مصانع الغزل فى شبرا الخيمة من الإنتاج إلى الغلق وبناء الأبراج
الإكسسوارات الصينى تهدد الصناعة المصرية لانخفاض أسعارها.. وتهدد بغلق الورش
"شبرا الخيمة" مدينة عمالية انتاجية عظيمة قام بزيارتها جميع رؤساء مصر، حيث انها كانت القلعة الصناعية الكبرى فى مصر إلى جانب مصانع المحلة الكبرى، اما الان فحال المدينة تبدل إلى الاسوأ، وتحولت من قلعة صناعية، إلى مدينة طاردة للصناعة، بعد ان قام اصحاب المصانع بغلق مصانعهم بسبب نقص الدعم وارتفاع سعر الدورلار والذى تسبب فى ارتفاع اسعار قطع الغيار، ما دفع بعض اصحاب المصانع الى تسريح العمال والقيام بالعمل بانفسهم فى ورشهم ومصانعهم، بينما قام البعض الآخر بهدم مصانعهم وبناء ابراج سكنية.
قامت "السوق العربية" بجولة على اصحاب المصانع، والمصانع المغلقة لمعرفة أسباب تدهور الحالة الاقتصادية فى شبرا الخيمة والمعوقات التى تقف أمام استمرار الانتاج.
فى البداية قال الاستاذ على فرحات، صاحب مصنع نسيج بشبرا الخيمة، أن المدينة التى كانت قلعة صناعية وأحد أعمدة الاقتصاد المصرى تحولت إلى مصانع مهجورة وأخرى قام أصحابها بهدمها وبناء أبراج سكنية على أنقاضها.
وأشار إلى أنه يواجه العديد من المشاكل والمعوقات مثل العديد من أقرانه من أصحاب مصانع الغزل والنسيج قائلا: "إننى أعانى من ارتفاع فواتير الكهرباء حيث اننى امتلك مصنع نسيج يحتوى على 8 ماكينات غزل يصل سعر الماكينة الواحدة إلى 200 ألف جنيه، ومن أهم المعوقات، ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء التى وصلت إلى أكثر من 10 الاف جنيه شهريا بعد أن كانت لا تتجاوز الـ2000 جنيه، الأمر الذى انهك اصحاب المصانع وأضرهم ماديا، حيث انى أجد صعوبة كبيرة فى توفير عمالة ما أضطرنى أن أعمل بنفسى.
وأشار فرحات إلى ثانى المعوقات التى تقابل اصحاب المصانع وهى زيادة أسعار الاكسسوارات التى تعد من أهم مستلزمات مكن الغزل والنسيج مثل "البنسة والشريط وغيرهما"، حيث ارتفع سعر الاكسسوارات متأثرا بارتفاع سعر الدولار ما أدى إلى شراء اكسسوارات المكن المستوردة من الصين بأضعاف سعرها القديم، حيث أصبح "شريط" مكن الغزل يباع بـ70 جنيها بعد أن كان يباع بـ30 جنيها، و"بنسة" المكنة كانت منذ سنتين بـ80 جنيها وصل ثمنها حاليا إلى 140 جنيها، وباقى اكسسوارات المكن ارتفع سعرها إلى ثلاثة اضعاف.
تابع على فرحات حديثه بثالث المعوقات التى تقابل اصحاب مصانع الغزل والنسيج والتى تتمثل فى زيادة أسعار الغزل بسبب ارتفاع الدولار ايضا حتى أصبحت فرصة الحصول على الغزل شبه مستحيلة. أضاف على فرحات: "نعانى ايضا من تجار الغزل الذين يمارسون علينا الاعيب خبيثة بتخزين الغزل وعدم بيعه لنا على أمل أن يرتفع سعر الدولار ثم يطرحونه لنا بأسعار مبالغ فيها حتى نجد أنفسنا بين جشع التجار من ناحية وزيادة اسعار الكهرباء واكسسورات المكن من ناحية أخرى. أنا وغيرى من اصحاب المصانع الأخرى لا نعمل بكامل قوتنا لان العمالة غالية حيث يتراوح أجر العامل فى اليوم بين 100 و120 جنيه وكان لدى 10 عمال فى المصنع أصبح لدى اثنان فقط، وتوجه الآخرون إلى العمل كسائقى توكتوك وترك مهنة الغزل والنسيج لأننا غير قادرين على دفع أجورهم بسبب زيادة اسعار الكهرباء والغزل والاكسسوار فكل الخامات حولنا ارتفع سعرها، فى حين أن مصنعية القماش التى يستفيد بها اصحاب المصانع لم يتحرك سعرها منذ "15 سنة". وقال على فرحات "انا لو مأجر المصنع كان زمانى قفلت"، وأكد أن جميع المصانع المؤجرة أغلقت تماما، بسبب زيادة الاسعار حيث إن مصنعية القماش لا تغطى أجور عمالة ولا أسعار غزل ولا إكسسوار ولا فواتير كهرباء ومن ثم يقوم المستأجر او صاحب المصنع بغلق المصنع.
أضاف فرحات: نواجه ايضا مشكلة فى التوزيع لوجود الأقمشة والملابس الصينى التى احتلت الاسواق وضربت صناعة الغزل والنسيج فى مقتل بسبب رخص سعرها مقارنة بأسعار ملابس القطن المصرية.
