انفراد «السوق العربية» تطرح التفاصيل الجديدة عن مشروع التأمين الصحى الشامل
سوزان جعفر
محمد عبد الغني
طرحت الحكومة المصرية مشروع قانون «التأمين الصحى الجديد» كهدية للشعب المصرى، حيث يهدف القانون الجديد إلى توحيد نظم التأمين الصحى المتعددة القائمة حاليًا لتكون تحت مظلة واحدة، وتخضع لمعايير واضحة للرقابة على الجودة، والتوسّع فى هذه المظلة لتُغطى كافة المصريين بشكل تدريجى على مدى حوالى 13 عامًا، ويكون الاشتراك فيها إجباريًا، مع مراعاة مبدأ التكافل، بمعنى أن الفئات الأعلى دخلًا تسدد اشتراكات أعلى، فيما يوجه تمويلها لعلاج الفئات الأقل دخلًا.
ولكن هناك بعض التخوفات من أن يفرض هذا القانون اشتراكات تأمينية تثقل كاهل الأسرة المصرية لا سيما بعد زيادة أسعار الأدوية خلال يناير ومايو 2016، بعد تحرير سعر الصرف وتأثير هذا القرار على زيادة سعر الأدوية المستوردة، فضلا على التخوف من خصخصة المستشفيات التابعة للحكومة.
«قانون التأمين الصحى الجديد» هدية الحكومة للشعب بإجمالى تكلفة 140 مليار جنيه
ويختلف هذا القانون عن القديم الذى صدر عام 1975، فالقديم يبلغ تكلفته على الدولة حوالى 6 مليارات جنيه سنويا ويخدم 85% من الشعب المصرى ويتم تمويله من خلال تحصيل 1% من دخل المواطن بحد أقصى 4000 جنيه من راتبه و3% من صاحب العمل، بينما القانون الجديد يستهدف الوصول إلى 52 مليون مواطن بإجمالى تكلفة 140 مليار جنيه سنويا، ويتم تمويله من خلال 1% من اجمالى الدخل وبدون حد أقصى وبذلك يتم الحصول على تمويل أكبر، وسيحل هذا القانون بديلا عن القانون القديم، ويشترط القانون للانتفاع بخدمات التأمين الصحى الاجتماعى أن يكون المنتفع مشتركا فى النظام، ومسددا للاشتراكات، وفى حالة عدم الاشتراك أو التخلف عن السداد يربط انتفاعه بخدمات التأمين الصحى الاجتماعى الشامل بسداد الاشتراكات المتأخرة دفعة واحدة أو بالتقسيط فيما عدا حالات الطوارئ.
النواب:
فى هذا السياق قال النائب محمد أبوفراج بدائرة حى ثان المنتزه: إن القانون سيعتبر نقلة نوعية بالنسبة لصحة المواطن المصرى ويرتقى بالمنظومة الصحية فى مصر، حيث من المتوقع أن يحقق المشروع خدمة صحية عالية المستوى، وأضاف أن الحكومة ستبدأ فى تطبيق القانون فى محافظة بورسعيد أولا كمرحلة أولى فى محاولة للتعرف على سلبيات وإيجابيات المشروع ومحاولة تفاديها عند تطبيقه على كافة المحافظات، وأشار إلى أن الهدف أيضا هو إيجاد أفضل آليات وسبل لتطبيق المشروع وتقييمه وتداركه، وأضاف أن القانون يسمح للعلاج بالمجان للفقراء، فى حين سيدفع باقى المواطنين مبلغا رمزيا ثابتا يتحدد نتيجة لراتبه، وأشار أن المشروع يعزز قيم التكافل بين المواطنين ويعلى من قيم التعاون بمعنى أن الفئات الأعلى دخلًا تسدد اشتراكات أعلى، فيما يوجه تمويلها لعلاج الفئات الأقل دخلًا بما يسهم فى الوصول إلى أفضل شكل للتكامل المجتمعى بين كافة المواطنين على اختلاف مستوياتهم، وأضاف أن المجلس يحتاج حوالى لقرابة شهرين لمناقشة القانون لكى يخرج إلى النور.
فى حين قال النائب محمد الكورانى بدائرة مينا البصل: أهم ما يميز المشروع أن الغنى سيكفل الفقير، وتتحمل الدولة اشتراكات غير القادرين فى التأمين الصحى الشامل وهم يمثلون 23.7 مليون فرد، ويشمل أيضا الكشف على كافة الأمراض، وأضاف الكورانى أن هذا المشروع يقدم الخدمات الصحية جليلة للمواطن المصرى، كما أن مظلته تغطى جميع المواطنين، ويؤمن لكل المصريين علاجهم فى كل المستشفيات حتى يمكن السفر للعلاج فى الخارج، ولا يلزم غير القادرين بدفع شىء على الإطلاق، وأضاف أنه فى حالة إقرار ذلك القانون فانه سيعد إنجازا غير مسبوق للدولة المصرية حيث سيكون هناك سابقة فريدة من نوعها وهى أن كافة المواطنين متساوون تماما فى الحقوق العلاجية، لأن القانون سيشمل الأسرة المصرية ولا يخص موظفا أو عاملا فقط مؤمن عليه كما هو الحال فى القانون الحالى المطبق منذ عام 1975.
