السوق العربية المشتركة | الدولار يتلاعب بالمصريين الركود والكساد يسيطران على الأسواق وأجهزة الرقابة غائبة

السوق العربية المشتركة

السبت 16 نوفمبر 2024 - 04:21
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

الدولار يتلاعب بالمصريين الركود والكساد يسيطران على الأسواق وأجهزة الرقابة غائبة

  محرر «السوق العربية» يتحدث مع المواطنين
محرر «السوق العربية» يتحدث مع المواطنين

الأسعار نار.. والمواطن يصرخ.. «العيشة مرار»
الخبراء يطالبون بوقف استيراد السلع الاستفزازية

الأسعار نار والعيشة مرار.. عنوان حياة الغلابة فى مصر بعد أن حول الدولار عيشتهم إلى جحيم لا يطاق فلا توجد سلعة أو خدمة فى بر المحروسة الآن إلا وقفز سعرها إلى الضعف تأثرا بانخفاض قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار الذى بلغ سعره فى السوق السوداء أكثر من 12 جنيها لتلتهب بهذا الارتفاع المتصاعد كل أسعار الفواكه والخضروات والأسماك واللحوم إضافة إلى أسعار الأجهزة المنزلية وقطع غيار السيارات وغيرها من السلع الضرورية وتضرب الأسواق الآن حالة من الركود والكساد جعلت التجار لا يتفاءلون كثيرا بأى أمل فى انخفاض أسعار السلع وأيضا غياب تام لجهاز حماية المستهلك والأجهزة الرقابية بوزارة التموين واستمرار نزيف الاحتياطى النقدى فى استيراد سلع استفزازية وكمالية يمكن الاستغناء عنها لدعم الجنيه المصرى أمام الدولار.

خبراء الاقتصاد أكدوا للسوق العربية أن حال الدولار سيبقى فى التصاعد إذا لم تتدخل الدولة فورا بسياسات انضباطية تبدأ بوقف فورى لاستيراد السلع الكمالية ومواجهة من يتلاعبون فى عمليات الاستيراد لتحقيق أرباح طائلة على حساب المواطن على أن تقوم وزارة التموين بتوفير مخزون احتياطى للسلع لا يقل عن ثلاثة أشهر.

السوق العربية كالعادة تجولت فى أكثر من سوق بأحياء القاهرة والجيزة واستمعت لقصص المطحونين والمكويين بالأسعار فى أسواق التوفيقية ومنشية ناصر والسد وساقية مكى تشاركهم آلام الغلاء وتبحث لهم عن إجابة للسؤال الحائر على شفاه الملايين: عايزين نعيش.. زى كل الخلق.. متى؟.. وكيف؟!

مدحت عبدالعظيم يعمل بمحل أجهزة منزلية بمنشية ناصر كان منظره يصعب على الكافر كما يقولون يقف فى أحد أركان المحل شاردا سارحا يتساءل فى صمت هى الدنيا واقفة ليه كده لا أحد يبيع ولا يشترى قطعنا عليه صمته وأجاب عن السؤال قائلا: الزبون حالته أصبحت صعبة ويستلف من هنا وهناك علشان يوفر أكل الأولاد ولم يعد يفكر فى أجهزة منزلية ولا غيرها أحدهم أقسم لى من قبل أنه عمل جمعية علشان يشترى مروحة تخفف عنه حرارة الصيف وده حال المصريين المطحونين قلت له وهل نفس الركود تعانى منه السلع المستوردة فيجيب مدحت الركود ضارب الاثنين ولكن المستورد شغال شوية لأن سعره أرخص من المحلى الوطنى رغم ارتفاع سعر الدولار والسبب أن كبار التجار أخرجوا من مخازنهم ما استوردوه بسعر رخيص قبل شهور وبمجرد أن ينفد هذا المخزون الدنيا هتولع لأن الدولار رفع أسعار السلع المستوردة بنسبة 40٪ وحتى ينتعش السوق يجب وقف الاستيراد نهائيا وتشجيع الصناعة المصرية، كما أطالب الدولة بسرعة التدخل لأن البلد فى أزمة ولابد من حماية المواطنين من المتلاعبين بأسعار صرف العملة ومن المحتكرين للسلع ومن التجار الجشعين.

