خفافيش الظلام تسعى إلى سقوط الدولة لكن «عشم إبليس»
فقراء راضيين بعيشتهم.. وأغنياء شعارهم هل من مزيد والنخبة الفاشلة تراهن على ثورة جياع
لا يحتاج مراقب لمزيد من الحصافة وبعد النظر كى يرصد أجواء مؤامرة تهدف إلى إسقاط الدولة خلال الذكرى الخامسة، هكذا يعتقد أعداء الشعب وأعداء ثورة 30 يونيو مستندين فى ذلك إلى عودة بعض المظاهرات الفئوية هنا وهناك باعتبارها كانت أحد أهم هامات ثورة 25 يناير، والغريب هنا أن عودة تلك الاحتجاجات خلال الفترة الراهنة جاءت بمشاركة بعض الفئات التى حصلت بالفعل على الكثير من الاستخفافات التى طالبت فيها ظلت أغلبية على العهد الذى قطعته مع الرئيس «السيسى» وفى محاولة ستثبت الأيام أنها فاشلة تحاول جماعة الإخوان الإرهابية وأعوانها من الخونة والعملاء واستغلال بعض الاحتجاجات الفئوية من الجماهير ضد النظام والدفع بالشباب إلى الشوارع مستغلين معاناة الفقراء ومحدودى الدخل والمعدومين والفقراء متناسين أن هناك قطاعا كبيرا آخر من الشعب يقدر تماما ظروف الوطن وما يبذله الرئيس فى سبيل استقراره.
نعم إن هناك تضخما وغلاء وفقرا وفوضى إعلامية وتربوية ونعم هناك مدارس تحولت لمقابر جمعية ومستشفيات سيئة الخدمة الصحية وأقسام شرطة تلتزم بالقانون ويعذب بعضها المواطنين ولكن لا يعنى ذلك أن كل شىء أسود فهناك عمل على الأرض ومشروعات تنفذ وتنطلق وإذا كان من حق بعض الفئات التظاهر مثل الممرضات اللاتى يطالبن بزيادة أجورهن فيجب أن يعلم هؤلاء أن أجور العاملين فى الحقل الصحى تبتلع 60٪ من الميزانية المخصصة لعلاج المصريين وكما يؤكد الخبراء فإن البلاد تحتاج إلى مزيد من الصبر حتى لا ينجح أعداء الوطن فى هدم البلاد لكن المصريين يمتلكون أشكالا عديدة ومختلفة من الصبر وتؤكد معدنهم النفيس الغالبية العظمى من محدودى الدخل والفقراء والغلابة بل والمعدومين هم من يشعرون بما يحيط بالوطن من المؤامرات بالداخل والخارج ولذلك ورغم أزماتهم الطاحنة صابرون ومقدرون لمساعى رئيس الجمهورية فى الداخل والخارج لتخفيف حدة تلك الأزمات وصولا إلى القضاء عليها نهائيا فالمراقب للرأى العام بوسعه أن يرصد حالة غضب جماعى لا تخلو منها أسرة بسبب ارتفاع أسعار العديد من السلع الذى جعل المواطنين من محدودى الدخل على وجه التحديد فريسة سهلة للتجار الجشعين والمحتكرين والمتلاعبين والتى زادت بنسب تعدت 50٪ للعديد منها وبدون مبرر لا فرق فى ذلك بسبب المنتفعين والمتلاعبين وصارت نار الأسعار حائرة بين التاجر والمنتج والحكومة التى رغم محاولاتها التدخل بقوة لصد نار الأسعار إلا أنها تلعب بدورها من وقت لآخر، وآخرها بيع اللحوم السودانى بـ60 جنيها بعد 50 جنيها لدى الجزارين ورغم اجتياح الغلاء لكل السلع خاصة الخضروات والفواكه واللحوم والأسماك فى ظل عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور فى معظم القطاعات خاصة وقت فشل حكومة المهندس محلب فى العديد من الملفات بسبب ما كان يحدث من تنافر فيما بينهم وقراراتهم التى تتم بشكل منعزل عن المشاكل الحقيقية التى يعانى منها الاقتصاد المصرى ويتأثر بها مباشرة المواطنون وأولها ارتفاع الأسعار الجنونى الذى أدى إلى مقاطعة