«السوق العربية» تخترق مافيا السلاح وأراضى الدولة فى أسوان.. ودروب صحراوية تتحول إلى وسيلة للتهريب
اخترقت «السوق العربية» أحدث مواقع تهريب السلاح والمخدرات والاستيلاء على أراضى الدولة فى محافظة أسوان، إنها وادى خريط التابعة لمركز نصر النوبة، التى انضمت إلى قرى الانفلات الأمنى فى أسوان «خور عواضة والضما وعزبة حجازى ووادى النقرة»، إلا أن وادى خريط تختلف عن غيرها بأنها أسهل مواقع التهريب بتلك المحافظة.
وتشتهر كل من مركز نصر النوبة وكوم امبو بأنهما الأكثر عشوائية ضمن مراكز المحافظة، ولبعدهما عن مدينة أسوان السياحية فقد قلت الحملات والسيطرة الأمنية عليها ما جعلها موطنًا لتجار المخدرات.
وتمركزت تجارة المخدرات فى تلك المناطق، فهى الأشهر بوجود بائعى المواد المخدرة والسلاح، وقد وقع العديد منهم فى قبضة الامن طوال الأشهر الماضية، إلا أن الأمر لا يزال معقدا.
وبالعودة إلى جولتنا، التى كانت فى قلب «وادى خريط» التى تبدأ بعد 20 كيلومترا عن مركز نصر النوبة بمحافظة أسوان، حيث اضطررنا بناء على طلب المصادر المساعدة لنا فى المكان التخفى بالزى الأسوانى وعدم التحرك إلا بحدود وترتيب مسبق خلال فترة التحقيق الصحفى.
مركز مغتربين
وادى خريط حسب شهادات أهاليها يعتبر مركز مغتربين حيث إنها مكونة من العرب والنوبة والنقبة والسوهاجية، وبعض المواطنين من محافظات أخرى، حيث يحكمها القانون العرفى بالإضافة إلى القوة وتغيب عنهم سلطة الدولة، حيث الاستيلاء على مئات الأفدنة من أراضى الدولة عن طريق وضع اليد، فضلا على الحصول على الكهرباء بسرقة كابلات تصل إلى 400 متر، فضلا على انتشار عمليات تهريب السلاح وتجارة المخدرات.
وعلى مدار السنوات أصبحت وادى خريط منطقة خطرة للعديد من الأشخاص، خاصة مع انتشار الأسلحة بيد معظم قاطنيها.
«السوق العربية» توغلت وسط «وادى خريط» احدى القرى الخارجة عن القانون فى محافظة أسوان.
دروب تهريب السلاح
واصطحبت «السوق العربية» خبيرا جبليا وأحد الأهالى اللذين تعرضوا لعمليات بلطجة من قبل تجار السلاح، والذى كشف لنا عن «مدق» يمتد من أراضى وضع يد والتى تصل وادى خريت بـ«وادى شعت» حيث الطريق إلى السودان، ومن هنا تبدأ عملية تهريب السلاح والمخدرات والجمال لتدخل أسوان.
وقال عوض فى أثناء رحلته مع «السوق العربية» عمليات تهريب السلاح تمارس من قبل مجموعة من المسجلين خطر ويسمون «النقبة» وهم تم نقلهم بواسطة المجلس المحلى لمركز نصر النوبة إلى وادى خريت، بعد إثارتهم للمشاكل فى منطقة «فطيرة» وطرد الأهالى لهم.
ويضيف عوض، أن هؤلاء البلطجية استولوا على عشرات الأفدنة التابعة لأملاك الدولة، تحت تهديد الأهالى بالأسلحة التى يمتلكونها بدء من مسدس إلى قنابل.
المجلس المحلى يسكن المجرمين
وكانت المفاجأة الكبرى، هى الكشف عن تورط المجلس المجلى لمركز «نصر النوبة» فى حماية مجرمى وادى خريط بتوفير مساكن وعشرات الأفدنة لهم دون ترخيص أو تقنين، فضلا عن سرقة كابلات كهرباء لتوصيل الكهرباء إلى منازلهم المكونة من 13 منزلا داخل أراضى الدولة.
والتقطت عدسة «السوق العربية» لقطات من أراض الدولة وكابلات الكهرباء الممتدة إلى 500 متر دون رقابة من وزارة الكهرباء والتى تكلف الدولة بذلك عشرات الآلاف شهريا. ويقول أحد أهالى وادى وخريط والخبير الجبلى يدعى عوض لـ«السوق العربية» بدأت الأزمة منذ عام 2015، حيث تم تسكينهم بعد إثارتهم للمشاكل فى منطقة فطيرة، وحصلوا على أراضٍ ملك للدولة بالإضافة إلى الكهرباء.
وأضاف، منذ قدومهم «وادى خريط» وهم يثيرون الأزمات ويتاجرون فى المخدرات ويتم مساندتهم من قبل رجال شرطة فى نقطة شرطة ودى خريط، مشيرا إلى أن التحركات الأمنية معدومة حيث يخدم لهم أمناء شرطة.
شرطة تحمى المجرمين
وكشف عوض، أن الأهالى قدموا عدة شكاوى إلى قسم مركز «نصر النوبة» ضد هذه العائلة والتى يتستر عليها أمين شرطة محمد حسين على عمر شقيق أحد المتورطين فى أعمال البلطجة، وأمين شرطة عصام سيد على محمد، التابعين لنقطة شرطة «وادى خريط». وأشار إلى أن هناك تشكيلا عصابيا مكونا من محمد شاذلى على محمد، وفارس شاذلى على محمد وعوض على محمد ومحفوظ حسين على عمر، ويوسف حسين على، وعادل على محمد، يقومون بعمليات ترويع لبعض الأهالى ويمنعوهم من زراعة محاصيلهم.
