السوق العربية المشتركة | خبراء الاقتصاد يؤكدون: تحفيز «الاقتصاد غير المباشر» سلاح للنهوض بالاقتصاد القومى

السوق العربية المشتركة

السبت 16 نوفمبر 2024 - 02:54
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

خبراء الاقتصاد يؤكدون: تحفيز «الاقتصاد غير المباشر» سلاح للنهوض بالاقتصاد القومى

خبراء الاقتصاد
خبراء الاقتصاد

شريف قاسم: 9 ملايين من القوى العاملة استيعاب الاقتصاد غير الرسمى بمصر


مع انتشار وتوسع الاقتصاد غير الرسمى أو الموازى كمصطلحات تعارف عليها الجميع فى وصف التجارة والصناعة غير المسجلة بأوراق، والتى تدور كلها دون فواتير أو مستندات، هل من الممكن الاستفادة من الاقتصاد غير الرسمى لتنشيط الاقتصاد المصرى؟ وكيف يمكن تطوير الاقتصاد غير المباشر لخدمة الاقتصاد والنهوض به فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية؟ وماذا يمكن على الدولة تقديمه من خلال حوافز وتيسيرات لتشجيع انضمام منشآت القطاع غير المباشر على العمل تحت المنظومة الرسمية؟ ولهذا تم استطلاع آراء خبراء الاقتصاد حول ذلك الأمر، حيث يرى بعض الخبراء أن الاقتصاد غير الرسمى يمثل 60% من حجم السوق، كما أن هذا الأمر يتسبب فى ضياع ما لا يقل عن 330 مليار جنيه قيمة الضرائب المهدرة على خزينة الدولة بخلاف الرسوم والإيرادات الأخرى من تسجيل تلك الأنشطة وتقديم الخدمات لها من كل الأجهزة والجهات الحكومية، ويرجع ارتفاع نسبة الاقتصاد غير الرسمى فى مصر إلى طبيعة النمو السكانى الرهيب، وتحول قطاع رسمى كبير إلى غير رسمى بعد الثورة ولصعوبة إيجاد فرص عمل فى ظل الفرص المحدودة فى المؤسسات الرسمية، فحين يرى البعض الآخر من الخبراء أن وأن الوضع الحالى يتطلب توحيد الجهات المختصة بمتابعة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومنحها التسهيلات المطلوبة ليتم تسجيلها لتصبح جهة واحدة والقضاء على البيروقراطية التى تدفع أصحاب تلك المشروعات للهروب من كل ما هو حكومى ورسمى، مشيرا إلى أن الأرقام التقريبية لحجم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر تؤكد أن المستقبل لمثل هذه المشروعات وأنها تمثل عصب الاقتصاد فى الدولة لذلك وجب القضاء على كل معوقات دمج تلك المشروعات فى اقتصاد مصر.

فى البداية، أكد شريف قاسم، الخبير الاقتصادى، أن حجم الاقتصاد غير الرسمى بمصر ما يعادل 2.6 تريليون جنيه، كما يقدر حجم قطاع الاقتصاد غير الرسمى من العمالة فى مصر بأنه يستوعب أكثر من 9 ملايين من القوى العاملة، مشيرا إلى أن للقطاع غير الرسمى من الاقتصاد فى مصر أهمية خاصة، حيث يعتبر المصدر الأول لامتصاص الداخلين الجدد فى سوق العمل من الشباب فى مصر.

ودعا "قاسم" خلال تصريح لجريدة "السوق العربية" إلى ضرورة إيجاد الحلول لدمج القطاع الاقتصادى غير الرسمى مع الاقتصاد الرسمى، والاستفادة من أرباحه ما سيسهم بشكل كبير فى إعادة قوة الاقتصاد مرة أخرى، مضيفا أنه لا بد من عمل حصر شامل وكامل لجميع الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية ولا بد من تعديل التشريعات الاقتصادية الموجودة بما يسهل دمج القطاعات غير الرسمية من الاقتصاد فى القطاعات الرسمية، ولا بد من الإصلاح الهيكلى والمؤسسى لكل المؤسسات الدولة لتشجيع واحتواء القطاع غير الرسمى بدءا من ماسحى الأحذية والباعة المتجولين حتى أصحاب المصانع والورش".

وكشف خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، أن الاقتصاد غير الرسمى يمثل 60% من حجم السوق، كما أن هذا الأمر يتسبب فى ضياع ما لا يقل عن 330 مليار جنيه قيمة الضرائب المهدرة على خزينة الدولة بخلاف الرسوم والإيرادات الأخرى من تسجيل تلك الأنشطة وتقديم الخدمات لها من كل الأجهزة والجهات الحكومية، ويرجع ارتفاع نسبة الاقتصاد غير الرسمى فى مصر إلى طبيعة النمو السكانى الرهيب، وتحول قطاع رسمى كبير إلى غير رسمى بعد الثورة ولصعوبة إيجاد فرص عمل فى ظل الفرص المحدودة فى المؤسسات الرسمية، بالإضافة إلى فقر ونقص الفرص الاقتصادية المربحة فى المناطق الريفية والصعيد، ما يدفعهم للهجرة إلى المراكز الحضرية مثل القاهرة والإسكندرية وشرم الشيخ والغردقة.