وناشد فرحات الرئيس عبدالفتاح السيسى بسرعة التدخل لإنقاذ الصناعة وإعادة منطقة شبرا الخيمة الصناعية إلى مجدها مرة أخرى.
والتقت "السوق العربية " أحد أصحاب مصانع اكسسوارات مكن الغزل يدعى"محمد زيدان" الذى قال أنه يعانى من أن منتجاته غير مطلوبة لإقبال أصحاب المصانع على شراء الاكسسوارات الصينى وتفضيلها على المصرى لرخص سعرها، بالرغم من أن جودة المنتج المصرى أعلى ولكن يضطر أصحاب المصانع إلى شراء الاكسسوارات الصينى، بالرغم من أن صاحب مصنع الغزل لم يسلم من مساوئ الاكسسوارات الصينى المستوردة لرداءة جودتها وسرعة اتلافها وتعطيل العمل بالمكن واهدار وقت الصنايعى الذى يعمل ويتسلم أجره حسب الانتاج.
أضاف: يحتوى مصنعى على ست ماكينات لصنع اكسسوارات مكن الغزل ولدى عامل واحد فقط لاننى غير قادر على دفع أجور للعمال، ومن اهم المشاكل التى تقابل اصحاب ورش اكسسوارات المكن هى المصانع المجهولة الهوية والمتهربين من الجمارك الذين لا يملكون رخصة عمل ولا سجلا تجاريا ولا بطاقة ضريبية وغير ملتزمين بدفع فواتير كهرباء ويعملون دون معايير الجودة والسلامة المهنية، فيقومون بتوزيع الاكسسوارات بأسعار زهيدة ويستفيدون تجاريا فى حين أننا ملتزمون بدفع الضرائب والكهرباء ولدينا سجل تجارى وبالرغم من ذلك لم نجد من يشترى منتجاتنا ما أدى إلى الاستغناء عن العمالة وغلق معظم المصانع. ويطالب محمد زيدان الجهات المسئولة بمنع استيراد المنتجات الصينية التى أضرت بصناعة الغزل والنسيج والورش التى تخدم تلك المصانع.
تحدثت مع أحد العمال فى احدى مصانع الغزل والنسيج يدعى " هيثم كامل " حيث قال أنه تعلم صناعة الغزل والنسيج منذ صغره فكانت يفضل العمل خلال الاجازات المدرسية كى يلبى بعض احتياجاته المادية، وكان يطمح فى أن يكون صنايعى ماهر قادر على إدارة مصنع ولكن الحالة الاقتصادية حالت دون ذلك بسبب اقبال اصحاب المصانع على الاستغناء عن نسبة كبيرة من العمالة.
ويقول الدكتور جمال زهران، استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، والنائب السابق: شبرا الخيمة مدينة العمالة المصرية ولديها اكبر عدد من العمال الذين يتمتعون بحرفية هائلة ومن اكبر شركات الغزل والنسيج فى شبرا الخيمة، شركة "اسكو" وكان لديها مشروع طموح لولا ان مافيا الاراضى قاموا بالاستيلاء على الشركة وافسدوها وبالفعل تم تفكيكها وبيعها فى عهد الرئيس الاسبق حسنى مبارك، بحوالى 51 مليون جنيه، وتحولت إلى شركة كريستال عصفور وتم بيعها هى ايضا وتقطيعها الى اراضى، تباع بالمليارات، وبالمخالفة لقانون الخصخصة، حيث ان قانون الخصخصة له اربعة شروط: "أن يظل النشاط كما هو، وتظل الارض كما هى، والابقاء على العمالة، وان اراد العامل الخروج من الشركة يتم عمل معاش مبكر له بشكل قانونى".
أضاف إن شباب شبرا الخيمة يقومون بعمل جبهة شعبية لاسترداد شركة اسكو واعادة تشغيلها وهذه الجبهة تناشد الرئيس السيسى تطبيق القانون، لان ما بنى على باطل فهو باطل، والعقد شريعة المتعاقدين، وهذه قواعد قانونية، ومن اشترى شركة اسكو اخل بالقواعد وأجرم فى حق الاقتصاد المصرى ولنا الحق فى استرداد الشركة مرة اخرى، لتوفير 20 ألف فرصة عمل واعادة صناعة الغزل إلى مجدها.
وطالب زهران بمحاسبة اللصوص الذين نهبوا هذه الشركة وحولوها الى مافيا الاراضى قائلا: "نحن نحتاج الى مشروع قومى لتشغيل جميع المصانع المعطلة، حتى لو كانت قطاعا خاصا، وان يكون للبنوك دور فى هذه القضية لتمويل تلك المصانع لبناء اقتصاد قوى، كما طالب بمراجعة جميع عقود الشركات التى تم تخصيصها وفسخ العقد مع من لم يلتزم بالعقد، وقام بتحويل المصانع والشركات الى ابراج سكنية.
ولفت زهران إلى ان الرئيس السيسى يلجأ إلى متابعة المشروعات المهمة للجيش، وذلك لانها ملك للدولة وولاؤها للمواطن، ولان الجيش مؤسسة عامة ملك الشعب، ولكن فى حالة تكليف القطاع الخاص سنجد التلاعب فى العقود وسرقة مال الدولة.