السوق العربية المشتركة | صكوك التمويل.. ما بين فرص النموواحتياجات التطوير

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 أغسطس 2025 - 23:12
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
صكوك التمويل.. ما بين فرص النموواحتياجات التطوير

صكوك التمويل.. ما بين فرص النموواحتياجات التطوير

اثارت الصكوك المالية حراكا واسعا فى اوساط سوق المال المصرية وسط تبنى تيارات مختلفة لها واعلان الهيئة عن الاعداد لمشروع قانون بخصوصها. من دون شك، فإن هيكل الصكوك لا يزال الخيار الأول ضمن مجموعة من الهياكل المالية المتوافقة مع الشريعة التى تحظى بالتوجه الأكبر من طرف الممولين حيث ارتفع اجمالى إصدارات الصكوك بصورة قياسية مع التوضيح أنه فى معاملات الأصول المالية الاخرى المماثلة لم تحصل على الزخم نفسه والاهتمام كما هوالحال بالنسبة للصكوك، إلا أنه ومع ذلك فإن هذه السوق لا تزال نابضة بالحياة، ولا تزال هذه المعاملات جزءاً أساسياً من صناعة التمويل العالمى ككل. بالتأكيد فإن هناك إمكانية للأصول المالية لزيادة مساهمتها فى نموصناعة التمويل عموماً، سواء داخل مصر أوخارجها، مع الامل فى أن تنظر المؤسسات وكل اللاعبين بشكل متزايد نحواستخدام هياكل جديدة فى معاملات الأصول المالية، وذلك بمشاركة مستثمرين تقليديين وضمن إطار مجموعة متنوعة من الأصول ومع ذلك، فى ظل تطبيع أسعار الأصول جراء تداعيات الأزمة المالية الأخيرة، من الممكن أن يشكل ذلك تحدياً بالنسبة إلى سوق تمويل الأصول، أويمكن لهذا النوع من التمويل أن يكون حلاً للشركات التى تبحث عن تقديم تمويل فى ظل بيئة اقتصادية أكثر صرامة.



إن قيمة الموجودات لا تلعب دوراً فى نجاح تنظيم معاملات تمويل الأصول وذلك لأنه فى الظرف الراهن، فإن الكثير سيعتمد على قيم الأصول وتقلباتها على الأرجح، ومدى مرونة الممولين الذين يؤملون فى الحصول على طلبات تمويل الأصول المالية، علاوة على البيئة التنظيمية لهذا النوع من الصفقات لذلك فان التحدى الرئيس فى هيكلة معاملات الأصول المالية، يتعلق إلى حد كبير بالجمع بين عناصر الهيكلة التقليدية والجديدة فى العملية نفسها فانه، على سبيل المثال، قد يكون بعض الممولين يبحثون عن تقديم معاملات للديون التقليدية، فى حين أن البعض الآخر قد يكون ملزماً بالاعتبارات الشرعية.

وكشف الواقع العملى عن ان هناك ضرورة لتوحيد الإجراءات التى تنظم إصدارات الصكوك فى جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، وعلى إقامة تنظيم واحد، والذى من شأنه أن يسرع من عمليات الإصدار ويجعلها تتسم بكثير من المرونة بعد ان تم رصد انعدام لوجود نهج ثابت فى اللوائح المحلية لكل دولة فى المنطقة على كيفية إصدار الصكوك. وهذا اوجد ضروره لاتخاذ إجراءات إصدار الصكوك مبسطة ومتسقة تساعد على خفض تكلفة الإصدارات.

الوضع الحالى اصبح يستلزم مزيدا من التنسيق على المستوى الحكومى، فى وقت لاتزال فيه سوق الصكوك بحاجة إلى تطوير والترشيد فقد سمحت الأزمة المالية التى واجهتها دبى خلال العام 2009، بظهور حافز لتطوير أسواق الدين فى المنطقة، حيث أدرك المقترضون أن أسواق رأس المال والديون أكثر كفاءة فى زيادة حجم التمويل، مقارنة باللجوء إلى التمويل عن طريق البنوك، والتى تميل إلى أن تكون قصيرة الأجل، وتتطلب عمليات إعادة تمويل متكررة مؤكدا انه قد أصبحت أسواق رأسمال الدين جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية الجديدة التى باتت تنهجها المؤسسات المالية والبنوك للتحرك إلى الأمام فى منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا مما يستدعى تفعيلا اكثر شمولا للدور المصرى خلال هذه المرحلة.

ان من عوامل نموسوق الصكوك حاليا الدور المتزايد لمبادرات التخطيط المالى الرئيسية والجهات الحكومية التى ستكون بمثابة العمود الفقرى للنموخلال السنوات المقبلة كما ان من العوامل المشجعة للصكوك ان سوق الصكوك ابدى مرونة عالية فى الشرق الأوسط رغم الاوضاع السياسية فيه ما أدى إلى قفزة بأكثر من ثلاثة أضعاف على أساس سنوى لاصدارات الصكوك فى منطقة الشرق الأوسط فى ظل استفادة مصدرى الصكوك من انخفاض تكاليف جمع الأموال مع استمرار الهيئات السيادية فى توفير مصادر التمويل لدعم النموالاقتصادى فضلا عن العمل على نهضة وانعاش مشاريع القطاع الخاص بالاضافة إلى المبادرات التى اتخذتها مختلف الهيئات التشريعية فى تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية كجزء من الجهود الرامية إلى اجتذاب الاستثمارات الأجنبية ستساهم ايضا باصدار الصكوك اشكالية اخرى ظهرت مؤخرا وهى أن الأساس الذى تقوم عليه فكرة إصدار الصكوك، هوإيجاد أداة بديلة عن سندات الفائدة، تماثلها فى مزاياها، حيث إن من أهم ما يميز السندات أنها ورقة مالية منخفضة المخاطرة، بسبب ضمانها لرأس المال والربح، وبذلك فقد اعتبرت قضية ضمان الصكوك وأرباحها إحدى المسائل الفقهية الشائكة التى تتطلب حلولا وصيغا فقهية مناسبة.