بعض السلع وخلق حالة من الغليان فى الشارع المصرى ورغم كل ذلك لم يثر ولم يجتح الفقراء كما لم يخرجوا للشوارع والميادين لإيمانهم بأن الوطن أعلى وليس هذا وقت الوقفات، فالمواطنون صابرون ليس فقط على الارتفاع الجنونى لأسعار السلع وإنما فيما يباع لهم ويقدم من أغذية ملوثة وغير مطابقة للمواصفات لضيق ذات اليد يشترونها وهى تباع وتنشر على الرصيف فى ميادين العتبة والموسكى والمناطق العشوائية والشعبية وحولت أرصفة الشوارع إلى مطاعم مفتوحة لبضائع مجهولة المصدر رغم وجود ترسانة قوانين خاصة بحماية المستهلك كقانون 10 لسنة 1966 وقرارات وزارية مثل القرار رقم 281 لسنة 1991 الخاص بالغش التجارى لسلع أغذية أصابتهم بالسرطان والكبد ورغم ذلك صابرون ومتعجبون من بعض الاحتجاجات الفئوية فى غير محلها كالأطباء الذين تحول بعضهم لملائكة عذاب يزيدون من معاناتهم بأسعار كشف مغالى فيها جدا وصلت «الفيزيتا» فيها لـ600 جنيه لم يعد للاستشارة مكان فيه وإن وجدت تكون بـ200 جنيه عند ذات الطبيب تحت مسمى «المتابعة» أطباء يكتبون روشتات تصرف من صيدليات بعينها قد تكون أدويتها منتهية الصلاحية وهو ما أكدته نقابة الصيادلة بأن قيمة الأدوية منتهية الصلاحية بالسوق تقدر بنحو 600 مليون جنيه فيما تخسر الدولة سنويا 4 مليارات جنيه نتيجة لأدوية مغشوشة تتداول داخل الصيدليات وحتى داخل المستشفيات والنتيجة لم يعد المواطن يحصل على دواء ولا علاج بعدما تحول المستشفيات إلى مقابر «الداخل فيها مفقود» إما لتدنى الخدمة المقدمة أو ضعف مستوى الأطباء وعدم تحملهم أى ثمن لأخطائهم المهنية وإهمالهم للمرضى الذى دائما ما يؤدى إلى وفاتهم أو عجزهم بعاهات مستديمة والعقوبة ضعيفة وغير رادعة والثمن دائما يدفعه الغلابة من محدودى الدخل والفقراء ومع ذلك لم يثوروا أو يغضبوا أو حتى يستجيبوا لدعوات التخريب والخروج للشوارع والميادين هؤلاء الذين لايزالون يكتون بنار مافيا الدروس الخصوصية وبمدارس لم تعد تربى أو تعلم وتحولت معها المدارس إلى مصائد جماعية لموت واغتصاب التلاميذ والتعدى على المدرسين ذاتهم علاوة على الارتفاع الجنونى لأسعار المدارس الخاصة فى تحد واضح للحكومة والدولة ودون رادع ومن الصحة والمدارس إلى النقل لا يزال هناك استمرار لدهس وموت المواطنين على طرق الموت وفوق مزلقانات الموت أو تحت وطأة واستغلال وسائل النقل الخاص والجماعى على وجه الخصوص وبعد محاولات الدولة التدخل لتنفيذ وعد الرئيس بضبط أسعار السلع والخدمات ومناشدته بأنه ليس هذا وقت لاحتجاجات فئوية أصبح المواطنون يعانون من جديد من طوابير لا تنتهى للحصول على السلع والخدمات الحكومية المنتشرة فى ربوع المحروية ومع ذلك ما زال المصريون الحقيقيون لا يحتجون كغيرهم رغم توافر الأسباب والأزمات الصاحنة وتلك هى الوطنية الحقيقية والانتماء لهذا الوطن الذى استقلاله وأمنه أولى وأهم من أى احتجاجات معيشية ويومية من أسعار جنونية لجميع السلع والخدمات إلى جانب تدنى مستوى ما يقدم من خدمات ومرافق وعلى رأسها المستشفيات وانهيار وتدنى قطاع الصحة والتعليم الذى أصبحت فيه المدارس الحكومية بلا مدرسين ومبانى متهالكة وفوضى عارمة فى التربية والتعليم.
