«السوق العربية المشتركة» تستعرض ملامح الخطة المستقبلية لوزارة البترول.. وآليات تطوير القطاع لخلق مناخ استثمارى إيجابى
■ عمرو مصطفى: مصر مؤهلة لتكون مركزًا إقليميًا للطاقة
■ عثمان عجيزة: ٤ محاور جديدة للقضاء على مشاكل نقص المنتجات البترولية
■ محمد المصرى: الإصلاح أثمرت فى خفض مستحقات الشركاء الأجانب إلى النصف
■ شريف سوسة: اتخذنا عدة تدابير لتكثيف وسرعة تنفيذ الأنشطة الاستكشافية والإنتاجية
فتحت زيارة رئيس مجلس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، لوزارة البترول ملف الاستراتيجية العامة التى تسعى قيادات قطاع البترول فى تنفيذها، وخطة الوزارة التى وضعها إسماعيل ويسعى المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، لاستكمالها؛ حيث استعرض الملا الأهداف الاستراتيجية لقطاع البترول خلال زيارة المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء لمقر الوزارة لبحث خطة الوزارة ضمن برنامج الحكومة الذى ستقدمه للبرلمان المقبل، كما تم مناقشة أولويات السياسات والاستراتيجيات فى ظل انخفاض الأسعار العالمية للبترول وضعف الطلب واستعراض وجهات النظر حول تقلبات أوضاع أسواق الطاقة وأثر أنشطة الأسواق المالية والمضاربات عليها بالإضافة إلى كفاءة الطاقة وتنويع مصادرها وتطوير عمليات التكرير والتسويق فضلا على إعادة هيكلة أسعار الطاقة.
من هنا.. تستعرض "السوق العربية المشتركة" ملامح الخطة العامة لوزارة البترول والثروة المعدنية من خلال طرح أولويات قطاع البترول التى وضعها فى صدارة اهتمامه، بالإضافة إلى الآليات المتبعة فى تخفيض مستحقات الشريك الأجنبى، وآليات الإصلاح الشامل لقطاع البترول التى تستهدف خلق مناخ استثمارى ايجابى تكون من خلاله مصر قبلة المستثمرين العرب والأجانب.
ملامح عامة
تشمل استراتيجية وزارة البترول تأمين الاحتياجات من الموارد البترولية بأسعار اقتصادية مع زيادة الاحتياطى والإنتاج من الثروة البترولية وتحويل مصر لمركز استراتيجى لتداول الطاقة وتحقيق استثمارات فى مجال البحث والتنمية لنحو 30 مليار دولار حتى عام 2018، مع التوسع فى توصيل الغاز الطبيعى للوحدات السكنية على مستوى الجمهورية.
كما يشمل برنامج الوزارة فى المدى القصير (2015/2016) بإبرام اتفاقيات جديدة للبحث عن الزيت الخام والغاز واستغلالها إضافة إلى طرح 3 مزايدات عالمية للبحث عن البترول والغاز بإجمالى 25 إلى 30 قطاعا، والاتفاق على خطة تنمية كشف (ظهر 1)، ويقدر الاحتياطى المبدئى بنحو 30 تريليون قدم مكعب غاز، و100 مليون برميل متكثفات.
ويهدف برنامج الوزارة إلى توصيل الغاز الطبيعى لنحو 1.2 مليون وحدة سكنية فى العام المالى 2015/2016، إلى جانب توصيل الغاز الطبيعى لنحو 1100 منشأة صناعية وتجارية، ووصول عدد السيارات المحولة لنحو 265 ألف سيارة تعمل بالغاز الطبيعى حتى نهاية يونيو 2018.
أولويات قطاع البترول
كشفت الدكتور شريف سوسة، وكيل أول وزارة البترول، أن هناك أولويات حددها قطاع البترول كبرنامج عمل يهدف إلى تكثيف أعمال البحث والاستكشاف فى مختلف المناطق البحرية والبرية خاصة فى الطبقات العميقة بالصحراء الغربية والدلتا، بالإضافة إلى تحفيز العمل فى مناطق لم تحظ بقدر كاف من النشاط الاستكشافى فى صعيد مصر والبحر الأحمر وتشجيع استكشاف مصادر غير تقليدية؛ حيث تمتلك مصر إمكانات كبيرة فى هذا المجال، مشيرًا إلى أنه يتم مراجعة شروط الاتفاقيات البترولية لمسايرة المتغيرات ولتشجيع جذب مزيد من الاستثمارات.
