السوق العربية المشتركة | غوتيريس ومقولة «القارة الأوروبية بحاجة إلى مهاجرين»

السوق العربية المشتركة

السبت 23 نوفمبر 2024 - 23:22
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب
غوتيريس ومقولة «القارة الأوروبية بحاجة إلى مهاجرين»

غوتيريس ومقولة «القارة الأوروبية بحاجة إلى مهاجرين»

الأمر الجليّ لأي متابع لتاريخ منظمة الأمم المتحدة، هو هلامية مواقفها في القضايا العربيةوالشرق أوسطية، والتجاهل التام للعديد من القضايا الإنسانية وتنحية القانون الدولي جانبًافي أمور تهم القوى العظمى، بينما يعود كعصا في وجه الدول الأخرى، ولن يسعنا في هذاالمقام الولوج إلى هذا التاريخ الباهت على مستوى القانون الدولي، المتخاذل على الصعيدالإنساني، المتناغم مع مصالح الدول صاحبة حق الفيتو.



فقد باتت الأمم المتحدة تمثل ناديًا يلتقي فيه الأعضاء المشتركون ليتحدث كل منهم عنمشاكله ومصالحه، ثم يقرر صاحب النادي في النهاية، من الأجدر بالرعاية الرسمية، وعادة ماتكون الدولة الصهيونية، في مواجهة فلسطين والعرب.

سئمنا كثيرًا من هذه الترهات التي نسمعها وتتكرر سنة بعد أخرى وأصابنا الضجر من إعادةإنتاج المسرحية كل عام مع توزيع للأدوار ودخول ممثلين جدد بدلاً من المستهلكين سياسيًاوإعلاميًا، ولم يكن الأمين العام المستجد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إلا البطل الجديدلتلك المسرحية، فيأتي ليمثل دور المعرب عن قلقه خلفًا لبان كي مون الذي رأى فيه الشخصالمناسب لمهمة التعبير عن القلق بعد رحيله.

ولمن لا يعرف أنطونيو غوتيريس، فهو سياسي برتغالي تقلد منصب رئيس الوزراء فيالتسعينات وحين أخفق كسياسي في بلده، لجأ للعمل الدولي، حيث تولى منصب المفوضالسامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بتوصية من الأمين العام السابق للأمم المتحدة بانكي مون، وكرَّس غوتيرس مفهوم العمل الإنساني بوجهة نظر مصالح أوروبا، فرغم عملهكمفوض سامٍ لشؤون اللاجئين، إلا أنه كان يدافع عن المهاجرين لأوروبا ليس من موقفإنساني بل من منظور مصالح الدول الأوروبية، حين قال «إن القارة الأوروبية بحاجة إلىمهاجرين»، وكشف تصريحه للعالم نواياه ليس كممثل للإنسانية الضعيفة، بل الباحث عنمصالح الأوروبيين في إيجاد عمالة رخيصة او مجانية، ولذلك استحق المنصب الأممي الأعلىعن جدارة.

والذي يؤكد أن غوتيرس لا علاقة له بمفوضية شؤون اللاجئين، هو تعامل الأمم المتحدة معالوضع في اليمن، والذي يمكن وصفه بالمتخبط وغير المعبر عن القرار الأممي 2216 المعتمدعلى المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني لحل الأزمة، فالموظفون الأمميون لا يتحركونفي اليمن إلا وفق تعليمات أمنية مشددة، وبالتالي يكون الاعتماد بشكل شبه كلي في البحثعن المعلومة او إيصال المساعدات على مؤسسات المجتمع المدني المشبوهة او القطاعالخاص الذي يسعى لتوقيع عقود مع الأمم المتحدة لإيصال المساعدات، وغالبا ما تكونشركات النقل التابعة لتجار موالين لقوى الانقلاب، وهو ما يسهم بشكل أو بآخر في دعماقتصاد قوى الانقلاب في مواجهة السلطة الشرعية.

ومن المستهجن أيضا في موقف الأمم المتحدة وأمينها هو السكوت عن الوضع الانسانيالمأساوي في تعز وكما حدث في مضايا بسوريا، وتجاهل ذكر الأسباب الحقيقية لعدم وصولالمساعدات، وهو انتشار نقاط التفتيش التابعة للمليشيات خارج ضواحي تعز، فقد سبق أنسمحت قوات التحالف لشاحنات عديدة للوصول إلى تعز، إلا أنها لم تدخل للمناطق المحاصرةووزعت على الأرياف المحاذية وهي مناطق موالية للانقلابيين.

الأمور تتفاقم في اليمن بسبب تخاذل الأمم المتحدة وكما حدث في سوريا، حيث وقفتالمنظمة الأممية كمتفرج على نزوح ملايين من البشر من مناطقهم، والمأساة مازالت تواصلطحن من تبقى من السوريين، والآن جاء الدور على اليمن لتدفع ثمن صمت مفوض شؤوناللاجئين، ومن حصار مضايا وقتل شعبها، إلى حصار تعز، تبقى الأمم المتحدة إدارة تنفيذيةلمصالح أصحاب القوى العظمى، ولا نعلم أي مدينة عربية ستحاصر بعدهما.