السوق العربية المشتركة | جدل حول طرح وزير التعليم إلغاء الكتاب المدرسى وتحويله لرقمى

السوق العربية المشتركة

الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 23:30
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

جدل حول طرح وزير التعليم إلغاء الكتاب المدرسى وتحويله لرقمى

أثار تصريح الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم بشأن الاتجاه لإلغاء الكتب المدرسية وتحويلها إلى الكتب الرقمية خلال عامين جدلا واسعا بين الخبراء التربويين ونواب لجنة التعليم والبحث العلمى بالبرلمان، حيث اكد خبراء تربويون ان تصريح وزير التربية والتعليم بشأن تطبيق الكتاب الرقمى خلال عامين ان الهدف فى حد ذاته جيد ولكن من الصعب تنفيذها على أرض الواقع لأن الوزير ينظر إلى الأهداف دون ان ينظر إلى الأساليب التى تحقق الأهداف، مؤكدين ان تطبيقها يتطلب بنية تحتية تكنولوجية جيدة تتمثل فى توفير «اى باد» لكل طالب وتزويد المدارس بشبكات انترنت سريعة.



كما اكدوا ان الغاء الكتاب المدرسى قرار «غير مدروس»، إلا ان خبراء لجنة التعليم بالبرلمان كان لهم رأى اخر حيث رحبوا بالاعلان عن الغاء الكتاب المدرسى والتحول إلى الكتب الرقمية خلال عامين مؤكدين انها فكرة جيدة لانها تواكب التكنولوجيا وتطورات العصر التى تعتمد عليها الدول المتقدمة فى نظم التعليم، ولكن لابد من وضع تصور بشأن آلية تنفيذ هذا القرار خلال عامين.

وفى البداية اكد الدكتور حسن شحاتة الخبير التربوى، ان تصريح وزير التعليم بشأن تطبيق الكتاب الرقمى خلال عامين، الهدف من تطبيقها فى حد ذاته جيد ولكن من الصعب تنفيذها على ارض الواقع لأن الوزير ينظر إلى الاهداف دون النظر إلى الوسائل والاساليب التى تحقق الاهداف، مؤكدا ان القرار تطبيقه يتطلب تأسيس بنية تحتية تكنولوجية جيده تتمثل فى توفير أجهزة كمبيوتر وجهاز «اى باد» لكل طالب وتزويد المدراس بشبكات انترنت سريعة.

واضاف شحاته لـ«السوق العربية» ان بعض المدارس فى مصر تحتاج إلى معامل ومكتبات وأنشطة إلى جانب تقليل الكثافة العددية للطلاب فى الفصول واعداد معلم جديد يستطيع ان يتفاعل مع التقنية الرقمية، مضيفا ان هذه الافكار النظرية والخيالية البعيدة عن الواقع ستنعكس بالسلب اذا طبقت على التعليم فى مصر لانها ستخلق سوق كتب مدرسية اخرى تتمثل فى طباعة المادة التعليمية على الإنترنت إلى صورة ورقية ثم تباع للطلاب.

وتساءل الخبير التربوى: ماذا عن المدارس فى القرى والنجوع والمناطق العشوائية المحرومة من نقص الإمكانيات والمدرسين غير المدربين على التعامل مع الإنترنت، لافتا إلى ان هذا القرار لم يطبق فى الجامعات فكيف يتم تطبيقه فى المدارس، كما ان هذا النظام لم يطبق فى أى دولة فى العالم.

وأشار شحاتة إلى ان الكتاب المدرسى أحد مصادر المعرفة وليست كلها، مشيرا إلى انه يمكن الاستعانة بالكتاب المدرسى بجوار التابلت وبجواره المناهج الدراسية على مواقع الإنترنت ليتواصل من خلالها الطلاب والمعلمون، لافتا إلى أهمية مساندة الكتاب المدرسى بجانب الكتاب الرقمى للطلاب.

وأكد دكتور كمال مغيث الخبير التربوى والباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية ان الفكرة من الناحية التطبيقية مرحب بها لأسباب متعددة ان الكتب الإلكترونية ارخص، بالإضافة إلى ان تكلفتها بسيطة، وان وضعها على المواقع الإلكترونية سيكون مجانا وباسعار مخفضة.