وأضاف سوسة أن الطاقة هى المحرك الرئيسى لتحقيق التنمية الشاملة وتطلعات الشعب المصرى نحو مستقبل أفضل، موضحًا أن الوقود الأحفورى سيظل هو المصدر الرئيسى للطاقة خلال الفترة القادمة؛ حيث يمثل نحو 87% من الطلب على الطاقة الأولية فى العالم، الأمر الذى يتطلب بذل مجهود كبير لتلبية النمو المتوقع فى الطلب على الطاقة ومواكبة المتغيرات المتلاحقة فى جميع أنحاء العالم التى فرضت العديد من التحديات على الساحة الدولية للطاقة، مشيرًا إلى أن الوزارة بدأت بالفعل فى تنفيذ استراتيجيات واتخاذ عدة تدابير لتكثيف وسرعة تنفيذ الأنشطة الاستكشافية والإنتاجية وجذب مزيد من الاستثمارات لتأمين الإمدادات المستدامة من الطاقة لتلبية الاحتياجات المستقبلية المتنامية.
وأشار وكيل أول وزارة البترول إلى أنه تم خلال الـعام ونصف العام الماضى طرح العديد من المزايدات العالمية للبحث والاستكشاف عن البترول والغاز، وأنه تم توقيع 56 اتفاقية منها 7 اتفاقيات فى صعيد مصر، بالإضافة إلى النجاح فى خفض المستحقات المتراكمة للشركاء الأجانب، والاتفاق على أسعار الغاز الجديد المنتج فى المشروعات الجديدة ما ساهم فى تشجيع الشركاء الأجانب على ضخ مزيد من الاستثمارات والإسراع فى مشروعات البحث والاستكشاف وتنمية حقول البترول والغاز والتى أثمرت عن تحقيق كشف "ظُهر" الذى يُعد الأكبر على الإطلاق بين اكتشافات الغاز التى تحققت فى مصر والبحر المتوسط، نتيجة العمل الشاق المتواصل والشراكة الناجحة مع شركات البترول العالمية التى تثق فى الاقتصاد المصرى بالإضافة إلى الاستقرار السياسى والاقتصادى والمصداقية التى تستعيدها مصر، منوهًا بأنه عندما يتم الانتهاء من تنمية هذا الكشف بشكل كامل سيصبح قادرًا على ضمان تلبية جانب من الطلب على الغاز الطبيعى فى مصر، مشيرًا إلى سعى الوزارة إلى الإسراع فى وضع هذا الكشف على خريطة الإنتاج باستخدام التسهيلات المتاحة.
رؤية لتطوير سوق البترول
استعرض المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، رؤيته لتطورات أوضاع سوق البترول العالمى الحالية وتأثير الانخفاض الحالى فى الأسعار العالمية للبترول وتسجيلها مستويات تقترب من حاجز الـــ40 دولارًا للبرميل بسبب تراجع الطلب ووجود فائض فى العرض العالمى وتأثير ذلك سلبًا على تدفق الاستثمارات خاصة فى أنشطة البحث والاستكشاف فضلاً على التأثير السلبى على الاستثمار فى مصادر الطاقة غير التقليدية، مضيفًا أن عودة الاستقرار والتوازن لأسواق البترول العالمية وأسعاره تستدعى العمل على دعم التعاون بين الدول الأعضاء فى منظمة "أوبك" والدول غير الأعضاء، خاصة أن الدول خارج "أوبك" تستأثر بنسبة 60% من إجمالى الإنتاج العالمى للبترول، وذلك باعتبار التعاون العامل الرئيسى لتحقيق الهدف المنشود من خلال دعم الحوار المباشر بين الطرفين ومشاركة الدول خارج أوبك فى اجتماعات أوبك بصفة مراقب لتقريب وجهات النظر فضلاً على المباحثات الثنائية بين الدول المؤثرة فى الجانبين لتحقيق المصالح المشتركة وإعادة التوازن بين العرض والطلب العالميين على البترول من أجل استقرار الأسعار عند مستويات عادلة للطرفين.
جاء ذلك خلال مشاركة وزير البترول والثروة المعدنية فى المنتدى الاقتصادى بالبحرين، تحت عنوان "رسم مسار جديد.. وضع السياسات النفطية فى سوق متقلب"، الذى نظمته الشركة العربية للاستثمارات البترولية "أبيكورب" التابعة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول بمناسبة مرور 40 عامًا على تأسيسها.
