أمام د.ماجد الشربينى رئيس أكاديمية البحث العلمى.. وأجرت معه هذا الحوار.

ماذا عن البحث العلمى وميزانيته؟

- فى أوائل الخمسينيات والستينيات بلغ 1.2٪ من الدخل القومى وتطور الأمر إلى أن وصل إلى أنهم قالوا نحن لا نحتاج للبحث العلمى، ثم بعد ذلك دخلت الدولة فى حروب، هذه الحروب جعلت الدولة تصرف النظر عن الاهتمام بالبحث العلمى وتعتبر فترة الستينيات والسبعينيات الطفرة التى تم تأسيس البحث العلمى فيها، فالمركز القومى للبحوث أنشئ سنة 1954، وكذلك الأكاديمية العلمية للبحث أنشئت فى سنة 1971، وبعد ذلك اختلفت المصادر، فانهارت قيمة التمويل إلى 0.2٪ واستمرت على ذلك ما يقارب 15 سنة.

واستمر هذا الرقم على ما هو عليه، وبالتالى أصبح البحث العلمى غير قادر على القيام بدور كامل تجاه الدولة، وفى عام 2004/2005 قامت الدولة بعقد مؤتمر بحضور أكثر من 5000 عالم وتمت مناقشة الخطوات المطلوبة فى البحث العلمى وما يجب أن تتخذه الدولة وتم الاتفاق على التغيير فى المنظومة لكن الوقت لم يسعف الدكتور عمرو عزت وزير التعليم العالى والبحث العلمى وجاء خلفاً له الدكتور هانى هلال فتم العمل فى تنفيذ المنظومة بعمل المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، وقام أيضاً بعمل صندوق العلوم التكنولوجية، ثم بدأ بعد ذلك فى عهده ارتفاع مستوى تمويل البحث إلى 0.2٪ إلى أن وصل قبل الثورة 0.4٪،وبعد الثورة زادت النسبة إلى أن وصلت إلى 40٪ حجم الزيادة بدلاً من 15٪ وبعد ذلك جاءت الدكتورة نادية زخارى فى عهد حكومة الدكتور كمال الجنزورى، وتم إعطاء البحث العلمى التمويل المطلوب فتم زيادة التمويل المخصص للصرف على البحث العلمى وليس المرتبات من 500 مليون جنيه إلى 1.3 مليار وتعتبر هذه الزيادة ثلاث أضعاف المبلغ السابق، ولكن لم يتم استخدام التمويل بشكل جيد حتى إنه تمت إعادة 50٪ من حجم التمويل، وما زلنا بصراحة شديدة نعانى من هذه المشكلة إلى الآن، فنحن نفتقد الخطة التى يتم إدارة البحث العلمى بها، وتعتبر هذه الفترة من أشد الفترات التى يواجهها البحث العلمى، وذلك بسبب الظروف التى تمر بها الدولة، نحن نفتقر إلى الخطة الواضحة، فنحن الآن نسير على خطة وضعت منذ حوالى سنتين وإلى الآن لم يتم تجديدها، وحتى يتم تحديثها لا بد من اجتماع المجلس الأعلى برئاسة الوزراء، فكلما جاء الاهتمام من القيادة العليا زادت نسبة الاهمام بالبحث العلمى، حيث إنها تجتمع ببعض الوزراء القائمين عليها مع بعض العلماء لدى أكاديمية البحث العلمى ويقومون بطرح الأفكار والخطط المستقبلية.

ما أهم تطورات البحث العلمى؟

- البحث العلمى يعانى من التشتت لأنه لا يقوم على أولويات العمل مثلاً مشكلات المياه والطاقة، ولذلك لا يظهر المجهود المبذول من البحث العلمى ونحن نريد مجلسا أعلى يقوم بوضع الخطط ومتابعتها والإشراف عليها ومحاسبة الأشخاص القائمين على هذا العمل، فالغالبية من دول العالم أصبحت قائمة على المجلس الأعلى لديها مثل اليابان والأردن وأمريكا ولكن أشعر بالتفاؤل بعد أن قام الدستور بتخصيص 7٪ من الدخل القومى وذلك فى شهر يوليو القادم للبحث العلمى وكذلك يعتمد بشكل أساسى على الخطط الموضوعة لدى البحث العلمى.

ما المشاكل التى تعانى منها أكاديمية البحث العلمى؟

- الأكاديمية لا تعمل بمفردها لكنها تدخل ضمن منظومة متكاملة لا يمكن الاستغناء عن طرف واحد بها وهم وزارة البحث العلمى والمجلس الأعلى وصندوق التنمية الممول وأكاديمية البحث العلمى.

عندما توليت المسئولية كانت تمول بمبلغ 15 مليون جنيه وهذا المبلغ يتم إنفاق 13 مليون منه مكافآت للموظفين، لكننى قمت بتغيير هذا النظام واستطعت الحصول على مصادر ممولة حتى وصلنا إلى 165 مليونا، وقمنا بزيادة الأنشطة حتى قامت وزارة البحث العلمى بإصدار قرار بتخصيص 65 مليونا فقط للأكاديمية وذلك أدى إلى تقليل أنشطة الأكاديمية وبعد ذلك حدث مشاكل معهم فأصدروا قرارا بإيقافى، ولكن منذ 6 أشهر بلغ حجم التمويل 107 ملايين.

