تشريعات اقتصادية مهمة مطلوبة من الرئيس القادم
جاء إقرار الدستور بأغلبية ساحقة تجاوزت نسبة 98٪ ليفتح بابا كبيرا من الأمل دخل المجتمع المصرى ولدى المواطن البسيط الذى طالما حلم بدستور يحقق أحلامه فى حياة كريمة دستور يليق بثورتين قام بهم المصريون فى اقل من 3 سنوات وهو ما جعل هناك مطالبات للرئيس القادم بأن يصدر حزمة من التشريعات الجديدة فى عدد من الأمور التى تمس حياة البسطاء ابرزها الملف الاقتصادى حتى موعد انعقاد البرلمان القادم ليكون الفصل التشريعى الاول يهتم بالقضايا الاقتصادية من خلال عمل منظومة متكاملة من القوانين والتشريعات تتماشى مع الدستور الجديد وهو ما جعل «السوق العربية» تطرح سؤالا على عدد من خبراء الاقتصاد والقانون الدستورى معا عن اهم القوانين التى يجب ان يشرعها الرئيس القادم وتوضع على اجندة المشرع دخل البرلمان القادم حتى تنهض مصر اقتصاديا وتنافس عالميا.
فى البداية يقول الدكتور حمدى عبدالعظيم رئيس اكاديمية السادات السابق والخبير الاقتصادى انه لا بد ان تتفق القوانين الاقتصادية مع الدستور الجديد حتى لا يطعن عليها بعدم الدستورية وهو ما يحتاج من الرئيس القادم لإصدار عدد من القوانين الاقتصادية العاجلة ويكون اصدار قرار بقانون حتى موعد انعقاد البرلمان القادم التى سيكون عليه واصدار حقبة من التشريعات الاقتصادية لتغيير المنظومة بالكامل.
ويؤكد عبدالعظيم أن اول القوانين التى يجب تعديلها هو قانون 8 لسنة 97 وهو قانون خاص بالاستثمار ويحتاج إلى تعديلات تتمثل فى تبسيط الاجراءات وعمل تسهيلات واعفاءات تتماشى مع مطالب البسطاء مع مراعاة كل ما يمس حياة الناس.
على ان يبدأ المشرع فى وضع خطط لمشروعات صغيرة وترتبط هذه المشروعات بحوافز ابرز هذه الحوافز الاعلان عن أن أى مشروع سيقوم بالمساهمة فى حل مشكلة البطالة يحصل على اعفاءات لفترة زمنية يحددها المشرع.
ويواصل الدكتور حمدى عبدالعظيم فيقول ان قانون المجتمعات العمرانية الجديدة يحتاج إلى تعديل شامل فيما يخص الاعفاءات ولا بد ان يراعى القانون الحد الادنى.
بجانب قانون الجمارك ايضا فيما يخص المعدات وكل عناصر الانتاج التى يتم استيرادها من الخارج لابد ان يكون هناك تخفيضات جمركية.
وقال الدكتور عبدالعظيم أن القوانين التى ستشهد تعديلات لابد ان تجبر اصحاب الاعمال بالالتزام بالحد الادنى للاجور فى جميع المشاريع الاستثمارية.
وفيما يخص الاسعار والمنتجات والارباح فلابد من وضع ضوابط تتمثل فى تعديل قانون حماية المستهلك ومنع الاحتكار واعادة النظر فى حزمة القوانين الخاصة بالتجارة الداخلية لمنع التهرب الضريبى والرقابة على الاسواق وتشديد عقوبة المخالفات
وطالب الدكتور حمدى عبدالعظيم بان تراعى القوانين الجديدة المناطق النائية فى الصعيد وسيناء وان يتم عمل انفتاح اقتصادى باقامة مناطق حرة للتجارة والصناعة حتى تكون هذه المناطق جاذبة للسكان.
اما الدكتور مصطفى النشرتى، استاذ الاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، فيقول انه آن الأوان بعد اقرار الدستور الجديد لعمل قانون اقتصادى موحد لعلاج العيوب الموجودة حاليا فى القوانين الاقتصادية على يد خبراء اقتصاد فى مجالات الاقتصاد المختلفة على ان يتضمن قوانين المناطق الخاصة الاقتصادية والتى تشمل منطقة شرق التفريعة والعين السخنة ودمياط وتحديد مناطق جديدة ذات اهمية اقتصادية لمصر مثل منطقة الزعفرانة وراس صدر والقصير وقانون الاستثمار وقانون الشركات المساهمة على ان تكون هئية الاستثمار هى المشرفة على القانون على ان تعود باقى شركات القطاع العام والشركات القابضة إلى الوزارات التابعة لها فالشركات الصناعية تعود إلى اشراف وزارة الصناعة والشركات والمجمعات الاستهلاكية تعود إلى وزارة التموين بعد ان فشلت وزارة الاستثمار فى الادارة خلال السنوات الماضية.
