
محسن عادل
البورصة المصرية كممول لمشروعات البحث العلمى
إن جانبا هاما من مشكلة البحث العلمى هو ان ما ينفق على برامج البحث والتطوير لا يزال ضعيفا جداً بالمقارنة بالمعدلات العالمية، ولا مفر من زيادة الاستثمار فى البرامج الوطنية.
غير أن هذه الزيادة لا يمكن أن تتم عملياً إلا بتفعيل دور الشركات المنتجة وصناديق التمويل فى القطاع الخاص. فإذا ما نظرنا إلى نسبة عدد الشركات التى تتعاقد مع الجامعات أومع مراكز البحث فى الاتحاد الأوروبى مثلاً، نجدها تتراوح بين 5 و45% من عدد الشركات. فى حين أن الإنفاق العربى على البحث العلمى أساساً يأتى من القطاع العام (85-90%).
وإذا ما قورنت نسبة الإنفاق على البحث العلمى فى مصر على سبيل المثال كإحدى الدول الرائدة فى الوطن العربى مع المتوسطات العالمية نجد أنها تصل إلى حوالى 1% تقريباً. وهى نسبة تقل بكثير عن المتوسط العام للإنفاق على البحث العلمى فى العالم وذلك بالاضافة إلى انخفاض متوسط نصيب الفرد من الإنفاق على البحث العلمى فى مصر.
وتشير النسب إلى وجود ارتباط عكسى بين التقدم العلمى والتكنولوجى وبين نسبة الإنفاق الحكومى على البحث العلمى. أما تمويل الشركات المنتجة وصناديق التمويل الخاص فإن أعلى نسبة توجد فى اليابان (81%) تليها السويد (62.9%) ثم سنغافورة (62.5%) تليها الهند (16.4%) ثم هونغ كونغ.
ومن هذا المنطلق فقد تم طرح فكرة جديدة بأن يكون التمويل بالنسبة لمشروعات البحث العلمى خاصة تلك التى لها مردود اقتصادى مباشر من خلال مراكز اوشركات متخصصة يتم طرح اسهمها للاكتتاب العام على الجمهور من منطلق ان أهم العناصر التى تضمن تميز ونجاح المراكز الدولية هى:
< موارد مالية مستقرة، مرتفعة وتزاد بشكل دورى.
< تجدد بنيتها التحتية بشكل كامل كل فترة عن طريق الحصول على تمويل مستمر ودائم نظرا لطبيعة مساهمات الشركة.
< جهاز علمى متكامل ومتوازن موضوعى بين عدد الباحثين والفنيين والإداريين.
< تعمل ضمن خطة علمية واستراتيجية واضحة لأمد متوسط (3-5سنوات) وضمن شروط صارمة للرقابة العلمية والإدارية (auditing).
< تديرها هيئات علمية/ مجلس أمناء مستقل دون أى تداخل مع الإدارة ما يؤمن توازناً دقيقاً بين Management- Policy makers.
< تعمل فى مشاريع البحث والتطوير التقنى وليس فى الخدمات العلمية.
< تتجدد مواردها البشرية بصورة دورية.
ونرى ان هذه الفكرة اصبحت الان فى وضع قابل للتطبيق العملى فى مصر خاصة اذا وجهت أولوياتها نحومجالات الإلكترونيات، وعلوم البحار والمحيطات، وتقنيات البيئة، وتقنيات المعلومات، وأدوات التقييس، والمواد الجديدة، وعلوم الفضاء والطيران وتحسين تطبيقات التقنية فى قطاع الزراعة، وتطوير البنية الأساس الوطنية للمعلومات، وزيادة التطوير فى عمليات التصنيع وهو ما يماثل النموذج المطبق فى الصين مطلع التسعينيات كما ان معدل العائد الاقتصادى على الاستثمار بدء من العام الثالث سيكون مرتفعا خصوصا فى ضوء الامكانيات التى يمكن توافرها والعوائد المستهدفة لهذه المشروعات.
ان تمويل هذه المشروعات فى شكل اكتتاب عام يطرح للمواطنين سيؤدى بالضرورة إلى تحقيق عدة مزايا على رأسها :
1- المشاركة الشعبية واسعة النطاق ستقلص من فرص تحكم اى جهة فى توجهات المشروع.
2- ستساهم هذه الفكرة فى طرح مشروعات مماثلة فى مجالات تنموية اخرى.
3- تحويل منظومة البحث العلمى من تمويل الدولة إلى التمويل الاستثمارى.
4- هذا المشروع اذا انشئ فى شكل شركات فان البعد الاستثمارى سيكون واضحا منذ البداية وهو ما سيدعم من توسيع قاعدة المشاركة.
ان الدولة فى خطتها المستقبلية لعام 2020 يجب ان تؤكد الأهمية الخاصة للعلوم والتقنية فى الجهود الوطنية للتنمية الصناعية والمنافسة على المستوى العالمى، كما يجب ان تولى قطاعات مثل الاتصالات والمعلومات أهمية قصوى ومما لا شك فيه أن هذا سيحقق للدولة والاقتصاد تطورا تقنيا واقتصاديا وقدرات تنافسية فى الأسواق العالمية، يعزى بصفة رئيسة إلى نجاحها فى تسخير العلوم والتقنية فى خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال رسم سياسات علمية وتقنية فعالة وشاملة، تعززها استثمارات مالية ضخمة فى المكونات المختلفة للمنظومة من بحث وتطوير، وتعليم وتدريب، وأنشطة مساندة، وغيرها كما انه سيساعد على:
< تحسين مستوى معيشة الأفراد.
< خلق مجتمع يتعامل بسهولة مع تكنولوجيا المعلومات.
< تطوير القدرة التنافسية والنمو المستدام فى قطاع الصناعة.
< المحافظة على سلامة البيئة واستدامتها.