سكان العشوائيات وقود الانفجار القادم
تعتبر مشكلة المناطق العشوائيه فى مصر من اكثر القضايا الحاحا نظرا لما لها من انعكاسات اجتماعيه واقتصاديه وامنيه تهدد امن واستقرار المجتمع وفى هذا الصدد قامت جريدة السوق العربيه بالحديث حول وضع العشوائيات فى محافظات مصر وسبل التعامل معها وامكانية القضاء على هذه المشكله ووقف نزيف التوسع فى العشوائيات الحاليه والحد من ظهور عشوائيات جديده 40 مليون مصرى عاجزون عن توفير سكن ملائم وانسانى هم سكان العشش والحجرات المشتركه والمقابر والارصفه وهؤلاء يعيشون حياه لا يتوافر فيها الحد الادنى من الحياه الادميه فهم محرمون من المياه النقيه والكهرباء والصرف الصحى والشعور بانسانيتهم ما نقوله تؤكد عليه دراسات وتقارير حديثه كلها تؤكد ان العشوائيات تنتشر كالسرطان فى الوطن وانها تحولت لاوكار لكافة انواع الجريمه والانحراف من قتل وسرقه ومخدرات
وبلغة الارقام اصبحت المجتمعات العشوائيه تغطى مصر من اولها لاخرها حيث بلغ عدد المناطق العشوائيه على مستوى الجمهوريه 369 منطقه بمساحة 4549فدان وتضم حوالى 230.871وحده سكنيه يقطنها حوالى 900الف نسمه وتتوزع هذه المناطق الى 26 منطقه مهدده للحياه
حديث الارقام يؤكد ايضا ان القاهره وحدها بها 81منطقه عشوائيه امافى الجيزه فهناك 32منطقه عشوائيه والاسكندريه بها 41منطقه وتعتبر محافظة الدقهليه اعلى المحافظات فى احتواء المناطق العشوائيه من بين كل المحافظات تقريبا 109 مناطق كما ان هناك 8 ملايين من بين 15 مليون يسكنون العاصمه يعيشون فى تلك العشوائيات التى تحت 45% من مسطح العاصمه.
والسؤال لماذا تتزايد العشوائيات فى مصر .وما هى الظروف الحياتيه التى يعيش فيها المواطن العشوائى ..والنتاتج التى يمكن ان تؤدى اليها تلك الظروف فى حال استمرارها.... يجيب على ذلك الدكتور اسامه عقيل استاذ تخطيط عمرانى جامعة عين شمس حيث اوضح ان 18% من الاسر المصريه تعيش فى غرف مشتركه وغير ادميه
واشار ان النمو السكانى لبعض العشوائيات يرتفع بنسبة 34%سنويا كما هو الحال فى عشوائيات مدينة السلام بالقاهره وفى عشوائيات اخرى يصل النمو الى 9% سنويا كما هو الحال فى عشوائيات منطقة بولاق الدكرور ولا يعود سبب النمو الى الزياده فى المواليد فقط وانما يعود كذلك الى استمرار تدفق الهجره الداخليه
ويشير ايضا ان بيوت العشوائيات تشبه الصناديق المتلاصقه العديمه التهويه والاضاءه والتى تفتقر الى الخدمات التى تساعد على تنقية محيطها السكنى
ويؤكد ان 58%من سكان العشوائيات اما يتنا فسون على دورات مياه مشتركه او لا يمتلكون دورات مياه على الاطلاق مما يدفع هؤلاء الى بناء دورات مياه بدائيه خاصة بهم مما يعنى تسرب الفضلات واختلاطها بالمياه الباطنيه كما تتنوع مصادر المياه بالنسبه لسكان العشوائيات حيث يحصل البعض عليها من طلمبات ويوفرها البعض الثانى من المبانى المجاوره العشوائيه وفى ذات الوقت يضغطون على الاداره المحليه لتوصيل المياه النقيه الى داخل العشوائيات سعيا منهم للحصول على اعتراف رسمى بواقعهم السكنى
