أزمة انقطاع التيار عرض مستمر.. وزارة الكهرباء تؤكد تدنى أسعار بيع الكيلووات وزيادة الطلب على الطاقة ونقص الوقود أكبر أسباب الأزمة
تنتظر محافظات الجمهورية خلال الصيف المقبل أزمة كبيرة فى الكهرباء من المتوقع أن يعجز أمامها مسئولو القطاع فى التصدى لها والتى ظهرت بوادرها خلال فصل الشتاء، بعد أن شهدت تلك المحافظات انقطاعا للتيار الكهربائى وصل إلى عدة ساعات فى اليوم الواحد.
ويعد نقص الوقود أحد الأسباب الرئيسية لوجود الأزمة بحسب وصف الخبراء، بجانب ما سيشهده فصل الصيف المقبل وتحديدا أثناء شهر رمضان من تخفيف للأحمال بصورة كبيرة نتيجة تزايد الاستهلاك وارتفاع درجات الحرارة ودخول وحدات للصيانة، ما أثار تساؤلات المواطنين حول خطط الوزارة لمواجهة أحمال الصيف المقبل فى ظل وجود أزمة طاقة طاحنة تعيشها البلاد حاليا.
وحول أسباب أزمة الطاقة الحالية أكد مصدر بوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة أن قطاع الكهرباء يواجه العديد من المشكلات الطاحنة والتى تسببت فى وجود أزمة الطاقة الحالية وتتمثل فى تدنى أسعار بيع الكيلووات خاصة أن متوسط البيع فى القطاع المنزلى يبلغ 13.5 قرش مقابل تكاليف إنتاج تصل إلى 40 قرشا، مع زيادة نسبة الطلب على الطاقة الذى تخطى 11%، ونقص كميات الوقود التى تسببت فى وجود نقص كبير من القدرات يقارب نسبة 30% وأدى لخروج وحدات من الخدمة.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ"السوق العربية"، أن توفير التمويلات لمشروعات الكهرباء تسبب فى وصول حجم خسارة شركات الكهرباء لما يقرب من 111 مليون جنيه، مع استمرار الانفلات الأمنى الذى أدى إلى اعتراض المواطنين على مرور خطوط الكهرباء ومنعت دخول مشروعات القطاع للخدمة لتغطية زيادة الاستهلاك ومعدلات الطلب على الطاقة، التعدى على أراضى مشروعات الكهرباء الأمر الذى أعاق تنفيذها كما حدث فى محطة بنها والعين السخنة والذى أخر دخولهما للخدمة لفترة تقارب العام.
كما تدنت معدلات تحصيل فواتير الكهرباء خلال الأشهر الأخيرة حتى وصلت لنسبة 70% تقريبا، نهاية بالاعتداء على المحصلين ما جعل كثيرا منهم يرفض العمل وأعاق توفير السيولة بعد وجود عدة حوادث سرقات لهم كان آخرها بشركة شمال سيناء وتم سرقة مبلغ 600 ألف جنيه.
وأضاف المصدر أن هناك مجموعة من الحلول للقضاء على أزمة انقطاع الكهرباء وتتمثل فى ضرورة مراجعة أسعار شرائح الكهرباء لمعرفة مستحقى الدعم، وتدخل شرطة الكهرباء فى وقف سرقات التيار الكهربائى، وسرعة تدخل المسئولين من وزارتى الكهرباء والبترول لتوفير الوقود اللازم لمحطات إنتاج الكهرباء وتعويض العجز الموجود حاليا بالمحطات خاصة مع دخول فصل الصيف لتفادى أزمة انقطاع التيار، استكمال أعمال الصيانة للوحدات، وضرورة مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات الكهرباء، وضرورة قيام الوزارات والقطاعات الحكومية بدفع ديونها لقطاع الكهرباء.
وقال الدكتور سامر مخيمر، رئيس المفاعلات النووية السابق، تعليقا على ظاهرة انقطاع التيار الكهربائى، إن أزمة الوقود التى تسببت خلال الثلاث سنوات الماضية بانقطاع للتيار ظهرت نتيجة وجود عيوب هندسية خاصة بالمواصفات الفنية للمحطات التى تم التعاقد عليها مع شركات أجنبية، بجانب ضعف الإدارة من جانب مسئولى الوزارة، مؤكدًا أنه لا توجد محطة توليد للطاقة مطابقة للمواصفات الهندسية حسب وصفه.
وتابع: "افتقاد صيانة الوحدات بالمحطات واستخدام قطع غيار غير أصلية وغير مطابقة للمواصفات الهندسية، ساهم فى تفاقم الأزمة وبدأت فى التدهور يوما بعد يوم، مستشهدا بمحطة كهرباء التبين التى دخلت الخدمة مايو 2010 بقدرات توليدية بلغت 1500 ميجاوات وبتكلفة 4.5 مليار جنيه، وخرجت من الخدمة بعد أن تفحمت أغسطس 2012، على الرغم من أن العمر الافتراضى للمحطة يتراوح من 30 إلى 40 سنة".
