السوق العربية المشتركة | الخبير المائى نادر نور الدين : زيادة الفجوة الغذائية لتصل إلى 75٪ أهم تداعيات بناء سد النهضة

السوق العربية المشتركة

الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 - 13:27
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

الخبير المائى نادر نور الدين : زيادة الفجوة الغذائية لتصل إلى 75٪ أهم تداعيات بناء سد النهضة

الخبير المائى نادر نور الدين
الخبير المائى نادر نور الدين

مع فشل المفاوضات المصرية- الإثيوبية حول بناء سد النهضة الاثيوبى ظهرت على السطح أسئلة كثيرة حول موقف مصر من استمرار بناء سد النهضة وما المشاكل التى ستتعرض لها مصر والمترتبة على نقص المياه وكذلك رد فعل مصر تجاه التعنت الإثيوبى ودور اسرائيل وتركيا فى ملف المياه.
كل هذه التساؤلات طرحناها على الخبير المائى د.نادر نور الدين بكلية الزراعة بجامعة القاهرة.. فإلى نص الحوار.

بداية نود أن نعرف ماذا بعد فشل مفاوضات سد إثيوبيا والسيناريوهات المتوقعة من قبل الحكومة المصرية؟

عندما تكون صاحب قضية عادلة وتسندها إلى محامٍ ضعيف.. هذا هو موقف مصر الآن من السدود الإثيوبية!!



بداية سأطرح عددا من الأسئلة تجيب عن تساؤلك أولا: هل لا بد أن تكون التنمية فى إثيوبيا على حساب تراجع التنمية فى مصر؟!

هل لا بد لتوليد الكهرباء أن تكون على حساب نقص الماء شريان الحياه لدولة أخرى؟!

الحشد الدولى لعدالة الموقف المصرى مهم بعد الحشد المساند لإثيوبيا حاليا الذى استغلت فيه غيابنا عن الإعلام الخارجى وروجت بنجاح لسدها.

تدويل القضة- الإعلان عن وجود أزمة كبيرة بين مصر وإثيوبيا- إخطار الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقى برفض السد الإثيوبى لكارثيته على مصر- التمسك بالحقوق المكتسبة لكميات المياه التى تعودت مصر على استلامها عبر آلاف السنين.

لم يتبق إلا ثلاث سنوات ويكتمل بناء السد وكل يوم تأخير يضر كثيرا بمصر ويقرب إثيوبيا من هدفها بالسيطرة على مصر والحياة فيها.

فشل اجتماع وزيرى الرى المصرى- الإثيوبى

وأود أن أذكر أن إثيوبيا وجهت دعوة لوزير الرى المصرى لكى ترفض مرة أخرى أى مقترحات مصرية للتوافق حول مواصفات السد، وعلى الرغم من إصرار وزارة الرى المصرية على تشكيل لجنة دولية لتقييم مخاطر السد تكون قراراتها ملزمة للجميع وتقدم تقريرها فى ستة أشهر، بينما تصر إثيوبيا على لجنة محلية وتقدم تقريرها بعد سنة ويكون رأيها استشاريا!- والمفروض لا هذا ولا ذاك لكن التباحث مباشرة حول مواصفات السد وسعة وحجم المياه المخزنة خلف السد والإصرار على سدا لا تزيد سعة تخزينه على 14.5 مليار متر مكعب فقط من المياه ويكون مشروطا باتفاقية موقعة بين مصر وإثيوبيا تنص على ألا تقل حصة مصر من المياه عما تستقبله حاليا بحيث ننهى تماما حجة الاتفاقيات الاستعمارية أو الاتفاقيات القديمة.

وكنت أرى ضرورة حضور وزير الرى الإثيوبى إلى مصر هذه المرة طالما أن دعا إلى مفاوضات جديدة لكسر مهانة استدعاء الوزير المصرى بإشارة منهم خاصة أنه لم يحضر أى مسئول إثيوبى إلى مصر منذ أكثر من عامين ومنعوا الأسبوع الماضى وفدهم الشبابى من المشاركة فى منتدى شباب حوض النيل فى القاهرة وقبلها أيضا منعوا وفد الكنيسة الإثيوبية من الحضور إلى مصر! تكفى مهانة أكثر من هذا وينبغى التحرك الدولى والإفريقى للحشد بعدالة الموقف المصرى فالوقت ليس فى صالحنا.