كما استعرض استراتيجية وزارة البترول المصرية والإجراءات التى تم البدء فى تنفيذها لجذب المزيد من الاستثمارات فى مجال البحث عن البترول والغاز وتنميته، حيث أوضح أن إجمالى الاستثمارات سجل خلال عام 2014/2015 حوالى 7.7 مليار دولار ترتفع إلى حوالى 8.6 مليار دولار فى عام 2015/2016، مشيرًا إلى أن تدفقات الاستثمار بقطاع البترول المصرى تسير بصورة طبيعية على الرغم من التحديات التى تواجه صناعة البترول عالميًا.
وأوضح الوزير أن منطقتى دلتا النيل والبحر المتوسط خاصة فى المياه العميقة تتميز باحتمالاتها البترولية والغازية الواعدة وأن كشف "ظُهر" سيعزز ويحفز من أنشطة البحث والاستكشاف فى هذه المناطق البكر وسيسهم فى تغيير خريطة إنتاج الغاز فى مصر.. كما تطرق الملا إلى سياسات الإصلاح التى تبنتها وزارة البترول فى إطار الخطة الشاملة للحكومة للإصلاح الاقتصادى، مشيرًا إلى بدء تنفيذ برنامج شامل لإصلاح دعم الطاقة خلال فترة تتراوح بين 5-6 سنوات، تم تنفيذ المرحلة الأولى بنجاح، إلى جانب إعداد خطة لتنويع مزيج للطاقة أكثر توازنًا، والبدء فى إصلاح سوق الغاز حيث تمت الموافقة على مشروع قانون الغاز وإنشاء جهاز تنظيمى بهدف تحقيق انطلاقة حقيقية لهذا النشاط، بالإضافة إلى تحويل مصر لمركز محورى إقليمى للطاقة خاصة وأنها تمتلك كافة المقومات للقيام بهذا الدور، مضيفًا أنه يتم حاليًا اتخاذ إجراءات لزيادة الإنتاج المحلى من البترول والغاز لتلبية احتياجات البلاد من خلال الإسراع فى مشروعات تنمية الحقول المكتشفة، كما يتم أيضا تأمين جانب من احتياجات البلاد من الغاز الطبيعى من خلال استيراد كميات من الغاز الطبيعى المسال وتطوير ورفع كفاءة معامل التكرير والبنية الأساسية فضلاً عن تنمية صناعة البتروكيماويات لتعظيم القيمة المضافة.
إجراءات إصلاحية شاملة
أكد المهندس محمد المصرى، الرئيس التنفيذى لهيئة البترول، أن قيادات قطاع البترول تعمل على تنفيذ إجراءات لإصلاح قطاع الطاقة باعتباره المحرك الأساسى لقاطرة التنمية الاقتصادية، وترتكز على تأمين ودعم وتنويع وتحسين كفاءة الطاقة وتحقيق الاستدامة والالتزام بسداد مستحقات الشركاء الأجانب وترشيد دعم المنتجات البترولية والغاز الطبيعى بما يتناسب مع ظروف المجتمع، بالإضافة إلى العمل على إدارة قطاع البترول من خلال تطوير أساليب العمل وتشجيع وجذب الاستثمارات فى مختلف الأنشطة البترولية.
وأضاف الرئيس التنفيذى لهيئة البترول، افتتاح المؤتمر والمعرض الدولى السابع للبترول والغاز والبتروكيماويات "إنترجاس"، أن الإصلاح أثمرت فى خفض مستحقات الشركاء الأجانب إلى النصف وتطوير اتفاقيات البحث والاستكشاف والإسراع فى وتيرة مشروعات تنمية حقول الغاز والبترول وتأمين واردات الغاز المسال من خلال سفينتى التغييز الحاليتين، فضلاً عن تطوير معامل التكرير وإضافة وحدات إنتاجية جديدة والتوسع فى شبكات البنية الأساسية للنقل والتوزيع، وتطوير صناعة البتروكيماويات بالإضافة إلى وضع خطة متكاملة للوصول إلى مزيج للطاقة أكثر توازنًا خلال فترة 10 سنوات وإصلاح سوق الغاز من خلال إنشاء الجهاز التنظيمى لسوق الغاز فى مصر.
