القمامة والباعة الجائلون أزمات تتحدى المحليات
تكدست تلال القمامة ومخلفات المبانى فى شوارع القاهرة الرئيسية تحت الكبارى وداخل الانفاق ما ادى إلى اغلاق الشوارع فى بعض المناطق.. والمشكلة انه بمجرد ازالة تلال القمامة والمخلفات تعود مرة اخرى خلال ساعات، ويتساءل المواطن: من اين تأتى كل هذه الانقاض وتلال القمامة؟ ولماذا تفاقمت المشكلة بهذه الصورة بعد ثورة يناير؟
من جانبه يؤكد اللواء محمد ايمن عبدالتواب نائب محافظ القاهرة أن اكبر مشكلة تواجه المحليات بالقاهرة هى الفساد الممنهج.
واضاف أن المشكلة التى نعانى منها فى الفترة الحالية انتشار ظاهرة الباعة الجائلين ومخلفات البناء والقمامة.واشار عبدالتواب إلى أن موظفى الاحياء دائما ما يتعرضون للاذى فى حالة تنفيذهم أى ازالة للمخالفات أوالاشغالات ما يؤدى لاستمرار المخالفات. وقال انه بمجرد استقرار البلاد سيسهل اصدار القوانين والتشريعات. مضيفا: من الضرورى أن تعمل الداخلية بكامل طاقتها لكى تستقر البلاد.
فيما اكد المهندس حافظ السعيد رئيس الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة أن تلال القمامة ومخلفات المبانى وحدها تتراوح بين 13و15 الف طن يوميا فى شوارع القاهرة وتحتاج الهيئة لمعدات تتجاوز 50 مليون جنيه بشكل ملح وفورى وديونها المستحقة لشركات النظافة المتعاقدة مع الهيئة تجاوزت 100 مليون جنيه. ويؤكد حافظ السعيد أن هذه الديون هى السبب الاكبر فى تفاقم مشكلة القمامة بعد احداث ثورة يناير وان عدم دفع المستحقات دفع تلك الشركات للتوقف عن العمل مما انتج عجزا فى عمل المتعهدين.. كما يؤكد أن العمل فى ظل هذه الظروف مستحيل. والسبب الثانى فى تفاقم المشكلة الذى يظهر فى الزيادة الكبيرة لكميات الردش فى الشوارع ترجع إلى الانفلات الامنى وعدم وجود رقابة على المبانى الجديدة وقلة الدوريات الليلية من شرطة المرافق والقبض على من يلقون قمامة ومخلفات المبانى فى الشارع.
ويشير حافظ إلى أن هناك تحسنا ملموسا بعد تعاون شرطة المرافق والقبض على بعض المخالفين ولكن الاهم تغليظ العقوبة على من يلقون القمامة والردش فى الشوارع ولدينا خط ساخن للهيئة 152 للتعاون مع اصحاب مخلفات المبانى فى رفعها بمجرد الابلاغ.
مشكلة اخرى تواجه الهيئة وهى ضعف الموازنة ما اثر سلبا على عمل الهيئة، والمهندس حافظ يضع يده على عامل مهم ايضا وهوالاعلام المقروء والمسموع ويطالبه بالقيام بدوره من خلال تبنى حملة لحث المواطنين على عدم القاء القمامة والمخلفات فى الشارع فالنظافة سلوك وثقافة وواجب الاعلام توعية المواطنين وتحسين السلوكيات، والهيئة من جانبها تقوم بحملات توعية من خلال تنظيم ندوات فى المدارس والجامعات ودور العبادة ولكنها لا تكفى لان منظومة النظافة تحتاج لتكاتف الجميع.
يقول المهندس محمود فوزى رئيس حى العمرانية: اننا نحتاج إلى مزيد من الجهد المبذول من المحليات مع مساهمة الاهالى بجهد فعال عن طريق تغيير وتعديل سلوكياتهم للافضل فى التعامل مع المنشآت العامة والمال العام والنظافة نظرا لان الموضوع مشترك بين المحليات والمواطن.
واوضح أن محافظة الجيزة بالتعاون مع الاحياء وضعت خطة لتطوير 83 شارعا خلال شهر واحد حيث سيتم تطوير 15 شارعا فى حى العمرانية لرفع كفاءتها من جميع النواحى من نظافة وانارة وترميم مطبات ورصف ورفع اشغالات واعمال الدهانات وطمس معالم العبارات المسيئة التى دونها المتظاهرون على الكبارى والحوائط وازالة الاعلانات المخالفة وتجريف الاتربة، معلنا انه قام برفع 70 نقلة اتربة من شارع ترعة الزمر كما تم تحويل مقلب للقمامة على مساحة 300 متر كان سببا فى مشكلات مرورية وتلوث وتحويله إلى موقف للسيارات.
