الابتسامة والكرة
02:26 م - الخميس 21 يونيو 2018
بدأنا مع مطلع الأسبوع الماضي نتعلق بكأس العالم 2018 في موسكو ومدن روسية أخرى، فكرة القدم «المدورة» الشعبية الأولى في العالم تأخذ ألباب عشاقها، خصوصًا أننا عربًا نفخر بوجود أربع فرق عربية تمثلنا عربًا وآسيويين وأفارقة؛ منتخب المملكة العربية السعودية، والمملكة المغربية، وجمهورية تونس، وجمهورية مصر العربية، والبطولة لها انعكاساتها الرياضية والشبابية والسياحية والثقافية والاقتصادية، والمالية والسياسية والقانونية، كما نفخر بحضور حكام عرب من بينهم حكمان من مملكة البحرين؛ الحكم الدولي نواف شكر الله والمساعد الدولي ياسر خليل تلفت، وحلم كل رياضي في أي وطن وقطر أن يكون فريقه القومي ممثلاً في كأس العالم؛ لما لذلك من مكانة وطنية وقومية لها انعكاساتها على فعاليات الوطن الواحد، كما يظل تأثيرها باقيًا لفترات طويلة يمكن من خلالها استثمار فعالياتها على مدى سنوات.
والتقارير التي أوردتها بعض الإذاعات ووكالات الأنباء والتحليلات الرياضية والسياحية تؤكد أن الدولة المستضيفة لهذه البطولة وغيرها تعد شعبها بمختلف تخصصاتهم لاستقبال مثل هذه البطولات ولمن يأتي لمشاهدة هذه المباريات والمشاركة فيها، ولعل ما لفت نظري هو التقرير الذي ذكر أن دورات تدريبية نظمت للمتعاملين مع كأس العالم 2018 في روسيا، وهو تدريب الشباب الروسي على الابتسامة، فالابتسامة هي فعلاً مفتاح كل علاقة طيبة بين الناس على مختلف مللهم وطوائفهم ومعتقداتهم وإنتماءاتهم، فالابتسامة تعمل عمل السحر في النفوس، وما أجمل وألطف البلدان التي تتحلى شعوبها بالابتسامة الدائمة، وأزعم أننا ولله الحمد في مملكة البحرين يتمتع شعبنا بالابتسامة الدائمة، بين المواطنين من خلال تعاملهم مع بعضهم البعض، وكذلك مع كل الزائرين الذين يفدون إلينا ويشرفونا بحضورهم، وهذا الشعور قد لا يلفت نظرنا ونعه تحصيل حاصل فلا يثير فينا انتباهًا، غير أن الضيف القادم إلينا يجد ذلك ميزة يتحلى بها شعب مملكة البحرين بمختلف أعمارهم وتخصصاتهم، وإننا لا بد أن نؤكد على أهمية الابتسام في حياتنا ونجنب شعبنا أي شيء يكدر خاطره ويزيل الابتسامة عن محياه، ففطرة الإنسان البحريني مطبوعة على الابتسامة، ويعلل ذلك علماء النفس والاجتماع ذلك يأن أبناء الجزر عادة يكونون أريحيي النفوس، كما أن الحضارة لها تأثيرها على الشعب وسلوكه، وربما نعول على هذه الروح البحرينية ونرجعها إلى السماحة والطيبة والبساطة والقناعة التي يتحلى بها أبناء البحرين في مدنها وقراها، فالحمد لله على نعمائه، «فتبسمك في وجه أخيك صدقة».
تخيلوا معي من وحي مباريات كرة القدم وكأس العالم الحالية لو أن اللاعبين تحلوا بالابتسامة حتى في تصادمهم مع بعضهم بعضًا واحتكاكهم حول كرة القدم، لجنبوا أنفسهم بطاقة الحكم الصفراء، أو الحمراء، ولو أنهم تحلوا بالابتسامة لهدأت نفوسهم ولما لجأوا إلى عنف الملاعب ومحاولة إسقاط الخصم بشتى الطرق والوسائل والحيل، ولما تعرض لاعبنا الكبير المحبوب لاعب العرب ومهاجم فريق ليفربول النجم البطل المصري محمد صلاح لتلك الإصابة البليغة في نهائي دوري الأبطال الأوربي بين فريقه ليفربول وفريق ريال مدريد، ولو أن الإبتسامة زرعت في نفوس اللاعبين والمدربين لأطفأنا نار المنافسة الشريفة والفنيات الرياضية بالتمرير والمراوغة والتعامل مع الكرة بحرفنة ومهارة فائقة، وليس التعامل مع أرجل اللاعبين والصدام المتعمد بأجسادهم.
وصدقوني أنه حتى بالابتسامة يستطيع المهاجم من خلال ضربة الجزاء أن يسدد كرته بكفاءة عالية يجعل حارس المرمى في حيرة من أمره.
ولو أن حارس المرمى تحلى بالابتسامة لضيق على المصوب فسحة الأمل بهدف، ولو أن حكم المباراة الهمام تحلى بالابتسامة في تعامله مع أخطاء اللاعبين لجنب نفسه غضب الجماهير واللاعبين على حد سواء، ولجعل المباراة أكثر امتاعًا وانسيابية وهدوءًا، ولأهدى الجماهير مباراة تأخذ علامة الامتياز بلا منازع. ولو أن رجل الخط تحلى بالابتسامة لهدأ من روع اللاعبين وجعل الخط وما بعد الخط حيث يجلس أو يقف المدربون واللاعبون الاحتياط في هدوء ودعة، ولو أن الجماهير تمتعت بالابتسامة الطبيعية وليست الابتسامة المصطنعة التي نشاهدها عندما تتجه كاميرا النقل التلفزيوني إلى وجوه المتفرجين فيرى أحدهم صورته على الشاشة فيبتسم أو يضحك لمتعنا نظرنا بتشجيع جماهيري فائق الروعة يتسم بالأناشيد والشيلات والأغاني والأهازيج وترنيمات كروية وملابس مزركشة وقبعات زاهية ووجوه صبوحة، فالجماهير كما يقول الرياضيون هي رقم 12 من بين اللاعبين.
فالابتسامة يا سادة وسيدات أعزائي القراء مفتاح كل نفس مغلقة وكل خاطر مكسور، وضيق صدر، وكل فريق مهزوم؛ لأنها تزرع الأمل في نفسه لمباراة قادمة يقدم فيها أبدع ما عنده وتشحذ فيه الهمة، كما أن الفائز تكون له حافزًا لتحقيق انتصارات أكثر وبلوغ قمة التربع على المجموعة لينافس فيها الآخرين عن جدارة.
هل نستطيع أن نعلم الناس الابتسام؟! هل نستطيع أن نعيش من غير الابتسام؟ كل شيء قابل للتعليم، وكل إنسان في داخله الرغبة في الابتسام، علينا فقط أن نهييء الظروف والمناسبات ونجعل من اليأس أملاً ومن القسوة راحة نفسية؛ لأننا قطعًا لا نستطيع أن نعيش من غير الابتسام؛ لأن حياتنا لن تطاق وعيشتنا لن تكون إلا جحيمًا لا طاقة لنا بها.. ابتسم.. ابتسم وهي عيديتي مني إليك عزيزي القارئ.
وعلى الخير والمحبة نلتقي