يلتقط طرف الحديث منه الحاج على الطويل ويقول بصوت اليائس الورقة الخضراء أصبحت سوداء علينا كلنا والحل وقف الاستيراد الآن ليخف الطلب على الدولار وبالتالى يخفض سعره، مطالبا الدولة بغلق مكاتب الصرافة وقصر التعامل فى البنوك ويضيف بصراحة المكاتب دى بتلعب فى مصر بالدولار والحكاية مش ناقصة خالص.

ويشاركه فى الرأى الحاج مصطفى شوقى، مؤكدا أن الدنيا لو استمرت على هذا الوضع هتخرب البلد، الأسعار نار ويكتوى منها الغنى والفقير.

يقاطعه منصف محمد قائلا: البلد فيها فساد كثير والحالة واقفة والسوق نائم ولكن لا نملك إلا أن نحمد الله وعندنا أمل فى الرئيس.. نفسنا والله نعيش وتتحسن أحوال كل المصريين.. ويعاود الحاج مصطفى الحديث موجها مطالبه للمسئولين: يجب على الدولة تشغيل وتدريب الشباب على العمل علشان نصنع منتجاتنا بأيدينا ولا نحتاج للدولار وتكون فى متناول الفقير والغنى.

ويتفق معه يوسف رفعت وعيد هلال مجددين الشكوى من الركود ووقف الحال، وتركنا سوق عبدالعزيز واتجهنا إلى سوق السد بالسدة زينب.

توقفنا عند الحاجة فاطمة بائعة الجبن القريش والرقاق هى فلاحة بسيطة جدا وبهذه البساطة وصفت الحالة وقالت: كل حاجة غالية والحالة ناشفة والجبنة باخدها غالية من الفلاحين، وأضافت فاطمة أنها تأتى من بنى سويف لتبيعها فى القاهرة، مشيرة إلى أن حركة البيع ضعيفة جدا ومع ذلك فهى تحمد ربنا كثيرا وتدعو من قلبها والدموع كادت تفر من عينيها وهى تقول يارب احفظ الرئيس السيسى واحفظ مصر واحفظ ولادى فى الجيش والشرطة يارب انصر دولتنا على أهل الشر.

ويشير عادل مصطفى إلى أنه لا يبيع إلا القليل يوميا وبسبب الركود اضطر إلى الاستغناء عن العامل الذى يعمل معه لعدم قدرته على توفير راتبه أملا فى أن تتحسن الحالة أو كما دعا من قلبه ربنا يصلح حال البلد.

ويقول سعد سليم بائع أدوات كهربائية ونجف وأباجورات إلى أن حركة البيع قليلة أو كما قال جو البلد نفسه فى النازل ولا يوجد أى على إقبال للشراء بسبب ارتفاع أسعار الدولار وتابع لا يوجد فرق الآن بين البيع فى الأيام العادية وفى المواسم والأعياد ومع أنى كنت فى شهر رمضان الماضى كان هناك ركود غير طبيعى بمعنى لا يوجد بيع والسوق نايم خالص.

وبحزن يكسو وجهه الشاحب وصف حمادة فتحى بائع المفروشات المنزلية بأنه مريح جدا ويتساءل بحرقة العاجز: الفقراء يعيشوا إزاى ومن أين يطعمون أبناءهم ويعلمونهم لازم الدولة تحس بالأسر الفقيرة لأن خلاص استوينا.

ويرى سيد النادى أن الركود لا يقتصر على سوق بعينه فكل الأسواق فى حالة كساد حيث المعاناة من الأسعار التى اكتوى بها وأنا أعول 8 أبناء ومع ذلك لا نطلب سوى الستر من عند الله.