اما الكهرباء فيحصلون عليها كالعاده الشائعه لدى شرائح كبيره من السكان المصريين اى من خلال سرقتها من مصادر الاناره العامه وكنتيجه لهذا التراجع فى الخدمات العامه تتراجع احوال البيئه فى المحيط العام وبذات الدرجه تتراجع الاحوال الصحيه لسكان العشوائيات
ويستطرد قائلا من سمات هذه المناطق ايضا ان ساكنيها وبسبب هجرتهم من قراهم لا يملكون الاوراق الرسميه التى تكفل لهم الدنو من الخدمات التى تقدمها الدوله فبالرغم من حدة الفقر التى تلاحقهم فانهم لا يستطيعون استخراج بطاقات تموينيه او الحصول على قروض صغيره وبذلك يحرمون من الخدمات التى توفرها الدوله للحد من حالات الفقر ايضا تعتبر المناطق العشوائيه بؤرة توتر اجتماعى وتلوث اخلاقى وقيمى حيث لا يتوافر الحد الادنى لمقومات المعيشه الضروريه وبغض النظر عن الاسباب التى ادت الى وجود تلك المناطق فان سكان تلك المناطق العشوائيه بجميع فئاتهم العمريه وعلى وجه الاخص الشباب يعانون من حالة من التهميش والحياه فى بيئه ملوثه تفاقر الى النشاه السليمه والى الكثير من الخدمات الاساسيه ويصبح الافراز الطبيعى لكل تداعيات المناطق العشوائيه احداثا وشبابا يسعون الى الجريمه
وهو ما كشف عنه دكتور سامى عبد السلام النجار استاذ علم الاجتماع كلية الاداب جامعة المنصوره حيث اوضح ان نسبة 95% من الاحداث المودعين بدور الرعايه الاجتماعيه ينتمون الى مناطق عشوائيه ويؤكد ان 60% من اطفال العشوائيات الذين هم فى سن التعليم محرمون تماما من اى خدمات تعليميه لذلك فهم رصيد للاميه بجانب انهم ينخرطون فى سوق العمل فى سن مبكره لاعالة اسرهم وفى سوق العمل نجدهم يعملون فى الورش وعادة ما يلتقيطهم العناصر القريبه من المخدرات سواء للتعاطى او للاتجار كما ينجرفون فى تيار الانحراف والجريمه حسبما تؤكد الدراسات التى تشير الى ان هناك 17 الف جريمه يرتكبها اطفال العشوائيات سنويا الى جانب التسول والتشرد.
ويؤكد النجار انه بالنسبه لاحوال الشباب فى العشوائيات فتكشف عنها دراسه للمركز القومى للبحوث الاجتماعيه والجنائيه حيث تشير الدراسه انهم من الجماعات الهشه التى يمكن اساءة استخدامها من قبل البعض فى انشطة تهدد استقرار المجتمع بمفهومه الشامل سواء فى جانبه الامنى او السياسى او الاقتصادى او الاجتماعى وذلك باستغلال تطلعاتهم وحقدهم على بقية شرائح المجتمع
واكد ان اكثر من ربع شباب مصر يعانون مشكلة البطاله اغلبهم من شباب المناطق العشوائيه واكد ايضا ان هؤلاء المهمشون قنبله موقوته يمكن ان تنفجر فى اى لحظه ولابد من نظره قبل فوات الاوان لان تكلفة حل المشكله اقل بكثير من النفقات التى يمكن صرفها لمواجهة نتائج انفجار هذه القنبله .
