الشركة المصرية لإعادة التأمين.. حلم مع إيقاف التنفيذ
الآن وفى تلك الظروف التى تضع مصر على هاوية الخطر ومع التزايد الفعلى للأخطار كيف تغيرت نظرة شركات الإعادة وهل تدخل الجيش للسيطرة على الوضع الأمنى أعطى تلك الفرصة لطمأنه الشركات العالمية لإعادة التأمين؟ وكيف يرى كوادر التأمين فكرة إنشاء شركة مصرية لإعادة التأمين التى اتفق عليها اتحاد التأمين وهيئة الرقابة المالية؟ وماذا يرون من شروط لتأسيسها وإدارتها وإن كانت فكرة جيدة فى هذا التوقيت بالتحديد وإن كانت شركات التأمين من القطاع الخاص أو الحكومة!
من جانبه أكد شريف الغمراوى رئيس لجنة إعادة التأمين بالاتحاد المصرى لشركات التأمين «تشدد معيدى التأمين فى العالم تجاه السوق المصرى يعتمد فى الأساس على نتائج الشركة إذا ما كانت حققت ربحية أو لا، ووفقا للظروف السياسية التى تمر بها مصر والاضطرابات والأحداث العنيفة التى تقع يوما بعد اليوم يدخل ذلك فى الاستثناءات من اتفاقيات، ويعاد تأمينها اختياريا او من خلال مؤسسات عالمية مختلفة مثل سوق لندن».
ورغم ما يحدث فإن سوق التأمين فى مصر هو النشاط الوحيد الذى حقق نموا خلال الفترة الماضية وبالتحديد منذ ثورة 25 يناير وذلك لدخول وثائق جديدة كالعنف السياسى التى تتمتع بأقساط عالية، هذا بالإضافة إلى الشعور العام بالخطر الذى جعل الكثيرين يقبلون على شركات التأمين لتأمين ممتلكاتهم ومصانعهم وغيرها من السرقة والسطو والحريق، وهو ما يخلص إلى أن التشدد الذى تمارسه شركات إعادة التأمين ما هو إلا نتيجة لممارسة الشركات المصرية فإذا ما كانت تنتهج سياسة تسعيرية جيدة وحققت ربحية جيدة لن يكون هناك مغالاه أو اشتراطات والعكس صحيح.
ويسترجع الغمراوى ما حدث فى 2011 من أحداث كارثية فى اليابان وأمريكا ومرور الدول العربية بفترة الربيع العربى وما نتج عن كل ذلك من خسائر لشركات إعادة التأمين وأن تلك كانت بداية وضع تلك الشركات الكثير من الاشتراطات والتعقيدات والمغالاة أحيانا عند تجديد العقود.
ورغم شكوى الكثير من الشركات من تشدد شركات الإعادة فى الاشتراطات إلا أنه يرى أن مغالاة المعيد الرائد «هانوفر رى» كان التسبب فى تحسن أداء السوق المصرى، حيث بدأت معظم شركات التأمين فى تغيير تسعير الخطر لديها، كما تمت إعادة دراسة الأسعار وزيادتها ورفع نسب التحمل وهو ما نتج عنه رفع معدلات النمو، أى أن التركيز أصبح ينصب على التخلص من المنافسة الضارة ودراسة الخطر وتسعيره بشكل سليم مع عدم التركيز على الأقساط فقط، وهو ما يصحح نظرة الشركات العالمية لأن إعادة تقييمهم تعتمد على جودة الخدمة وليس السعر.
وبسؤاله عن إمكانية تأسيس شركة مصرية لإعادة التأمين خاصة أن هيئة الرقابة المالية بالاتفاق مع الاتحاد المصرى للتأمين أكدا عزمهما اتخاذ خطوات جادة فى الأمر قال الغمراوى إنه من الجيد التفكير فى شركة إعادة تأمين أهلية واسترجاع الثروة الكبيرة الضائعة بعد إلغاء الشركة المصرية منذ 2008 «دون سبب وبكل حسرة والتى كانت من أهم مصادر الدخل للبلد»، ولأن أى سوق فى العالم يحتاج لإعادة تأمين وقد تبعتنا الدول العربية فى ذلك فأنشئت السعودية «سعودى رى» والكويت «الفجر رى» وكذلك «عمان رى» وغيرهم إلا أنه وفى 2008 بدلا من الاحتفال بمرور 50 عاما على إنشاء «المصرية رى»كان القرار بإلغائها والقضاء عليها تماما.
