خبراء: الحل فى استراتيجية كاملة للتطوير
الحكومة توكل مهمة إنقاذ منظومة تدوير القمامة لـ«القوات المسلحة»
وجه المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأسبوع الماضى، بتشكيل لجنة ثلاثية تضم وزراء المالية والبيئة والتنمية المحلية؛ لوضع حلول جذرية لمشكلة التخلص من القمامة، وشدد على اضطلاع المحافظين بمسئوليتهم؛ وفقًا لطبيعة كل محافظة بتحديد مواقع دفن القمامة ومصانع التدوير.
واعترف وزير التنمية المحلية، أحمد زكى بدر، فى تصريحات صحفية، بأن جزءًا كبيرًا من مصانع تدوير القمامة، التى يبلغ تعدادها نحو ٦٦ مصنعًا، معطل، منوهًا بأنه تم إسناد مهمة تطوير تلك المصانع وإعادة تأهيلها للقوات المسلحة.
كما أجرى وزير البيئة، خالد فهمى زيارة الأسبوع الماضى، إلى المنطقة الصناعية فى قويسنا بمحافظة المنوفية، وأعلن من هناك أن الوزارة بصدد إنشاء مصنع لتدوير القمامة والمخلفات بالمناطق الصناعية على مستوى الجمهورية؛ للقضاء على أزمة القمامة، والاستفادة منها بشكل آمن.
إلا أن الوزير لم يلتفت إلى مصنع تدوير القمامة بقويسنا، والذى بدأ تشغيله عام 2011، ولكن لم يكتب للتجربة النجاح، فأحد العاملين فى المصنع، ذكر أنه رغم تأهيله بماكينات، يصل سعر إحداها إلى نحو 25 مليون جنيه، إلا أنها لا تعمل بسبب كثرة الأعطال، إضافة إلى عدم تأهيل العمال على استخدامها بشكل أمثل.
وأوضح العامل، الذى فضل عدم ذكر اسمه، لـ"السوق العربية"، أن آلية العمل فى المصنع معطلة، فتحول إلى "مقلب قمامة"، مكملًا: "النفايات تدخل إلى آلات الجمع وتخرج كما هى، دون إعادة تصنيع أو غيره، ونلجأ إلى التخلص منها وتكديسها بالأراضى المحيطة بالمصنع".
نوه العامل بأن المصنع لم يتم تأهيله، منذ تشغيله عام2011، مرحبًا فى الوقت نفسه بتدخل القوات المسلحة لتطويره، وأنها قادرة على إنجاز المهمة بنجاح، ولفت إلى أن المصنع يمثل ثورة كبيرة لمصر إن تم استغلاله بالشكل الأمثل، كما يمكن أن يصبح نموذجًا يحتذى به لباقى مصانع تدوير القمامة فى الجمهورية.
من جانبه، انتقد طارق الحداد، رئيس الجمعية المصرية لحقوق الإنسان بالمنوفية، حديث وزير البيئة، عن إنشاء مصنع لتدوير القمامة فى المنوفية، فى ظل وجود مصنع حالى لا يعمل، وقد كلف الدولة 10 ملايين جنيه، مؤكدًا أن الأفضل "إنقاذ" المصنع القديم.
الحداد أكد أن المصنع بنى على مساحة تقدر بـ 6فدادين، كانت من أفضل المساحات الزراعية فى المحافظة، لافتًا إلى أن القمامة تركت حتى تراكمت كالتلال، على مدار الشهور الطويلة الماضية، وأصبحت مصدرا لانتشار الأوبئة والسموم، التى تضر الناس والحيوانات والتربة.
نهى عبد الصادق، وهى عضو فى الجمعية، قالت إن الأفدنة القريبة من المصنع تضررت نتيجة لتراكم النفايات وتحللها، ما أدى إلى بوارها، كما أن الرائحة الكريهة للنفايات المتراكمة منذ شهور لا تطاق، مطالبة المسئولين بسرعة التدخل لإنقاذ المصنع والأهالى، وأشارت إلى أن المصنع يحتاج إلى خطة تطوير واستراتيجية محددة، تتضمن إعادة تأهيل الآلات والعمال أيضا، حتى يعود المصنع بالنفع على الدولة وأهالى المحافظة، بدلًا من حاله الحالى، فتحول إلى "مكب للقمامة" فقط.