هل من الممكن أن يتم التصعيد المصرى إلى عمل عسكرى؟

لا بد من حشد دولى أولا لعدالة القضية المصرية وليس قبل ذلك حتى لا تحدث إدانة دولية، لأن إثيوبيا اكتسحتنا فى الإعلام الدولى وأظهرت كذبا أن مصر تستولى على مياه النيل وتمنع التنمية فى إثيوبيا ولا بد من التدرج فى الشكاوى الدولية والزيارات المتخصصة لدول العالم ومنع التمويل وبعدها يتم الإعلان عن أن هناك أزمة قد تتحول إلى حرب مياه إذا لم يتم وساطة دولية أو قارية.

فى حال فشل المفاوضات هل سنواجه بوارا للأراضى الزراعية وكم مساحتها؟

2.5 مليون فدان على الأقل

هل هناك بدائل لمياه النيل يمكن الاستغناء بها عما سيمنعه سد النهضة؟

إذا كان السد الإثيوبى سيتكلف 8.5 مليار دولار فسيكلف مصر خسائر ليس أقل من 20 مليار دولار.

هل ترى أننا قصرنا فى حق الدول الإفريقية وهذا نتاج لتركنا القارة ومشاكلها الفترة الماضية؟

نحن نستثمر بنحو 2 مليار دولار فى إثيوبيا ولم تجد ولن يجدى حتى إذا استثمرنا عشرة أضعاف.. إنه مخطط للسيطرة على مصر وإفقارها

ما دور إسرائيل فى هذه المشكلة؟

لها مصلحة فى إضعاف مصر وتقليص مياه النهر لأنها مصدر التنمية فى مصر، بالإضافة إلى أنها تستثمر فى 400 ألف فدان فى إثيوبيا وتنفذ المخطط الأمريكى بإضعاف الجيش المصرى لأنه الجيش الوحيد القوى فى المنطقة وتشارك بدعم فنى من الخبراء وتتولى تسويق إنتاج الكهرباء وتنفذ شبكة الربط الكهربائى بالاشتراك مع الصين.

ما أوجه الرفض الاثيوبى التى أدت الى فشل المفاوضات وهل من الممكن الجلوس مع الاثيوبيين على مائدة مفاوضات مرة أخري؟

لن تجدى معهم المفاوضات.

ما تقييمك للموقف السودانى من الأزمة؟

منحاز ومتخاذل.

ما حقيقة الدور التركى فى إثيوبيا؟

وزير الخارجية التركى زار إثيوبيا الأسبوع الماضى فى زيارة بعنوان "دعم تركيا إثيوبيا فى بناء سدها العظيم" وأعلن أنه جاء ليعرض على إثيوبيا نقل خبرة تركيا فى بناء سد أتاتورك العظيم إليهم ودعمهم ماليا وهذا موقف عدائى معلن ضد مصر.

فى النهاية نود أن نعلم ما تداعيات بناء سد النهضة على مصر فى نقاط محددة ؟

1- رفض إثيوبيا الالتزام كتابة عبر معاهدة جديدة بتحديد حصة ثابتة للمياه لمصر تلتزم بها مستقبلا ولا تمس بالحقوق المكتسبة لمصر وما تستقبله من مياه عبر آلاف السنين فى الماضى وبالتالى فإن حصة مصر من النهر غير محددة وهى فى مهب الريح والتناقص المتتالى مستقبلا.

2- طبقا لاتفاقية عنتيبى الموقعة فى 14 مايو 2010 تصبح سيادة دول المنابع على فواقد النهر والمستنقعات واستقطاب مياه هذه الفواقد والمستنقعات حقا خالصا لدول المنابع بعيدا عن الشراكة المصرية فى هذه الفواقد ولا يحق لنا استقطابها والاستفادة منها بالمشاركة مع هذه الدول إلا بما تسمح به هذه الدول وبشروطها الخاصة.