صلح مع الداخلية
وأضاف عوض، أن البلاغات لم يتم النظر إليها، وهم متهمون فى سرقة مواتير مياه ودراجات بخارية، كما أطلقوا نيران على أحد أفراد الداخلية وتم عقد جلسة صلح مع هؤلاء المجرمين.
زراعة مخدرات
وقال أن هناك أراضى وسط منازل المجرمين يتم زراعتها أفيون ثم بيعها ضمن عمليات بيع المخدرات لوادى خريط والقرى المجاورة لنا.
تضاريس وعرة
ويقول الخبير الجبلى وأحد سكان وادى خريط، إن هناك بعض الدروب الشهيرة، التى يتخذها تجار السلاح والمهربون سبيلاً لتهريب بضاعتهم، ومنها «وادى شعت»، و«وادى العلاقى»، و«منطقة السيالة» التى من خلالها يصلون إلى وادى العلاقى الذى يعتبره المهربون أحد أهم الطرق السرية الرئيسية لتهريب السلاح أو البشر أو حتى المخدرات والخارجين عن القانون.
وأشار إلى أن تلك الأودية تقع على مسافة 180 كيلومتراً جنوب شرق أسوان من ناحية بحيرة ناصر، ويمتد نحو 275 كيلومتراً باتجاه جنوب شرق وشمال غرب بمتوسط عرض كيلومتر، وهى منطقة بها العديد من الدروب والأودية الصحراوية، التى تمتد لمئات الكيلومترات.
وأوضح أن ذلك الوادى عبارة عن نهر جاف كبير كان ينبع من تلال البحر الأحمر، وبعد بناء السد العالى وامتلاء بحيرة ناصر بالمياه فى عام 1967، دخلت إليه المياه وأصبح جزءاً من البحيرة، ثم انحسرت المياه عن جزء كبير من الوادى نتيجة انخفاض منسوب المياه بالبحيرة فى السنوات الأخيرة، وهذا الوادى معروف لدى رجال الأمن خاصة قوات حرس الحدود.
مستنقع لتجارة السلاح والبشر
وبالرغم من تكرار الحملات الأمنية والقبض على أغلب التجار فى تلك المناطق حاليًا إلا أنها لا تزال مستنقعًا لتجارة وحيازة السلاح والمخدرات، حيث اشتهر بعض قاطنى وأهل تلك المنطقة بممارسة البلطجة وبيع المواد المخدرة، وخلال الفترة الأخيرة شنت قوات الأمن حملات بها وتم ضبط أكبر تجار المخدرات بالمنطقة لكنها مازالت تضم عددا من البلطجية والخارجين عن القانون.
وكانت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالتعاون مع قوة من مركز شرطة نصر النوبة، تمكنت فى إبريل 2017، من ضبط مسجل خطر ويمنيين بحيازتهم كميات كبيرة من الأقراص المخدرة بمنطقة خريط.
نزاعات على أراضى الدولة
ومن حين لآخر تشهد منطقة وادى خريط وقرى مركز كوم امبو ونصر النوبة، نزاعات كبيرة بالأسلحة على أراضى فى الأساس هى ملك للدولة، والقليل منهم من بدأ إجراءات التقنين.
الثأر
وتعد مدينة كوم امبو ونصر النوبة من أكبر بؤرة لعملية الثأر، ولا يمر عام إلا ويسقط ضحايا من بين أبنائها نتيجة لثأر بين اثنين من عائلاتها.
وتعد أشهر الخصومات الثأرية بها، تلك التى بين قبيلتى العبسيين والسمطا والتى راح ضحيتها 13 شخصًا بعد اشتباكات نارية بينهم خلافًا على قطعة أرض، كما ذاع صيت عائلتى آل مغيربى وآل رسلان بقرية سلمون بالعتمور قبلى، حيث استمرت عملية الكر والفر والقتل بينهما لمدة عامين ونصف العام.
أما بأسوان فقد كانت حادثة بنى هلال والدابودية حادثة جديدة على المجتمع الاسوانى ككل، إلا أنها انتهت سريعا ولم تتحول لثأر بين أبناء القبيلتين، خاصة انهم تكاتفوا معا بعد إتمام الصلح، لمحاولة التعاون فى إخراج أبناء القبيلتين المحبوسين على ذمة القضية.
إحصائيات
الإحصائيات الأخيرة فى محافظة أسوان، كانت فى عام 2016 أكدت مقتل ما يزيد على 50 شخصا بأسلحة نارية، فى خصومات ثأرية أو فى مشاجرات بين عائلات وقبائل بعضها البعض، خلال الآونة الأخيرة.
ومع وجود السلاح وانتشار تجارته ازداد عدد حائزيه عن سنوات ما قبل ثورة يناير، ما دعا مديرية أمن أسوان إلى تنفيذ حملات أمنية مكبرة على بؤر بيع السلاح وحائزيه من المواطنين، ونجحوا فى ضبط مئات القطع من الأسلحة النارية خلال عام واحد، كما نجحوا فى ضبط العديد من الأسلحة النارية والمطلوبين أمنياً والمحكوم عليهم فى قضايا أخرى، فضلاً على جهود «حرس الحدود»، فى ضبط المهربين بالدروب الجبلية، ناحية وادى العلاقى والحدود مع السودان، لكن لا تزال تلك المواقع ملاذا للمجرمين.