ما المحاور الرئيسية التى تدور حولها معوقات البحث العلمى؟

- الإرادة السياسية ورجال الصناعة ورجال الدولة هى أهم محور أما باقى المحاور فيعتمد على العلماء والقائمين على العمل والتمويل والتسويق حتى تقوم بوضع رؤية واضحة ثم وضع خطط واضحة المعالم ولا بد من محاسبة القائمين على العمل داخل المنظومة حتى يتم إنتاج أكبر وواضح يخدم المجتمع.

ما دور الإعلام فى مساندة البحث العلمى؟

- أن يقوم بتوضيح الرؤية لكل الناس، فيجب على وسائل الإعلام توضيح الصورة بشكل أفضل خارجياً، على أن يقوموا بإعطاء الفرصة للعلماء كى يطرحوا وجهة نظرهم، من أجل اطلاع المجتمع على أفكارهم والربط بينهم بدلاً من الاهتمام المتزايد بالسياسة وترك مفكرين وعلماء المجتمع.

ما الأنشطة التى يتم صرف التمويل عليها؟

- ننفق على أنشطة المعامل المتنقلة والبحوث الأكاديمية، أيضاً نتوجه إلى المراكز والقرى وكيفية تعليمهم منتجات معينة.

كم تبلغ ميزانية البحث العلمى مقارنة بالبحث العلمى فى دول العالم؟

- بعض الدول تتخذ البحث العلمى ديكوراً 0.2٪ مثل مصر وهذه الدول هى الغالبية العظمى فى العالم،أيضاً هناك دول تريد السعى بشكل جاد فبدأت بـ1٪ إلى 2٪ مثل جنوب إفريقيا وتونس ونحن نحاول الوصول إليهم، وهناك دول أيضاً تضع البحث العلمى فى قمة أولوياتها وتنفق على الأقل 2٪ مثل السويد والصين وأمريكا، أما عن أكبر دولة تنفق تمويل على البحث العلمى فهى كوريا الجنوبية حيث إن نسبة إنفاقها وصلت 7٪ وهى تعتبر أكبر نسبة عالمياً.

عندما نقول إننا نمتلك جهاز بحث علمى فى مصر فكم يبلغ حجم تمويله؟

-هذه السنة بلغ حجم التمويل ملياراً لكننا نحتاج إلى ما يقترب من 10 مليارات وهذا التمويل يعتبر بنسبة 1٪ حتى نقول إننا بدأنا فى وضع تأثير ملحوظ داخل المجتمع، نحن نحتاج إلى عجلة سريعة للخروج من هذا الوضع، وهذا ما نطلبه من القيادة السياسية القادمة.

لماذا لا يضع مرشحو الرئاسة فى مصر فى برامجهم البحث العلمى؟

- منذ عهد مبارك ويتم وضع البحث العلمى فى الدولة ديكور، فالرؤساء غير جادين بالمقارنة بالدول الأخرى التى جعلت البحث العلمى فى أولوياتها،نحن لم نصل إلى نسبة 1٪ وهذا غير مؤثر.

لماذا لا تهتم الدولة بالتعليم الفنى؟

- نحن فى مصر للأسف ننظر إلى التعليم الفنى نظرة خاطئة تماماً، عندما يدخل أو يلتحق الطالب بالتعليم الفنى يطلق عليه «فاشل» وغير مفيد للمجتمع على العكس، فالدول الأوروبية المتقدمة تعتمد اعتماداً أكبر على الفنى ويتقاضى أحياناً مبالغ أكبر من المؤهل العالى، نحن نريد تغيير الثقافة المنتشرة داخل المجتمع، لدينا معهد الأميرية للتعليم الفنى فى قمة الجدية والتأهيل الفنى، نحن نريد العمل على التخصص، فكلما كان العامل متخصصا زادت كفاءته الإنتاجية ومستواه الفنى، لا بد من الاهتمام بهم وخلق فرصة عمل لهم وتغيير نظرة المجتمع لهم، فالتعليم الحكومى أصبح فى مستوى متدنٍ للغاية،نتيجة التوجه للتعليم الخاص.

هل البحث العلمى يعتمد على الاقتصاد أم الاقتصاد يعتمد على البحث العلمى؟

- الاقتصاد يعتمد على البحث العلمى ومن أجل أن نصنع اقتصادا مستمرا لا بد من وجود ابتكار وفكر، فاقتصادنا استهلاكى، فنحن عندما نقارن بين دخل الفرد فى حياة الملك فاروق كان يبلغ 120 دولاراً فى السنة بالمقابل كوريا الجنوبية كانت 60 دولاراً للفرد، لكن اليوم دخل الفرد حالياً 1500 دولار فى السنة للفرد، أما كوريا الجنوبية حالياً 34 ألف دولار حتى إنهم لا يمتلكون ثروات زراعية أو سياحية أو بترولية مثلنا، لأنهم اعتمدوا على المعهد الكورى للتكنولوجيا، فنحن لا يمكن أن نواجه الصحة والفقر بدون التعليم، حتى يتم إنقاذ الأجيال القادمة.

