حالة طوارئ بالقليوبية.. وتنفيذ مخرات جديدة بالإسكندرية.. وطلمبات غطس بالبحيرة
(السوق العربية) ترصد خطة المحافظات لتفادى السيول المتوقعة
■ محمد عبدالظاهر: تخصيص 5 ملايين جنيه لاستكمال شبكات تصريف الأمطار
■ يحيى الصيرفى: لجنة فنية من الشركة القابضة والقوات المسلحة والإسكان لمعاينة ورفع كفاءة المحطات
لطالما اعتبر أجدادنا المصريون الأمطار مصدرا للخير والرخاء واستطاعوا تخديم السيول والاستفادة منها واحتجازها وراء السدود، ولقد فعل أجدادنا ما عجزنا عنه فى القرن الحادى والعشرين، فقد تعرضت مصر للعديد من السيول المدمرة بداية من سيول (وادى العريش) عام 1974 حتى السيول التى تعرضت لها الإسكندرية والبحيرة والكثير من المحافظات فى مصر.
وإذا رجعنا إلى الوراء قليلاً سنجد أن فى عام 1974 اجتاحت السيول المدمرة حوض (وادى العريش) وبلغت كمية الأمطار على مدار ثلاثة أيام 21 مليون متر، وكذلك تعرض كل من (وادى نويبع) و(وادى وتير) بسيناء لسيل مدمر عام 1987 نتج عنه تدمير طريق طابا، وفى عام 1975 تعرضت محافظتا سوهاج وأسيوط إلى أضرار فادحة بسبب السيول المدمرة، وأيضا تسببت سيول (وادى علم) عام 1990 والتى نتج عنها غرق مركز التعدين بمرسى علم، حيث احتجزت المياه خلف الطريق المسفلت بارتفاع متر تقريباً، وفى عام 1994 تعرضت مصر لموجة مفاجئة من الأمطار الفيضانية شديدة الغزارة، والذى سُمى سيول مصر 1994، وفى عام 2014 تعرضت الإسكندرية لموجة من الأمطار والسيول جعلت بعض الأماكن هناك تغرق.
وفى 2015 حذرت هيئة الأرصاد المصرية فى صيف الماضى، بأننا سنتعرض لموجة برودة وسيول فى شتاء 2015 لم تتعرض له مصر منذ 30 عاما، ولكن لم يلتفت بعض المسئولين لأهمية الموقف وهو ما أدى إلى تكرار ما حدث العام الماضى فى الإسكندرية، حيث تعرضت شوارع الإسكندرية لسقوط أمطار غزيرة وبرق ورعد، وتساقطت الأمطار فى أماكن متفرقة بالإسكندرية، وتسببت فى تراكم المياه بشكل كثيف على كورنيش الإسكندرية وبالطرق الرئيسية، وأعلن وقتها هانى المسيرى محافظ الإسكندرية السابق، رفع درجة الاستعداد القصوى، لمواجهة هطول الأمطار الغزيرة، وذلك بجميع الإدارات والمديريات المعنية ونزول الدفاع المدنى ومطافئ المنطقة الشمالية العسكرية، علاوة على طلب الاستعانة بالدفاع المدنى بالبحيرة، إلا أن المحافظة اعتذرت لتعرضها لنفس المشكلة، وبعد الفشل فى احتواء الأزمة بل وسقوط ضحايا بالإسكندرية، فقد قرر محافظ الإسكندرية تقديم استقالته وتم الموافقة عليها من جانب رئيس الوزراء شريف إسماعيل، وبعد هذه الاستقالة بساعات تقدم رئيس شبكة الصرف الصحى بالإسكندرية، باستقالته وذلك بعد تلك الكارثة، لكن الغريب فى كل هذا أنه قبل حدوث هذه الكارثة بأيام، نشرت البوابة الرسمية لمحافظة الإسكندرية بيانا قالت فيه أنه (تم تطهير وتنظيف شنايش صرف المطر بطريق الكورنيش، وذلك تحت إشراف وتواجد اللواء مهندس أحمد أبوطالب، ومعاون رئيس الحى للمرافق وبتواجد إدارة المتابعة الميدانية)، وبعد كل هذا كان للجيش دور كبير فى حل هذه الأزمة واحتوائها، حيث نقلت أتوبيسات القوات المسلحة، عددا من المواطنين من كورنيش الإسكندرية إلى منازلهم، وذلك بعد إضراب السائقين ورفضهم الخروج خوفًا على سياراتهم بعد غرق شوارع المدينة بالكامل، وظهرت سيارات القوات المسلحة تحمل المواطنين من الكورنيش وعبور المياه الغارقة، وسادت حالة من الفرحة أوساط المواطنين لمحاولة القوات المسلحة مساعدتهم فى الذهاب إلى منازلهم بعد توقف حركة المرور نهائيًا وعدم وجود أى مواصلات عامة أو خاصة على طريق الكورنيش.