كما رصدت جريدة السوق العربية التخوفات التى تنتاب العديد من مدراء المستشفيات الحكومية والخاصة والاطباء منها على سبيل المثال الخوف من خصخصة المستشفيات التى ستخرج من التعاقد حيث لن تحصل على أى تمويل ومن المتوقع أن يتم غلقها وما مصير آلاف العاملين فى هذه المستشفيات من أطباء وإداريين وأطقم معاونة، فمن المتوقع أن الغلبة ستكون للمستشفيات القطاع الخاص فيما بعد، فضلا على دور الدولة فى هذا المشروع يقتصر على غير القادرين على المستحقين فقط لمعاش الضمان الاجتماعى، وهم جزء ضيق من المواطنين تحت خط الفقر.
مدراء المستشفيات:
علق الدكتور طارق خليفة مدير المستشفى الميرى بالإسكندرية بخصوص هذه التخوفات قائلا: إن مستشفيات القطاع الحكومى والخاص عليهما تطوير نفسهما حتى تتمكن من الانضمام لمنظومة التأمين الصحى الجديدة، لتناسب هذه المنظومة كما أقرها القانون، لاسيما أن تطوير المستشفيات سيكون إلزاميا بعد إصدار قانون التأمين، وقال أنه لابد من وضع معايير واضحة للمستشفيات التى سيتم إدراجها داخل المنظومة حتى تقدم خدمة راقية ومميزة لكافة المواطنين، موضحا أن هناك 13 سنة حتى يتم تعميم القانون على كل محافظات مصر وهى فترة كافية للمستشفيات لتطور من أدائها، وأكد أن الإدارة الذكية والكفء فى أى مستشفى سواء حكومى أو خاص هى القادرة على إحداث ذلك التطوير من خلال مواكبة آخر التطورات العالمية بخصوص الخدمات الطبية وهو ما يسمى فى علم الإدارة «الرغبة والمقدرة» لتحقيق المعجزة، وأشار أن أهم ما يميز هذا المشروع أن تمويله يبعد تماما عن مقدم الخدمة ومتلقيها حتى لا يكون هناك تعارض وازدواجية، ففى السابق كانت وزارة الصحة هى المظلة الكبرى التى تقدم الخدمة وتمولها وتراقب عليها، لكنه فى القانون الجديد، تتبع هيئة إدارة وتمويل التأمين الصحى لرئاسة الوزراء، وهيئة الاعتماد والجودة والرقابة لرئيس الجمهورية، وتتبع هيئة الرعاية الصحية التى تقدم الخدمة لوزارة الصحة.
فى حين قال الدكتور أحمد مصطفى مدير المستشفى الطلبة الجامعى بالإسكندرية: إن القانون يعتبر طفرة فى الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين خاصة أنه يشمل كافة الأمراض، وأضاف أن المستشفيات الجامعية ستدخل ضمن القانون وأن هناك لجنة سيتم تشكيلها لتقييم المستشفيات وفق معايير محددة، وستقوم تلك اللجنة بإعطاء درجة لكل مستشفى على حدة وعلى حسب تلك الدرجة سيتم معاملة المستشفى ماليا، وعليه فإن المستشفيات التى ستكون دون المستوى ستخرج خارج المنظومة حيث لن يتردد عليها المرضى وبالتالى لن تحصل أموالا، وأضاف أن المواطن سيحصل على نفس الخدمة الطبية فى كل المستشفيات المدرجة داخل القانون، مشيرا إلى أن هذا القانون سيلزم المواطن بدفع اشتراك وسيحصل فى المقابل على «كارنيه» خاص به يختار أى مستشفى للعلاج به سواء حكوميا أو خاصا والرقم القومى للمريض يكفى لتقديم الخدمة العلاجية فورا، وستقوم المستشفيات فيما بعد بتجميع كل الحالات وتسليمها لهيئة التأمين لاستلام الأموال وفقا للدرجة الخاصة بالمستشفى، وأشار إلى أن المستشفيات الخاصة لابد أن تدخل فى المشروع الجديد حتى تكون هناك منافسة للارتقاء بصحة المواطن المصرى.
آراء المواطنين:
قال محمود سعيد إن القانون يعتبر خبرا سارا بالنسبة لنا خاصة أن التأمين الصحى القديم ترهل تماما وأصبحت المستشفيات فى حالة يرثى لها كما أنه لا يشمل كافة المواطنين على عكس القانون الجديد الذى سيكفل كافة المواطنين على حد سواء ولكننا نخشى أن يكون الاشتراك فيه مرتفعا فيزيد من أعباء المواطن المصرى.
بينما قالت منة الله محمود أن هذا المشروع يشبه تماما النظام الصحى المتبع فى بريطانيا والدول الأوروبية المتقدمة حيث يتم فيه وضع خطط مستقبلية لكل من المرضى والأمراض وطرق العلاج، وإنشاء ملف إلكترونى شامل وتفصيلى طبى ومالى لكل مواطن، وهذا سيعد طفرة فى حياة المواطن المصرى الصحية، وأهم ما يميز القانون الجديد أيضا انه يشمل تطوير المستشفيات لاستقبال ملايين المواطنين بشكل آدمى ومحترم.
فيما أكدت نهال محمود أنها تأمل أن يطبق القانون بشكل صحيح كما نسمع فى وسائل الإعلام ولا يصطدم بالروتين الحكومى، من أجل الحصول على خدمة صحية جيدة للمريض دون الانتظار فى طوابير من أجل الحصول على العلاج، مضيفة أنه لا بد من وجود نظام رقابى لضمان التنفيذ والاستمرارية بحيث نبتعد عن عيوب النظام التأمينى الحالي.