واعتبر الخبير التربوى مقترح وزير التربية والتعليم بشأن إلغاء الكتاب الورقى «قرار غير مدروس»، متسائلا: هل الطلاب فى المرحلة الابتدائية لديهم مهارات متقدمة تسمح باستخدام الانترنت فى تنزيل المناهج وقراءتها، وهل المدرسون مدربون لذلك، مؤكدا حسب اعتراف وزراء التعليم ان الطلاب فى المرحلة الابتدائية لا يجيدون القراءة والكتابة ويتم عمل برامج علاج قرائية لهم.

واشار مغيث إلى ان التعليم والكتاب المدرسى يعمل وفق منظومة العدالة وتكافؤ الفرص، متسائلا هل الكتب الإلكترونية سوف تتاح لكل الطلاب خاصة ان 50% من الشعب المصرى تحت خط الفقر، هل المدارس مهيأة لشبكات الانترنت، هل هيتم عمل صيانة دورية على أجهزة الكمبيوتر فى المدارس ومنظومة قانونية ولائحية تسمح باصلاح أى عطل فى أجهزة الكمبيوتر خلال وقت قصير.

واوضح مغيث لـ«السوق العربية» ان كل هذه المشكلات لابد ان تؤخذ فى الاعتبار قبل تطبيق اى تغيير فى المنظومة التعليمية، كما انه لا يمكن باى حال من الاحوال الاستغناء عن الكتاب الورقى هذا «كلام غير منطقى»، كما انه لا يوجد دولة فى العالم طبقته، لافتا إلى أنه قبل ان نفكر فى تطبيقها يجب ان نفكر فى منظومة العدالة وتكافؤ الفرص.

اكد الدكتور سامى نصار عميد معهد الدراسات التربوية السابق، ان الاتجاه إلى تطبيق الكتاب الرقمى خطوة جيدة ولكن نجاحها يتطلب شروطا وهى ان يتم توفير الكتب الرقمية للطلاب فى المدارس من أجهزة وأدوات ووضع شبكات انترنت قوية بحيث يستطيع الطالب الدخول عبر الانترنت فى أى وقت، وأيضا يجب ان يتم التفاعل مع الطالب عند دخوله مواقع الوزارة لحل التمارين وتصحيحها خاصة فى السنوات الاولى من الدراسة والا لن يكون لها فائدة، كما انها تكون مستخدمة داخل الفصل ومرتبطة بالاختبارات والتقويم فى نهاية العام.

واضاف نصار إلى ان الكتاب الرقمى ليس بديلا عن الكتاب المدرسى، كما انه يعتبر الوثيقة الأساسية التى نعتمد عليها والتى تسد أى فجوة أو مشكلة تحدث فى حالة ان الطالب لن يستطيع الدخول على الكتاب الرقمى.

واضاف نصار إلى ان، تطبيقها يواجه صعوبات لتنفيذها ابرزها عدم وجود مدرسين مدربين على استخدام الانترنت، كما انه لا يوجد أجهزة وشبكات انترنت كافية تستوعب هذه الطلاب فى المدارس، كما ان الغالبية العظمى من الطلاب طبقات فقيرة ولا يمتلكون جهاز «تابلت» للدخول إلى مواقع الوزارة ومتابعتها، لافتا إلى انه لا يوجد دولة فى العالم قامت باستبدال الكتاب المدرسى بالكتاب الرقمى.

وقال الدكتور عبدالحفيظ طايل، مدير المركز المصرى للحق فى التعليم، ان الكتاب المدرسى واحد من شروط التعليم للطلاب خاصة ابناء الفقراء، لأن مش كل الطلاب يقدروا يحصلوا على «تابلت»، كما ان هناك عشر آلاف قرية لا يوجد بها مدارس ثانوى سواء فنى أو عام.

