السوق العربية المشتركة | ومات المعداوي حزناُ علي ولده الضابط المخطوف

السوق العربية المشتركة

السبت 16 أغسطس 2025 - 02:53
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
ومات المعداوي حزناُ علي ولده الضابط المخطوف

ومات المعداوي حزناُ علي ولده الضابط المخطوف

عرفت المرحوم الأستاذ/ المعداوى العشرى والد الرائد شريف (أحد رجال الشرطة المختطفين فى سيناء) منذ الصغر، فهو من قرية الستامونى بمركز بلقاس أكبر قرية بمحافظة الدقهلية وهى قريبة من قريتى، وكان رحمه الله دمث الخلق، هادى الطبع منخفض الصوت، قليل الكلام، أحبه كل من عرفه، وعائلته إحدى أكبر عائلات الـدقهلية.



وفى بداية السبعينيات حينما كنا طلاباً بجامعة القاهرة كان والده رحمه الله يحضر من القرية إلى القاهرة من وقت لآخر لقضاء مصالح له فيها وكان لديه سيارة جديدة فارهة بيضاء اللون، وفى المساء كان المعداوى رحمه الله يحضر لى بسيارة والده وسائقه لنتنزه فى القاهرة ليلاً.

ولم أشرف بلقاء الرائد شريف المعداوى وهو كبير، وكنت اراه وهو صغير يحضر إلى منزلنا فى القرية مع والده لزيارتى من وقت لآخر.

ولم تنكب عائله العشرى باختطاف ابنها الرائد شريف فقط، فأحد الضباط الآخرين المختطفين متزوج من ابنة المستشار الجليل شمس العشرى المحامى وهو عم الرائد شريف.

ولم يكن اختطاف الضباط الثلاثة وأمين الشرطة أمرا مفاجئاً، بل كان متوقعاً بفعل الانهيار الأمنى الذى هز البلاد وكان عنيفاً فى سيناء بسبب ظروفها الأمنية.

ولكى نعرف حجم الانفلات الأمنى وخطورته فى سيناء نعود بالذاكرة إلى الوراء عقب قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير، حينما تم الاعتداء على مقر مباحث أمن الدولة فى رفح حيث هاجمته مجموعة إرهابية مسلحة بأنواع عديدة من الأسلحة ومدربة تدريباً عاليا، وقامت تلك المجموعة بإمطار المقر بوابل كثيف من النيران واحترقت جميع السيارات الموجودة فى محيطه واحترق المقر، واستخدمت تلك المجموعة فى هجومها الغادر والغاشم على المقر قذائف آربى جى وصواريخ صناعة بعض الفصائل الفلسطينية، ودافع رجال الشرطة الأبطال عن مقرهم حتى نفذت ذخيرتهم واستشهد منهم من استشهد وأُصيب من أُصيب، ولم يستطع الضابط قائد المقر ورجاله الخروج من مقرهم الا فى حماية ستة عشر رجلاً من رجال سيناء الشرفاء يحملون أسلحة آلية.

وذهب ضابط أمن الدولة قائد مقر رفح إلى احدى الجهات المسئولة فى العريش طالباً سيارة تنقله إلى القاهرة فاعتذروا له بحجه عدم وجود تعليمات لديهم بذلك. ومرة أخرى يثبت رجال سيناء الشرفاء أصالتهم، ويصطحبون ضابط أمن الدولة بعد أن ألبسوه جلباباً إلى منزل أحدهم ليبيت لديهم ليلة ثم ينقلونه سالماً إلى القاهرة.. هؤلاء هم شرفاء سيناء الذين يزايد البعض على وطنيتهم.

وذهب ضابط أمن الدولة إلى مقر عمله الرئيسى بالقاهرة، وأبعد عنه حفاظاً على حياته، ثم استدعاه وزير الدخلية الأسبق لمعرفة ما حدث فى رفح، فروى له ما حدث بالتفصيل، وقدم له كافة المعلومات التى لديه، كما قدم له قرصا مدمجا مصورا عليه وقائع ما حدث لمقر مباحث أمن الدولة برفح بالتفصيل بما فى ذلك رفع علم إحدى الفصائل الفلسطينية أعلى مقر المبنى.