وهو ما يجعلنا نفكر فى وضع خريطة اقتصادية واضحة المعالم وجديدة اسوة بما يحدث فى كل الدول فمثلا فى الصين كل منطقة صناعية او استثمارية تدار طبقا لظروفها الخاصة بها من خلال مجلس ادارة منفصل عن باقى المناطق.
اما ثانى هذه التشريعات فلابد من انشاء الية لفض المنازعات بين المستثمرين والحكومة اوبعضهم البعض فى مصر على ان تضم آلية تحكيم منفصلة من كل دول العالم وتسمى مركز القاهرة للتحكيم الدولى ويكون المركز مستقلا عن الحكومة بشكل كامل.
اما ثالث القوانين فهى فرض ضريبة كربونية على الصناعات الملوثة مثل صناعة الزجاج والاسمنت مثلما هو موجود فى اوربا حتى يتأكد للمستثمر انه يعمل طبقا للقوانين العالمية ويحصل المستثمر على الطاقة بالاسعار العالمية دون اى دعم مادى او اعفاءات جمركية على ان تقام هذه المصانع بعيدا عن المناطق السكانية بمسافة لا تقل عن 50 كيلومترا مع مراعاة المعاير العالمية للبئية.
اما رابع التشريعات الاقتصادية من وجهة نظر النشرتى فهى اعادة النظر فى قانون الضرائب خاصة فيما يخص الضريبة العقارية فيجب ان تعود الضريبة إلى المواطن كل فى محافظته حسب نسبة السكان على شكل بنية اساسية وطرق ولا تدخل هذه الاموال فى سد العجز فى ميزانية الدولة.
وتعمل الدولة على إلغاء ضريبة القيمة المضافة وتحصيل ضريبة المبيعات من الشركات وليس الافراد لتحقيق نوع من العدالة والصادرات والواردات والعمل على خلق نوع من الاسواق التى تعتمد على البعد الاجتماعى والعدالة التى تفتح الباب امام مجالات تنموية جديدة تشجع الاستثمارات الوطنية والعربية والاجنبية وليس اسواق رأس المال المتوحش. وقال النشرتى انه على المشير عبدالفتاح السيسى «بعد ترشحه» ان يجلس مع رجال الاقتصاد ويضع خطة من خلال متخصصين ويقوم بوضع منظومة جديدة تتماشى مع النظم الاقتصادية العالمية.
ويرى الدكتور حاتم قابيل، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة والخبير الاقتصادى ان اول القوانين التى يجب تغييرها هو قانون الضرائب على ان يأتى القانون الجديد مطابقا للدستور الجديد مع تطبيق نظام الضريبة التصاعدية على ان يستفيد الشعب من هذه الاموال ولا تدخل فى عجز الموازنة من قريب او بعيد.
ومن القوانين الأخرى المطلوبة قانون خاص بالمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر حتى يساعد على حل مشكلة البطالة والعمل على دعم المصانع الصغيرة على ان تنشئ الحكومة بنكا للفقراء ويسمى بنك الشعب.
ويؤكد قابيل ان من الامور المهمة فى المرحلة المقبلة والتى ستساعد على خلق مجالات للاستثمار هو اعادة وزارة قطاع الاعمال العام.
بجانب طرح مشروع محور تنمية قناة السويس للاكتتاب العام للمصريين وهو ما يخلق بعدا اجتماعيا مختلفا داخل المجتمع ويجعلنا ندخل عصرا اقتصاديا جديدا يعتمد على رءوس الاموال الوطنية بطريقة مبتكرة.
اما الخبير الاقتصادى، مختار الشريف، فيقول ان المنظومة الاقتصادية فى مصر تحتاج إلى اعادة نظر بشكل كامل خاصة بعد اقرار الدستور الجديد باغلبية كبيرة ولكن لا بد من الاستقرار الامنى وارسال عدد من رسائل الطمأنة إلى المستثمرين فى العالم بأن مناخ الاستثمار فى مصر جيد وان الاضطرابات الحالية اعمال فردية لا تؤثر على المجتمع. وقال الشريف ان تأخر اصدار تشريعات اقتصادية فى الاونة الاخيرة كان وراءه غياب السياحة واغلاق المصانع بسبب اعمال العنف التى قامت بها جماعة الاخوان. واكد ان المرحلة المقبلة سوف تشهد انطلاقة اقتصادية كبرى بعد انتخابات الرئاسة المقبلة.
