لأول مرة.. تأمين السيد البدوى بـ17 بوابة إلكترونية وكلاب بوليسية
نصف مليون زائر وأكثرمن 50 طريقة صوفية تحتفل بمولد السيد البدوى بطنطا سنويًّا
أمن الغربية يحيط احتفال مولد السيد البدوى بقبضة أمنية مشددة
الاحتفال بمولد السيد البدوى بمدينة طنطا يكون واحدًا من أكبر الاحتفالات الدينية بالجمهورية، حيث تحتفل به تقريباً أكثر 50 طريقة صوفية، ويقام فى نصف شهر أكتوبر من كل عام بمحافظة الغربية بمدينة طنطا والتى يوجد فيها ضريحه القائم فى مسجده، ويقام لمدة أسبوع وسط إجراءات أمنية مُشدّدة، وكثير من المواطنين من جميع محافظات مصر، والتى ترغب فى احتفالات الموالد الدينية.
واثناء هذا الاحتفال تكون القيادات الأمنية بالغربية تعمل على قدم وساق لتأمين هذا الاحتفال على اكمل وجه، ولهذا قال المواطنون بطنطا سواء مقيمين أو زوار أو مغتربين نشعر لأول مرة بأمن وأمان من قبل رجال الجيش والشرطة بالغربية حيث حدث امامنا أن تفقد السعيد مصطفى كامل، محافظ الغربية، واللواء نبيل عبدالفتاح، مدير أمن الغربية، فى الساعات الأولى من كل يوم ويوم، مولد السيد البدوى بمدينة طنطا، الذى بدأت احتفالاته الجمعة الماضية وتستمر حتى الخميس، وذلك للاطمئنان على توفير الخدمات والمرافق الصحية والخدمية والأمنية.
ورافق المحافظ ومدير الأمن، اللواء حسام خليفة حكمدار الغربية، واللواء أحمد عبدالوهاب، واللواء حاتم عبدالله، واللواء هشام والى مدير إدارة المرور، ومدير شرطة المرافق العميد مهند أبوليمون.
وأكد محافظ الغربية أنه تم اتخاذ الإجراءات المقررة لتأمن الاحتفال بالمولد دون أى تجاوزات أمنية، وتوفير الخدمات للزوار الذين يصل عددهم نصف مليون زائر.
حيث نلاحظ أن منطقة السيد البدوى تشهد انتشار الخيام التى تستقبل لمريدى ومحبى "السيد البدوى"، الذين يتوافدون من أجل الاحتفال بـ"المولد"، فيما تواجدت "الملاهى" بكثافة فى المنطقة، وكذا والمسارح والسيرك من أجل تنظيم عروض ألعاب سحرية وفقرات جاذبة للأطفال.
والباعة الجائلون ينتشرون بكثافة فى المنطقة، وهم بدورهم توافدوا من كل حدبٍ وصوبٍ للتربح من الاحتفالات، حيث يعتبر "مولد السيد البدوى" موسمًا هامًا لهم، لاسيما انتشار بائعى ألعاب الأطفال والطرابيش والزمامير، فضلاً على خيام التصوير التى انتشرت بطول الشارع بمنطقة سيجر لجذب الأطفال للتصوير بالزى البدوى والفرعونى.
وفى نفس الوقت، تواصل الأجهزة الأمنية اتخاذ إجراءات مكثفة من أجل ضبط الاحتفالات، حيث فرضت أجهزة الأمن هناك عدة كمائن لاسيما فى أطراف مدينة طنطا يصل عددهم إلى 17 كمينا، وكذا انتشار رجال المرور فى الطرق الرئيسية القريبة من منطقة الاحتفالات.
وشاركت كل الطرق الصوفية، لاسيما التى انشقت عن طريقة البدوى كالأحمدية المرازقة، والأحمدية الشناوية، والأحمدية القصبية، والأحمدية المنوفية، والأحمدية السطوحية، بالإضافة إلى الطريقة الرفاعية والبرهامية والبيومية والشبراوية والشاذلية، فى نصب الخيام لتقديم خدمات تقديم الطعام لزوار المسجد، وشهد محيط المسجد الأحمدى حالة من الزحام، زادت داخل المسجد، ما جعل عمال المسجد يتولون مهمة إدخال الزوار إلى «المقام» على دفعات.
وفيما اقتصر افتتاح المولد على مريدى الطرق، وغاب عنه مشايخ الطرق، الذين انشغلوا بإحياء موكب استقبال العام الهجرى الجديد فى القاهرة بصحبة شيخ المشايخ الدكتور عبدالهادى القصبى، ومن المقرر أن يبدأوا بالتوافد خلال الأيام القادمة، استعدادا لحضور المشيخة العامة التى تعقد اجتماعها بالمشايخ تحت مسمى «جمع الجموع»، يعقبه مؤتمر يحضره محافظ الغربية وكبار قيادات المحافظة، أما الليلة الختامية، الخميس، فمن المقرر أن يحييها المنشد ياسين التهامى، شيخ المنشدين.
