دواء المصريين تحت رحمة ضمائر التجار
بعد عام من إعلان وزارة الصحة عن 5 مشروعات لمواجهة الأدوية المهربة
لا تزال مشكلة الادوية المهربة أو المصنعة فى مصانع بير السلم أو المغشوشة معضلة غير قابلة للحل حتى الان فبالرغم من تدشين عادل عدوى وزير الصحة السابق لخمس مشروعات فى شهر مايو من العام المنصرم تهدف إلى مواجهة مافيا تهريب الادوية فى الاسواق المحلية ومنع الاعلانات المروجة للمستحضرات عبر شاشات الفضائيات الا ان لسان حال الواقع يقول "لا جديد فى سوق الادوية" فالصيدليات ملىء بالأدوية غير الخاضعة لإشراف وزارة الصحة والمستودعات غير المرخصة تمارس عملها بكل نشاط وحيوية إضافة إلى الاعلانات الفضائية المتزايدة يوما بعد يوم دون رقيب، فالأمر برمته متروك لضمير التاجر أو المستورد والضحية المواطن الذى يدفع ما فى جيبه لشراء دواء لا يعلم ان كان أمريكيا اصليا ام من الصين ام تم تصنيعه ببير السلم.
قال أحمد محمود– صاحب مخزن أدوية– ان غش الادوية فى مصر يتم خلال حلقات مرتبطة ببعضها لبعض فالمخازن المرخصة من الصعب ان تتعامل فى اى صنف مغشوش لأن عليها رقابة دائمة ولديها ما تعزف عن المخاطرة لأجله وبالتالى، فمندوبو الادوية المغشوشة لا يمرون عليها وليس لها اى علاقة بمصانع أو ورش بير السلم وبالطبع مش كل الصيدليات التى تسمح ببيع دواء مضروب أو مغشوش بعكس المخازن غير المرخصة التى لا تملك شيئا تخاف عليه فمن الممكن ان تتعامل مع تجار بير السلم وفى حالة كشفها تنقل للبيع فى مكان اخر خاصة ان الرقابة فى الغالب ما تكون على المخازن المرخصة دون غيرها لأن المفتش لا يعلم ان هناك أو هنا مخزنا يبيع الدواء الا اذا كان لديه بيانات هذا المخزن ويكون التعامل مع بعض الصيدليات التى تسمح بتداول ادوية مغشوشة.
وعن اهم الاصناف التى يتم غشها اضاف محمود ان تركيز التاجر على الادوية الغالية المعالجة للسرطان مثلا فالعلبة الواحدة تصل إلى الفى جنيه وخمسة الاف ما يعطى فرصة للتاجر ان يتلاعب فى النوع لأن منها المستورد الاصلى والصينى على سبيل المثال ولان فارق العلبة الواحدة يمثل مبلغا جيدا بخلاف الاصناف الرخيصة التى لا تتجاوز عشرة جنيهات على سبيل المثال فهى غير مربحة بالنسبة للتاجر فغش الدواء مثل تزوير الاموال فالمزور لا يزور فئة الخمسة جنيهات مثلا وانما الفئات الكبيرة اما المنشطات الجنسية فبالرغم من منعها فى المخازن المرخصة الا ان تجار الشنطة متواجدون بكثرة فى كل مكان.
واضاف محمود ان التفتيش يمر علينا من وقت لآخر تقريبا كل شهرين والمشكلة فى المخازن غير المرخصة التى لا ينكشف امرها الا اذا ترتب على بيعها لصنف معين مشكلة كوفاة مريض أو مواطن اشتكى لاى سبب من الاسباب لانها بمثابة الجريمة فالمفتش ليس لديه علم بمكان المخازن المخالفة أو انواع الادوية التى يتم تداولها من خلالها.
وشدد محمود على ضرورة تشديد الرقابة على الصيدليات وألا يضع نوع دواء على الرف لديه الا اذا كان سليم مئة بالمئة اما اذا ترك الامر إلى ضمير الصيدلى فالطبيعى تجد إنسانا ليس لديه ضمير فلا بد من تشديد الرقابة.
