السوق العربية المشتركة | مصر تخوض معركة قضائية دولية لكشف ادعاءات إسرائيل فى قضية وقف إمداد الغاز

السوق العربية المشتركة

السبت 16 نوفمبر 2024 - 21:09
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

مصر تخوض معركة قضائية دولية لكشف ادعاءات إسرائيل فى قضية وقف إمداد الغاز

  أبوالعلا  زهران  القاويش  الملا
أبوالعلا زهران القاويش الملا

الرئيس الأسبق لـ«إيجاس»: هناك عدة أسباب منطقية تدفع ببطلان الحكم
خبير بترولى: القضية محسومة وسنفوز فيها لكن بشرط


يمثل الحكم على مصر بدفع تعويض لإسرائيل بعد وقفها إمداد الغاز لها عبر خطوط شركة غاز الشرق المتوسط، مناورة منها للحصول على موافقة مصر لاستيراد الغاز من الحقول الإسرائيلية، فى المقابل تخوض مصر ممثلة فى الهيئة العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس” معركة قضائية دولية لرد الاعتبار أولا ووقف الحكم الصادر عن غرفة التجارة الدولية بجنيف “ICC” ثانيًا برفع دعوى لبطلان الحكم مرة أخرى وفقا لقوانين المحاكم السويسرية.

حكم دولى ضد مصر

أعلنت الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس” رسميًا صدور حكم تحكيمى صادر عن غرفة التجارة الدولية بجنيف “ICC” فى النزاع مع شركة شرق البحر المتوسط “EMG” وشركة كهرباء إسرائيل بفرض تعويضات على هيئة البترول و”إيجاس” بقيمة 288 مليون دولار من أصل 1.5 مليار دولار كانت شركة “EMG” قد طالبت بها (ويمثل 19.2% من إجمالى التعويض المطلوب)، وبقيمة 1.7 مليار دولار لشركة كهرباء إسرائيل من أصل 3.8 مليار دولار كانت شركة كهرباء إسرائيل قد طالبت بها (يمثل حوالى 39.5% من التعويض المطلوب)، وذلك بعد أن رفضت هيئة التحكيم العديد من التعويضات غير المبررة.

أسباب وقف التصدير

لفت الدكتور إبراهيم زهران، الخبير البترولى، إلى أن توقف الغاز فى 2012/2013 لم يكن بإرادة الحكومة، ولكن نتيجة حالة الانفلات الأمنى التى شهدتها البلاد فى تلك الفترة، وجاءت نتيجة تفجير خطوط نقل الغاز، موضحًا أن القانون الدولى يسمح للحكومة المصرية برفع قضية والاستئناف على الحكم الصادر ضدها، قائلا “لكنها ستتكاسل كالعادة حتى يضيع حقها”.

وقال الخبير البترولى: “هذه القضية محسومة، وسنفوز فيها إذا تقدمنا باستئناف لكن بشرط لو أرسلنا المحامى بتاعنا، لأننا ساعات بنبعت محامى بيشتغل لينا وليهم فى نفس الوقت، وبيكون الخصم متفق معاه”، مشيرًا إلى أن الأمر سينتهى لصالح الحكومة المصرية لو أرادت ذلك، لأن القانون الدولى فى صفها، خاصة أنه هناك شركة مصرية تعاقدت على استيراد الغاز من إسرائيل.

كان هانى ضاحى، رئيس الهيئة العامة للبترول خلال عام 2012، قد أشار إلى أن الشركة القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس”، قررت وقف تصدير الغاز إلى إسرائيل بعد أن طالبت الجانب الإسرائيلى بسداد قيمة الغاز المصرى المورد حيث وصلت مديونيات شركة غاز شرق المتوسط للهيئة إلى نحو 100 مليون دولار خلال الشهور الأربعة السابقة عن قرار الوقف، بينما تقاعست الشركة عن تسديد المستحقات.

أسباب بطلان الحكم

قال المهندس محمد شعيب، الرئيس الأسبق للشركة المصرية القابضة للغازات المصرية “إيجاس”، إن هناك عدة أسباب منطقية تدفع ببطلان الحكم، الذى قالت إسرائيل إنه صدر بتعويضها 1.76 مليار دولار، على خلفية وقف إمدادها بالغاز، وفقًا لعقد التصدير، مشيرًا إلى أن إسرائيل رفعت الدعوى قبل إيقاف تصدير الغاز إليها بـ6 أشهر، وبالتالى ربط التحكيم بإنهاء عقد التصدير خاطئ، مؤكدًا أن إسرائيل كانت متقاعسة فى سداد قيمة الغاز الذى يصلها، وأن إسرائيل كان لديها النية المسبقة لرفع الدعوى ضد الشركات.

