شركــات تــأمــين السيــارات تستــغــل جــهــل العــمــلاء وتتهــرب مــن دفــع التعويــضات
"أمّن تعيش مطمن" شعار رفعته شركات التأمين لجذب العملاء إليها للتأمين على سياراتهم، التأمين إجبارى لشرائك سيارة بالتقسيط، ويجب أن تختار بين عشرات شركات التأمين لتأمن على سيارتك، يعرض عليك صاحب المعرض إحدى شركات التأمين، وثيقة صماء وبنود غير مفهومة وتفاصيل كثيرة، يدعوك أحدهم لتوقيعها بحجة أنها أفضل وثائق التأمين الموجودة بالسوق، ويجبرك آخر على اختيارها حتى لا تظل أوراقك عالقة بين معرض السيارات الذى لجأت إليه للحصول على سيارة جديدة، وبين البنك الذى قدمت له كل الضمانات، أملاً فى أن تقترض منه قيمتها وتسددها على شهور متوالية.
مع أول حادث تتعرض له سيارتك تكتشف مدى المعاناة التى ستسببها لك وثيقة التأمين هذه، فبعد أن كان لديك أمل أن تحصل على تعويض مناسب من شركة التأمين لتقوم بإصلاح سيارتك، وبمجرد انتهاء الأوراق المطلوبة للحصول على التعويض المالى المحدد تفاجئك الشركة بالرفض، فلا يكون أمامك إلا البحث عن حقوقك فى أروقة المحاكم وساحات القضاء.
التقت السوق العربية عددًا ممن لديهم مشاكل مع شركات التأمين بسبب تهربها من دفع قيمة التعويض للعميل أو إصلاح سيارته.
حسين شافعى يملك سيارة نقل، وقد انتهى من سداد اقساط سيارته، لكنه قرر أن يستمر فى التأمين على سيارته بسبب الظروف الأمنية التى تمر بها البلاد، وخوفه من أن يتعرض لأى حادث على الطريق ويخسر كل ما يملك.
يقول شافعى أنه كان يدفع 4500 جنيه سنوياً لإحدى شركات التأمين الكبرى التى كان يؤمن على سيارته بها، وأنه تعرض لحادث ضخم على الطريق بالقرب من محافظة المنوفية، وأنه قام بتحرير محضر بالواقعة، وبعد معاينة السيارة من قبل مركز الصيانة توجهت إلى شركة التأمين فى صباح اليوم التالى، وبعد مرور 5 أيام، أخبرنى مهندس تابع للشركة بأنهم سوف يقومون بتعويضى تحت بند "الهلاك الكلى"، نظراً لأن قيمة صيانتها سوف تزيد على ثمنها الأصلى.
وأضاف أنه بعد ذلك تهرب منه مسئولو الشركة، وأصبح مندوب الشركة لا يرد على اتصالاته.
وأضاف أنه بعد محاولات مكثفة، انتهى الأمر بعرض الشئون القانونية عليه مبلغ 30 ألف جنيه على سبيل التعويض، فى مقابل أن يسحب سيارته من مركز خدمة الصيانة والتوقيع على انتهاء التعاقد بينه وبين الشركة.
محمود هانى مهندس كهرباء، تعرض لحادث بسيارته التى يقدر ثمنها بحوالى 220 ألف جنيه، أشار إلى أنه تعرض لحادث بسيارته، حيث دفع لصاحب السيارة الأخرى 5 آلاف جنيه للتصالح معه، وقام بالاتصال بشركة التأمين، حيث إنه يدفع مبلغ 7500 جنيه سنويًا نظير التأمين على السيارة.
وأضاف هانى أنه شركة التأمين قضت حوالى 5 أشهر تفحص فى السيارة، مشيرًا إلى أنه فاض به الكيل، حيث توجه إلى رئيس مجلس إدارة الشركة للتظلم له بتقديم شكوى.
وأضاف أنه توجه إلى هيئة الرقابة المالية للتظلم وتقديم شكوى ضد شركة التأمين، ألحق بها المستندات الخاصة، التى تدعم موقفه وملفه التأمينى، تردد بعدها ما يزيد على 4 شهور أخرى دون فائدة، فلم يجد بداً من العودة مرة أخرى إلى شركة التأمين، بعدما أخبره مهندس الفحص أن من حقه الحصول على قيمة الهلاك الكلى البالغة 180 ألف جنيه، وهو ما نفاه بعد ذلك مسئول الشئون القانونية فى الشركة قائلاً له "خلى الرقابة تنفعك".
وقال له مدير عام الشركة أنه خالف البند الحادى عشر من الوثيقة الذى يمنعه من التصالح مع أى من أطراف الأزمة حال وقوع حادثة إلا بعلم الشركة ومن خلالها، وهو ما خالفه العميل.
