السوق العربية المشتركة | مكتسبات المواطن ليست مصدرًا للدخل

السوق العربية المشتركة

الأحد 24 نوفمبر 2024 - 01:02
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب
مكتسبات المواطن ليست مصدرًا للدخل

مكتسبات المواطن ليست مصدرًا للدخل

عندما يأتي ذكر اسم «صندوق النقد الدولي» في أي دولة لا يأتي بعده خير أبدًا، والتجارب حولنا كثيرة وفيها من الموعظة الحسنة لما آلت إليه الأوضاع السيئة في تلك الدول، ما يمكن أن نفرد له مساحات كتابية تتجاوز عدد الصحيفة بالكامل، والذي يجعلني أتوجس خيفة هو محاولات البحث عن حلول أجنبية لمعضلات محلية، هو ما ذكره معالي وزير المالية بشأن مناقشة الحكومة لدراسة معنية بالدَّين العام قدمتها شركة عالمية خاصة، ففي رأيي المتواضع لن يأتي الحل أبدًا من الخارج لأننا أصحاب القضية والأحرص على حلها.
وللأسف الشديد بدأنا في البحرين الحديث عن زيادة الدَّين العام وهو حديث قديم يتم تجديده عند بدء عرض موازنة الدولة وطرحها للإقرار، فقد نوقش رفع سقف الدَّين العام في العام 2015 إلى 10 مليارات دينار، وتمت الموافقة عليه مع وعود بتسديد كافة الديون، ثم وصلنا اليوم وبعد سنتين فقط، لرفع السقف إلى 13 مليارا، ومازال هناك من يتفاءل من أعضاء المجلسين النواب والشورى بشأن تجاوز تلك المرحلة خلال دورتين أو ثلاث، وأتمنى معهم أن تتحقق أحلام المتفائلين، لأن المواطن دائما ما يكون صاحب النصيب الأكبر من الأعباء سواء تم تطبيقها على القطاع الخاص أو عليه مباشرة، كما أن الضرائب قادمة لا ريب فيها لتضاف إلى سلة أعباء المواطن.
وأرى فيما ذكره معالي وزير المالية بشأن تطوير الاقتصاد بهدف إيجاد مصادر دخل إضافية، هو كلمة حق، لكنها تحتاج لمزيد من التفسير، حيث أوضح معاليه أن الأمر لا يتعلق بزيادة رسوم أو خفض نفقات، بينما ما يحدث حاليًا ويلمسه الجميع، هو زيادة في الرسوم دون خفض للنفقات، وكنا نتمنى أن توضع خطة إنتاج وتصدير تحقق مدخولا بعيدا عن النفط، وما أكثر المشروعات التي يمكن تطبيقها في زمن قصير وتحقق أرباحًا كبيرة.
ومازال المسؤولون يتحدثون عن إنجازات تمت على مستوى رفع كفاءة استخدام الطاقة، وخفض معدلات استهلاكها، وهو ما يعتبر في الدول الصناعية الكبرى انكماشًا في معدلات النمو ولا يؤسس لتوسع في الصناعات، وهذه العقيدة يجب أن تعشش في مكاتب المسؤولين ونسمع منهم أخبارًا عن رفع كفاءة الطاقة لمنتجات مستحدثة على سوق البحرين ومنطقة الخليج.
وحقيقة فقد شعرت بالتفاؤل حين قرأت خبرا عن زيارة وفد صيني مختص بشؤون الرعاية الصحية والمستشفيات للمملكة، وتقديمه لعرض إنشاء مصنع للأدوية في البحرين، وأتمنى أن تكون البحرين جادة في إنشاء هذا المصنع كلبنة لمشروعات تستطيع التصدير وتحقيق الاكتفاء الذاتي من أدوية نحتاجها بقوة.
من حولنا سوق كبيرة تستطيع استيعاب أي منتجات صناعية، ولو وضعنا خطة استراتيجية لاستقطاب صناعات ذات طلب مرتفع، مثل الأدوية والأطراف الصناعية والشرائح الإلكترونية وقطع الغيار والمعدات الميكانيكية، وغيرها من آلاف الأمور التي يمكن تسويقها بسهولة في المنطقة، لأصبح الحال لدينا أفضل مما كان الوضع عليه في زمن النفط الجميل.
وللمشككين في نجاح البحرين وقدرتها على المنافسة عالميًا، أود تذكيرهم بأن المواطنين استطاعوا بإمكانياتهم الخاصة وطموحاتهم، أن يقيموا مشروعات صناعية توزع منتجاتها في كافة دول العالم، وتوسعوا في مشاريعهم حتى أصبحوا أمثلة يحتذى بها في دول الخليج وليس البحرين فقط. بالفعل وكما قال معالي وزير المالية فإن البحرين أمام «تحدٍ واضح»، لكن ليس بما ذكره «بالمحافظة على معدلات الإنفاق وخاصة في البنود الموجهة إلى المواطنين في البرامج الرئيسية»، ولكن التحدي الكبير والذي يجب أن يكون واضحًا، هو إيجاد مصادر للدخل تحافظ على مكتسبات المواطن، التي باتت يسيل لها لعاب بعض المسؤولين ويرون فيها مصدرًا للدخل.