السوق العربية المشتركة | رفع سن التقاعد ومراحل ظهوره كفكرة

السوق العربية المشتركة

الأربعاء 27 نوفمبر 2024 - 18:34
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب
رفع سن التقاعد ومراحل ظهوره كفكرة

رفع سن التقاعد ومراحل ظهوره كفكرة

أثيرت خلال الأيام الماضية قضية رفع سن التقاعد ليصل إلى حد 65 عامًا، وهو الحديث الذي بدأت فقاعاته الاختبارية تنطلق منذ قرابة عامين او أكثر، وتم قياس ردود الأفعال وقتها وحتى اليوم ما بين مؤيد للفكرة ومعارض لها.



ولكي نصل إلى قناعة أو حل مرض للقضية يجب أولا استعراض جوانبها ومراحل ظهورها، حيث أعلن عن توجه دول مجلس التعاون لدراسة رفع سن التقاعد إلى 68 سنة، وأرجع الخبر ذلك إلى أن التوقعات تشير لارتفاع متوسط أعمار الخليجيين حتى سن الـ 80 وذلك في ظل التقدم الصحي وقلة عدد المواليد والوفيات في المنطقة.

ثم ظهرت موازنة 2017-2018 لتعلن عن تقليص بنود الدعم الحكومي في فئات متعددة من أبرزها علاوة الإيجار، وعلاوة الغلاء وعلاوة تحسين المعيشة للمتقاعدين وصندوق الضمان الاجتماعي، وهو الصندوق الذي يتبع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ويقدم مساعدات شهرية للأرامل، والأيتام، والمطلقات، والمعاقون والعاجزون عن العمل، والمهجورات، والمسنون، وأسر المسجونين، والأطفال، والبنت غير المتزوجة.

وهنا يهمنا إلقاء الضوء على علاوة تحسين معيشة المتقاعدين والتي استقطع منها في 2017، 6 ملايين دينار، ثم العام الذي يليه قرابة 14 مليون أخرى.

ثم تواترت الأخبار من هنا وهناك، لكنها لم تكن مؤكدة ورفض المسؤولين الإجابة الصريحة عن تساؤلات الصحافة آنذاك، حتى جاء خبر صريح أن الحكومة تقدمت بطلب إلى هيئة الإفتاء والتشريع لصياغة قانون برفع سن التقاعد لموظفي الحكومة والقطاع الخاص.

وتم إبراز آراء المعارضين للفكرة والداعمين لها، فعلى الصعيد الاقتصادي قال الخبراء إنه «شيء لابد منه» وقارنوا البحرين مع فرنسا وبريطانيا والدول الإسكندنافية، وهو إجحاف وظلم بين لا أعلم لماذا يتمسك به البعض في مقارنات سواء كانت سلبية أو إيجابية، فكثيرا ما نقارن بدول فقيرة عندما يطلب منا تحمل الاستقطاعات، وتنقلب المقارنة للدول المتقدمة عند الحاجة إلى قانون رفع سن التقاعد، والسؤال: من نحن بين هؤلاء وهؤلاء؟.

وعارض الفكرة النقابات العمالية بقوة وأكدوا أن رفع سن التقاعد له مخاطر كبيرة على سوق العمل ويعتبر بادرة مخيفة للطبقة العمالية وستؤدي إلى تقليل الانتاج وهبوط الأداء، كما ستزيد من مشكلة البطالة وسط أزمة اقتصادية طاحنة وانعدام للمشاريع الجديدة التي تستوعب الخريجين.

ولا ينكر أي عاقل أن زيادة عدد المشتركين في التأمينات، مقابل المتقاعدين، هي عملية ميكانيزمية تتفاعل عبر استحداث الوظائف وتوسيع رقعة المشروعات وهو ما لم يحدث في البحرين رغم صياح المسؤولين بوجود وظائف كثيرة.

خلاصة القول في هذا الموضوع تتمحور حول حزمة من القرارات والإجراءات التي يمكن للحكومة التعامل معها وفق نسق يوازن ما بين المصروفات الخاصة بالتقاعد والتأمينات الاجتماعية، وإيرادات الدولة سواء في الموازنة العامة، أو إدارة أصول الصناديق الخاصة بما تحمله من أموال طائلة تستنزف يوما بعد يوم دون تحرك جاد لوقف هذا النزيف أو توظيف المخلصين من أبناء الوطن لتحويلها للربحية بدلا من الخسارة.

أما في أمر الموازنة العامة، فأعود وأكرر للأسبوع الثاني على التوالي وما قبله من أسابيع مضت، يجب إنشاء مشروعات صناعية تستطيع سد فجوة سوقية بالمنطقة لبعض المنتجات، ومن خلال تلك المشروعات، ستستحدث وظائف، ويمكن - لمن يرغب – في التقاعد المبكر أن يتقاعد، ولمن لديه القدرة على العطاء لما بعد الستين أن يستمر، وأتركوا الباب مفتوحا لاختيار الموظف، فكل إنسان أعلم بظروفه الصحية والاجتماعية أكثر من أي جهة رسمية.