هانى أكد أن أصحاب المعارض جزء من الأزمة حيث تحولوا إلى مندوبين لشركات التأمين نظرًا للعمولة التى يحصلون عليها منهم، وأنهم لا يبلغون العميل مشاكل شركة التأمين وأصبحت معارض السيارات تحل محل مندوبى التسويق للشركات فى السنوات الأخيرة.
ومن جانبه أكد المحامى محمد شريف أن شركات التأمين تستغل جهل العملاء، وتضيف العديد من البنود التى يوقع عليها العميل، وتسمح لشركات التأمين بالتهرب من الوفاء بالتزاماتها.
وأوضح شريف فى تصريح خاص "للسوق العربية" أنه "لا تنص الوثائق فى بوليصة التأمين على وجوب اتباع سرعة معينة، وعندما يقع الحادث تتذرع الشركة بأن السرعة كانت زيادة على الحد المسموح به، وهو ما يمكنها من التهرب من دفع المستحقات المالية الواجب عليها دفعها، خاصة أن العميل يلتزم بكل المستحقات المطلوبة منذ بدء التأمين".
وأضاف شريف أمر آخر لا يلتفت إليه العميل، مثل البند الخاص بتحرير محضر بالشرطة فور وقوع الحادث، وأن تقوم الشرطة بمعاينة السيارة وإثبات الواقعة بالكامل، وهذا البند تحديداً يصعب تنفيذه فى ظل زحام شوارع القاهرة أو فى ظل وقوع حوادث فى مناطق يصعب الوصول إليها بسهولة مثل الطرق الصحراوية أو غيرها من الكبارى الكبرى التى تتعطل بوقوع حادث.
وأضاف أنه لو تم تحرير محضر بعد مرور الـ24 ساعة تتذرع الشركة بأنه لم يتم تحريره وفقاً للبنود المتفق عليها، ومن ثم لا يعتد به وتتمكن من عدم دفع المستحقات المطلوبة، أو أن تشكك فى محضر الشرطة الذى تم تحريره، حيث إن الذى قام به غير مختص فنياً ومن ثم تتحايل على تغطية البوليصة للحادث.
وأوضح شريف أن هناك عددًا كبيرًا من القضايا ينظر أمام المحاكم ضد شركات التأمين، وأن عدداً قليلاً جداً من القضايا المنظورة يتم الحكم فيها لصالح المؤمَّن عليهم، وهؤلاء نسبة لا تذكر مقارنة بغيرهم ممن يعجزون على الحصول على مستحقاتهم.
ومن جانبه قال إبراهيم لبيب رئيس لجنة السيارات بالاتحاد المصرى للتأمين، أن أسباب الخلاف بين العميل وشركة التأمين بسبب جهل العملاء بمضمون شروط وبنود الوثيقة، التى وقعوا عليها، إذ إن هناك بعض الاشتراطات تكون سبباً فى عدم حصولهم على التعويضات المطلوبة.
وأكد لبيب فى تصريح خاص للسوق العربية ضرورة زيادة الوعى التأمينى بين العملاء وتجنبهم الاعتماد على ما يقال لهم من المندوب دون الاهتمام بقراءة البنود والتدقيق فى كل ما يأتى فيها.
وأكد لبيب أن غالبية الوثائق التى تضعها الشركات تتم بموافقة الاتحاد، ويجرى اعتمادها من قبل هيئة الرقابة المالية، التى تعد الجهة الوحيدة المسئولة عن رقابة تلك الشركات، وأن الأزمة التى يوضع فيها العميل أحياناً بعد الحادث الذى يتعرض له هى "قيمة التعويض" ويكون سببها عدم الاتفاق بين الخبير المعاين ومهندس مركز الإصلاح.
وقال إبراهيم لبيب أن دفع العميل مبلغ للتأمين على سيارته يخالف قيمة القسط المكتوب على الوثيقة هو نوع من الغش والنصب والتدليس تلجأ إليه بعض المعارض وتوهم العميل بتقديم خدمات إضافية مقابل ذلك ومنها خدمة على الطريق إذا حدث عطل بالسيارة وهو ما يحمل العميل نحو 40% زيادة على قيمة الوثيقة الحقيقية.
وأضاف لبيب يندرج ذلك تحت عدة مسميات نسمع عنها بالسوق منها الكارت الذهبى والكارت الفضى الذى يقدمه المعرض للعميل ويذهب فرق قيمة الوثيقة لصالح إما منتج بوليصة التأمين أو للمعرض.
وشدد على أن تلك الممارسات الخاطئة تضر بصناعة التامين وتكون أحيانا بالاتفاق مع شركة التامين وهى تتنافى مع قوانين وتشريعات وتعليمات الهيئة العامة للرقابة المالية.