ثعالب المؤسسات وبكتيريا جامعة «كوين»
اكتشف علماء من جامعة «كوين» في بحث نشر في مجلة العلوم القانونية نوعًا جديدًا من أنواع البكتيريا قادرة على السباحة ضد التيار حيث تستخدم بلورات نانوية حساسة للمجالات المغناطيسية، تمكنها من السباحة بكفاءة وقدرة عالية باتجاه الأماكن التي تحتوي على غذاء في البيئات المائية، وعلى عكس معظم أنواع البكتيريا الأخرى، فهذا النوع من البكتيريا قادر على مقاومة كل التيارات المائية مهما كان قوة تدفقها، وحتى الآن لم يتمكن العلماء من معرفة الأسلوب الذي تستخدمه هذه البكتيريا على وجه الدقة لمقاومة التيار، لكن المؤكد أن لديها «إمكانيات فائقة» تجعلها تسبح ضد التيارات، ويقوم العلماء بدراسة تلك البكتيريا تمهيدا لاستغلالها لحمل أدوية ضد إتجاه سريان الدم وإيصالها لعلاج الأورام وغيرها من الأمراض المستعصية.
خبر علمي يبشر بفتح آمال لعلاج تلك الأمراض عن طريق السباحة ضد التيار، لكن ماذا عن الأمراض الإجتماعية والسياسية التي نعاني منها وتحتاج لعلاج يسبح ضد التيار، فقد ذكرني هذا الخبر بأيام الطفولة حيث كنا نسمع ويطلب منا ان الاحتراس من فلان لانه «ثعلب» في تصرفاته لكثرة مراوغته وتحايله وكذبه وقدرته للوصول لمآربه «غير الشريفة» أي بطرق ملتوية، حتى اصبح اليوم معظم مجتمعاتنا مليئة بتلك الاصناف الماكرة، وهم كالتيار الجارف المتحكم في مصائر البشر، ويستطيعون خلق موجات ودوامات مائية تبتلع كل من يحاول كشفهم او الوقوف امامهم.
فهذا الإنسان (الثعلب) وما أن يصل «عن طريق المراوغة والمكر والحيلة» إلى المنصب الملازم لصناع القرار، إن لم يكن قد وصل هو لهذا المنصب، نجده يبدأ في بناء جحره الذي سيتصيد به رزقه من سمعة الناس وخاصة العاملين معه، حتى يصبح الشر الذي يحاول الجميع اتقاءه بالبعد عنه أو إقامة تحالفات معه.
ويمتاز الثعلب بالقدرة على استشعار الرؤساء في المؤسسات وطريقة التعامل معهم، فيبدأ في نسج أساطير عن نفسه وقدراته الخارقة التي يصدقها هؤلاء، ثم يوحي لهم بأنه الأجدر بثقتهم، وذلك باستعمال أسلوب الجواسيس المخلصين للرؤساء وذلك بنقل كافة المعلومات لهم بطرق أسرع من أي ثعلب آخر في المؤسسة.
وما أن يصل الثعلب إلى هدفه، يبدأ في امتصاص دماء زملائه بطرق مختلفة، بصفته الأقرب لصاحب القرار، والأقدر على تغيير مصائر كافة العاملين، بغض النظر عن معايير الكفاءة والتميز، فالكفاءة بالنسبة له، هو قدرة الموظفين على نقل أدق التفاصيل عن بعضهم البعض، والتميز في قانونه هو احترافية الموظف في خلق لوبيات تابعة له في المؤسسة، وهنا تتشكل الموجات والتيارات الجارفة المعاكسة ولكنها الضارة بعكس البكتيريا المفيدة.
ربما نحن أحوج لدراسة هذا النوع من البكتيريا القادرة على السباحة ضد التيارات الجارفة، وخلق بللورات حساسة مثلها تقينا شر «ثعالب» المجتمعات والمؤسسات وتياراتهم التي تقتلع كل شريف لا يقبل الدخول في اللعبة القذرة.
لكن وقبل دراسة هذه البكتيريا، يجب أولا بناء معامل ومراكز بحثية وبيئة تستزرع هذا النوع، وللأسف ليست لدينا هذه البيئة ولا المعامل المعقمة لتفريخ أجنة، فمعاملنا ملوثة وبيئتنا لا تصلح حتى الآن لتكون مكانا صالحا لهذا الخلق البكتيري.
الأمر يحتاج إلى مهارات خاصة جدا، فإما أن يمتلكها «الكائن البكتيري» ويطورها، وأما يسير مع التيار ويريح دماغه، وفي كافة الأحوال، لا تحارب لو لم تمتلك السلاح الذي تستطيع بواسطته الدفاع عن نفسك.