السوق العربية المشتركة | «الفيزيتة» نار تكوى جيوب المرضى.. والأطباء: «اللى معهوش مايلزموش»

السوق العربية المشتركة

السبت 16 نوفمبر 2024 - 16:46
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

«الفيزيتة» نار تكوى جيوب المرضى.. والأطباء: «اللى معهوش مايلزموش»

  محرر السوق العربية يتحدث مع المواطنين
محرر السوق العربية يتحدث مع المواطنين

السوق العربية تفتح ملف الارتفاع الجنونى لأجور الأطباء

رصدت جريدة السوق العربية الارتفاع الجنونى لأجور الأطباء فى العيادات الخاصة المبالغ فيه والذى لا يتفق مع إمكانات الغالبية العظمى من المصريين الذين يعانون من أمراض مزمنة فى وقت تعجز المستشفيات العامة والتخصصية الجامعية عن توفير التشخيص الدقيق للجميع الذى هو بالمناسبة نصف العلاج، لكن هناك الوجه الآخر للمشكلة وهى المستشفيات الخاصة أو عيادات «بير السلم» إذا صحت هذه التسمية التى يلجأ لها المرضى غير القادرين على دفع الأجر الكبير للاستاذ الدكتور الذى قد يصل إلى 700 جنيه والاستشارة 200 جنيه فى بعض التخصصات كالقلب والكبد والمخ والأعصاب، ومع ذلك الأطباء برروا ذلك بأنها مسألة عرض وطلب وأنهم هربوا من المستشفيات لضعف ما يتقاضونه بينما يرفض الخبراء إخضاع هذه المهنة الإنسانية لقواعد العرض والطلب، مؤكدين أن قانون التأمين الصحى الجديد سيجعل من حق كل منتفع الحصول على الخدمة التشخصية كأفضل ما يكون وإن كان ذلك لا ينفى أهمية وضع حد أدنى وأقصى لكل تخصص رحمة بالمرضى المضطرين، لكن هناك حكايات كثيرة يرويها المرضى يصل بعضها إلى المأساة بعد رفع الأطباء أسعار الكشف بالعيادات الخاصة بشكل جنونى بينما لا يجد المريض من يشخص حالته سواء بالمستشفيات الحكومية أو الجامعية أو حتى عيادات التأمين الصحى نظرا لتدنى الخدمة وسوء المعاملة ما يضطره للخضوع لأسعار الكشف التى يحددها كل طبيب لنفسه دون أى رقابة من الوزارة أو نقابة الأطباء.

يشكو جمال شفيق موظف من الجشع الذى أصاب الأطباء فى تحديد أسعار الكشف بالعيادات الخاصة دون أى مراعاة لمعايير المهنة وظروف المريض المادية، مشيرا إلى ارتفاع قيمة الكشف لدى طبيب مخ وأعصاب شهير فى مصر الجديدة لـ600 جنيه والاستشارة بعد شهر 200 جنيه وعلى الرغم من ذلك فالإقبال شديد من سكان الأقاليم والمحافظات حتى أصبح يتم الحجز للحالة قبل موعد الكشف بثلاثة أشهر. وتضيف دينا سعد ربة منزل: المخ والأعصاب من أكثر التخصصات التى ارتفعت فيها أسعار الكشف نظرا لخطورة هذا التخصص وأهميته ووجود عدد قليل من الأطباء المتميزين، حيث قام الطبيب المعالج لزوجها برفع قيمة الكشف إلى 500 جنيه فى عيادته بالقاهرة بشرط الحضور للعيادة من الصباح الباكر للحجز والانتظار لحين حضور الطبيب مساء= بينما فى عيادته بإحدى المحافظات يتم دفع قيمة الكشف كاملة قبل موعد الكشف بشهر.

وتقول منى وصفى موظفة إنها كانت تتوجه لطبيبة أمراض نساء بأحد الأحياء الشعبية وكانت قيمة الكشف 60 جنيها والاستشارة خلال أسبوع مجانا وبعد انتقال الطبيبة لعيادة أخرى بأحد الشوارع الرئيسية بالقاهرة رفعت قيمة الكشف إلى 200 جنيه وبدون استشارة، مشيرة إلى أنه يتم احتساب مستلزمات الكشف مثل السونار والأشعة التليفزيونية بمبالغ إضافية.