وإذا كان هناك عمال لهم مطالب قد تكون عادلة وعليهم اختيار الوقت المناسب لعرضها أمام مسئولى جهات عملهم والدولة بدلا من الاحتجاجات الفئوية فهناك أيضا عمال حقوقهم ضائعة سقطوا من ذاكرة الحكومات المتعاقبة ولم يحتجوا أو يطالبوا بثورة ثالثة ولهم الحق فى ذلك بل صابرون أملا فى المستقبل الأفضل لوطنهم رغم اهتمامهم بتحقيق الظروف والأوضاع المحيطة بهم داخليا وخارجيا ومن ثم السياسة عموما، فالسياسة بالنسبة لهم «رفاهية» لا يهتمون بها أو بمن يمارسها يسمعون أن هناك ثورة قامت من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية لا يعيرون اهتماما للحرية أو العدالة، فلقمة العيش لهم المراد والمبتغى يشاهدون ويقرأون ما يحدث على الأرض لا يهتمون بالنظام الحاكم أيا كانت أيديولوجيته، فالأهم كسرة خبز تسد جوعهم لا يريدون سوى أن يهتم النظام والدولة بهم ويوفر لهم علاجا مناسبا ومجانيا وتعليما جيدا لأبنائهم ومعاشا يحمى أسرهم من التشرد عند وفاتهم، من هؤلاء كل الأرزقية من عمال تراحيل يجوبون شوارع القاهرة والمدن يجلسون على الرصيف فى انتظار الفرج ولقمة العيش لأنهم عمال تحت الطلب فلا يجدون قوت يومهم وهناك عمالة أطفال أبرياء دون السن القانونية يتم استغلالهم فى العمل أسوأ استغلال فى ظروف عمل قاسية لا آدمية وبأقل الأجور دون رحمة أو رعاية منهم من يتعرض للتعذيب أو حتى القتل على أيدى أصحاب العمل وهناك أصحاب الحرف اليدوية تلك الحرف التى يمكن أن تدر ذهبا على أصحابها إذا ما اهتمت بها الدولة وشجعتها لكن للأسف أهملتها تماما ما أسفر عن انقراض هذه الحرف وتجلب لأصحابها الخراب والأمثلة على ذلك وهؤلاء لا تعد ولا تحصى جميعها عدم قدرة أسر كل هؤلاء على تعليم أبنائهم ما جعل عمالة الأطفال على سبيل المثال فى مصر ظاهرة بعد إجبار العديد من الأسر الفقيرة على ترك أطفالهم للتعليم وممارسة العمل فى سن صغيرة وهى الظاهرة التى زادت حدتها بعد ثورة 25 يناير و30 يونيو بسبب الأزمة الاقتصادية التى يعيشها قطاع عريض من المواطنين، ما دفع هؤلاء الأطفال إلى ممارسة العمل الذى تنوعت مجالات ما بين ورش الميكانيكا والمحاجر والتجوال فى الشوارع والميادين علاوة على التسول ومن ثم أطفال الشوارع وجميعهم أولى بالثورة والاحتجاج والمطالبات ضد الدولة وأوضاعهم لكنهم أبدا لم يفعلوا وانضموا إلى صفوف الصابرين الوطنيين الفعليين من أبناء الشعب المصرى الرافعين لمصلحة الوطن فى الوقت الراهن على حساب مصالحهم وأحوالهم مهما تدنى طالبو الستر وعدم الذهاب لسيناريوهات سوريا والعراق وليبيا واليمن وفخ محاولات سقوط الدولة المصرية والذريعة مطالباتهم واحتجاجاتهم الفئوية والمعيشية رغم شرعية ذلك من هؤلاء كثيرون ونماذج لا تعد ولا تحصى نذكر على سبيل المثال وليس الحصر بعضا من هؤلاء الصابرين الرافعين لدونهم شعار اللى اختشوا ماتوا.