وأشار "مخيمر" إلى أن هناك عددا من الأسباب الثانوية والموسمية ومنها نقص الوقود خاصة مع قرب انتهاء كافة الاحتياطى من الغاز الطبيعى والبترول، لافتا إلى أن نقص الوقود له تأثير سلبى يزيد من تضخم الأزمة الموجودة حاليا وغير كافٍ لإنتاج كهرباء يكفى لاحتياجات السكان.
وأكد "مخيمر" أنه مع ارتفاع درجات الحرارة تزيد من استخدام الوقود وتقل من معدل إنتاج الكهرباء، وتأثير الحرارة يمثل عاملا ثانويا يرفع من حجم العجز، موضحا أن فجوة الطلب على الطاقة تزداد سنويا ولا توجد خطط لمواجهة الاحتياجات البشرية للسكان.
ولفت إلى أن الدولة أنفقت على البنية الأساسية للكهرباء 50% من حجم المنح والقروض التى قدمت لمصر خلال الـ 15 عاما الماضية بحسب تصريحات واعترافات فايزة أبوالنجا، وزيرة التعاون الدولى الأسبق، مشيرا إلى أن قطاع الكهرباء استطاع تغطية كل احتياجات المواطنين بالمنازل والمصانع وتبقى فائض بنسبة 20% خلال عهد المهندس ماهر أباظة، وزير الكهرباء الأسبق، إلا أن تلك الأزمة بدأت فى الظهور منذ عهد المهندس حسن يونس، الوزير الأسبق، نهاية بالدكتور محمد شاكر، الوزير الحالى.
وتوقع "مخيمر" أن صيف 2014 وتحديدا خلال شهر رمضان مع زيادة الاستهلاك سيشهد عجزا فى إنتاج الطاقة يكاد يصل إلى 50% على الأقل أى أن البلاد ستشهد انقطاعا للتيار الكهربائى لفترة تزيد على 8 ساعات يوميا، وسيحتل صعيد مصر والقرى والنجوع النسبة الأكبر.
ووضع بعض الخبراء حلولا لأزمة الطاقة الحالية حيث أكد الدكتور صلاح عرفة، خبير الطاقة المتجددة، أستاذ الفيزياء بالجامعة الأمريكية، أن الحلول تتمثل فى ضرورة وجود إرادة وإدارة جيدة، مشددا على ضرورة الوصول إلى المستوى الأمنى من الطاقة للأجيال القادمة عن طريق التوسع فى استخدام الطاقة المتجددة، ونشر الوعى بين المواطنين لتوليد الطاقة من كافة المصادر «البحر، والمخلفات، والصرف الصحى»، خاصة وأن دول العالم حاليا تسعى إلى كيفية استخدام المخلفات فى إنتاج الطاقة.
واوضح الدكتور إبراهيم العسيرى، المتحدث باسم هيئة المحطات النووية، إن الحل الأمثل للخروج من أزمة الطاقة والكهرباء الحالية هو الاتجاه إلى الطاقة النووية مدعومة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ"السوق العربية"، أنه لا بديل عن تلك المصادر للخروج بأزمة الطاقة الحالية خاصة وأن مصر لا تمتلك طاقة مياها وفيرة، فيما الوقود الأحفورى مثل "الغاز الطبيعى والمازوت" إلى زوال.
وحول استخدامات الفحم فى توليد الكهرباء قال المهندس ماهر عزيز، خبير الطاقة والبيئة، إن الفحم يعد أحد أهم مصادر التلوث البيئى خاصة غازات الاحتباس الحرارى، إلا أن تقدم التكنولوجيا ساهم فى الحد من هذه الآثار، لافتا إلى أن هناك دراسات خاصة بمحطة "توريفا لداليجا" الإيطالية والتى تعمل بالفحم حاليا، أثبتت أن حجم الانبعاثات الناتجة عن احتراق الفحم وصلت إلى 100 مجم/ المتر المكعب، لكل من أكاسيد الكبريت والنيتروجين، بعد تركيب أجهزة الحد من الانبعاثات.
وأكد أن الحد المسموح بتلك الانبعاثات طبقا لقانون البيئة المصرى والبنك الدولى يصل لـ1300 مجم/ المتر المكعب، موضحا أن مسئولية السلطات البيئية تتحدد فى وضع معايير حماية البيئة فقط، ولا يمكن لتلك السلطات أن تتدخل فى أى دولة فى تحديد المزيج الأمثل للطاقة ولكنها فقط تضع المعايير.
وأشار "عزيز" إلى أن آراء وزارة البيئة ترجع إلى 60 عاما مضت، فالفحم الآن لا يسبب أى تلوث بيئى بالعكس تطورت التكنولوجيا وبلغت نظافة محطات الفحم فى العالم مرحلة متقدمة من التطور بعد تركيب أجهزة الحد من الإنبعاثات.