الدعم النقدى فى عيون خبراء الاقتصاد
يرى الكثير من الخبراء أن الدعم العينى يؤدى إلى استفادة الأغنياء أكثر من المستحقين الحقيقيين وهو ما يعتبره البعض إهدارا لموارد المجتمع ونفقات الموازنة العامة، كما أن المقترحات الخاصة بإعطاء المواطنين دعماً نقدياً بدلاً من الدعم العينى ثم دراستها على عينة من المواطنين قبل 25 يناير وكان هناك رفض لهذا المقترح مبررين ذلك بتراجع قيمة الدعم مع الوقت.
يرى د.إيهاب الدسوقى، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن موضوع الدعم أثار جدلاً منذ سنوات، مؤكداً أن الدعم العينى له مساوئ عدة من أهمها أنه يؤدى إلى استفادة الأغنياء أكثر من استفادة المستحقين الحقيقيين وهو ما يعتبر إهدار لموارد المجتمع ونفقات الموازنة العامة إضافة إلى أن النظام الإدارى للدعم العينى يؤدى إلى مشاكل أخرى وذلك لعدم التخصيص الأمثل لموارد المجتمع وهو ما يؤثر على النمو الاقتصاد للدولة، مشيراً إلى أنه من الأفضل تحويل هذا الدعم إلى دعم نقدى يضاف على الأجور والمرتبات وذلك للعاملين فى الحكومة أما عن غير العاملين بأجهزة الدولة فقد يتم تحديدهم عن طريق البطاقة التموينية ويتم ذلك عن طريق دراسة الحالات عن طريق بطاقة التموين.
وعن التلاعب فى الدعم النقدى يؤكد الدسوقى أنه إذا كان هناك تلاعب فإنه سيكون أ قل من الإنفاق على الدعم العينى بأى حال من الأحوال وعن دعم الطاقة يؤكد أنه لابد من إلغاء هذا الدعم عن المصانع، مشيراً إلى أن هذا الدعم يصل إلى حوالى 150 مليار جنيه الذى سينعش خزانة الدولة إذا تم تحرير الطاقة من الدعم وذلك مع إلزام المصانع بها مش ربح معين حتى لا يتضرر المواطن.
كما ترى د.عالية المهدى، عميد كلية الاقتصاد بجامعة القاهرة السابقة، أن المقترحات الخاصة بإعطاء المواطنين دعماً نقدياً بدلاً من الدعم العينى تم دراستها على عينة من المواطنين وكان ذلك قبل 25 يناير وكان هناك رفض لهذا المقترح من هذه العينة وكانت مبرراتهم فى ذلك أن قيمة الدعم تتراجع مع الوقت، وذلك لأن القيمة الشرائية للنقد تتراجع مع كل فترة فإذا كان الدعم النقدى 500 جنيه للأسرة فإنه بعد خمس سنوات ستكون القيمة الشرائية لهذا المبلغ أقل بكثير ذلك بخلاف تخوف هذه العينة من تلاعب الحكومة معهم لإلاء الدعم نهائياً.
وتؤكد المهدى أن المشكلة الحقيقية فى مسألة الدعم هى معرفة المستحقين الحقيقيين له وأنه ريثما تصل الحكومة للمستحقين الفعليين فلا يهم وقتها أن كان الدعم عينياً أم نقدياً وذلك مع التحفظ على القيمة الشرائية لقيمة الدعم النقدى بعد فترة.
وتشير د.عالية أن قيمة الدعم الحالية قد تصل إلى 200 مليار جنيه وتذهب لكل الشرائح.
وعن دعم الطاقة تؤكد أن نصيب المواطن من هذا الدعم تكاد تكون معدومة فهو محدد بالكهرباء أو بالغاز وهو ليس بالدعم العالى ولكن الأهم من ذلك هو إلغاء الدعم عن المصانع نهائياً كما أبدت عدم تخوفها من زيادة الأسعار بعد رفع هذا الدعم وذلك لأن الأسعار سترتفع آجلاً أم عاجلاً، كما أشارت إلى أن الدولة ليس من حقها إلزام المصانع على البيع بهامش ربح محدد ولكن من حقها أن نفتح فى استيراد المواد التى من الممكن أن يرتفع سعرها بعد رفع هذا الدعم، وذلك حتى تكون هناك منافسة حقيقية تلزم أصحاب المصانع على التقليل من أرباحهم وأنه من الممكن أيضاً للحكومة أن تعقد اتفاقاً ودياً مع أصحاب هذه المصانع لكى يلتزموا بهامش ربح كما أكدت أن مسألة دعم الطاقة للمصانع لا تمثل قيمة كبيرة على أصحاب المصانع بما فى ذلك الصناعات الثقيلة كثيفة الاستخدام للطاقة كصناعة الحديد لأنها لا تمثل التكلفة الغالبة فى الإنتاج فهى تمثل من 7٪ إلى 10٪ من تكاليف الإنتاج فهذه المصانع نحصل على لمليون وحدة حرارية من الغاز بـ4 دولارات تقريباً والسعر العالمى هو من 8 إلى 9 دولارات وهو لن يمثل الفارق الكبير.
وترى د.عالية أن الدعم الذى من الممكن أن يكون نقدياً هو دعم الخبز ويكون عن طريق بطاقة التموين وذلك عن طريق حساب عدد أفراد الأسرة ومعرفة متوسط الاستهلاك.