وبالصبر يواجه خالد عبدالغنى الذى يعول 7 أفراد الحياة القاسية يعمل ليل نهار أملا فى أن ينصلح حال البلد، فهو يتمنى أن تصبح أم الدنيا مصر أقوى دولة فى العالم ويضيف بابتسامة الغلابة الناس معهاش فلوس والدنيا مخنوقة ونطلب من ربنا أن يعدى بينا هذه المحنة على خير لأن وضعنا الاقتصادى أصبح على المحك وغير قابل للمجازفة.

وكشف الحاج مهران مصطفى يعمل بمحل جزارة أن معدل الشراء فى النازل ومن كان يأخذ 2 كيلو لحم أصبح يأخذ كيلو واحد وأحيانا نصف كيلو والحركة واقفة لأن اقتصاد البلد تعبان وارتفاع سعر الدولار مدمر الدنيا.

أما الحاجة سناء حسين وهى تبلغ من العمر 80 عاما لكنها تعمل حتى آخر يوم فى عمرها وتقوم بتجهيز وإعداد الطعام للزبائن فلا تريد حاجة من الدنيا غير أن ربنا يصلح حالها وحال أولادها وأحفادها، مشيرة إلى أن لديها ابنة مطلقة 35 سنة تعمل معها وتساعدها وتطالب الحاجة سناء المسئولين بضبط الأسعار تيسيرا على المواطن البسيط.

ومن شادر سوق السمك فى ساقية مكى بمحافظة الجيزة لم يختلف الأمر كثيرا فالشكوى كانت عامة من الأسعار وهو ما أكده البائع حسن مصطفى الذى يعانى كثيرا من الركود بسبب ارتفاع الدولار، مشيرا إلى أن الناس أصبحت تفضل شراء الأسماك المجمدة والرخيصة ولا تأتى الشادر إلا نادرا ويصرخ قائلا الإيجار هنا مرتفع ومش عارف أصرف على أولادى وبصوت مخنوق يتابع فى رقبتى 6 أفراد والسوق مليان سمك طازة بمختلف الأنواع لكن لا يوجد مشترٍ وذلك بسبب الركود والكساد.

وتؤكد الحاجة أم شيماء بائعة سمك بالشادر نفس الكلام قائلة لا يوجد بيع ولا شراء ولا يوجد زبائن وبيقولوا العملة السبب والأسعار شوية فى الطالع وشوية فى النازل والله يا بنى كل أنواع السمك موجودة لكن مفيش زبائن وعلينا التزامات لكن هنعمل ايه ربك المعين.

انتهت صرخات المواطنين باعة ومستهلكين لكن لم تنته آراء الخبراء والمختصين.

وأوضح الخبير الاقتصادى الدكتور مدحت الشريف أنه من الضرورى الآن اتخاذ مجموعة من السياسات لخفض سعر الدولار وهذا يؤدى إلى وقف استيراد السلع الكمالية ومواجهة من يتلاعبون فى عمليات الاستيراد الذين يحققون منه مصالحهم الشخصية ولا ينظرون إلى الصالح العام أيضا يجب محاربة ظواهر الاتجار غير المشروع التى تستنفد جزءا كبيرا من العملة الصعبة مثل الألعاب النارية والمخدرات، ويضيف يجب تفعيل دور القطاع العام فى عرض السلع وإيجاد توازن كمى وسعرى فى كل السلع، خاصة السلع الضرورية، مطالبا وزارة التموين بأن توفر مخزونا احتياطيا التى لم تلتزم به فى الفترات الأخيرة وهو ثلاثة أشهر لكل سلعة وستة أشهر بالنسبة للقمح، ولابد أيضا من تفعيل دور التعاون الاستهلاكى، فهذا القطاع لديه حوالى ثلاثة آلاف منفذ فى ريف وصعيد مصر ومن المفروض أن تدعمه الدولة وتفعل من دوره فى الفترة الحالية، خاصة أن الدستور نص على أن الدولة تقدم الدعم المادى، كما يجب تفعيل دور الغرف التجارية واتحاد الصناعات ووضع هوامش ربح معقولة من خلال قيام الوزراء المعنيين بدور الدولة التوجيهى لأن الدولة لها دور توجيهى فى ظل النظام.

