السعودية تدعم الاقتصاد المصرى وتفتح المجال لمزيد من الاستثمارات
القاهرة والرياض.. «تاريخ ممتد ومصير واحد»
«السوق العربية المشتركة» تنشر كواليس مفاوضات اللجان التنسيقية «المصرية- السعودية» بشأن دعم الاقتصاد المصرى
فى خطوة داعمة للاقتصاد المصرى، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتوفير احتياجات مصر من البترول لمدة خمس سنوات، إضافة إلى زيادة حجم الاستثمارات السعودية فى مصر إلى 30 مليار ريـال، ولم يقف الدعم على ذلك بل قرر أيضًا دعم حركة النقل فى قناة السويس من قبل السفن السعودية.
جاء ذلك خلال اجتماع مجلس التنسيق "السعودى- المصرى" فى القاهرة؛ حيث رأس الجانب المصرى رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، والجانب السعودى ولى ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع.
اجتماعات المجلس التنسيقى
وتضمن البيان المشترك المصرى- السعودى "استمرارًا للعمل والتنسيق المشترك بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، وعملاً بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبناء على ما تم الاتفاق عليه فى محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودى المصرى لتنفيذ إعلان القاهرة الموقع فى مدينة الرياض بتاريخ 29/1/1437هـ الموافق 11/11/2015م، والقاضى فى البند (ثالثاً) منه بأن يعقد المجلس اجتماعاته بشكل دورى بالتناوب بين البلدين، فقد عقد الاجتماع الثانى للمجلس فى مدينة القاهرة فى 4/3/1437هـ الموافق 15/12/2015م، بحضور أعضائه من الجانبين، وقد رأس الجانب المصرى دولة رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، ورأس الجانب السعودى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولى ولى العهد النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع".
تفاصيل التوجيهات الملكية
فى بداية الاجتماع أبدى الأمير أنه قد صدرت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ابن عبدالعزيز آل سعود، بأن تزيد الاستثمارات السعودية فى جمهورية مصر العربية على ثلاثين مليار ريـال، وأن يتم الإسهام فى توفير احتياجات مصر من البترول لمدة خمس سنوات، إضافة إلى دعم حركة النقل فى قناة السويس من قبل السفن السعودية.
وعبر الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولى ولى العهد النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس الجانب السعودى فى مجلس التنسيق السعودى المصرى عن شكره وتقديره لما قوبل به وأعضاء الوفد من حسن استقبال وحفاوة بالغة فى بلدهم الثانى جمهورية مصر العربية، وتم الاتفاق على عقد الاجتماع الثالث للمجلس فى المملكة العربية السعودية.
وقد أعرب رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل محمد عن تقدير مصر حكومة وشعبًا لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز على حرصه واهتمامه البالغ بدعم الاقتصاد المصرى، وتعزيز المصالح المشتركة بين البلدين الشقيقين.
كما استعرض المجلس الجهود التى قامت بها اللجان المشتركة، وكذلك فرق العمل الفرعية التى شكلت بموجب محضر الاجتماع الأول الذى وقع فى مدينة الرياض بتاريخ 20/2/1437هـ الموافق 2/12/2015م، وأكد أهمية إنجاز المهمات المنوطة بها، تمهيداً لإنهاء مراجعة المبادرات ومشروعات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية المنبثقة عن إعلان القاهرة خلال المدة المحددة.
البترول تبحث آليات التنفيذ
فى هذا السياق، لفتت مصادر بوزارة البترول إلى أن مصر ستبحث خلال الفترة المقبلة آلية تنفيذ توجيهات الملك سلمان بن عبدالعزيز بالإسهام فى توفير احتياجات مصر من البترول لخمس سنوات.
وأشارت المصادر إلى أنه "سيتم الاتفاق خلال الفترة المقبلة مع الجانب السعودى على آلية تنفيذ الاعلان عن الإسهام فى توفير احتياجات مصر من البترول لمدة خمس سنوات".
البترول تخطو نحو التنفيذ
وفى خطوه لتنفيذ تلك الآليات، أكد المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، أنه يتم حاليًا تنفيذ عدة مشروعات لاستكمال البنية الأساسية لنقل وتداول المنتجات البترولية فى إطار استراتيجية وزارة البترول لتأمين امدادات المنتجات البترولية والغاز الطبيعى فى المقام الأول والعمل على تحويل مصر لمركز محورى إقليمى للطاقة.
جاء ذلك خلال توقيع عقد مشروع محطة تداول المنتجات البترولية بالعين السخنة باستثمارات 324 مليون دولار، والتى وقعها المهندس خالد عبدالبديع رئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "ايجاس"، والمهندس خالد صالح رئيس شركة "سوميد" بحضور المهندس محمد طاهر وكيل أول وزارة البترول.
يشمل المشروع إنشاء رصيف بحرى بطول حوالى 2,2 كيلو متر وأعماق تتراوح من 15-19 مترًا لاستقبال ناقلات الغاز الطبيعى المسال حمولة حتى 216 ألف متر مكعب وسفينة تغييز حتى 170 ألف متر مكعب واستقبال ناقلات البوتاجاز والمازوت، بالإضافة إلى تنفيذ عدد من المستودعات لتداول البوتاجاز والمازوت، وسوف يتم إنشاء المشروع على مرحلتين، الأولى خاصة بتداول الغاز الطبيعى المسال والتى من المخطط أن تكون جاهزة للتشغيل خلال الربع الأول من عام 2017، والمرحلة الثانية والخاصة بتداول البوتاجاز والمازوت ومن المخطط أن تكون جاهزة للتشغيل خلال الربع الثانى من عام 2018.