كما تمت زراعة 55شجرة فى شارع ترعة الزمر لزيادة اللون الاخضر وقال إن الحى قام ايضا بتطوير شوارع المحولات فى الطالبية وفريد السباعى بداية من اول فيصل وحتى شارع الهرم وشارع المطبعة، مؤكدا أن هناك مخاطبات بين الحى والمحافظة ووزارة الرى لتغطية ترعة الزمر الا أن الاحداث التى مرت بها البلاد من مظاهرات واعتصامات حالت دون البدء فى تغطية الترعة، مشيرا إلى انه يعانى من مشكلة سيارات النقل المحملة بمخلفات المبانى التى تلقى محتوياتها فى الشارع مستغلين الظروف الامنية الصعبة التى نمر بها حاليا، ويرى اللواء اسامة السرجانى رئيس حى العجوزة أن حوالى 90% من المواطنين بحاجة إلى تغيير سلوكياتهم لانهم غير معتادين على القاء المخلفات فى الاماكن المخصصة لهم مستغلين غياب القانون وحالة الانفلات الامنى التى مازالت مستمرة منذ ثورة يناير.. مؤكدا أن الهيئة العامة للنظافه والتجميل بالجيزة والشركة الدولية تعملان بكفاءة عالية بالتنسيق مع قيادات الحى، موضحا أن إعادة الوجه الحضارى للجيزة يتطلب توفير الامكانيات ومضاعفة أعداد العمالة وزيادة الجهد المبذول لافتقاد معظم الاحياء عامل النظافة الموجود على مدار 24ساعة. واختتم رئيس الحى كلامه قائلا: لابد من تطوير العشوائيات المنتشرة فى الجيزة حيث يتم البدء فى تطوير بعض العشوائيات فى الحى مثل المنيب والجيزة القديمة لتوصيل جميع الخدمات بعد المعاناة الشديدة التى عانى منها الاهالى على مدار سنوات طويلة.
واضاف اللواء اسماعيل عز الدين رئيس شرطة المرافق بالقاهرة: إن مشكلة الباعة الجائلين موجودة فى جميع المحافظات المصرية وليست فى القاهرة والجيزة فقط ولذلك لابد من حل هذه المشكلة على نطاق واسع باقامة اسواق جماعية غير ثابتة شبيهة بالشوادر التى تقام فى الاماكن المخصصة لذلك على أن تقام هذه الاسواق بعيدا عن الطريق العام حتى لا تتسبب فى حدوث اعاقة لحركة المرور، لافتا إلى أن شرطة المرافق والادارة العامة للمرور منظومة واحدة متكاملة حيث يتم التنسيق مع المرور لتنظيم حملات مشتركة حتى تتم ازالة الاشغالات عن طريق شرطة المرافق للحد من الباعة الجائلين ورفع السيارات المخالفة من الشوارع والطرق والتى تقف فى الانتظار الخاطئ.وقال عز الدين إن تفعيل القانون الخاص بتحصيل الغرامات على الباعة المخالفين اصبح ضرورة ملحة مع تشديد العقوبات الخاصة بالحبس حتى لا يعود البائع لارتكاب المخالفة مرات ومرات، موضحا أن شرطة المرافق تقوم بحملات يومية منظمة للحد من المخالفات والمواقف العشوائية لسيارات الميكروباص تؤثر على حركة المرور بسبب السلوك غير المسئول من السائقين.
من جانبهم يرى خبراء الاقتصاد أن ظاهرة الباعة الجائلين وانتشارهم بكثافة بعد الثورة تمثل نتيجة مباشرة لمشكلة البطالة. ويرى دكتور محسن خضيرى الخبير الاقتصادى أن مشكلة الباعة الجائلين تمثل جانبا من مشكلة اكبر هى البطالة التى تعد المورد الرئيسى لباعة الارصفة ولا بد من حل شامل للبطالة فمواجهة الظاهرة لا يمكن أن تتم بشكل حقيقى بدون وضع برامج تشغيل حقيقية لمواجهة البطالة مؤكدا ضرورة تنفيذ مشروعات قومية عملاقة تستوعب اعدادا كبيرة من العماله.ويتفق دكتور خضيرى مع الاصوات التى تؤكد استحالة مواجهة قضية الباعة الجائلين باللجوء إلى الحلول الامنية.
ويؤكد دكتور حمدى عبدالعظيم الخبير الاقتصادى ضرورة عمل حصر جيد للباعة الجائلين لعزل البلطجية والخارجين عن القانون ممن اندسوا مؤخرا بينهم خاصة بعد الثورة وكذلك عزل العاملين فى المهن الاخرى من الذين لجئوا للعمل كباعة جائلين لزيادة دخلهم، ويوضح أن الهدف من هذا الحصر هواعادة تأهيل الراغبين فى حياة شريفة من البلطجية والخارجين عن القانون ومساعدتهم على العمل.