ويواصل الدكتور مدحت يجب أن يكون هناك تنسيق بين وزارة الصناعة واتحاد الصناعات من جهة ووزير التموين مع الغرف التجارية من جهة أخرى لوضع أسقف للسلع المحلية أو المستوردة بما يضمن تحقيق هامش ربح معقول على التاجر والمستورد وسعر مناسب للمستهلك البسيط ومحدود الدخل ومن الهم أيضا ويجب تفعيل الدور الرقابى لجهاز حماية المستهلك والمفروض له أن يخطط ويوجه كل جهات الدولة بمطالب المستهلكين ويكون وسيطا ما بين المستهلك والدولة بكل أجهزتها المختلفة، مؤكدا أن جهاز حماية المستهلك لا يفهم الدور الحقيقى له، موضحا أن الجهاز اعتبر نفسه موازيا لوزارة التموين، لافتا أن السوق تحتاج إلى رقابة صناعية وفنية وصحية وزراعية وبيطرية وغيرها من أنواع الرقابة، مبينا أن الجهاز وضع نفسه فى إطار تموينى فقط وهذا لن يحقق الحماية الكافية للمستهلكين.

وأوضحت الدكتورة بسنت فهمى أن ارتفاع الدولار يعنى زيادة الطلب عليه وزيادة الطلب تعنى أن هناك صفقات استيرادية جديدة وعجزا جديدا فى ميزان المدفوعات والميزان التجارى، وأضاف تحدثنا فى ذلك مع وزير المالية ووزير التخطيط وقلنا لهما بوضوح يجب أن تتخذ إجراءات ملزمة وقوية خلال المرحلة القادمة فى وقف استيراد بعض السلع الكمالية والاستفزازية، ويتساءل هل نحن بحاجة إلى شراء فوانيس من الصين بالعملة الصعبة هل لهذه الدرجة أصبحت ورشنا غير قادرة على صناعة فانوس؟ لابد من التخلص من كل هذه السلع حتى نقلل الطلب على الدولار وبالتالى تقل الصفقات الاستيرادية لذا طالبنا ونطالب وزير المالية بأن يستخدم المادة رقم 18 من اتفاقية التجارة العالمية بوقف استيراد بعض السلع لمواجهة الكساد وهذه حق مكفول لجميع الدول المشاركة فى الاتفاقية وترى بسنت أن الحل الوحيد هو تخفيض الاستيراد خلال هذه المرحلة التى نعيشها الآن حتى نستطيع ضبط سوق الصرف.

وعن دور جهاز حماية المستهلك أوضحت بسنت أنه ليس جهاز جباية ولا من مهامه التدخل فى التسعير لكن يجب أن يكون هناك دور للدولة خاصة فى مراحل الأزمات بأن تبدأ توفير هذه السلع فى شكل مركزى ومن خلال مباشرة وتطرحها فى الأسواق بأسعار ملائمة للمستهلك بمعنى أن تضغط الدولة على الأسواق، بحيث تزيد من المعروض ليقل الطلب مثلما فعلت القوات المسلحة بطرح السلع الاستهلاكية فى جميع المحافظات بأسعار مخفضة وهو ما أجبر البائعين على خفض الأسعار والشىء نفسه قامت به وزارة التموين من خلال المجمعات الاستهلاكية لكن للأسف تراجع دورها مرة أخرى منذ فترة لذا أطالب وزارة التموين بتفعيل دورها الحقيقى مرة أخرى بشكل أقوى وما يفعله البنك المركزى الآن من تحويل شركات صرافة للتخفيف ليس كافيا لكن يجب أن يعطى أدوات مالية يدعها للعملاء تساعد على رفع الاحتياطى وأكدت بسنت أن الدولة والبنك المركزى هما القادران على السيطرة للدولار.