كواليس المفاوضات
كشفت مصادر دبلوماسية سعودية، عن كواليس المفاوضات التى أجرتها اللجان التنسيقية "المصرية- السعودية"، خلال الأيام الماضية، بحضور الدكتور عصام بن سعيد، عضو مجلس الوزراء السعودى، قبل الاجتماع الثانى للمجلس التنسيقى بين البلدين، التابع لـ"إعلان القاهرة"، والذى عقد برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وولى ولى العهد السعودى، وحضور عدد من الوزراء من الجانبين.
منتجات بترولية
وقالت المصادر إن المفاوضات تضمنت مناقشات حول إسهام السعودية فى توفير احتياجات مصر البترولية للعامين المقبلين؛ حيث سيتم استكمال توريد منتجات بترولية لمصر تشمل "سولار ومازوت وبنزين"، بنحو 300 مليون دولار خلال الفترة المقبلة، بنحو 450 ألف طن من السولار و198 من البنزين، مع مفاوضات أخرى لتوريد نحو 12340 ألف طن سولار و4540 ألف طن بنزين و9140 ألف طن مازوت، و1080 ألف طن بوتاجاز، خلال العامين المقبلين.
وتابعت المصادر أن هناك اجتماعات تمت على مستوى وزارتى البترول والكهرباء فى مصر مع السعودية، حيث أبدت المملكة استعدادها للاستثمار فى 3 مشروعات فى مجال البترول، المشروع الأول هو مشروع مجمع العطريات والأوليفينات بمحور قناة السويس والذى يقام على مساحة 2.3 مليون م2 بالعين السخنة، وتبلغ تكلفته الاستثمارية نحو 6.85 مليار دولار، والمخطط للمشروع أن يتم تنفيذه خلال 5 سنوات ونصف السنة بحيث ينتهى عام 2021، والمشروع الثانى إنتاج الستيرين للشركة المصرية، بطاقة إنتاجية 300 ألف طن سنويًا، وتبلغ تكلفته 593 مليون دولار، ومخطط إقامته على مساحة 104 آلاف م2 بميناء الدخيلة بالإسكندرية، وسيتم تنفيذ المشروع خلال 4 سنوات لينتهى عام 2019، والمشروع الثالث، هو التكسير الهيدروجينى لشركة أسيوط لتكرير البترول والهيئة المصرية العامة للبترول، ويبلغ حجم استثماراته 1.5 مليار دولار، والذى يهدف لتغطية احتياجات جنوب مصر من البنزين والسولار والبوتاجاز، موضحة أنه تم الاتفاق خلال المفاوضات المصرية- السعودية على تطوير سوق الكهرباء عبر مشروع الربط الكهربائى بين البلدين، إضافة إلى التعاون فى مجال البحث العلمى والتطوير الفنى ورفع كفاءة استخدام الطاقة الكهربائية وترشيد الاستهلاك، وطرح المناقصات الخاصة بمشروع الربط المصرى السعودى لتبادل 3000 ميجاوات خلال أوقات الذروة بين البلدين.
برنامج نووى
وأضافت المصادر أن هناك مفاوضات أجريت على مستوى هيئة الطاقة الذرية المصرية ومدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، وتم الاتفاق على اتفاقية تعاون فى مجالات الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بين البلدين، مشيرة إلى أن الفريق محمود حجازى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، اجتمع مع الفريق أول عبدالرحمن صالح البنيان، رئيس هيئة الأركان العامة السعودية، وذلك لمناقشة مبادرة دعم وتعزيز القدرات العسكرية والدفاعية للجيش المصرى، ما يتصل بإنشاء القوة العربية المشتركة، موضحة أن المفاوضات ما زالت مستمرة على مد أجل استحقاق الودائع السعودية التى تم توقيعها خلال المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ والبالغة 4 مليارات دولار وزيادتها، مع إمكانية دعم السعودية لمصر بنحو 500 مليون دولار فى مشروع دعم الموازنة.
أعمال درامية
وأوضحت المصادر الدبلوماسية السعودية، أن المملكة أبدت استعدادها لإنتاج أعمال درامية مشتركة، بشرط أن تكون وفق الرؤية الرقابية السعودية، مع تقسيم العائد المادى على الدولتين، كما أبدت السعودية رغبتها فى الاستثمار فى مساحة مليون فدان فى منطقة غرب كوم إمبو، وتم الاتفاق على اتفاقتين، الأولى لتجنب الازدواج الضريبى، ومنع التهرب الضريبى فى شأن الضرائب على الدخل، والثانية اتفاقية فى التعاون الجمركى.
وأشارت المصادر إلى أن المفاوضات مازالت مستمرة لدخول السعودية فى مشروعين بالعاصمة الإدارية الجديدة، وعدد من المشروعات منها هضبة الأهرام ومدينة الملك سلمان ومشروعين بمدينة العلمين الجديدة، لافتة إلى أن صندوق الاستثمارات العامة السعودى سيقوم بدراسة الاستثمار فى قطاعات الطاقة والإسكان والسياحة فى مصر، إضافة إلى بحث إنشاء مجمع سياحى ومركز للمال والأعمال بشرم الشيخ، بحيث يتم تطوير الميناء وإنشاء منطقة فندقية ومارينا لليخوت، وإنشاء الخط الخامس لمترو أنفاق القاهرة الكبرى، كما تجرى مفاوضات بشأن اتفاقية التعاون فى مجال النقل البحرى والموانئ، وتعيين الحدود البحرية بين البلدين.
وأوضحت المصادر أنه على المستوى الدبلوماسى، حدثت مشاورات سياسية بين سامح شكرى، وزير الخارجية، مع عادل الجبير، وزير الخارجية السعودية بخصوص الموضوعات الإقليمية والدولية، واتفقا على استمرار التنسيق بين البلدين، والعمل على تعزيز التضامن العربى المشترك، ودعم استقرار ومستقبل شعوب المنطقة.