كما أشارت إلى أن هذا البند وهو بند الدعم من أهم مشاكل الموازنة العامة للدولة ومن الأهم أن يتم إلغاؤه بالكامل لأنه يمثل صداعا فى رأس الدولة، لكنه يحتاج إلى جرأة من رئيس الجمهورية القادم لأن هذه الحكومة لن تستطيع أن تفعل شيئاً وذلك لأنها حكومة متراخية وضعيفة وإذا كان هناك رئيس للبلاد لديه شعبية كبيرة وثقة الناس فيه من الممكن أن يكون هذا القرار سهلاً عليه وذلك لأن الناس ستثق بقراراته.
ويرى د.فرج عبدالفتاح، أ ستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن منظومة الدعم التى تستحوذ على الترتيب الثانى فى جانب الإنفاق العام فى الموازنة العامة للدولة حيث يأتى فى المرتبة الأولى من حيث الوزن النسبى عبء خدمة الديون ثم يليه الدعم ثم الأجور تستدعى إعادة النظر فيها على أن يحكمها مبدأ عام أساسى هو أن يكون الدعم لمن يستحق فقط ولا مجال لتسرب هذا الدعم لمن هم قادرون عن الاستغناء عنه، وأشار ألى أن أقسام الدعم متعددة ولابد من دراستها قسماً قسماً.
فهناك دعم رغيف الخبز وهذا الدعم يجب أن تكون الدولة حذرة أشد الحذر منه حتى لا يحرم مواطن من هذا الدعم و فى ذات الوقت لا يجب أن يتسرب هذا الدعم إلى أصحاب المخابز الذين يصنعون الرغيف الفاخر أو إنتاج الجاتوه وخلافه من السلع الترفيهية، وإذا انتقلت إلى دعم آخر وهو دعم السلع التموينية «ذلك بخلاف دعم رغيف الخبز» فلابد أن تكون لدينا خريطة بيانات واقعية عن من يستحقون هذا الدعم عن النوع الثالث وهو دعم البوتاجاز والغاز والصناعات كثيفة استخدام الطاقة أكد أنه يجب أن تكون هناك دراسة تفصيلية على أن يكون مدخل هذه الدراسات هى مرونة نقل عبء الدعم وهو أنه يجب ألا يتم حرمان منتج من الدعم إذا كان يستطيع نقل عبئه للمستهلكين لأننا فى هذه الحالة يجب أن ننظر إلى جموع الشعب، لأن هناك حوالى 50٪ تحت خط الفقر، أما عن دعم المصدرين فأشار عبدالفتاح بأن هذا الدعم ليس له ما يبرره وبالتالى يجب أن يكون هذا الدعم مؤقتا لفترات محدودة يستطيع من خلالها المصدر أن يجب لنفسه سوقاً لتصدير منتجاته للسوق العالمى وإلا يكون قد قام بتسريب دخل المصريين للخارج.
كما أكد أن المسألة الخاصة بالدعم يجب أن تعالج بدراسات متعمقة وإرادة قوية لتحقيق الهدف الأسمى وهو إيصاله لمستحقيه، وعن المقترحات الخاصة بجعل الدعم نقدياً أكد د.فرج أن هذا الاقتراح يتجاهل عددا ضخما من المواطنين الذين لا يحصلون على أجور أو رواتب وهم من أصحاب المهن الحرة والحرفيين ويحصلون على دخولهم طبقاً لأعمالهم الحرفية وهؤلاء لا تستطيع أن تقول لهم أننا سندعمكم نقدياً لأنهم لا يتقاضون شيئاً من الحكومة وهذه إشكالية ضخمة.
ويضيف أنه إذا أردت دعمهم نقدياً بمبلغ معين مع عدم ثبات القدرة الشرائىة ستحتاج وقتها إلى إعادة النظر والمراجعة كل فترة لهذه القيمة وهذا أمر غير واقعى بالمرة.
ويرى د.عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادى ومستشار وزير القوى العاملة، أن دعم المشتقات البترولية الذى بدأه يوسف بطرس غالى نصفه على الأقل أكذوبة كبحرى واحتيال محاسبى فقد فرضوا ضرائب ضخمة على البترول والشريك الأجنبى وذلك حتى يقربوا الأسعار إلى السعر العالمى ثم أضافوها فى باب النفقات فى ميزانية الدولة على أنه دعم للمشتقات البترولية وهو تحايل محاسبى.
كما أشار إلى أنه لابد من إعادة النظر فى موضوع الدعم، مؤكداً أن رفع دعم الطاقة سيؤدى إلى التهاب الأسعار فى السوق، وذلك لعدم قدرة الدولة على إلزام أ صحاب المصانع بالبيع وفقاً للأسعار العالمية وذلك لأن السوق حر.
بينما يرى عبدالخالق أن من الممكن أن يتم ترك دعم الطاقة بالأسعار العادية فى مقابل ألا يزيد هامش الربح على 30٪ ويكون ذلك باتفاق ودى بينها وبين أصحاب هذه المصانع أو تقوم الدولة بإنشاء مصانع حتى تكون هناك منافسة حقيقية تجعل أصحاب المصانع يراجعون أسعارهم، أما إذا أرادت الدولة إعطاء المواطنين الطاقة بالسعر العالمى فلابد لها أن تعطى هى الأخرى أجوراً عالمية.
وفى جانب التعليم يقول د.حسن القلا، الخبير التعليمى إن ميزانية الدولة فى التعليم حوالى 55 مليار جنيه يتم إنفاقها على الأجور والرواتب للمدرسين وعدد الطلاب على مستوى الجمهورية حوالى 17 مليون طالب أى أن نصيب الطالب يصل إلى حوالى 3200 مؤكداً أن من الأفضل أن يتم دفع هذا المبلغ نقدياً لأولياء الأمور وإلزامهم بإدخال أبنائهم مدارس محترمة بها تعليم قوى أفضل من أن يتم صرفها على الأجور والرواتب وفى النهاية المدارس ليس بها تعليم.