وأكد الرئيس الأسبق للشركة المصرية القابضة للغازات المصرية “إيجاس” أن مصر لديها أوراق ضغط يمكن من خلالها التفاوض مع إسرائيل للتنازل عن الحكم، من بينها أن مصر هى السبيل الوحيد لإسرائيل فى تصدير الغاز، نظرًا لامتلاكها موانئ تسييل، مشيرًا إلى أنه سيتم الطعن على الحكم فى كل مكان يصدر منه. وأوضح أن أنه قد صدر قرار بوقف الغاز لإسرائيل نتيجة عدم التزامهم بسداد بعض المستحقات، قائلا: “ليس من حق إسرائيل أن تطالب بتلك المبالغ، لكن الحكومة الحالية عاجزة، خاصة أننا نمتلك الأوراق التى تثبت صحة موقفنا”.

وعن أسباب بطلان الحكم الصادر بحق مصر، قال إبراهيم زهران: إن مصر تمتلك ثلاث ورقات مهمة تمكنها من الطعن بسهولة على الحكم الصادر لصالح الكيان الصهيونى، بتعويض تل أبيب عن قطع إمدادات الغاز إليها، لافتًا إلى أن هذه الأوراق تتمثل أولاها فى أن الجهة التى تقدمت بالدعوى ليست ذات صلة، لأن من تقدم بالدعوى كان شركة الكهرباء الإسرائيلية، وهى لا تمثل الجهة التى تعاقدت معها مصر، مشيرًا إلى أن مصر كانت ممثلة فى هيئة البترول، والشركة القابضة للغازات “إيجاس”، بينما مثل الجانب الآخر فى التعاقد شركة غاز شرق المتوسط، وثانية هذه الأوراق تتمثل فى أن وقف ضخ الغاز إلى إسرائيل حدث رسميا فى 4 مايو 2012، بينما تم رفع الدعوى فى 2011.. أما الورقة الثالثة- التى تمتلكها مصر فى رأى الخبير البترولى إبراهيم زهران- فتتمثل فى أن التعاقد بين الطرفين ينص على أنه فى حالة النزاع يتم اللجوء إلى مركز القاهرة للتحكيم، وليس مركز جنيف، وفقا لنص التعاقد، مضيفًا أن الدعوة التى أقيمت جاءت بهدف الضغط على مصر.

الموقف الرسمى للدولة

كشف السفير حسام القاويش، المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء، أن الحكومة المصرية ليست طرفًا فى النزاع بين الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية من طرف، وشركة كهرباء إسرائيل وشركة شرق البحر المتوسط للغاز من طرف آخر.

وأضاف القاويش أن إجراءات الطعن على الحكم ستقوم بها الهيئة المصرية العامة للبترول، والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، ومكتب المحاماة الدولى شيرمان واسترلينج، باعتبار أن هذه الجهات هى المعنية بقضايا المحاكم التجارية.

فى الوقت ذاته، أعلنت هيئة البترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس” أنهما تلقيا تعليمات من الحكومة المصرية بتجميد المفاوضات بين الشركات لاستيراد الغاز من الحقول الإسرائيلية أو منح الموافقات الاستيرادية وذلك لحين استبيان الموقف القانونى بشأن حكم التحكيم الصادر ونتائج الطعن عليه.

أبعاد الموقف المصرى

أكدت الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس” ومكتب المستشار القانونى الدولى “شيرمان آند سترلينج” قيامهم باتخاذ كافة الإجراءات القانونية لبطلان هذا الحكم والطعن عليه أمام المحاكم السويسرية طبقًا لإجراءات التقاضى، لافتين إلى أنه بعد التشاور مع المستشار القانونى الدولى المتخصص فى إجراءات التحكيم التجارى على حقهما المطلق فى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لبطلان حكم تحكيم غرفة التجارة الدولية بجنيف “icc”، والطعن عليه وفقًا لقانون التحكيم السويسرى.

فيما قال محمد الكامل، المستشار بمكتب الكامل للاستشارات القانونية، إنه لا يجوز الطعن على أحكام التحكيم الدولى الصادرة عن غرفة التجارة الدولية بجنيف، مضيفًا أن القوانين الدولية لا تسمح بالطعن على حكم تحكيمى دولى صادر عن غرفة التجارة، واتفق معه الدكتور إبراهيم أحمد، خبير القانون الدولى والمحكم الدولى، إنه لا يجوز الطعن على أحكام التحكيم الدولية، لكن يمكن الالتفاف على الحكم بشكل استثنائى عن طريق رفع دعوى بطلان الحكم أو تعطيله.

وأوضح المحكم الدولى أن دعوى البطلان لا تقبل إلا لأسباب محددة، منها الظروف الأمنية أو قوة قاهرة، كما يجب الاطلاع على إجراءات وسبل تنفيذه فى جنيف وفقا لقوانينها، وأنه تجب الاستعانة بالكفاءات المصرية بدلا من المكاتب الأجنبية، والتعامل مع القضية بشفافية تامة.

