إعلانات الرفاهية وما يقابلها من دعوات التبرع تستفز الفقراء
فرق كبير بين إعلانات المنتجعات الجديدة، وبين إعلانات التبرعات التى زادت خلال الشهر الكريم ففى الوقت الذى يعيش فيه الكثير من المتابعين بشكل محدود يطلب منهم التبرع للجمعيات الخيرية تليها إعلانات عن شقق وفيللات يقدر ثمنها بالملايين، واعتبر خبراء اقتصاد وعلم اجتماع فى تصريحات لـ"السوق العربية" ان ذلك التناقض يتسبب فى انقسام المجتمع بالتزامن مع جهود الدولة والرئيس السيسى فى النهوض بمستوى المواطن المصرى المعيشى ودعم الفقراء.
وقالت الدكتور عالية المهدى أستاذ الاقتصاد: إن إعلانات العقارات الباهظة الثمن تستفز الفقراء وتهدد السلم الاجتماعى لأنها عكست وجود طبقة غنية جدًا بالمجتمع المصرى، الذى يعيش نحو 25% تحت خط الفقر، وهو ما يؤدى لنتائج سلبية وخطيرة، تتدفع بالأطفال والشباب من سن 10 أعوام حتى 30 عامًا، إلى الانحراف لتحقيق الرفاهية التى يرونها فى الإعلانات فى الوقت نفسه نرى هناك اعلانات تطالب بالتبرع للفقراء. وأضافت عالية أن المواطن فى رمضان يجد إعلانات خيرية مثل مؤسسة مجدى يعقوب الذى شهد له الجميع لما قام به الفنانون من تبرع بمجهودهم فى سبيل عمل خيرى، وبالمقابل إعلانات أخرى تكرس للطبقية مثل إعلانات الكومباوندات، بالإضافة إلى إعلان شركات الاتصالات الذى أثار استياء عدد كبير؛ بسبب المبالغ الضخمة التى تنفق عليه فى ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التى تعيشها البلد.
وتقول الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية: هذه الإعلانات تدفع الشباب للتمرد على حياتهم ومجتمعهم وبلدهم، ويبحث عن الهجرة غير الشرعية، مؤكدة أن إعلانات الرفاهية لها عامل كبير فى تزايد أعداد المهاجرين ومعدلات الجرائم، مناشدة صناع الإعلان بالتوقف عن هذه الإعلانات رأفة بحال الفقراء، لأنها تدمر السلم الاجتماعى.
وأكدت عزة أن الإعلانات التى تبرز رفاهية مبالغا فيها، تستفز البسطاء، تخلق حالة من الكراهية والعداء والحقد من قبل الفقراء على الأغنياء، وتدفع البعض من الشباب للانحراف وتعاطى المخدرات بهدف تناسى ما رأوه فى الإعلان من رفاهية مقارنة بمعيشتهم الضنك.
وقالت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة هبة نصار: إن الإعلانات تؤثر على الوضع الاجتماعى بصورة أكبر من الوضع الاقتصادى، والسبب هو عدم وجود تكافؤ للفرص، ووفق الأمم المتحدة فإن هناك تعريفين للفقر هما تعريف مستوى الفقر الذى تصل نسبته إلى نحو 42% أى 2 دولار للفرد الواحد ما يعادل 15 جنيها يوميا أما مستوى الأشد فقرا فنسبتها نحو 26% التى تصرف نحو 200 جنيه فى الشهر.
وأشارت إلى أنه من البديهى أن يتأثر الوضع الاجتماعى ويزداد الصراع الطبقى المادى بين الفقراء والأغنياء نتيجة اتساع الفجوة بينهم، فى حين أن 9% من تعداد السكان يملكون أكثر من 45% من موارد الدولة، مضيفة أن تلك النسبة هى التى تقبل على شراء العقارات والقيام بعمليات الاستثمار إضافة إلى نسبة ضئيلة من الطبقة المتوسطة، مؤكدة أن التقليل من حجم تلك الفجوة يتم من خلال تطبيق الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور ومحاربة الفساد وذلك ما نراه مفعلا الآن لكن الأمر يحتاج الوقت.
وأكد الدكتور محمد السيد أحمد أستاذ علم الاجتماع السياسى، أن تلك الإعلانات تمثل قمة الاستفزاز للمواطنين، فأسرة تبحث عن التموين تفاجأ بإعلانات عن منتجعات وشاليهات بمليون جنيه، قائلا: "إن غلاء الأسعار مستمر، فهناك زيادة فى أسعار تذاكر السكة الحديد تصل إلى نحو 30% رغم عدم وجود اختلاف فى مستوى كفاءة الخدمة.
وأكد الخبير الاقتصادى أن المنتجعات شىء ضرورى حتما ولابد من وجودها، لما لها من تأثير إيجابى على الرواج السياحى وبالتالى زيادة الدخل القومى ومع ذلك لا بد أن يأخذ كل فرد فى المجتمع حقه فى الحياة والصحة والعلاج ويجب أن يكون للإعلام دور واضح فى إبراز تلك الفروق فى المجتمع، حتى لا يتشكل الحقد الطبقى والاجتماعى بالنسبة للفقير وعدم سفر الأغنياء لبناء المنتجعات بالخارج خوفا منهم.
وقال الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن الإعلان يخلق نوعا من التطلعات لدى الناس، ومعظم الإعلانات فى الفترة الأخيرة تقدم لنا مجتمعا غير واقعى، فهناك حالة من المبالغة، فى تناول السلع التى تتسم بالفخامة والثراء وارتفاع المستوى الاقتصادى والمعلن هو الذى يتحمل التكاليف الكثيرة فى الوقت الذى تحتاج فيه الدولة لإعلام يقوم بالمواطنين ويحفزهم على العمل والعطاء.
وأضاف أن إعلانات المنتجعات غالبا ما توجه إلى جمهور وفئة معينة وتستهدف بناء سمعة ومكانة حتى تحظى بالتأثير على القرار الشرائى للذين لديهم قدرة شرائية.