وهو ماتؤكده ايضا الدكتوره عايده السخاوى استاذة علم الاجتماع جامعة طنطا مشيرة ان هذه البيئه تعتبر مرتعا للتلوث الاجتماعى ويسودها قيم وعادات مختلفه عن المجتمع الاصلى وهى فى النهايه ثمره لعقلية التهميش المستمره ومن ثم تصبح انتشار ظاهرة التطرف والعنف وجميع الظواهر السلبيه على مجتمعنا ماهى الا نتاج طبيعى للتهميش النفسى والمعنوى والبيئه الملوثه فى العشوائيات حيث كل شىء مستباح عنف . جريمه .. سرقه ونهب وبفعل الجوع والمرض والذل تبدا اولى خطوات الجريمه فالارض خصبه لكل انواع الانحرافات فى العشوائيات التى ينمو فيها المواطن العشوائى والذى يحمل بداخله كل احباطات الانسان المقهور المهمش والتى قد يدمر بها فى اية لحظه نفسه والمجتمع ايضا الذى من وجهة نظره لم يرحمه
ويرى الدكتور مجدى الداغر استاذ علم الاجتماع جامعة القاهره ان ازمة العشوائيات تكاد تنفجر والوضع فى البلد بكاملها على حافة الانفجار لكن يجب على الحكومه فورا ان تاخذ فى حساباتها ممشاكل الفقراء والمطحونين فى مصر بعد الثوره . ويستطرد قائلا ان الخطوره فى العشوائيات خطوره امنيه واجتماعيه وسياسيه وهذه الاماكن المخيفه اصبحت ماوى لعصابات منظمه تتاجر فى كل شىء
. اكد الدكتور جلال السعيد محافظ القاهره اهمية تضافر الجهود بين مؤسسات المجتمع المدنى والاجهزه الحكوميه التنفيذيه لتحقيق مخططات التنميه الشامله والمستدامه بخاصة فى مجال تطوير العشوائيات التى تعمل الحكومه جاهدة من اجل تحقيقها
. واضاف ان التطوير سيشمل المواطن المقيم بالمناطق العشوائيه من خلال توفير فرص عمل له والارتقاء بالسلوكيات وتصحيح مفاهيم وعادات قديمه خاصة محو الاميه . واشار السعيد الى مشروع مؤسسة معا لتطوير العشوائيات قائلا انه مشروع متكامل يعتنى بالارتقاء بالمواطن بتوفير سكن ملائم والتدريب على فرص عمل حقيقيه وكذلك توفير كافة الخدمات المهمه من تعليم وصحه وكافة الخدمات التى تتيح له حياه ادميه .
واكد السعيد ان المحافظه تقدم الدعم الكامل لنجاح هذه التجربه ليتم تكرارها فى اماكن اخرى حتى يتم تطوير جميع المناطق العشوائيه مساهمة مع الجهود التى تقوم بها الحكومه فى هذا الاطار . ولفت السعيد الى ان المحافظه حاليا تعمل على انشاء 50 الف وحده سكنيه جديده لقاطنى العشوائيات واضاف انه سيتم صرف 135 مليون جنيه لتطوير العشوائيات خلال الفتره القادمه مشيرا انه تم تحديد 11 عشوائيه يتم البدء بهم من خلال اعادة رصف الشوارع وتزويدها بصرف صحى .
ومن جانبه اكد الدكتور على عبد الرحمن محافظ الجيزه ان الهجره من محافظات الصعيد الى الجيزه والقاهره خلقت عشوائيات كثيره بالمحافظتين نظرا لتعدد فرص العمل ومصادر الرزق بهما . ويستطرد قائلا يتعين على كل مؤسسات الدوله ان تتضافر لحل هذه المشكله المتفاقمه .