واضاف طايل ان تصريح وزير التربية والتعليم بشأن الاتجاه إلى تطبيق الكتب الرقمية خلال عامين يخاطب به فئة واحدة من المجتمع وهى فئة الأغنياء أو المدارس الدولية أو الخاصة لكنه لم يخاطب ملايين الطلاب الموجودين فى المدارس الحكومية وفى القرى ولا الطلاب الموجودة فى المحافظات الفقيرة.

واضاف ان تكلفة طباعة الكتاب الالكترونى من اموال من خلال طريقتين اما ان الوزارة تنزل الكتب على المواقع بتاعتها أو ان الطلبة تحملها من موقع الوزارة وهذه تكلفة كبيرة جدا على المجتمع، او ان الوزارة تحملها على اسطوانات وتوزعها على الطلاب، او ان الوزارة تعمل مشروع «تابلت» للطلاب وهذا يكلف الدوله 40 مليار جنيه، متسائلا هل وزارة التربية والتعليم تستطيع تحمل هذه التكاليف، فى حين ان الكتاب المدرسى تكلفته على الوزارة 2 مليار جنيه ومع ذلك الوزارة تعانى من ارتفاع طباعة هذه الكتب كل عام.

واشار طايل إلى انه يجب على الوزارة ان تضع حلولا حقيقية للمشكلات التى تواجه التعليم فى مصر، مشيرا إلى اننا محتاجين إلى بناء 25 الف مدرسة، وتعيين مئات الالاف من المعلمين، ومناهج متطورة وعصرية وتشجيع الطالب على الابتكار، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا بوصفها أداة للحصول على المعرفة، كما اننا محتاجين ميزانية ضخمة للنهوض بالتعليم فى مصر.

ومن جانبها اكدت النائبة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب، ان فكرة إلغاء الكتب المدرسية وتحويلها إلى الكتب الرقمية فكرة جيدة لانها تواكب التكنولوجيا وتطورات العصر التى تعتمد عليها الدول المتقدمة فى نظم التعليم، لكن لا بد من وضع تصور بشأن آليه تنفيذ هذا القرار خلال عامين، مؤكدة ان العالم كله يعتمد بشكل اساسى على استخدام التكنولوجيا الحديثة فى التعليم.

واضافت نصر لـ«السوق العربية» ان الاعتماد على الكتب الإلكترونية يحتاج إلى مناهج جديدة، مضيفة إلى ان تطبيقها يستغرق وقتا طويلا لاعدادها لتكون جاهزة فى كافة المدارس خاصة فى ظل ارتفاع الكثافة العددية للطلاب فى بعض الفصول والتى يصل عددها إلى 60 طالبا، لافتة إلى أهمية تدريب المعلمين والتلاميذ على استخدام أجهزة الكمبيوتر فى التعلم.

واكد النائب عادل عامر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب، ان الغاء الكتاب المدرسى يتطلب عدة امور حتى تحقق الهدف المرجو من الغائها، والاعتماد بشكل اساسى على الكتب الرقمية من خلال توفير أجهزة إلكترونية للطلاب والتلاميذ خاصة فى المحافظات والقرى الصغيرة.

واضاف عامر لـ«السوق العربية» ان التحول من الكتب المدرسية إلى الرقمية يحتاج إلى بنية تحتية تكنولوجية من خلال دراسات فنية ومالية، بالإضافة إلى أهمية البدء فى استهداف تدريب المعلمين والطلاب على التحول التكنولوجى فى الدراسة والتعلم.

وطالب عامر ان يتم إجراء حوار مجتمعى يشارك فيه عدد من الخبراء والمعلمين التربويين واولياء الامور حول كيفية تطبيق هذا النظام على الطلاب فى خلال عامين.

الجدير بالذكر أن الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم صرح خلال كلمته بالجمعية العمومية غير العادية لنقابة المعلمين، ان الوزارة اقدمت على إلغاء الكتب المدرسية وتحويلها إلى مناهج وكتب رقمية وإلكترونية خلال عام أو عامين مفيش كتب دراسية كله هيتحول الى رقمى خلال عامين.

وأوضح الوزير أن تحويل هذه الكتب إلى كتب رقمية، سوف يوفر لخزينة الدولة أكثر من 2 مليار جنيه، تكلفة طباعة الكتب الدراسية فى كل عام.ّ