وطالب "الشافعى" خلال تصريح لجريدة "السوق العربية" بضرورة عمل حصر شامل وكامل لجميع الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية ولا بد من تعديل التشريعات الاقتصادية الموجودة بما يسهل دمج القطاعات غير الرسمية من الاقتصاد فى القطاعات الرسمية، مشيراّ إلى انه لا بد أيضا من ضرورة إعادة الثقة بين الدولة بأجهزتها ومؤسساتها من ناحية والمستثمر من ناحية أخرى، وإشراك كل الفئات المعنية أثناء صناعة القرار وتسهيل التدريبات المهنى والفنى لتلك المشروعات المتوسطة والصغيرة، وتسهيل إيجاد التمويل مع كل المؤسسات التمويلية".

ولفت ماهر هاشم، الخبير الاقتصادى، إلى أن الاقتصاد غير رسمى يمثل نسبة كبيرة جدًا فى المعادلة الاقتصادية بمصر، موضحًا أن أصحاب الاقتصاد غير الرسمى ليس لديهم دوافع للانضمام إلى المنظومة الضريبية وتحمل تكلفة الضرائب والتأمين وغيرها من الإجراءات التى تضعه تحت أعين المساءلة القانونية، مؤكداّ أن الحل هو وجود مصلحة ضرائب قوية بآليات حديث، كما ان الحكومة لا تملك أى حوافز تستطيع منحها إلى أصحاب الاقتصاد غير الرسمى للانضمام إلى المنظومة الرسمى.

واستطرد "هاشم" خلال تصريح لجريدة "السوق العربية" قائلا: "ينتشر فى جميع أرجاء مصر عدد هائل من أوجه الاقتصاد غير الرسمى المتمثل فى الباعة الجائلين، وقطاع المقاولات الذى قام ببناء ما يزيد على 22% من حجم العقارات فى مصر فقط من بعد ثورة يناير حتى الآن ليرتفع حجم العقارات ليصل إلى 30 مليون عقار فى مصر، وتمثل العقارات غير المسجلة نحو 90% لتدخل الاقتصاد غير الرسمى لا تستفيد منها الدولة، إضافة إلى المصانع والمؤسسات غير المرخصة التى تعمل فى العشوائيات كالورش ومصانع الصغيرة، بالإضافة إلى زيادة أعداد الأسواق العشوائية، حيث إن هناك ما يزيد على 120 سوقًا فى مصر تتعامل كلها بالأموال السائلة بعيدا عن قطاع البنوك".

وشدد الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادى، على ضرورة التسهيل على أصحاب تلك المشروعات بهدف دمجهم بشكل رسمى فى اقتصاد الدولة والوصول إلى أرقام حقيقية حول تلك المشروعات، وأن الوضع الحالى يتطلب توحيد الجهات المختصة بمتابعة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومنحها التسهيلات المطلوبة ليتم تسجيلها لتصبح جهة واحدة والقضاء على البيروقراطية التى تدفع أصحاب تلك المشروعات للهروب من كل ما هو حكومى ورسمى، مشيراّ إلى أن الأرقام التقريبية لحجم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر تؤكد أن المستقبل لمثل هذه المشروعات وأنها تمثل عصب الاقتصاد فى الدولة لذلك وجب القضاء على كل معوقات دمج تلك المشروعات فى اقتصاد مصر.

واضاف "عامر" خلال تصريح لجريدة "السوق العربية" إنه من الضرورى دمج الاقتصاد غير الرسمى أو ما يعرف بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر فى الاقتصاد الحكومى، وذلك لتتمكن الدولة من إيجاد حصر نهائى بتلك المشروعات، والتمكن من مساعدتها على النمو بل تقديم قروض لها بهدف تنميتها وتوسيعها، وذلك لأن الاقتصاد غير الرسمى يمثل الجزء الأكبر من اقتصاد الدولة المصرية.

واقترحت الدكتورة هبة نصار، استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، تخفيض الضرائب على أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة 10% ومشاركة الدولة فى تحمل التأمينات الاجتماعية، دعوة تشجيع للاقتصاد غير الرسمى للاقتصاد الرسمى، مشيرة إلى أن عودة الاقتصاد غير الرسمى وضمه لاقتصاد الدولة الرسمى يضاعفان حصيلة الضرائب وإيرادات الدولة إلى 150 مليار جنيه أو ما يزيد على ذلك ويقلل ويخفض الاحتكار فى كثير من السلع، كما يساهم فى تطبيق شروط السلامة والصحة على السلع والخدمات التى تقدم وتنويع مصادر الدخل للاقتصاد وزيادة الناتج القومى المصرى.