المشاكل التى تواجه البحث العلمى؟

- التفاهم والإرادة السياسية، وضع خطة استراتيجية واضحة المعالم، الاستمرارية دون توقف، الاهتمام بالعنصر البشرى، التمويل، والتشريعات المنظمة لهذه العملية.

هل هناك تمويل من الخارج فى الوقت الراهن؟

- التمويل أخذ فترة طويلة يأتى من الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق المعونة،أما الآن فتم وقف هذا التمويل ولكن يأتى من الخارج.

هل تعتبر السعودية فى مقدمة الدول القائمة على البحث العلمى؟

- السعودية تتميز بعمل تقوم به وهو إرسال 10 آلاف باحث إلى أوروبا سنوياً، فنحن بدأنا بإرسال البعثات إلى أوروبا من أيام محمد على لكن نحن فى تناقص حتى وصلنا إلى 700 فرد للخارج، عدد الباحثين فى مصر بلغ 100 ألف باحث وهذا العدد توقفنا عليه منذ فترة، بالمقارنة بدول أخرى تمت زيادة العدد لديهم إلى 300 ألف باحث.

ما مشكلة الباحث المصرى فى البعثات الخارجية؟

- التمويل المادى أحد أهم الأسباب، يليه وضع خطة للباحث حتى يستكمل أبحاثه بالخارج ويعود ليجد مكانه داخل الدولة حتى يتم الاستفادة منه، لكن نتميز بشىء هو أننا نعطى الباحث فى البعثة 2500 يورو فى الشهر، أما ألمانيا فتعطى 1200 يورو للباحث لدينا.

عدد مراكز البحوث فى مصر؟

- 198 مركزا بحثىا وتنقسم إلى مراكز كبيرة مثل مركز البحوث الزراعية ويضم 12 ألف باحث والمركز القومى للبحوث ويضم خمسة آلاف باحث، لكن تتركز الأبحاث فى القاهرة ومنطقة الدلتا، أما بالنسبة للصعيد فيقل عددها، خلال الفترة السابقة ما بعد الثورة لم يتم زيادة عدد مراكز البحث العلمى، وإنما نقوم بعمل البرامج، وبعض مبادرات مثل مراكز تميز ولكن هذه البرامج لا تؤدى إلى طفرة ولكن دائماً الأهم من الدعم المادى للبحث العلمى هو أوجه الصرف لهذا الدعم.

نحن نحتاج إلى رئيس يدرك قيمة الجهد والشغل المنتظر منه ويكون قادرا على المواجهة.

البعض يرى أن البحث العلمى لا يهتم الاهتمام الكامل بالمخترعين والمبتكرين؟

- عدد المخترعين الذين يمتلكون أفكارا لم تتحول إلى اختراعات فعلية أو براءة كثير، فنحن أعطينا خلال الثلاث سنوات الماضية 33 براءة اختراع فى السنة وهذا يعد مجهودا كبيرا ولكن اليوم وصل إلى 100 براءة اختراع، ومن ناحيتى قمت بعمل مبادرة وبرنامج «حلولنا بعقولنا» وذلك لكل من يمتلك فكرة أو اختراعا يأتى إلينا ليعرض فكرته أو اختراعه، نحن نحتاج إلى هذه الأفكار لكى تساعدهم ونرعاهم ولذلك أنشأنا «هرم المبتكرين» حتى تكبر الأفكار وأنشأنا برنامج «العبقرى المصرى» بمبلغ 5 ملايين جنيه ولكن لم يأت إلينا غير ثلاثة مخترعين.

هل توجد شراكة بين مصر ودول عربية فى البحث العلمى؟

-أنشأنا صندوقا مشتركا مع تونس وأيضاً مع سوريا بتكلفة 5 ملايين والمغرب أيضاً، أما بالنسبة لدول غربية فمثلاً أمريكا هناك شراكة تقدر بـ2.5 مليون دولار، ألمانيا 3 ملايين يورو فى سنة 2007، واليابان فى سنة 2008، لكن المظاهرات الداخلية تؤثر على الشراكة.

بالنسبة للمشكلات التى تواجهنا فى الطاقة والمياه كيف ترى مواجهتها فى الفترة القادمة؟

- الطاقة من أولوياتنا، ولكن سنعانى منها الفترة القادمة بالرغم من وجود مؤشرات جيدة نتيجة التقدم السريع فى العالم، فقديماً كانت الطاقة الشمسية هى أغلى طاقة فى التكلفة ثم يأتى بعدها طاقة الرياح ثم فى النهاية طاقة المحروقات مثل الديزل والفحم، لكن اليوم نرى أن الطاقة الشمسية أصبحت تكلفتها فى الدرجة الثالثة بدل الديزل، ومن ناحية أخرى أؤكد أن استخدام الفحم يأتى بسبب عدم توافر العنصر المادى فإذا اهتمت مصر بالطاقة الشمسية ونحن نمتلك شمسا جيدة ومساحات واسعة سنقوم بتصدير الطاقة للخارج.