قال دكتور طارق عزت- صيدلانى- ان غش الادوية له عدة ابعاد اولها ادوية بير السلم والتى لا تمثل نصفا بالمئة من مجمل شغل السوق وبالتالى الحديث عنها قد يصيب المتابع أو المستهلك المصرى بالتشكيك والبلبلة فورش بير السلم لا تستطيع الغش سوى لبعض الادوية ذات التكنولوجيا البسيطة مثل شراب الاطفال فيضع المصنع شوية تانج على شوية دقيق على مضاد حيوى ويباع على انه مضاد حيوى اما كبس الحباية فستفضحه، فمن الصعب التلاعب بها لانها تعتمد على تكنولوجيا عالية من شكل للحبة وشكل الشريط والعلبة، وكذلك الامر بالنسبة للأدوية المعاد تأريخها والتى من الممكن ان تكون طريقة اخرى للغش كما يعتقد البعض فبعض مندوبى الشنطة يجمع الادوية المنتهية الصلاحية من السوق من بعض الصيدليات المتوافر بها فائض بنسب خصم عالية لأن الصيدلانى لا يستطيع ارجاعها إلى الشركة الموردة لانه فى الغالب استنفد نسبة المرتجع المسموحة له فيبيعها للمندوب بسعر بخس وهنا المفارقة المهمة فالبعض يعتقد ان المندوب يعيد تأريخ الادوية ويعيد بيعها مرة اخرى وهذا من الصعب لأن شكل العلبة التى تمر عليها سنة أو اثنتين على الرف لا يمكن ان تختلط بالجديدة فكل ما فى الامر ان المندوب يذهب بالأدوية منتهية الصلاحية إلى بعض الصيدليات الكبيرة التى فى الغالب تكون مجموعة سلاسل ويبيعها لهم بنسبة خصم عالية.
وعن فائدة الصيدليات الكبيرة التى تشترى ادوية منتهية الصلاحية اضاف عزت: إن نسبة الخصم التى تشترى بها الصيدلية الادوية منتهية الصلاحية تصل إلى 80% فى حين يتم ارجاعها للشركة المصنعة بنفس سعر الشراء لانه فى غالب الاحيان يكون مستهلكا لكمية كبيرة من ذات الدواء المرتجع ما يعنى له الحق فى ارتجاع نسبة معينة للشركة فيجمعها من السوق عن طريق المندوبين ويستفيد من فرق السعر وهذا يمثل لون من التجارة لا يدخل بها اى نوع من انواع الغش لأن الشركة المنتجة تعدم كل المرتجع منتهية الصلاحية مع الاخذ فى الاعتبار ان نسبة الادوية المرتجعة ضعيفة جدا لأن الصلاحية ثلاث سنوات ولكل صيدلى نسبة مرتجع 2% ففى الغالب يتم تصريف المنتج دون مرتجع ما عدا بعض الصيدليات التى تعانى من قلة تصريف بعض المنتجات.
اما عن الادوية المستوردة التى تدخل بطرق غير شرعية "مهربة" اضاف طارق ان الناس تحب المستورد وتفضله وتثق فيه عن المصرى فهذا مطلب الناس لجودتها العالية مثل البنادول بكل انواعه والسنترم وادوية الارتجاع للحوامل وان كان هامش الربح بالنسبة لنا مش كبير لكن منتج لازم توفره للعميل لأنه يتكتب فى الروشتة من الدكتور المعالج فانت كصيدلانى هتعمل ايه على سبيل المثال دى روشتة مكتوب فيها سنتر– واخرج بالفعل روشتة لاحد اساتذة الجراحة العامة وجراحات الاطفال والتجميل مكتوبا فى اخرها سنترم "منتج مستورد"– والاخطر من فرض بيع المستورد على الصيدلانى من الطبيب المعالج- والحديث لطارق- ان الطبيب المعالج يبيع الادوية المستوردة داخل عيادته للمريض فاصبح هو الطبيب والصيدلى فى نفس الوقت والهدف من ذلك تحقيق اكبر قدر من الارباح هناك البعض الاطباء يعمل اتفاقا مع بعض صيدلية ما توفر له الادوية المستوردة التى يكتبها للمرضى.
ودائما يكون التنبيه من الطبيب على المريض انه غير مسئول عن نتيجة العلاج إن لم يتناول الدواء المكتوب فى الروشتة المستورد مع العلم بوجود البديل فى السوق الا ان المستورد الذى يعطيه الطبيب المعالج للمريض غير مسعر وبالتالى يمكن إضافة هامش ربح خرافى دون معرفة المريض فمريض مثلا يأتى بعلبة مستوردة اخذها من طبيبه المعالج بسبعمائة جنيه وهى نفسها لدى بمئة جنيه اضف إلى ذلك المنشطات الجنسية المستوردة والتى يتم اللعب فى الاسعار دون علم المريض مع العلم ان السوق يمثل الحكم الاساسى على الادوية المستوردة، خاصة المقويات الجنسية، لأن المستهلك عندما يتناول حبة معينه بعدها يكرر النوع أو يرفضه.
اما ما يتم بيعه فى الصالات الرياضة على انه مكملات غذائية ففى الغالب مستورد ويصنف على انه مكملات غذائية مكونة من مواد طبيعية وتخضع لحقوق الملكية الفكرية.
ورفض طارق فكرة عمل اعلانات فى القنوات الفضائية عن الادوية حتى إن كانت مرخصة، وهذا المتعارف عليه دوليا لأن من يقرر ان هذا النوع أو ذاك يصلح مع المريض هو الطبيب المعالج فقط لا غير فالمشاهد لا يذهب لشراء دواء معينا لانه مقدم فى التليفزيون بشكل جيد وطبعا هناك قسم الصيدلى انه لا يأخذ نسبة لترويج ادوية معينة دون الاخر ولا يعلن عن دواء ولا يتعامل مع طبيب معين بغرض كتابة انواع بعينها.