ويقول حربى أحمد مدرس: والدى مريض بالقلب وحالته خطرة استدعت إجراء جراحة سريعة لكن قوائم الانتظار طويلة ولا توجد أسرة شاغرة بالعناية المركزة ونصحنى صديقى بالتوجه للاستشارى فى عيادته الخاصة لمتابعة حالة والدى وتم الاتفاق على إجراء الجراحة بأحد المستشفيات التى يعمل بها هذا الطبيب وهنا انهارت قائمة الانتظار أمام توصيات الطبيب وضمنت توافر الإمكانات الطبية الجيدة. هناء أبوالمجد تقول أصبت بكسر بمفصل الذراع الأيسر نتيجة سقوط على الأرض وقرر الأطباء إجراء ثلاث عمليات جراحية تتكلف 15 ألف جنيه ونظرا لظروفى المادية أجريت الجراحة بقرار علاج على نفقة الدولة لكن لا أستطيع توفير قيمة الكشف بالعيادة الخاصة للاستشارى لمتابعة حالتى بعد العملية. يشكو مصطفى راتب محاسب مؤكدا أن الأطباء رفعوا شعار الفقير ملوش مكان عندنا بعد أن أصبحت أسعار الكشف تبدأ من 150 جنيها، مضيفا أنه نظرا لسوء حالته المادية قرر الإقلاع عن التدخين لتوفير ثمن شراء السجائر ما ترتب عليه خضوعه للعلاج بأحد المراكز الخاصة مقابل 400 جنيه للجلسة على الرغم من أن كل ما فعله الطبيب تركيب محلول بالإضافة إلى إعطائه حقنة بالوريد.

ويشير أشرف عبدالشافى إلى تدنى الخدمات الطبية بمستشفيات الحكومية وعدم توافر الأسرة والأجهزة الطبية وقد استغل الأطباء ذلك وضاعفوا «الفيزيتة» كل حسب شهرته متناسين المستوى المادى الضعيف، مطالبا الدولة بتحسين الخدمة داخل المستشفيات الحكومية.

ويقول ناصر يوسف عامل أن التشخيص الخاطئ للأطباء بالمستشفيات الحكومية نتيجة الإهمال أثناء الكشف كاد يؤدى إلى بتر ساقه، قائلا أصبت فى حادث توك توك فى ساقى اليسرى وقرر طبيب التأمين الصحى ضرورة البتر واتفق مع طبيب آخر فى حين قرر طبيب ثالث إجراء جراحة عاجلة وخوض رحلة علاج والجراحة نجحت وبدأت ساقى تتحسن، مؤكدا أن نفس الطبيب الذى قرر البتر لو كنت ذهبت له فى عيادته لكان له رأى آخر.

ويشكو محمد زكريا موظف من المعاناة الشديدة التى عاناها طوال سنة فى فترة علاجه بعد إصابته بانزلاق غضروفى بسبب ارتفاع أسعار الكشف بالعيادات الخاصة حتى أنفق كل ما كان يدخره للزمن ما اضطره لتلقى العلاج بالمستشفيات الحكومية، لافتا إلى سوء معاملة الأطباء للمرضى أثناء توقيع الكشف وصرف العلاج، فضلا عن الروتين فى إنهاء الإجراءات.

وتصرخ أم ياسر بصوت حزين وهى تتحدث عن مرض ابنها بالتبول اللاإرادى إثر تعرضه لحادث وبعد تكرار حضورها للتأمين الصحى دون جدوى اضطرت للتوجه للطبيب الخاص حتى لا تزداد حالة ابنها سوءا بعد أن تاهت فى دوامة استكمال الأوراق التى استمرت لعدة أسابيع لتفاجأ أن كشف الطبيب بلغ 300 جنيه. وتضيف أسماء جمال أحد أطباء أمراض الجلدية والتناسلية يستغل المرضى داخل عيادته حيث كنت أعانى من تساقط الشعر فتوجهت للعيادة وفعت قيمة الكشف وبعد أن اتفق الطبيب على خطة العلاج واكتشف وجود مرض جلدى آخر فطلب منى الخروج إلى السكرتيرة ودفع قيمة كشف جديد، بالإضافة إلى أنه يقوم ببيع بعض الأدوية المستوردة داخل عيادته ويوهم المرضى أن مفعولها مؤكد قوى وفعال ونادر وجوده. وتقول عواطف حسيب ربة منزل عن الأسعار الجنونية لعيادات الأسنان، حيث إن التشخيص المبدئى لتحديد ما يحتاجه المريض يتكلف 100 جنيه وخلع الضرس 60 جنيها وضرس العقل بـ100 جنيه وحشو الضرس 120 جنيها أما حشو الجذور فيتكلف 250 جنيها وتركيب طربوش وصل سعره إلى 600 جنيه، مؤكدة أنها عالجت ضرسا واحدا فقط كلفها 950 جنيها مؤكدة أن العلاج فى المستشفى إما الخلع أو الحشو باستخدام مواد رديئة. يقول حسين حيدر موظف إن الأطباء هم الفئة الوحيدة المستثناة من قانون الوظيفة الحكومية الذى يحظر الجمع بين الوظيفة وأى عمل إضافى، وعلى الرغم من نظرة المجتمع التى تجرم المدرس الذى يعطى دروسا خصوصية ومهندس الحى الذى يعمل بمكتب هندسى وما شابه ذلك إلا أن هذه النظرة تختلف فيما يتعلق بالطبيب المعين بأحد المستشفيات الحكومية ويملك عيادة خاصة، مطالبا الدولة بعدم الاستعانة بالأطباء أصحاب العيادات للعمل بالتأمين الصحى واللجان الثلاثية الخاصة بالقومسيون الطبى والمستشفيات الحكومية منها لتضارب المصالح. ويشاركه فى الرأى أشرف محمد صاحب محل، مؤكدا أن الطبيب يحضر للمستشفى الحكومى ليس لديه أى قابلية للكشف على المرضى ويتعامل معهم بطريقة سيئة للغاية بعد السهر فى عيادته للساعات الأولى من الفجر، مشيرا إلى أن الطبيب صاحب الابتسامة العريضة فى عيادته الذى يمنح المريض كل الوقت ليقول ما يعانى منه هو نفسه ذلك الرجل عابس الوجه الذى لا يعطى مريض المستشفى فرصة حتى للتنفس.

