الإعلانات الرقمية تقنية جديدة تهدد عرش الميديا فى مصر
فى وقت أصبحت فيه مواقع التواصل الاجتماعى وتطبيقات الهواتف الذكية عاملا أساسا فى التأثير على حياة الإنسان المعاصر، فإن طريقة توجيه الخطاب له باتت مختلفة أيضا ومن ذلك الإعلانات، وهى من أكثر القطاعات تأثرا بالتطورات التكنولوجية، والأكثر اهتماما بتطوير وسائلها التى تمكنها من الوصول لأكبر عدد ممكن من المستهلكين، كما يفرض ذلك عليها الاهتمام بشريحة الشباب وهى الأكبر تأثيرا فى معدلات الاستهلاك، ومن ثم تعين عليها مواكبة كل جديد يحظى باهتمام الشباب.
وفى هذا السياق تغير مفهوم التسويق والإعلان ما أدى إلى تطوير هائل فى الإعلانات وتحول كل من الشركات الكبيرة إلى جانب الشركات الناشئة من النمط التقليدى إلى النمط الرقمى، ما أدى إلى ارتفاع حجم الاستثمار بقطاع الإعلانات الرقمية، التى تفتح الأبواب أمام الشركات الناشئة لتحقيق سرعة الانتشار وقياس نتائج الإعلان.
بعد تطور الأزمنة ومرور السنين وتغير العصور تغيرت معها نوعية الإعلانات التقليدية التى تعودنا على مشاهدتها فى الماضى، واليوم تغير عصر وسائل الإعلانات التقليدية مثل الملصقات واللوحات والطباعة لتحل محلها تقنية "الإعلانات الرقمية" عن طريق وحدات عرض مثل البلازما والكريستال السائل (LCD) أو البروجكتور أو شاشات التليفزيون العادية أو أى شاشة رقمية، حيث أشارت الدراسات الحديثة إلى أن شبكات الإعلانات الرقمية توصل الإعلان بطريقة لا يمكن للملصقات واللوحات ايصالها للجمهور الذى يشاهد الإعلانات، وقد أصبح الانترنت فى الوقت الحالى مليئاً بالإعلانات الرقمية، فلا تكاد تتصفح موقعا إلا وتجد بداخله إعلانات، ولا تكاد تحمل ملفا من الإنترنت إلا وتظهر لك نافذة منبثقة تعلن عن منتج معين، ليس هذا فقط، بل حتى عند مشاهدة مقاطع الفيديو على الانترنت فى المواقع الشهيرة مثل يوتيوب، ستظهر لك مقاطع فيديو دعائية فى بداية المقطع، أو فى منتصفه، كل هذا ما هو إلا عبارة عن مؤشرات ودلائل على أهمية الإعلان الإلكترونى ونجاحه وتفوقه على الإعلانات التقليدية التى تعودنا عليها، ويعبر عن مدى الأرباح والمبيعات التى يحققها للشركات المعلنة، وهذا الذى يدفع بالشركات ورجال الأعمال إلى تخصيص ميزانية خاصة بالإعلان على شبكة الإنترنت وتساعد الإعلانات الرقمية على عرض الإعلانات المختلفة عن طريق الشاشات الموجودة بطريقة رقمية باستخدام الانترنت أو أى شبكة داخلية حيث يمكن عرض الإعلانات وارشادات وتعليمات الادارة مباشرة وتغييرها فى أى لحظة من قبل الإدارة.