فى حين، تناولت دكتورة راجية الجرزاوى، أهمية فتح الباب أمام القطاع الخاص فى هذا المجال، وتشجيع الاستثمار فى المشاريع البيئية، لا سيما فى تدوير النفايات، باعتبارها تشكل ثروة فى الدول الغربية، ويتم الاستفادة منها حتى فى إنتاج الطاقة كالغاز وتوليد الكهرباء، منوهة بأن تراكم القمامة بهذا الشكل، كما تظهر الصور الخاصة بمصنع تدوير القمامة فى المنوفية، يمثل خطورة على السكان المقيمين بمحيطه، والأفضل أن يتم معالجة النفايات بطرق سليمة، والسير بخطى متسارعة من أجل تطوير القمامة ليدخل مرحلة العمل بشكل فعلى.
أضافت راجية أنه يجب أن يتحول مجال تدوير النفايات إلى مشاريع اقتصادية واستثمارية، ينتج عنها عوائد مجدية، وتوفر فرص عمل، علاوة على مساهمتها فى تنظيف المجتمعات، منوهة بأنه يمكن الاستفادة من النفايات فى صناعات تحويلية مختلفة، تساهم فى جذب استثمارات خارجية ومحلية لهذه الصناعات، التى من الممكن أن تلعب دورًا فى التنمية الاقتصادية، ودعم الناتج القومى إذا ما تم الاهتمام بها بالقدر المطلوب.
مسئول ملف القمامة السابق فى وزارة البيئة، أيمن الخيال، قال إن الوزارة لا تدير ملف القمامة بطريقة سليمة، وتفتقر إلى استراتيجية واضحة وحقيقية للتعامل مع الملف، موضحًا أن نحو 121 مليون طن مخلفات تخرج سنويًا فى مصر، نصفها فى الشوارع، والنصف الآخر يتم إرساله إلى المدافن، معقبًا: "لدينا 65 ألف طن يوميًا، تخرج نصف الكمية فى الشوارع، ونحتاج إلى أن تهتم الدولة بتلك الإحصائيات، وتأخذها بعين الاعتبار".
ذكر الخيال أنه أوصل صوته أثناء فترة عمله، إبان حكومة رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزورى، موضحًا أن الأخير فوجئ بأن القاهرة تخرج 45% من قمامة مصر، مردفًا أنه شرح له أزمة التعامل مع القمامة بشكل واضح، وأكد أن تلك الحقائق يجب أن تصل إلى أعلى مستوى، إلا أن الحاصل أنه لا أحد يهتم بالأمور المحسوبة بالأرقام.
وعن الفائدة الاقتصادية التى من الممكن تحصيلها من المخلفات، عقب: "القمامة تختلف من منطقة إلى أخرى، حيث إن الدخل المرتفع له قمامته، والمتوسط والمنخفض له قمامته أيضا، وكل دولة تختلف عن الأخرى فى القمامة، ولا توجد دولة فى العالم لا تصرف على التخلص من القمامة بمعدل يقل عن 250 جنيهًا سنويًا للفرد، لكن فى مصر لا ترفع القمامة من الشوارع، وليس لدينا إدارة لها، لدينا نظم على الورق فقط، لكن المحليات لا تنفذ شيئًا.
يذكر أن رئيس الوزراء، وجه وزيرى البيئة والتنمية المحلية، بالتنسيق مع المحافظين؛ لطرح كراسة الشروط لمصانع تدوير القمامة، وطالب بمراجعة صناديق المحليات ومواردها وأوجه الإنفاق، على أن يتم طرح خطط منظومة النظافة خلال أول اجتماع لمجلس المحافظين، وأن تكون البداية بمحافظات الجيزة والإسكندرية والإسماعيلية، مع تدبير التمويل اللازم ومناقشة التعديلات التشريعية اللازمة لتنفيذ ذلك المشروع.
فى حين أكد وزير التنمية المحلية، أن الحكومة عازمة على مواجهة هذه المشكلة بشكل حقيقى، دون الاعتماد على حلول قصيرة، تعود بعدها مرة أخرى، وستحاول أن تضع حلولًا جذرية فى حدود الإمكانات المتاحة، معقبًا: "مشكلة القمامة ليست سهلة، وستأخذ وقتًا لتحل تمامًا"، ونوه بأن هناك فجوة تمويلية تقدر بمليار و٢٥٠ مليون جنيه، تحتاجها الحكومة سنويًا؛ لتنفيذ منظومة جمع القمامة الجديدة، ويتم دراسة الاقتراحات لتوفير هذا المبلغ، منوهًا بأن مجلس المحافظين خلال اجتماعه الأول، سيناقش هذا الملف، وتحديد أماكن مصانع إعادة التدوير، وأوضح أن محافظة الجيزة انتهت من التعاقد مع تلك الشركات.