ويقول عمرو منصور إن بعض الأطباء لم يكتفوا برفع قيمة الكشف بل قرروا استنزاف جيوب المرضى لآخر جنيه، حيث يطلب الطبيب من المريض إجراء تحاليل أو أشعة غالبا لا يكون فى حاجة إليها ويفرض اسم معامل معينة بحجة دقة نتائجها لتفاجأ بعد ذلك أنه يحصل على نسبة من المعمل تصل إلى 5٪ من قيمة التحاليل، وتصل المهزلة لذروتها عندما يكتب للمريض أدوية مستوردة غير موجودة إلا فى صيدليات معينة يتعامل معها.

ويطالب مصطفى بكات محامى وزارة الصحة ونقابة الأطباء بسرعة التدخل وتفعيل قانون يحدد أسعار الكشف داخل العيادات الخاصة من خلال شرائح طبقا للدرجة العلمية للطبيب ومدى كفاءته وخبرته وتحديد حد أقصى لكل تخصص بما يتناسب مع معايير المهنة والظروف الاقتصادية للمجتمع أسوة بما تفعله الوزارة فى تحديد أسعار الأدوية.

ويضيف ممدوح أحمد السيسى على المعاش أن منظومة التأمين الصحى تحتاج إلى تعديل لأنها تضطر المريض للجوء لعيادات الأطباء، حيث إن عدم تواجد الاستشارى بصفة دائمة وصرف أدوية عبارة عن مسكنات لا تتناسب مع حالة المريض الأمر الذى يجعله يدفع كل ما فى جيبه للطبيب بعيادته ليحصل على العلاج المناسب. ويؤكد يحيى محمود موظف أن البرامج الطبية التى انتشرت بالفضائيات فى الآونة الأخيرة ساهمت فى أزمة ارتفاع أسعار الكشف، حيث حولت الأطباء إلى نجوم مجتمع، بالإضافة إلى عرض مقاطع الفيديو المقتطفة من البرامج على صفحاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى وأصبح المريض يضع ثقته فى الطبيب ليس لخبرته إنما لشهرته وارتفاع نسبة المشاهدة لبرامجه.

ولكن على الجانب الآخر يرى الأطباء أن من حقهم القيام بتحديد قيمة الكشف بالعيادات الخاصة حسب المكانة العلمية والخبرة التى اكتسبها الطبيب طبقا لنظرية العرض والطلب طالما أن هناك جهات أخرى تقدم الخدمة للمريض وعليه الاختيار طبقا لظروفه المادية، مؤكدين أن سبب عزوف الاستشاريين عن العمل بالتأمين الصحى يرجع لتدنى الأجور وعدم تناسب القوانين الحالية للتأمين مع عدد من المنتفعين. يقول الدكتور وجيه أرنست رئيس قسم العظام بمستشفى ملاوى العام أن مستشفيات التأمين الصحى والمؤسسة العالجية والمستشفيات الخاصة تقدم الخدمات الطبية للمرضى خاصة فيما يتعلق بقرار رئيس مجلس الوزراء بعلاج حالات الطوارئ والحوادث بالمجان لمدة أول 48 ساعة، مشيرا إلى أن عدم تطبيق القرار ببعض المستشفيات يرجع إلى غياب رقابة وزارة الصحة وعدم رصد المستشفيات المخالفة وأن للطبيب الحق فى تحديد قيمة الكشف التى تناسبه طبقا لنظرية العرض والطلب، طالما تناسبه طبقا لنظرية العرض والطلب طالما أنه ليس الوحيد الذى يقدم الخدمة وأن هناك بدائل أخرى يختار بينها المريض لتلقى علاجه وأنا هنا لست ضد المواطن الفقير، حيث إن الدولة مسئولة عن توفير مستشفيات حكومية وتأمين صحى ومكاتب صحية.