وتابع المهندس محمد المصرى، أن الإجراءات الإصلاحية التى قام بتنفيذها قطاع البترول نجحت فى تخفيض مستحقات الشركاء الأجانب المتراكمة إلى النصف خلال العامين الأخيرين، وتطوير بنود بعض الاتفاقيات البترولية لتحقيق التوازن بالإضافة إلى طرح المزايدات العالمية والنجاح فى توقيع 62 اتفاقية جديدة باستثمارات أكثر من 14 مليار دولار، بالإضافة إلى 12 اتفاقية أخرى فى مرحلة إنهاء الإجراءات، وأوضح أن هذه السياسات أثمرت عن تحقيق كشف الغاز "ظُهر" العملاق فى البحر المتوسط الذى يعد ثمرة من ثمار الاتفاقيات الجديدة التى تم توقيعها.
منح الشركات البترولية
بلغ إجمالى منح توقيع الشركات البترولية الأجنبية فى الاتفاقيات التى تم توقيعها خلال العامين الماضيين فى مصر لحفر عدد من الآبار بمناطق الصحراء الغربية نحو 194 مليون دولار بما يعادل 1.6 مليار جنيه.
ووفقا لتقارير اتفاقيات البحث والاستكشاف التى تم توقيعها، فإن هذه المنح تشمل مناطق شمال غزالات، وجنوب غرب وامتياز حورس، منطقة سترا وبدر 3 وجنوب غرب مليحة، شمال غرب جندى منطقة شرق أبوسنان، غرب كلابشة، وغرب الداخلة، ويتصارع العديد من الشركات العاملة فى مجال النفط والغاز على ضخ استثماراتها فى عمليات البحث والاستكشاف فى الصحراء الغربية؛ حيث قدرت استثمارات الشركات بـ423 مليون دولار.
محاور القضاء على مشاكل نقص المنتجات
قال الكيميائى محمد عثمان عجيزة، وكيل وزارة البترول للنقل والتوزيع، إن الوزارة تعمل على ٤ محاور جديدة للقضاء على مشاكل نقص المنتجات البترولية والتلاعب فى المحطات من خلال الامتناع عن البيع، حيث تقوم الوزارة حاليًا بتنفيذ هذه المحاور وهى: المحور الأول مشروع إحكام الرقابة على الشركات من خلال تنفيذ نظام الأوتوماتك تنك "ATG" للسيطرة على محطات التوزيع ومنع امتناع المحطات عن البيع، والمحور الثانى هو نظام "GBS" ويتم تركيبه فى سيارات نقل المنتجات البترولية سواء المملوكة للشركات العامة أو المملوكة لمقاولين النقل.
وأشار "عجيزة" فى تصريحات خاصة لـ"السوق العربية المشتركة"، إلى أن المحور الثالث يشمل زيادة عدد محطات توزيع المنتجات البترولية فى جميع المناطق بما يضمن منع ظاهرة التكدس والازدحام أمام المحطات، والمحور الرابع زيادة السعات التخزينية فى المحطات لمواجهة زيادة الطلب على المنتجات سواء فى المحطات القائمة أو المحطات الجديدة.
وأكد وكيل وزارة البترول أن المخزون الاستراتيجى على المنتجات المختلفة آمن ويكفى لفترات طويلة، هذا إضافة إلى استمرار وصول مراكب الشحن المستوردة من الخارج طبقًا للبرامج المحددة سلفًا، وانتظام الإنتاج اليومى من معامل التكرير.
إقامة مركز إقليمى للطاقة فى مصر
أكد الجيولوجى عمرو مصطفى، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول للعمليات، أن مصر مؤهلة لتكون مركزًا إقليميًا للطاقة من خلال استثمار مقومات الموقع الجغرافى المتميز والبنية التحتية، وأن هيئة البترول تضع نصب أعينها تحقيق ذلك الهدف الاستراتيجى.
وأشار مصطفى، فى تصريحات خاصة لـ"السوق العربية المشتركة، إلى أن قطاع البترول يمتلك فرصًا جاذبة للاستثمار فى مختلف الأنشطة البترولية، والتى تبشر بتحقيق نتائج إيجابية للاقتصاد المصرى فى ظل الجهود الجارية لتعزيز وتهيئة المناخ الملائم للاستثمار، لافتًا إلى أن الحكومة تعمل على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات الشعب المصرى وبناء مستقبل مزدهر.