والاخطر من ذلك كما يرى طارق ما يتم الترويج له عبر القنوات الفضائية من اطباء ومراكز علاجية تدفع فى الحلقة الواحدة ما يقرب من العشرين الف جنيه للقناة وتروج انها تعالج العقم أو مشكلات الحمل كأطفال الانابيب والحقن المجهرى وغيره من الامراض وبمجرد ذهاب المريض يتم استنزافه فعلى سبيل المثال يصل كورس الحقن المجهرى لستين الف جنيه ببعض الحقن التى تؤخذ داخل المركز وبالطبع اضعافا مضاعفة عن سعرها الحقيقى فاصبح المركز الطبى هو المعالج والصيدلى فى نفس الوقت ما يسىء لمهنة الطب وكل من له علاقة بها خاصة ان هناك بعض المراكز على علم بعدم جدوى العلاج ويتم استنزاف المريض بهدف الربح ليس أكثر.
وتشارك مواقع التواصل الاجتماعى بنصيب كبير فى بيع الادوية المستوردة خاصة والمغشوشة بصفة عامة وبالطبع دون اى لون من ألوان الرقابة فالأمر متروك برمته على عاتق ضمائر التجار، فتحت عنوان "ادوية للبيع والشراء فقط" معرض لبيع الانواع المختلفة من الادوية المستوردة الامريكية والكولومبية والصينية إضافة إلى طلبات من تجار أو صيادلة لأنواع اخرى وكأى تجارة السؤال الدائم للمشترى النوع؟ ونسبة الخصم؟ فبتاريخ 29 مارس الماضى نشر إبراهيم ابراهيم القائم على الصفحة "متوافر بإذن الله الكميات محدودة دهيا 50-60 قرص نيكوريت 2مل كلاسيك سنترام 30قرص- بيوتين 5000 - بيوتين7500- بيوتين 10000 سيبرالكس تركى- ريدكسون فوار- ليبو سكس بلاك 60 قرص- برجناكير اوريجينال انجليزي-جرين تى فات برنر 90قرص- جرين تى تريبل 30 قرص انجليزى اصلى- فيتامين دى 1000- جارسنيا1000 مل 60 قرص- موف فرى ادفانسد 120 قرص الاصلى- كومادين 5م" والاسعار للكميات تتم عن طريق التواصل على الخاص ومعظم الاسئلة تركزت عن السعر مع تحديد الكميات والاجابة فى الغالب واحدة "تم تحديد السعر على الخاص".
وتعد هذه الصفحة من بين عشرات الصفاحات على الفيس بوك ومثلها على تويتر وغيره من مواقع التواصل الاجتماعى خاصة والانترنت بصفة عامة التى تعد سوقا مكتملا لبيع وشراء الادوية التى دخلت البلاد بصورة غير شرعية "مستوردة" أو تم تصنيعها فى ورش بير السلم "مغشوشة" وعلى الرغم من ان معظم الصفحات تروج للأدوية المستوردة الا انها تترك سؤالا غاية فى الاهمية ماذا لو ان دولة معادية أو منظمة ارهابية ارادت ان تضرب صحة المصريين وادخلت دواء واسع الانتشار مثل البنادول لكن بإضافات كيميائية تضر بصحة المواطن؟ فكل هذه الادوية غير خاضعة لاى نوع من انواع الرقابة.
ولا تقف صالات الالعاب الرياضية مكتوفة الايدى فى المساهمة فى افساد ما تبقى من صحة المصريين فبالرغم من تصنيف معظم ما يباع داخلها على انه مكملات غذائية الا انها لا تقع تحت اشراف طبى يبين ان كانت صالحة للاستخدام ام لا وانما متروكة لهوى وضمائر التجار.
قال كابتن محمد– صاحب احدى الصالات الرياضية بفيصل– هناك اقبال ليس بالقليل من الشباب المتدرب على مختلف انواع المكملات الغذائية لتحمل مشاق التمرين خاصة ان نسبة كبيرة من المصريين يعانى من سوء التغذية التى يظهر نتائجها اثناء ممارسة التمرين من اعياء وعدم قدرة على المواصلة فلا يوجد اى ضرر من تناولها اذا كانت بمقدار مناسب والمشكلة تكمن لدى بعض الشباب فى تناول المنشطات دون ضوابط ما يأتى بنتيجة عكسية وعن بيعها فى صالات الجيم دون الصيدلية اضاف محمد فى النهاية كلها مستوردة ونفس التاجر اللى بيبيع لى بيبيع للصيدلية لكن انا بوفر شوية من السعر لصالح المتدرب.