بينما دفعت القوات البحرية، بعدد من السيارات للمساعدة فى شفط المياه من كورنيش سيدى جابر ورشدى، وذلك بعد تعرض تلك الشوارع لتراكم مياه الأمطار بها، ما أدى لتوقف حركة المرور.
كما قرر نبيل عباس، وكيل وزارة التضامن بالإسكندرية، صرف 5 آلاف جنيه لكل أسرة متوفى، وذلك نتيجة موجة الأمطار الكارثية التى ضربت المحافظة.
وفى نهاية المطاف طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالانتهاء من رفع كفاءة شبكة الصرف الصحى بالإسكندرية، وذلك تحت الإشراف المباشر من القوات المسلحة، كما طالب الرئيس خلال زيارته للمحافظة بتعويض المزارعين المتضررين جراء السيول وموجة الطقس السيئ التى اجتاحت مصر خلال الأيام القليلة الماضية.
وانتقلت بعد ذلك تلك الأزمة إلى البحيرة، حيث ضربتها أيضا موجة من السيول والبرق والرعد، وتساقطت عليها الأمطار بغزارة وذلك على مراكز إدكو ورشيد وكفر الدوار.
وقال الدكتور محمد سلطان، محافظ البحيرة: إن القوات المسلحة والحماية المدنية بالمحافظة تمكنت من إنقاذ 72 مواطنًا بقرية عفونة التابعة لقرية الحمرا بمركز وادى النطرون، التى حاصرتها السيول وعزلتها تماما، كما نفى وجود حالات وفاه بسبب تلك السيول، وكان كل هذا هو ملخص ما حدث خلال الأسبوعين الماضيين.
ومنذ عدة أيام أعلن الدكتور أحمد عبدالعال، رئيس هيئة الأرصاد الجوية، تأثر البلاد بحالة من عدم الاستقرار فى الأحوال الجوية خلال الفترة القادمة، وقد تصل لحد السيول بعدة محافظات.
وقال رئيس هيئة الأرصاد الجوية فى بيان أصدره، (تبدأ تلك الموجة من السلوم ومطروح والإسكندرية، وتمتد لتشمل محافظات الوجه البحرى والقاهرة وسيناء وسلاسل جبال البحر الأحمر وصعيد مصر، ومن المتوقع أن تتكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق).
وأضاف (تصل الأمطار حد السيول على وسط وجنوب سيناء وسلاسل جبال البحر الأحمر، وتنشط الرياح ما يؤدى إلى اضطراب الملاحة البحرية فوق مسطحى البحر الأحمر والمتوسط، ومن المتوقع أن تتراوح درجات الحرارة العظمى المتوقعة خلال ذروة هذه الموجة على السواحل الشمالية وشمال سيناء من 21 لـ23 درجة مئوية، ومحافظات الوجه البحرى والقاهرة من 23 لـ25 درجة مئوية، ومحافظات شمال الصعيد من 26 لـ28 درجة مئوية، ومحافظات جنوب الصعيد من 29 لـ31 درجة مئوية، ومحافظات جنوب سـيناء من 28 لـ30 درجة مئوية).
كما أهابت الهيئة بالمسئولين عن تلك المحافظات، اتخاذ كافة التدابير اللازمة للحد من الآثار الناجمة عن سوء الأحوال الجوية، خاصة لمحافظات شمال وجنوب سيناء.
ومن خلال هذا البيان رصدت (السوق العربية) استعدادات بعض المحافظات لمواجهة تلك الموجة المحتملة خلال الأيام القليلة القادمة.
ففى القليوبية أعلن المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ القليوبية، حالة الطوارئ لاستقبال النوة الجديدة التى أعلنتها هيئة الأرصاد الجوية، والتى من المتوقع أن تصاحبها الأمطار الغزيرة.
وقرر المحافظ، تشكيل غرفة عمليات، وأصدر تعليمات مشددة لرؤساء المدن بسرعة التحرك لشفط المياه، ورفع آثارها أولا بأول حتى لا تتسبب فى مشاكل أو تعطيل حركة الطرق الرئيسية والفرعية بالمحافظة.
وقال المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ القليوبية، إنه تم تخصيص 5 ملايين جنيه لاستكمال وإقامة شبكات تصريف الأمطار بمدن المحافظة والشوارع الرئيسية، والتى ينفذها جهاز التعمير بوزارة الإسكان ضمن خطة الحكومة لإقامة شبكات جديدة فى القاهرة الكبرى، مشيرا إلى أنه تم الانتهاء من إنجاز شبكة تصريف الأمطار بمدن كفر شكر، وقها، وطوخ، ونسبة كبيرة من مدينة بنها، وحاليا جارٍ العمل فى مدينة شبرا الخيمة.
وجاء ذلك خلال تفقد المحافظ لأجهزة شفط المياه الجديدة التى وفرتها المحافظة وعددها 15 ماكينة للمياه، حيث أمر المحافظ بتوزيع الماكينات الجديدة على المناطق والأماكن الخطرة التى قد تشهد مشاكل خلال هطول الأمطار، وتحت الأنفاق وفى الميادين بجميع مدن المحافظة، كما كلف رؤساء الوحدات المحلية برفع درجة الاستعداد وتجهيز المعدات، ومراجعة بالوعات الصرف والتأكد من كفاءتها حتى لا تتأثر الشوارع بتراكمات مياه الأمطار.