من جانبه يقول الدكتور فاروق التونى أستاذ علم الإدارة والتسويق: إن التحكم فى محتوى الإعلان والتحقق من وقته هو من أهم فوائد تقنية الإعلانات الرقمية وذلك عبر وحدة تحكم مركزية باستخدام الانترنت، حيث يمكن تغيير المحتويات مباشرة واستخدام الشاشات فى حالات الطوارئ لبث الإعلان مباشرة، كذلك إمكانية جدولة عرض الإعلانات بحسب توقيت معين وتوفر هذه التقنية الحديثة إمكانية تحويل النشرات الورقية إلى صيغ رقمية وعرضها على الشاشات بطريقة تجذب المشاهد وبذلك يتم توفير قيمة طباعة نشرات إضافية، إضافة إلى قابلية عرض محتوى مختلفة فى نفس الوقت لكل شاشة داخل المبنى الواحد وتعد خاصية تعدد محتوى الإعلان بتقسيم الشاشة إلى عدة شاشات مختلفة وإمكانية توحيدها وتغييرها فقط بضغطة زر من ابرز خصائص هذه التقنية، كما يمكن إضافة شريط للأخبار أو شريط للأسهم أو الطقس فى الشاشة وإضافة رقم صفوف الانتظار للمراجعين بالإدارة مع إمكانية بث أى حدث للجمهور مباشرة مثل (لقاءات صحفية، معلومات جديدة، الخ)، هذه جملة من العديد من المميزات والفوائد التى تقدمها هذه التقنية.
وأضاف التونى إن شبكة الإعلانات الرقمية هى الطريقة الاحدث عالميا لتوصيل المحتوى بأسرع وسيلة وأكثر جاذبية وللتواصل مع رواد المراكز التجارية فى لحظة الإعلان، ويمكن تحديث محتوى الشاشة عن طريق نظام تحكم مركزى باستخدام الانترنت، كما أنه بالإضافة للمحتوى الإعلانى الرقمى الجذاب والمتجدد فى لحظتها هناك محتوى مسل وذو فائدة معلوماتية للجمهور)مثل الاخبار العالمية والمحلية والرياضية والاقتصادية( وأيضا رسائل التوعية للمجتمع كما يوفر النظام امكانية البث التليفزيونى المباشر لحدث معين وتقسيم الشاشة لبث أكثر من محتوى فى التو واللحظة أو إضافة شريط اخبارى على المحتوى لبث رسالة معينة.
ويقول الخبير الاقتصادى ياسر المحلاوى: إن إعلانات الأجهزة المحمولة نصف الإعلانات الرقمية واليوم تهيمن كل من جوجل وفيسبوك على نصف سوق إعلانات الأجهزة المحمولة، وقد رصد تقرير حديث ارتفاعا كبيرا فى نمو الإعلانات الرقمية، وذلك ضمن اتجاهات اخرى مهمة سيكون لها تأثير واضح على مستقبل صناعة الدعاية والإعلان، فوفقا لتقرير «اتجاهات الانترنت» السنوى حول صناعة التكنولوجيا ارتفعت ايرادات الإعلانات المنشورة على الأجهزة المحمولة بنسبة 66% خلال 2015، وقد اشار التقرير الذى تصدره المحللة المتخصصة فى الانترنت مارى ميكر إلى نمو الأجهزة المحمولة، لا سيما بالنسبة لمنصات التواصل الاجتماعى التى تسيطر حاليا على كعكة الإعلانات الرقمية وتستهلك وقتا كبيرا يمضيه مستخدمو الشبكة، وفى عام 2015 تجاوزت ايرادات الإعلانات الرقمية 60 مليار دولار بزيادة 02% وفى المقابل بلغ نمو ايرادات الأجهزة المحمولة أكثر من 66%، حيث ينفق المستهلكون 25٪ من وقتهم على الأجهزة المحمولة الذى يستحوذ على 12٪ من ميزانيات الدعاية.
وأضاف المحلاوى أن جوجل وفيسبوك احتفظا بالصدارة فى مجال الإعلانات الرقمية، فبين عامى 2014 و2015 بلغ نمو ايرادات فيسبوك من الإعلانات 59% مع توجيه معظم الإعلانات إلى الأجهزة المحمولة، كما ارتفعت ايرادات الإعلانات لشركة جوجل بنسبة 18% خلال نفس الفترة وقد يبدو معدل النمو لإعلانات جوجل متواضعا بالنسبة لفيسبوك لكن جميع الشركات الاخرى اشتركت فى 31% من اجمالى النمو، ومن ثم يسيطر فيسبوك وجوجل على 76% من نمو الإعلانات الرقمية.