مناورة سياسية

أكد الدكتور رمضان أبو العلا، استاذ هندسة البترول بجامعة قناة السويس، أن صدور حكم فى تلك الفترة يعد مناورة من الجانب الإسرائيلى للضغط على مصر لقبول صفقات الشركات الخاصة المصرية لاستيراد الغاز من إسرائيل، وقال أبو العلا، إن شركة غاز الشرق المتوسط تقف فى جانب الطرف الإسرائيلى لأنها تضررت هى الأخرى وفقا لمصالحها، مضيفًا أن هناك تضاربا فى تصريحات المسئولين بالحكومة عند نشر الخبر فى وسائل الإعلام، حيث قال وزير البترول إن هناك محاولات لوقف الحكم، فيما أكد مصدر من مجلس الدولة، أن الخبر لم يحدث وغير صحيح.

ودلل أبو العلا على أن الأمر لا يتعدى مناورة سياسية وأن شركات طاقة إسرائيلية أعلنت أنها ستسعى إلى إجراء محادثات مع مستوردين محتملين للغاز الطبيعى فى مصر وذلك بعد يوم واحد من قرار القاهرة تجميد المفاوضات لحين تسوية النزاع التحكيمى مع إسرائيل.

رسالة طمأنة للمستثمر الأجنبى

أكد المحاسب أيمن حجازى، نائب الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للبترول للشئون المالية، عدم صحة ما نشر حول قيام هيئة البترول بالتفاوض مع عدد من البنوك لتأجيل أقساط بالدولار مستحقة على الهيئة، مشيرًا إلى أنه لم يصدر من أى مسئول بالهيئة مثل هذا التصريح، مؤكدًا أن هيئة البترول منتظمة فى سداد المستحقات عليها لدى الغير فى مواعيدها المقررة وأن نشر مثل هذه الأخبار يؤثر عليها سلبًا.

نوايا إسرائيل الخبيثة

لم يكن الحكم ضد مصر هو البداية، بل كانت البداية الحقيقية عند شركة “دولفينوس هولدينجز” القابضة المصرية التى سعت لاستيراد الغاز الإسرائيلى؛ حيث أعلن مطورو حقل “لوثيان” الإسرائيلى العملاق للغاز توقيع اتفاق أولى لضخ الغاز إلى مصر عبر خط أنابيب بحرى قائم لمدة تصل إلى 15 عامًا.

وقالت الشركات- فى بيان إلى بورصة تل أبيب- إن “لوثيان” المتوقع أن يبدأ الإنتاج فى 2019 أو 2020 سيزود “دولفينوس” القابضة المصرية بما يصل إلى أربعة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا لمدة من عشر سنوات إلى 15 سنة، حيث وقع الجانبان خطاب نوايا اتفقا خلاله على التفاوض على شروط الاتفاق النهائى، وقالوا إن سعر الغاز مماثل للعقود الأخرى ويرتبط بتكلفة خام برنت ويتضمن حدا أدنى.

وردت وزارة البترول المصرية فى بيان صحفى على لسان مسئول لم تسمه بأن قطاع البترول المصرى ليس طرفا فى هذا الاتفاق؛ حيث قال طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، إن شركة “دولفينوس” القابضة المصرية تقدمت بطلب رسمى إلى الشركة القابضة للغازات “إيجاس” للسماح لها باستيراد الغاز من الشركات المسئولة عن إدارة حقول الغاز الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن هناك عدة شركات تقدمت بطلب للحصول على الموافقات اللازمة لاستيراد الغاز وان تلك الطلبات قيد الدراسة، ولم تحصل أى شركة حتى الآن على الموافقات المطلوبة.

من جهتهم، انتقد محللون اقتصاديون إسرائيليون، حملة الدعاية التى رافقت الإعلان عن مذكرة تفاهم لبيع الغاز الإسرائيلى من حقل “لوثيان” إلى مجموعة من المستثمرين المصريين، واعتبروا أن مصير هذه الصفقة سيكون الفشل كسابقتها، وأن الإعلان عنها يخدم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذى يرغب فى إقرار مخطط احتكار الغاز الذى يلاقى معارضة سياسية وشعبية كبيرة فى إسرائيل.

تاريخ تصدير الغاز لإسرائيل

كانت مصر قد وقعت اتفاقية تصدير الغاز المصرى لإسرائيل فى عام 2005 لمدة 20 عاما بثمن يتراوح بين 70 سنتا و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية بينما يصل سعر التكلفة 2.65 دولار.

ويمتد خط أنابيب الغاز بطول مائة كيلومتر من العريش فى سيناء إلى نقطة على ساحل مدينة عسقلان جنوب السواحل الإسرائيلية على البحر المتوسط.

وتعد شركة غاز شرق المتوسط المسئولة عن تنفيذ الاتفاق التى كان يشارك بها حسين سالم رجل الأعمال لكنه باع نسبته بها، كما تملك الهيئة العامة للبترول حصة ١٠% من أسهم الشركة.

وفى إبريل ٢٠١٢ أعلنت مصر توقف الاتفاق بعد تعرض خط الأنابيب لهجمات من الإرهابيين فى سيناء عقب ثورة 25 يناير ٢٠١١، وكانت الشركة قد رفعت دعوى لتحكيم الدولى قبل توقف الغاز بشهرين نتيجة لتفجير الخط بشكل مستمر.