3- احتمال اختفاء الأسماك من نهر النيل لفترة قد تمتد لخمس سنوات بسبب حجز الطمى وعوالق مياه النهر خلف السد الإثيوبى ونقص التنوع الإحيائى المائى.

4 - تقليل مساحات الزراعات ذات الاحتياجات المائية المرتفعة فى مصر مثل القصب وبالتالى زيادة فجوة السكر (32% حاليا) وتقليل مساحات الأرز وهو محصول الحبوب الوحيد الذى نكتفى من هذا ومعه الموز والخضروات الورقية.

5 - تقليل حصة مصر السنوية من مياه النيل بكمية تتراوح بين 10 – 12 مليار متر مكعب سنويا (ما يكفى لزراعة 2.5 مليون فدان)، وبالتالى نقص المساحة الزراعية بنفس النسبة.

6 – تملح مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية المصرية بسبب نقص كميات المياه المخصصة للزراعة وأيضا نقص كميات المياه المخصصة لغسيل تراكمات الأملاح من الأراضى الزراعية.

7 - نقص كميات مياه النيل المتدفقة إلى البحر المتوسط وبالتالى زحف المياه المالحة للبحر إلى أراضى الدلتا والمياه الجوفية.

8 - إيقاف جميع مشروعات استصلاح الأراضى والتوسع الزراعى فى مصر ونقص كبير فى كميات مياه المصارف الزراعية التى نعيد استخدامها فى الرى مرة أخرى.

9 - تحميل الاقتصاد المصرى بأعباء إضافية لإنشاء محطات تحلية على البحر المتوسط تخصص للاستهلاك المنزلى والصناعى والسياحى فى المدن الساحلية العريش وبورسعيد ودمياط ورشيد والإسكندرية ومطروح والسلوم والسويس وسفاجا والقصير وجميع مدن البحر الأحمر لتوفير مياه النيل للزراعة.

10 - ارتفاع معدلات تصحر الأراضى الزراعية وزيادة تركيز التلوث فى النيل والترع والمصارف بسبب نقص التدفقات المائية.

11 – زيادة الفجوة الغذائية المصرية وارتفاعها إلى 75% من إجمالى احتياجاتنا من الغذاء بدلا من 55% حاليا خاصة مع الزيادة السكانية بالمعدلات الحالية.

12 – زيادة هشاشة الترب الزراعية المصرية أمام تغيرات المناخ وارتفاع درجات حرارة كوكب الأرض بما يؤدى إلى نقص غلة الفدان من أغلب الحاصلات التى تتأثر بزيادة تركيز الأملاح والتلوث وارتفاع درجات الحرارة.

13- ارتفاع نسب البطالة فى مصر بسبب نقص المساحة الزراعية خاصة فى الحاصلات التى يتبعها صناعات عديدة مثل قصب السكر (صناعة العسل الأسود– المولاس– المقشات..) والأرز ومضاربه والصناعات الغذائية.

14 - تراجع معدلات الدخل القومى بسبب نقص الناتج الزراعى وتراجع معدلات التنمية فى الريف وتوقف برامج محاربة الفقر.

15 - الضغط على رصيد الخزانة العامة للدولة من العملات الأجنبية بسبب زيادة وارداتنا من الحاصلات الغذائية التى لا تقبل التأجيل.

16 - تحمل الاقتصاد المصرى لأعباء مالية كبيرة لتطوير شبكات نقل المياه فى مصر من خلال الترع التى سيلزم بعضها التبطين بالأسمنت وتحويل الترع الفرعية وترع التوزيع والمراوى والمساقى إلى مواسير وذلك بغرض تقليل الفاقد المائى وبشكل عاجل لتوفير بعض المياه الإضافية لقطاع الزراعة بما يمثل ضغطا عاجلا على الموازنة العامة المصرية.

17 - تغيير نمط التوزيع السكانى فى مصر بدلا من 55% ريف إلى 45% حضر حاليا إلى عكس النسبة (45% ريف مقابل 55% حضر) لزيادة هجرة أهل الريف للحضر وزيادة البطالة وارتفاع نسبة الجريمة، وحتمية التوسع فى الاستثمارات الصناعية لتعويض نقص الدخل الزراعى.