وتابع المحلاوى أنه فى المقابل هناك انزعاج لمستخدمى الانترنت من الإعلانات الرقمية وهذا الانزعاج هو ابرز التحديات المستقبلية حيث اظهرت الدراسات الحديثة رغبة 92٪ من الناس فى حجب الإعلانات الرقمية، ووفقا لاخر الاحصاءات، يلجأ أكثر من 400 مليون مستخدم للإنترنت فى العالم لبرامج حجب الإعلانات على شبكة الإنترنت، مؤكدا ان المستقبل لبرامج الدردشة ومن ثم يتزايد الاتجاه للتسويق الإعلانات الرقمية المبنى على استغلال الـشات مع زيادة الاقبال على واتس اب وبرنامج ماسينجر وأيضا البرنامج الأقوى فيسبوك وأيضا وى شات خلال السنوات الست الماضية مقارنة بانستجرام وتويتر.
يقول الدكتور أحمد بدرى: تعد زيادة الاهتمام بالميديا الرقمية وانتشار التليفونات المحمولة المحرك الرئيسى لنمو الإعلانات الرقمية، لكن هناك اكبر معوق لها فى المستقبل هو نقص العمالة الماهرة واستمرار رغبة المعلنين فى استخدام الوسائل التقليدية للدعاية مثل التليفزيون والصحف، وبصفة عامة تهيمن منطقة امريكا الشمالية على السوق العالمى لصناعة الإعلانات الرقمية وستظل كذلك فى المستقبل، ومن المتوقع ان تكون منطقة آسيا باسيفيك اكبر سوق ناشئ للإعلانات الرقمية بسبب قاعدة المستهلكين الكبيرة، وتعكس صفقات شركات التكنولوجيا مدى أهمية الانترنت بالنسبة لزيادة الارباح عن طريق الإعلانات الرقمية، وقد كان اخر تلك الصفقات استحواذ وول مارت على «جيت.كوم» للتجارة الإلكترونية مقابل نحو ثلاثة مليارات دولار، وذلك فى إطار سعيها لانعاش أنشطتها المتعثرة عبر الإنترنت ومنافسة أمازون كوم رائدة السوق فى مجال الإعلانات الرقمية.
وأكد بدرى أن الأفضلية فى المستقبل بالتأكيد هى للتسويق الإلكترونى لأسباب عديدة أهمها انتشار أجهزة التابلت )آيباد- تاب(، بحيث أصبح بإمكانك قراءة الجريدة من خلالها بكل يسر وسهولة، إضافة إلى أن الإعلان ثابت فى الصحيفة وهو فى أقصى احتمالاته صورة فقط! بعكس ما يمكن أن يحدث له من تشكيلات وتنويع عبر الإنترنت فيمكنك أن تُظهر فى إعلان الجريدة صورة لسيارة، ومعلومات عنها لكنك إذا احتجت أن تظهر أكثر من سيارة ومعلومات عن كل سيارة فستحتاج إلى إعلان أكبر، يعنى تكلفة أكبر، الأمر الذى يمكن تلافيه فى حالة الإعلان الإلكترونى خاصة عبر نظام الفلاش مع التسليم جدلا بأن المستقبل لصالح الإعلان الإلكترونى فى ظل التوسع الإلكترونى المشهود حاليا، لكن هل سيظل للإعلانات التقليدية أهمية، أم أنها فى طريقها للانقراض أستطيع أن أقول بأنها لن تتلاشى، بل قد تتجدد بروح وحيوية مختلفة، كما هى فى كل الوسائل السابقة والحديثة فنجد الراديو منذ قرابة 5-10 سنوات ماضية متوافر بكثرة والآن انحصر فى السيارات، ولكن أصبح له فرصة فى الوجود الإلكترونى فى المواقع وكذلك فى أجهزة الجوال الذكية.