وجهــة نظـــر
من المنطقي والطبيعي فرض رسوم تأخير على الاشتراكات والرسوم العمالية والوافدين، فلا تسريب على الجهة المعنية في اصدار تحصيل الرسوم في هذا الشأن، فهو حق قانوني لها وعلى الجميع الالتزام بالقانون والعمل وفق نصوصه دون تذمر او شكواى.
وعلى نهج الغرامات بدلا من الرسوم، يجب أن تتجه الدولة لاستحداث مواردها المالية، فمضاعفة الرسوم بأرقام فلكية لا يتناسب مع حجم اقتصاد البحرين ولا رؤيتها في جذب الاستثمارات، لكن تطبيق غرامات على المخالفين والمتأخرين، هو أمر محمود ولن يجد معارضة كبيرة مثلما يحدث في الرسوم.
ولعل أكثر القطاعات الاقتصادية التي يمكن للدولة تحصيل موارد ضخمة منها، هي الفنادق المنتشرة بشتى درجاتها، لكن قرارات صدرت منذ زمن غير بعيد، بتطبيق عقوبة غلق الفنادق المخالفة لفترات تتراوح ما بين 3 إلى 6 أشهر، ودون فرض غرامات، وما يحدث في تلك الحالة هو إغلاق لقطاع استثماري لمدة تتسبب في بطالة للعاملين فيه، وتجميد أية رسوم يمكن الحصول عليها خلال فترة الغلق «كهرباء وماء وبلدية ورسوم فندقية»، وبالتالي يحدث ضغط على سوق العمل بسبب العاطلين في تلك الفنادق، وانكماش في السوق بسبب الأثر السلبي على العامل وأسرته أو من يعول براتبه الذي توقف خلال تلك الفترة وسنجد هؤلاء يقفون أمام بوابة وزارة العمل.
ولقد كان للإمارات العربية المتحدة الشقيقة تجربة متميزة في هذا الشأن، بتطبيق غرامات كبيرة على الفنادق المخالفة للضوابط والشروط واللوائح، وبإمكان من يدفع الغرامة المالية لخزينة الدولة أن يعود لمزاولة عمله مرة أخرى، بعد تعهده بعدم العودة لمخالفة الظوابط والشروط واللوائح، وبهذه التجربة استطاعت الإمارات أن تنمي موارد الدولة وتطبق القانون بأسلوب مفيد للدولة.
ومن ضمن الغرامات الموجودة لدينا ولكنها غير مفعلة، غرامة إلقاء المخلفات في الطريق العام، والتي يمكن أن تسهم في مضاعفة موارد الدولة وتساعد في جعل البحرين نظيفة، لكنها لم تطبق في مقابل فرض رسوم غير واقعية على كثير من القطاعات.
ولعل في جزيرة سنغافورة التي تناهز مساحة البحرين مثالا على تطبيق القانون بصرامة في مسألة النظافة، فمن يزور تلك الدولة التي تناطح اقتصاد كبار الدول، يجد كل شيء فيها يوحي بالرقي والتقدم والنظام، وتعتبر شوارعها الأنظف في العالم، لأنها تفرض غرامة 300 دولار على إلقاء القمامة، وتصل غرامة تدخين سيجارة واحدة في الشارع إلى حوالي 720 دولارا.
وليست لدي إحصائيات حول حصيلة الخزانة العامة من الغرامات الخاصة بالمخالفات المرورية، لكن أكاد أجزم أن موارد الدولة تضاعفت بكثير بعد تطبيق القانون الجديد الذي أثار جدلا واسعا مع بداية فرضه، إلا أنه وبحسب تصريحات المسؤولين في وزارة الداخلية، أسهم في خفض معدلات الحوادث المرورية، وفي هذا الأمر استفادت الدولة من زيادة مواردها وخفض معدلات الحوادث المرورية.
حقيقة أن عمليات فرض الرسوم أخذت منحى متصاعدا في البحرين في الآونة الأخيرة، وكان لها أثر سلبي على المواطن والقطاعات الاقتصادية في الدولة وحدوث انكماش في بعض المشروعات، على العكس مما يتم إعلانه وتداوله يوميا بأننا في أحسن حال والاقتصاد ينتعش والدنيا بخير والحمد لله.