وضابط أمن الدولة السابق المسئول عن رفح هو أحد أفضل وأشرف وأكفأ رجال الشرطة المصرية، فقد قضى خدمته الطويلة ما بين جنوب وشمال سيناء، وهو خبير بأمورها الأمنية، ويعلم الكثير مما لا يعلمه خبراء أمنيون آخرون عن الإرهاب والإرهابيين فى سيناء، وفضلاً عن هذا يتمتع بعلاقات قوية جيدة مع الكثيرين من أبناء سيناء. ولم يسئ استخدام سلطته يوماً، ولم يظلم إنساناً ولذا تمتع بحب وإحترام كل من تعامل معه أو عرفه، وخدماته الجليلة للأمن القومى المصرى يعلمها كافة المسئولين بالأمن.

ولهذا كلفة وزير الداخلية الأسبق بمتابعة موضوع رجال الشرطة المختطفين فى سيناء، وبدأ الرجل فى أداء مهمته الجديدة لإنقاذ زملائه المختطفين فى سيناء، وبدأ فى الاتصال بأصدقائه من رجال سيناء المخلصين، وكانت أول معلومة يقدمها لوزارة الداخلية أن المختطفين ليسوا ثلاثة ضباط فقط، بل معهم أمين شرطة، واستمر الرجل فى الرصد والمتابعة، وقدم معلومات تفيد بأن رجال الشرطة المختطفين أحياء وبصحة جيدة، وموجودون فى سيناء، وقدم الخاطفون طلبات بالإفراج عن عدد من السجناء والمحبوسين كى يتم الإفراج عن المختطفين. وبسبب انشغال وزير الداخلية الأسبق بالوضع الأمنى الذى كان يزداد تدهوراً آنذاك عهد الى أحد مساعديه بمتابعة موضوع رجال الشرطة المختطفين مع الضابط المكلف بالمتابعة، وللأسف الشديد لم يكن ذلك المساعد على المستوى المطلوب، فلم يتابع كما ينبغى وأهمل جهد الضابط المتابع إلى الحد الذى رفض طلبه باستقبال ومناقشة أحد مصادره لدى حضوره من الخارج الى مطار القاهرة.

ثم كانت مذبحة الشرطة التى أحيل فيها الى التقاعد العديد من رجال الشرطة منهم رجال أكفاء لم تلوث أياديهم بدماء، ولم يخطئوا فى أداء أعمالهم، وخدماتهم للأمن المصرى ظاهرة للعيان، وكان ممن أحيل إلى التقاعد ضابط أمن الدولة السابق،أحد المكلفين من الوزير الأسبق بمتابعة موضوع رجال الشرطة المختطفين، وكانت تلك الإحالة بضغوط من رعاة الأرهاب فى سيناء.

أما الحزانى المكلومون أسر رجال الشرطة المختطفين- ومنهم المعداوى العشرى رحمه الله- فطرقوا كل الأبواب للاطمئنان على أبنائهم والإفراج عنهم، ولم يجدوا سوى الوعود، ومؤخراً كانت فاجعتهم فى لقائهم الأخير مع وزير الداخلية وما قاله لهم، ولذا مات المعداوى العشرى الأسبوع الماضى من صدمة ما سمعه.

إن ضعف السلطة فى مصر هو الذى أوصلنا إلى هذه المأساة التى مضى عليها قرابة العامين، وليتهم يدرسون التاريخ ليدركوا أن قوة الدولة هى التى تحفظ أرواح وحريات أبنائها.

ولدى قناعة شخصية بأن رجال الشرطة المختطفين لايزالون على قيد الحياة حتى الآن، لأن الخاطفين كانت لديهم- وأعتقد لاتزال- مطالب بالإفراج عن محكوم عليهم وسجناء.

رحم الله المعداوى العشرى والد الضابط المختطف الرائد شريف، وألهم أهله وذويه الصبر، ولأهالى رجال الشرطة المختطفين أقول اصبروا ففرج من الله آت لاريب .