ويقترح دكتور عبدالعظيم لحل مشكلة الباعة الجائلين استغلال الارصفة ذات المساحات المتسعة فى اقامة اسواق مؤقتة يتم تأجيرها للباعة الجائلين بالمتر باسعار رمزية وهوما يدر دخلا للدولة ويساعد على تنظيم عمل الباعة الجائلين مؤكدا ضرورة أن تعمل تلك الاسواق وفقا لساعات محددة خلال اليوم تزداد فى ايام الاجازات ولتكن من الساعه 6صباحا وحتى 3 عصرا اما فى باقى الايام فيكون عمل هذه الاسواق من 6صباحا وحتى 9 صباحا.
ويؤكد وضع ضوابط لتنظيم العمل ومعاقبة المخالفين مع الحفاظ على نظافة هذه الاماكن بعد نهاية المدة المحددة لعمل هذه الاسواق.واكد ايضا أن الحلول الامنية فشلت فشلا ذريعا على مدار السنوات الماضية فى احتواء الظاهرة ويرى أن المواجهة الحقيقية للظاهرة تتطلب دراسة جميع الاوضاع ذات الصلة بالقضية وتناول الظاهرة بمختلف جوانبها وهوما يتطلب سياسات جديدة تعتمد على الحوار ونبذ العنف.
واوضح الدكتور محمود ابوالوفا الخبير الاقتصادى أن عدد الباعة الجائلين تجاوز 5 ملايين وهم يرعاهم قطاع اقتصادى غير رسمى يعمل باكثر من 30 مليون جنيه شهريا وان اكثر من 40% منهم يحملون مؤهلات عليا، مؤكدا ضرورة التواصل بين المجتمع الاقتصادى والباعة الجائلين لادراجهم بالمنظومة الاقتصادية عن طريق الاسواق الصغيرة وكذلك توفير الاماكن البديلة لهم عن طريق مشروع حماية لحقوق الباعة الجائلين يضمن اماكن تجمعهم وكذلك يضمن السيطرة على الفوضى العارمة المتسببين بها كما يحدث فى الدول المتقدمة، وطالب بضرورة دعم رابطة الباعة الجائلين وتنظيم حركتهم بما يضمن عدم اعاقة الحركة المرورية واشغالات الطريق العشوائية.
قامت جريدة «السوق العربية» باستطلاع آراء لبعض الباعة الجائلين فى محافظتى القاهرة والجيزة الذين اكدوا أن حل المشكلة يأتى بالتحاور معهم لا بفرض حلول لا تراعى مصالحهم وطرحوا بعض الحلول منها اقامة اسواق ليلية على أن يتولى كل حى مسئولية تنظيمها أوتتولى البلدية تنظيم باعة كل منطقة داخل منطقتهم وفى مقابل ذلك اكد الباعة استعدادهم لرفع الرسوم والضرائب التى يتم الانفاق عليها نظير تنفيذ مثل هذه الحلول أحمد سمير بائع متجول يأمل فى أن يستفيد الباعة الجائلون من الثورة مثل فئات كثيرة فى المجتمع ويقول اتمنى أن يكون ذلك من خلال حلول حقيقية ترضى الطرفين فأنا وزملائى نحلم بالامان والاستقرار وعلى اتم الاستعداد للتعاون مع الحكومة حال الاستماع لمطالبنا وفتح باب الحوار معنا خاصة أن تلك المشكلة موجودة منذ سنوات طويلة، ويتفق عاطف ربيع 50 عاما ويعمل فى المنطقة منذ ما يزيد عن 20 عاما مع احمد ويؤكد ضرورة محاربة البلطجية ما اندسوا بين صفوف الباعة الجائلين بعد الثورة وأساءوا اليهم.
واكد احمد عبدالرازق حاصل على ليسانس حقوق ويعمل بائع احزمة وكرافتات فى شارع قصر النيل أن الباعة الجائلين طرف اساسى فى المشكلة ولذا فان الحلول الاحادية غير ذى جدوى واكد أن جميع الحلول التى تطرحها الحكومة لا تتناسب معهم. ويرى انه من الممكن حل مشكلة الباعة الجائلين من خلال اتاحة الفرصة امام الشباب لاستصلاح الاراضى الزراعية خاصة أن غالبية الباعة الجائلين من محافظات الصعيد ووجه بحرى وجميعها محافظات تشتهر بالزراعة واكد أن ذلك من الممكن أن يستوعب عددا كبيرا من الباعة الجائلين ممن يفضلون العمل فى الزراعة.
ويقول محمد فايق احد الباعة الجائلين يتخذ من رصيف بالجيزة محلا تجاريا خاصا به بالطريق العام مساحة 5 امتار عارضا بضاعته من الملابس الجاهزة: الحل هودعم الباعة ماديا لايجاد محال تجارية وعرض بضائعهم عن طريق القروض الصغيرة والمتوسطة.