واشار عبد الرحمن ايضا الى المبادره التى يتبناها الفنان محمد صبحى لجمع الاموال لتطوير المناطق العشوائيه واعداد الفرد وتجهيزه لكى يكون منتجا من خلال البدء فى اقامة 5 مدن بمحافظات القاهره والاسكندريه وبورسعيد والمنيا والجيزه لنقل سكان المناطق العشوائيه اليها بعد ان يتم تاهليهم فى مصانع الزجاج والاخشاب والموبيليا وتدوير القمامه التى ستقيمها المبادره بالقرب من اماكن سكنهم الجديده
فى حين يرى دكتور محمود ابو الوفا الخبير الاقتصادى ان هناك عدة ابعاد لمشكلة العشوائيات منها البعد الامنى والسياسى والبعد الاقتصادى والاجتماعى والعشوائيات اشبه بقنبله مضبوطه على توقيت معين وهى وصول سكانها الى حد ما من العوز والفقر والحاجه لحظتها يخرج سكانها بكل مافى داخلهم من غل وغضب وما فى ايديهم من نار واسلحه للبحث عن الحق فى الحياه وخصوصا ان سكان هذه المناطق العشوائيه دائما ما يعيشون على اطراف الاحياء الراقيه ويشعرون يوميا بالذل والحاجه وهم يشاهدون السيارات الفارهه والحياه الرغده فيما يعيشون هم جحيما كبيرا
. وطالب ابو الوفا بالحذر الشديد مما هو قادم خصوصا بعد التدهور الشديد فى الاحوال الاقتصاديه .لافتا الى ان حل المشكله يتطلب حكومه تشعر باوجاع الناس وهمومهم الحقيقيه خاصة ان الاستثمار فى تنمية هذه المناطق العشوائيه لا يعود بالخير على سكانها فقط ولكنه يعود بالاساس على الاستقرار والامان على المجتمع باسره كذلك البعد الامنى فان البدء بتطوير العشوائيات سيعمل على تفريخها من المجرمين والمسجلين خطر والبلطجيه لان تطويرها سيزرع بداخلها نقاطا شرطيه وامنيه يمكنها رصد اى حركات اجراميه وفى الوقت الذى يعزف فيه سكان العشوائيات على نغمه واحده من الفقر والحاجه وضرورة انتباه الحكومه لهم وبناء مساكن ادميه لهم وتوفير الامن ومد شبكات الصرف الصحى والمياه باعتبارها حق مشروع لهم .
ويؤكد دكتور محسن خضيرى الخبير الاقتصادى ان مشكلة العشوائيات فى القاهره تحديدا تضخمت نظرا لعدة عوامل منها الهجره من الريف للمدن والتى بدات منذ ستنيات القرن الماضى وتمثلت فى بحث سكان الريف عن عمل بالمدن خاصة القاهره كما ان الدوله لم تتدخل منذ البدايه لوضع اية خطط لهذه المناطق التى وصل اليها سكان الريف واقاموبها كما ظلت هذه المناطق بلا تخطيط او محاوله لادخال المرافق لفتره طويله
. واوضح خضيرى ان التفكير فى حلول لمشكلة العشوائيات الان يعتبر نوعا من العبث اننا نحتاج الى حلول للنظام الاقتصادى والاجتماعى بكامله والدوله المصريه اليوم تتفكك امام حالات البلطجه والسلب والنهب والاحتجاجات الفئويه والانفلات الامنى وكل ذلك يحتاج الى حكومه قويه ذات رؤيه اكبر بكثير من امكانيات رئيس الحكومه الحالى
. ومن جانبه يؤكد المهندس محمود فوزى رئيس حى العمرانيه بمحافظة الجيزه ان العشوائيات فى مصر مشكله ليست بالصغيره ولكن ليس من المستحيل القضاء عليها فقط نحتاج الى التخطيط الصحيح وخطوات عمل منهجيه وسريعه حيث لابد من تحزيم هذه المناطق حتى لا تنمو اكثر مما ينتج عنه عواقب اقتصاديه وصحيه وبيئيه على الوطن والمواطن ويؤكد ان حق السكن جزء من حقوق المواطن على الدوله يجب ان تعمل الحكومه مع الرئيس والبرلمان القادم على حصول كل مواطن على هذا الحق بصوره كريمه ودون فساد مشيرا ان العشوائيات جريمه فى حق مصر .