هدى على مدرسة أكدت معاناتها وزوجها اليومية وهى أم لثلاثة أطفال لتوفير متطلبات واحتياجات أولادهم المعيشية والتعليمية ما بين المدارس الخاصة وكذلك الجامعات الخاصة رغم حصولهم على مجاميع عالية فى الثانوية العامة قائلة زوجى يغيب معظم ساعات اليوم لأن الأسعار ورسوم الخدمات لا تطاق مياه الشرب والكهرباء والخضار واللحوم والعلاج والدواء لم يعد هناك سلعة أو خدمة بسعر مناسب، فرغم تركى المدارس الحكومية لمن هم أحوج إليها فيما لم يطبق على الحد الأدنى للأجور وطبق الأقصى فقط على رئيس الدولة ومع ذلك لم ولن أثور ومن مثلى فى هذا التوقيت فاستقرار البلاد أهم وأغلى من أى معاناة.
ويقول حمدى أحمد عامل نظافة حاصل على معهد فنى تجارى إن العمل الشريف ليس عيبا ورغم عملى لا يتناسب مع مؤهلى وبعد يأسه من الحصول على فرصة عمل تجد ابتسامة الرضا والشكر لله تملأ قلبه قبل عينيه ومع أنه اللى يتحصل عليه آخر الشهر لا يكاد يسد رمقه ورمق أفراد أسرته إيمانا منه برحمة ربنا وأن الستر ولو بقليل أفضل من عدم الأمان وما تشهده الدول المجاورة من انقسامات وإرهاب أضاعا الرزق والكرامة قبله الاغتصاب الأعراض والسيادة على الأرض.
يقول عادل خالد 60 سنة مازال يتحدث آلام ظهره نتيجة جره حصان عربة الكارو بكلتا ذراعيه الضعيفتين ليبيع الجاز فى شوارع منطقة عين شمس من الصباح الباكر حتى نهاية اليوم والذى رغم شيخوخته تجده مصرا على مزاولة مهنته وكل أمنياته أن يظل يكسب قوت يومه حتى لا يمد يده لأحد ويستطيع مساعدة أولاده المتزوجين ويعانون أيضا من ضيق ذات اليد لكونهم أرزقية ولم يتمكن من تعليمهم وبلهجة الواثق من خالقه أكد لنا عم عادل أنه لن يطلب من غير الله شيئا وأضاف لن أشارك فى مظاهرات حرصا على مصلحة أولادى ومصر نحن مع الأمن والأمان والاستقرار وراضيين بعيشتنا والحمد لله.
يقول عم فايز حسين الذى تجاوز عمره 70 سنة على حد تعبيره ويشتغل فى الفاعل بيشيل تراب وزلط: أحيانا أضطر إلى حمل الزبالة المهم إنى فى آخر اليوم أدخل على بناتى الاثنتين ومعايا لقمة تسد جوعهم والحمد لله راضى بالمكتوب ولا يشغلنى سوى مصير بناتى وأنا رجلى والقبر ولذلك أتمنى من الدولة والرئيس السيسى يعملوا نقابة لنا ويبقى لينا معاش ثابت وتأمينات من أجل مستقبل بناتى.