وأكد المحافظ أن خطة الطوارئ بالمحافظة لمواجهة الأمطار تشمل مراجعة المعدات المستخدمة فى رفع آثارها من سيارات شفط وماكينات تابعة للمدن، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن القليوبية ليست من المحافظات الساحلية المعروفة بهطول الأمطار بغزارة إلا أنه يجب أن تكون على أهبة الاستعداد لأى ظروف طارئة.
وفى سياق متصل، تفقد المهندس مصطفى مجاهد، رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالقليوبية، محطة رفع الصرف الصحى الرئيسية فى مدينة بنها لمتابعة الحالة الفنية للمحطة، وتفقد التوسعات التى تمت فى ورشة معدات الصرف الصحى وسرعة الانتهاء من إصلاح وصيانة المعدات التى ترد إلى الورشة ودورها الرئيسى فى إنقاذ الأعطال. وأشار رئيس الشركة، فى تصريحات لـ(السوق العربية)، إلى أنه قد تم رفع درجة الاستعداد تحسباً لهطول أمطار ووضع خطة للتعامل مع الموقف وتشكيل لجنة للأزمات لمواجهة موجة هطول الأمطار المحتملة.
وفى الإسكندرية، كشف العميد محيى الصيرفى، المتحدث باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، عن أن المقاولون العرب انتهت من نحو 40% من تنفيذ مخرات جديدة للمطور والسيول فى محافظة الإسكندرية، وذلك تنفيذًا لتعليمات الرئيس السيسى الذى وجه بسرعة إنهاء هذه المشكلة وتنفيذ مخرات جديدة خلال فترة 10 أيام.
وأضاف العميد محيى الصيرفى، أن الشركة القابضة انتهت من تطهير كافة مخرات السيول وبالوعات الصرف الصحى فى محافظة الإسكندرية، لافتًا إلى أن القوات المسلحة جربت هذه المخرات من خلال قيامها بتفريغ سيارة محملة بالماء بالكامل فى مطبق واحد للتأكد من سرعة تصريف المياه.
وأوضح المتحدث باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، أن الخطة التى وضعتها الشركة لتنفيذ حلول عاجلة لمحافظة الإسكندرية تتضمن رفع كفاءة كافة المحطات الصرف بالإسكندرية التى تعمل والمتوقفة، مشيرًا إلى أن الهدف من المحطة رفع كفاءة المحطات المتوقفة يكمن فى الاستعانة بها عند حدوث أى أعطال فنية فى المحطات الرئيسية.
وأشار إلى أنه تم تشكيل لجنة فنية مكون من الشركة القابضة ووزارة الإسكان والقوات المسلحة، لمعاينة كافة المحطات والمطلوب لرفع كفاءتها وإعداد تقرير بذلك، وعرضه على الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان لتوفير المبالغ المالية اللازمة.
وأشار إلى أنه سيتم شراء عدد من الطلمبات الجديدة لبعض المحطات، كما سيتم شراء سيارات شفط جديدة، وإضافتها لأسطول سيارات المحافظة للاستعانة بها فى الوقت المناسب لمواجهة سقوط الأمطار والسيول.
وأوضح أنه تم تشكيل مجموعة عمل مستمرة بالشركة القابضة ورفع حالة الاستعداد القصوى بمحافظة الإسكندرية لمواجهة سقوط أى أمطار فى أى لحظة، لافتًا إلى أنه تم الدفع بسيارات شفط ووضعها فى الأماكن المتوقع سقوط الأمطار بها، وأماكن تجمع المياه وذلك للعمل وقت اللزوم. وفى البحيرة، أشار المتحدث باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، إلى أنه تم شراء طلمبات غطس جديدة لمحافظة البحيرة، وذلك لاستخدامها وقت هطول أمطار جديدة.
وفى القاهرة، شدد الدكتور جلال مصطفى سعيد، محافظ القاهرة، على رؤساء الأحياء برفع درجة الاستعداد للتعامل مع سقوط الأمطار فور حدوثها، والتأكد من صيانة وتطهير بالوعات الأمطار المنتشرة بشوارع وميادين القاهرة، مشيراً إلى أنه تم مد الأحياء بشفاطات لإزالة تراكمات المياه على الفور.
ولذا نجد من كل هذا أن الحكومة المصرية استوعبت أزمة الإسكندرية بشكل جيد، وأصبحت تعمل بكل قوة لعدم تكرار تلك الأزمة مرة أخرى فى بعض المحافظات الأخرى، ولذا شددت الحكومة على جميع المسئولين فى المحافظات المختلفة بالاستعداد الجيد للموجات المختلفة فى فصل الشتاء، لعدم حدوث أى ضرر مرة اخرى، وسوف تواصل (السوق العربية) رصد ما هو جديد بخصوص تلك الاستعدادات المختلفة من جانب المحافظات.