فى حين يرى الدكتور محمد مغازى، أستاذ القانون الدستورى بجامعة الأزهر، ان المرحلة الحالية تحتاج إلى اصدار عدد كبير من القوانين الاقتصادية من الرئيس حتى تتفق مع الدستور الجديد طبقا لما ورد فى الباب الثانى فى الفصلين الاول والثانى خاصة فى المواد من 27 إلى 46 وهذه التشريعات تنقسم إلى تشريعات عاجلة لا بد من اصدار قرار بقانون فيها من قبل الرئيس حتى تتماشى مع الدستور الجديد وتتمثل فى التشريعات الضريبية تطبيقا للمادة 38 من الدستور فقرة 3 والتى تنص على ان يراعى فى فرض الضرائب ان تكون متعددة المصادر وتكون الضرائب على دخول الافراد تصاعدية متعددة الشرائح وفقا لقدراتهم ويكفل النظام الضريبى تشجيع الانشطة الاقتصادية كثيفة العمالة وتحفز دورها فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية وهو ما يجعل هناك إلحاحا فى تعديل القانون الضريبى الحالى الذى اصيب بشبه عدم دستورية وفقا للدستور الجديد.
ومن التشريعات الاقتصادية العاجلة فهو خاص بالتصرف فى املاك الدولة وفقا للمادة 32 فقرة 3 من الدستور التى تنص على انه لا يجوز التصرف فى املاك الدولة العامة ويكون منح حق استغلال الموارد الطبيعية او المرافق العامة بقانون محدد بمدة لا تتجاوز 30 عاما والفقرة 4 من نفس المادة والتى تنص على ان يكون منح حق استغلال المحاجر والمناجم الصغيرة والملاحات أو منح المرافق العامة لمدة لا تتجاوز 15 عاما بناء على القانون وهو ما يختلف بشكل جذرى عن القوانين السابقة المنظمة لكيفية امتلاك املاك الدولة وهو ما يتطلب تشريعا جديدا وبشكل عاجل من الرئيس الحالى.
ثم التشريعات السكانية تنفيذا للمادة 14 من الدستور والتى تنص على ان تلتزم الدولة بتنفيذ برنامج سكانى يهدف إلى تحقيق توازن بين معدلات النمو السكانى وتعظيم الاستثمار فى البشر وهو ما يجعل اصدار تشريع بهذا المعنى امرا فى غاية الاهمية.
ولا بد من تمثيل العاملين وصغار الفلاحين فى مجلس الادارات على النحو الذى نظمه الدستور فى المادة 42 من الدستور وهذا التشريع هو تنفيذ نص الدستور حيث ألزم الدستور ان تكون نسبة تمثيل مجالس الادارات 80% فى الجمعيات الزراعية والصناعات الحرفية ونسبة 50٪ بالنسبة للعمال فى مجالس ادارات القطاع العام وهو أمر مستحدث فى الدستور الجديد ويحتاج إلى تطبيق.
ومن التشريعات العاجلة فى الاقتصاد فهو اصدار قانون جديد للتأمينات الاجتماعية وفقا لما ورد فى المادة 17 من الدستور التى تجعل اموال التأمينات امولا خاصة وهو ما يحتم على المشرع اصدار تشريعات تنص على ان تتمتع اموال التأمينات بجميع اوجه وأشكال الحماية المقررة للاموال العامة هى وعوائدها للمستفيدين منها على ان تستثمر استثمارا امنا وتديرها هيئة مستقلة وفقا للقانون وهذه التشريعات سوف تحدث توازنا اجتماعيا واقتصاديا فى آن واحد فور صدور القوانين المنظمة لها.
اما عن باقى التشريعات المنصوص عليها فى الباب الثانى فى الفصلين الاول والثانى من الدستور فتحتاج إلى مجلس نواب لتعديلها وسن قوانين بها فهى المادة 27 التى تنص على احداث نظام اقتصادى وتنمية مستدامة والعدالة الاجتماعية.
وكذا المادة 29 من الدستور المتعلقة بالزراعة كمقوم اساسى للاقتصاد الوطنى والتزام الدولة بحماية الرقعة الزراعية والعمل على زيادتها وكذا المادة 30 المتعلقة بحماية الثروة السمكية وحماية ودعم الصيادين، والمادة 43 المتعلقة بحماية قناة السويس وتنميتها، والمادة 44 التى تنص على ان تلتزم الدولة بحماية نهر النيل، والمادة 45 التى تنص على ان تلتزم الدولة بحماية البحار والشواطئ والبحيرات والممرات المائية والمحميات الطبيعية، وهذه المواد مستحدثة فى الدستور وتحتاج إلى تشريعات من خلال برلمان منتخب وحوار مجتمعى يقودها وسائل اعلام لا سيما الصحف المقروءة التى تعتمد على المصداقية والشفافية فى نقل الخبر.