ولكن رغم تلك الحاجة للشركة إلا أن هناك عدة شروط أو عناصر يجب توافرها لتأسيس شركة إعادة مصرية لن تنجح بدونها أولها أن يتوافر لها رأس مال ضخم تستطيع من خلاله مواجهة الشركات العملاقة العاملة بالإعادة وأن يكون لها تقييم عالمى وحتى يتوافر هذا الأمر يجب أن يكون ضمن المؤسسين شركات كبيرة أو بنوك يكون لها تقييم عالمى كبير، وإلا ستظل الشركة لعشر سنوات دون تقدم خطوة للأمام خاصة مع افتقار السوق للخبرات البشرية.
وحول تلك الكفاءات قال إن الشروط التى وضعتها الهيئة العامة للرقابة المالية لقيد معيدى التأمين موجهة للشركات العالمية وليس للأفراد من المعيدين، كما أكدت الهيئة عدم اعتماد أى معيدين إلا فى حالة وجود تقييم عالمى أو ألا يقل رأس المال المدفوع عن 50 مليون دولار مع تقديم ملف الشركة وميزانيتها، وقد ناقش مجلس الإدارة شروط قيد معيدى التأمين للعام 2014 وقائمة معيدى التأمين المعتمدة للعام الجديد، كما تمت إضافة عدد من مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية إلى القائمة المعتمدة من الهيئة بعد أن كانت تقتصر على مؤسسين فقط، ومن ثم يسمح لشركات التأمين الخاضعة لإشراف الهيئة بالتعامل مع شركات إعادة التأمين الحاصلة على تصنيف إئتمانى مقبول من أى من تلك المؤسسات.
من جانبه قال جمال حمزة الرئيس السابق للشركة المصرية لإعادة التأمين « المصرية رى» الملغاة، أن مصر بالطبع فى حاجة لشركة إعادة تستطيع أن تستقبل نسبة عالية من الأخطار الصغيرة وتتعامل مع المحافظ بشكل جيد، موضحا أن السوق المصرى مخاطره صغيرة بالمقارنة بدول كأمريكا واليابان ذات المخاطر الكارثية.
وعن الشركة الملغاة قال «كانت تملك قدرا كبيرا من الخبرات ورأس المال وكانت تمتلك محفظة جيدة وواعدة ولكن لم يكن أحد يريد أن يفهم لم تم إلغاؤها والآن الشركات الموجودة لإعادة التأمين إما صغيرة للغاية أو أنها تصور نفسها بأنها كبيرة لكنها فى الحقيقة لا يمكنها تغطية خطر كبير بحق وتعتمد فقط على الأقساط».
أضاف أن إنشاء شركة جديدة فى حاجة إلى إمكانات كبيرة وتكاليف عالية فهى بطبيعة دورها تتحمل الجانب الأخطر والأكبر من التغطية التأمينية وبوجود محفظة كبيرة واحتياطات جيدة تستطيع أن تبدو أقوى وتستمر بمقياس عصرى.
لفت جمال حمزة كذلك إلى أن شركات التأمين تكتفى حاليا بتعاقداتها مع الشركات العالمية مثل هانوفر رى وغيرها، كما أن الشركة تتطلب رأس مال مدفوع لا يقل عن 100 مليون دولار وهو ما يستلزم مشاركة القطاع الخاص من الشركات ذات المحفظة والملاءة المالية الجيدة لأن الشركات الصغيرة لن تكون أكثر من 1% من كل شركة من رأس المال المطلوب، كما يجب أن تجد مشروع تدر منه ربح كبير وتكون احتياطات وهو أمر صعب، بجانب فتح فرع فى دولة عربية كبيرة فى سوق التأمين كالإمارات.
أشار كذلك إلى الصعوبات التى يتم مواجهتها فى إيجاد كفاءات بشرية من معيدى التأمين، فضلا عن عائق آخر وهو الحصول على تصنيف جيد وإدارة واعية «وهى لا يجب ان تكون بالضرورة مصرية، باختصار الفكرة ممكنة ولكنها صعب تحقيقها وتحتاج لفهم صحيح وخطة مستهدفة لإثبات وجود الشركة والحصول على تقييم والأهم من ذلك هو عدم محاولة الدولة الانخراط فى هذا التأسيس».