ومن هنا، نشأ الإشكال فى هيكلة الصكوك، فالصكوك تعرف دوما بانها وثائق متساوية القيمة تمثل حصصا شائعة فى ملكية أعيان أومنافع أوخدمات أوفى ملكية موجودات مشروع معين أونشاط استثمارى خاص، ولذلك قامت المصارف الإسلامية بمحاولة تقليص المخاطر التى فى الصكوك لتقربها من مستوى مخاطر السندات، حتى تصنف وتسعر بنفس آليات تصنيف السندات وتسعيرها، ذلك أن التصنيف الائتمانى للأوراق المالية غاية فى الأهمية للاعتراف بالورقة المالية وإدراجها. كما أنه ظهر فى حقل التمويل فى العقود الأخيرة، ما يسمى التمويل المهيكل، الذى يتم من خلاله توزيع مخاطر التمويل على عدة أطراف، من خلال استحداث شركة أوعدة شركات ترتبط فى ما بينها ومع غيرها بمجموعة من الاتفاقيات، حيث يعد التصكيك من أبرز أنواع التمويل المهيكل. وعرف مجلس الخدمات المالية الإسلامية الصكوك بأنها شهادات يمثل كل صك منها حق ملكية لنسبة مئوية شائعة فى موجودات عينية، أومجموعة مختلفة من الموجودات العينية وغيرها، وقد تكون الموجودات فى مشروع محدد أونشاط استثمارى معين، ويشترط أن يكون المشروع أوالنشاط متفقا مع أحكام الشريعة الإسلامية. وجاء تعريف مجمع الفقه الإسلامى، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامى للتصكيك والتوريق، بأن التوريق التقليدى هوتحويل الديون إلى أوراق مالية «سندات» متساوية القيمة قابلة للتداول، مبينا أن هذه السندات تمثل دينا بفائدة لحاملها فى ذمة مصدرها، ولا يجوز إصدار هذه السندات ولا تداولها شرعا.

أما التصكيك، أى التوريق الإسلامى، فهوإصدار وثائق أوشهادات مالية متساوية القيمة تمثل حصصا شائعة فى ملكية موجودات «أعيان أومنافع أوحقوق أوخليط من الأعيان والمنافع والنقود والديون» قائمة فعلا أوسيتم إنشاؤها من حصيلة الاكتتاب، وتصدر وفق عقد شرعى وتأخذ أحكامه، مشيرا إلى أن الصكوك أوراق مالية محددة المدة، تمثل حصصا شائعة فى ملكية أعيان أومنافع أوخدمات أوفى موجودات مشروع معين أونشاط استثمارى خاص، تصدر وفق عقد شرعى تأخذ أحكامه.

وقد نص المعيار السابع عشر من معايير صكوك الاستثمار، الصادرة عن المجلس الشرعى لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، على ألا تشتمل النشرة على أى نص يضمن به مصدر الصك لمالكه قيمة الصك الاسمية فى غير حالات التعدى أوالتقصير، ولا قدرا معينا من الربح. وهذا ما أكده بيان المجلس الشرعى لهيئة المحاسبة الصادر فى البحرين الذى جاء فيه «لا يجوز للمضارب أوالشريك أووكيل الاستثمار أن يتعهد بشراء الأصول من حملة الصكوك أوممن يمثلهم بقيمتها الاسمية عند إطفاء الصكوك فى نهاية مدتها». وعلى ذلك، فلا يجوز ضمان مصدر الصكوك قيمة الصك (رأس المال) ولا مقدارا محددا من الأرباح، سواء أكان ذلك بصيغة الالتزام أوالتعهد أوالوعد الملزم، وكذلك فلا يجوز التزام المصدر أوتعهده أووعده وعدا ملزما بشراء أصل الصكوك (أوما تمثله الصكوك) بالقيمة الاسمية للصك عند إطفاء الصكوك، أوإنهائها قبل حلول أجل إطفائها لأى من الظروف الطارئة.

وقد انعقد الإجماع على أن يد المضارب يد أمانة لا تضمن إلا بالتعدى والتفريط، بل وذهب جماهير أهل العلم من الحنفية والمالكية، والشافعية والحنابلة إلى عدم جواز اشتراط تضمين المضارب فى حال عدم تعديه أوتفريطه، وحكموا بفساد هذا الشرط، لأن اشتراط ضمان رأس المال على المضارب يقلب العقد من مضاربة إلى قرض. بالتأكيد ستكون صكوك التمويل فى الفترة القادمة هى احدى الادوات الاكثر القاء للضوء عليها وستكون محورا فاعلا وحقيقيا بالنسبة للتطور فى سوق المال المصرى لهذا فيجب ان يفتح الباب الان لبحث ودراسة كل ما يثار بشأنها للوصول إلى معيار لاصدار وتملك وتداول الصكوك فى السوق المصرية فاصدار القوانين واللائحة المنظمة لن يكون فى رأيى النهاية... بل اتصور انه سيكون نقطة البداية.