واستكملت "نصار" خلال تصريح لجريدة "السوق العربية" قائلة: "إنفاق هذه الحصيلة على تطوير العشوائيات والمناطق المأهولة بالمشروعات غير الرسمية مع تيسير إجراءات التراخيص وخفض الرسوم الخاصة بتراخيص تأسيس المشروعات الصغيرة وتشجيع جمعيات حماية المستهلك ومنظمات المجتمع المدنى بالتوعية وخطورة غياب اشتراطات الصحة والسلامة لمنتجات الاقتصاد غير الرسمى مع تفعيل دور الدولة فى الرقابة والتفتيش وتسجيل المشروعات غير الرسمية".

وعرفت الدكتورة أمنية حلمى، استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، الاقتصاد الموازى بأنه الاقتصاد السرى غير الظاهر للجهات الحكومية، ويطلق عليه مفهوم "الاقتصاد الأسود"، موضحة أن أى نشاط غير شرعى أو قانونى، هو اقتصاد موازٍ، مشيرة إلى أنه وعلى الرغم من أضراره إلا أنه يسند الاقتصاد المصرى فى الأزمات الاقتصادية، لكن أضراره تتمثل فى ضياع حق الدولة فى الضرائب، وتسهيل الأموال المهربة، كما أنه يزيد من أزمة الدولار، موضحة أنه عند حصر الأموال غير الرسمية، نواجه شحا فى الدولار.

واشارت "حلمى" خلال تصريح لجريدة "السوق العربية" إلى أن الاقتصاد غير الرسمى يضعف قوة الاقتصاد الرسمى لأن أسعار سلع الاقتصاد غير الرسمى (الموازى) منخفضة لعدم سداد الضرائب لعدم دفع الرسوم الجمركية لأنها رديئة الصنع غير مطابقة للمواصفات خاصة أن مستوى الدخول لأكثر من 70% من المصريين منخفض أو متوسط والسبب الرئيسى وراء انتشار الاقتصاد غير الرسمى هو العشوائيات والمناطق العشوائية وتقشف الإدارة المحلية وانتشار الفساد وعدم وجود الثقافة والوعى بأهمية المساهمة أو المشاركة فى اقتصاد الدولة إضافة إلى انتشار الروتين فى الحصول على فتح ملف ضريبى أو الحصول على تراخيص.

من جانبه، أكد عبدالرحمن طه، الخبير الاقتصادى، خلال تصريح لجريدة "السوق العربية" أن الاقتصاد غير الرسمى لا يتأثر بالأزمات التى يمر بها الاقتصاد الرسمى، مثل السياسة الضريبية وسعر الفائدة، فهو يوظف نسبة كبيرة جدًا من قوة العمالة الموجودة فى مصر، مضيفًا أن مصانع "بير السلم" والخدمات العقارية والباعة الجائلين، وفروا العديد من الوظائف للشباب والكبار، الذين لا يجدون عملا، وعندما يمر الاقتصاد الرسمى بحالة ركود، سيكون الاقتصاد غير الرسمى "نشطا"، لأنه يعتمد على النقد وليس الشيكات، لذلك فهو يقف حائط صد الأزمات للأزمات الاقتصادية، كما أنه لولا وجود الاقتصاد غير الرسمى لانهارت الدولة، حيث إنه إحدى الدعائم القوية لوجود تماسك مجتمعى، وتصدٍ من قبل لمشكلة الإسكان منذ عدة سنوات.

وأوضحت الدكتورة يمنى الحماقى، استاذ علم الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن العاملين بالقطاع غير الرسمى والمعروفة بـ"مصانع بير السلم"، لديهم تخوف فى الدخول للمنظومة الرسمية خصوصا أن الحكومة لم تقدم لهم أى نوع من الدعم، بالإضافة للتقديرات الجزافية ضريبيا وغيرها دون مساعدتهم للتوسع أو دراسات جدوى للمشروعات وغيرها من وسائل الدعم المالى أو الفنى.

وأشارت "الحماقى" خلال تصريح لجريدة "السوق العربية" إلى أنه ينبغى وضع حوافز مشجعة للعاملين بالقطاع غير الرسمى لجذبهم يبدون تكبيدهم أعباء، معتبرا ان تقنين اوضاعهم يخدم فكرة زيادة التوسع فى إنتاج سلع غذائية وغير غذائية ذات جودة ما يقل ارتفاع الاسعار وإمكانية المفاضلة للمستهلك فى اختيار أكثر من منتج بجودة مرتفعة.

ولفتت إلى ضرورة إيجاد الحلول لدمج القطاع الاقتصادى غير الرسمى، مع الاقتصاد الرسمى والاستفادة من أرباحه ما يسهم بشكل كبير فى إعادة قوة الاقتصاد مرة أخرى.