مسابقة (فكرة).. لا عذر أمام المبدعين
12:10 م - الأحد 30 سبتمبر 2018
كعادته.. فاجأنا صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه، بمبادرة جديدة أطلقتها اللجنة التنسيقية برئاسة سموه، وهي مسابقة الابتكار الحكومي «فكرة»، والتي ستمثل مرحلة جديدة في العمل الحكومي وتطويره، وأكاد أجزم أن كثيرين حلموا بأن يقدموا أفكارا مبدعة للتطوير في مجالات العمل، لكنهم لم يحصلوا على الفرصة المناسبة.
ويمكن القول بأن البحرين وصلت إلى مراحل متقدمة من التطور التكنولوجي في العمل الحكومي مقارنة مع كثير من دول العالم، ولم يكن ليحدث ذلك إلا عبر رؤية جلالة الملك المفدى لمستقبل المملكة، وتفعيل ذلك من خلال إيجاد بنية تحتية متينة للاتصالات، واستقطاب المؤسسات العالمية في هذا المجال لتتخذ من البحرين مركزاً إقليمياً لها.
وعندما نخلق مشروعات مبتكرة وفق أطر ومسارات علمية لابد وأن نحصل على نتائج مبهرة سواء على المدى القريب أو البعيد، وهذا ما نأمله في المبادرة الجديدة، ولكن أهم ما نرجوه في هذا المشروع العظيم هو الاستدامة والاستمرارية وأن يكون من ضمن أولويات الترقي في الوظائف الحكومية، بحيث يرى الجميع فيه الفرصة المناسبة للتعبير عن كفاءته، فهناك كثيرين يلقون باللائمة على مسؤوليهم في كافة القطاعات بأنهم عوامل إحباط للابتكار، وكثيراً ما ذكر موظفين شباب أن لديهم أفكارا مبدعة لكنها لم تلقَ رواجاً بسبب عدم تبنيها من المسؤول أو المدير المباشر لهذا الموظف.
لكن في المبادرة المطروحة من سمو ولي العهد حفظه الله ورعاه، لا عذر أمام المبدعين، فبواسطة تلك المسابقة يمكن للجميع تجاوز كافة العوائق الخاصة بالتدرج الوظيفي وعرض الأفكار على المسؤولين أو المديرين، والانطلاق بأفكارهم وإبداعاتهم في فضاء مفتوح يسمح للجميع دون استثناء بالإبداع اللامحدود.
والأكثر إثارة في تلك المبادرة هو أن يقوم الموظف بعرض فكرته ومشروعه – بعد الموافقة عليه – أمام لجنة مشكلة من وزراء الحكومة، وهو ما سيتيح للمتميزين فرصة غير مسبوقة لأن يصل صاحب الفكرة لأرفع مستوى في الجهاز التنفيذي للدولة، ولتبقى الكرة في ملعبهم في حال حظي المشروع بالقبول وفاز بالمسابقة.
ومن الممكن أن تمثل هذه المسابقة فرصة لتفعيل دراسات ماجستير ودكتوراه حصل عليها موظفون كثر بالمؤسسات الحكومية، بل وإنتاج المزيد منها في قطاعات تنفيذية وهو ما سيحقق هدفين رئيسين: الأول تحفيز الموظفين على ترقية درجاتهم العلمية بمزيد من الأبحاث والدراسات، والثاني هو طرح الأفكار وفق منهج علمي يساعد في المراحل المستقبلية لمشروع «فكرة» على التطوير الشامل للعمل الحكومي.
وأرى في هذه المسابقة والمبادرة مشروعا لإنتاج وزراء ومسؤولي المستقبل في المملكة، فلنجعلها فكرة للترقي المنتج، بدلاً من الترقي بالأقدمية او بالمحسوبية والذي أثبت عدم نجاعته في تحفيز المبدعين، اللهم إلا الحصول على ذوي خبرات متراكمة تتلاشى عند سن التقاعد، بينما يختفي بين المكاتب والغرف المغلقة أصحاب الأفكار المبدعة.
لقد نجحت الشركات العملاقة مثل جوجل وميكروسوفت وأبل لأنها وضعت الإبداع أساساً للتقدم والترقي، وأوجدت للمبدعين وأصحاب الأفكار فرصة لتطوير الشركة التي يعملون بها، بل إن شركة مثل جوجل، فتحت الباب أمام كل إنسان على كوكب الأرض في أن يقدم مقترحاته وأفكاره، وأحد أهم أسباب نجاح نظام أندرويد أنه مفتوح أمام الجميع للابتكار دون أي عوائق.
مشروع «فكرة» هو بالفعل ما كنا نحتاج إليه في البحرين وأتمنى أن يتوسع ليستوعب من هم خارج الكادر الوظيفي بالحكومة، والمبدعين القادرين على تطوير الأداء في المملكة وأن تكون «فكرة» بوابة غير محدودة تستوعب أي أفكار متقدمة في البحرين وخارجها.