وقال مصطفى زايد، منسق ائتلاف الطرق الصوفية، إن مولد السيد البدوى من أكبر الموالد على مستوى مصر، ويشهد أكبر إقبالا للمريدين على مستوى الجمهورية، بأعداد تفوق أعداد المقبلين على مولد الحسين والسيدة زينب، نظرًا لموقعه فى قلب الدلتا، حيث يزداد عدد الصوفيين، دون أن تعوق حركتهم مصاريف وأعباء التنقل.
وأضاف «زايد» أن البدوى له مكانة كبيرة لدى كل الطرق الصوفية، وليس فقط الطرق المنشقة من طريقته، فحتى الطرق الأخرى تحرص على إحياء ذكرى مولده، موجها الشكر لمحافظ الغربية على رعايته للمولد، قائلاً: إن محافظة الغربية من أكثر المحافظات التى ترعى الصوفية، وتهتم بمولد البدوى، وتزيل أى عقبات أمامه، بمساعدة قوات الأمن، على عكس بعض المحافظات الأخرى التى يتعنت القائمون عليها فى إقامة الموالد، ويفرضون رسوماً مرتفعة على الخدمات، وهذا خلاف "مقامات" وموالد واضرحة اخرى مثل ضريح "الشيخ الغريب" الذى يقع فى شبين وسط مقابر تُسمى باسمه، وكما يردد الناس فهو متخصص فى علاج أمراض العظام والأعصاب ولذلك يطلق عليه الكثيرون بالمنطقة "أبوالعضام"، ويقول عم محمد، أحد الأهالى، إنه يعود إلى جثمان شاب صغير عمره ما بين 16-14 سنة ووجدوا جثته فى هذا المكان ولم يستطع التعرف عليه وكان يبدو عليه أنه من الأعراب فقام الأهالى حينها بدفنه، وكثرت المقابر بجواره وبعدها ظهرت بركاته الكثيرة، على حد قوله، حيث كان يزوره بعض المرضى ويشفون تماماً. وللشيخ الغريب طقوس خاصة يقوم بها الأهالى، منها ما يحدث كل يوم اثنين من كل أسبوع بالتبرك بالضريح ثلاث مرات متتالية ثم يقومون بالتمرغ فى المراغة الخاصة بالضريح، وهى مساحة من الرمال الصفراء ويدفع الزائر رسم دخول المراغة جنيهاً للشفاء من آلام المفاصل والروماتيزم، ويُستخدم هذا المبلغ فى تجديد كسوة الضريح. ولا تقتصر هذه الظاهرة على المسلمين فقط، لكنها تمتد لتشمل القساوسة والقديسين بل واليهود أيضا، مثلما يوجد فى قرية المناصرة بمحافظة المنيا، بالتحديد مقام القديس عبدالمسيح المقارى، الذى يلتف حوله العديد من المريدين، وكرامات القديس مقارى طبقاً لحكايات الأهالى هناك كثيرة جداً تشمل شفاء المرضى والحيوانات والطيور وهو الأمر الذى جعل أكثر من 100 ألف مسلم ومسيحى يحرصون على زيارته. وعلى غرار ذلك مولد أبوحصيرة، الذى يُقام فى محافظة البحيرة سنويًا، وهو يعقوب بن مسعود، حاخام يهودى من أصل مغربى، عاش فى القرن التاسع عشر، وينتمى إلى عائلة يهودية كبيرة اسمها عائلة الباز، ويعتقد عدد من اليهود أنها شخصية "مباركة"، وكان بعض المصريين يحتفلون بهذا المولد أيضا باعتباره أنه مناسبة وعدم علم منهم بهوية من يرقد داخله. وقد ظهر ارتفاع قياسى لعدد الأضرحة الوهمية خلال السنوات الأخيرة، فاقت بكثير عدد الأضرحة الرسمية فى مصر التى تجاوزت أكثر من 2225 ضريحًا ومقامًا أغلبها غير مسجل، كما يؤكد الدكتور شحاتة صيام، أستاذ الاجتماع السياسى بجامعة الفيوم، فى كتابه "الطهر والكرامات: قداسة الأولياء". يشير صيام إلى تحول أغلبها لأداة للنصب والثراء السريع؛ نتيجة سيطرة مجهولين على صناديق النذور التى تدر سنويًّا ما يقرب من 10 مليارات جنيه. ويربط فاروق أحمد مصطفى، أستاذ الاجتماع بجامعة الإسكندرية، فى دراسة بعنوان "الموالد.. دراسة للعادات والتقاليد الشعبية فى مصر"، بين الموالد وبين الاحتفالات الفرعونية القديمة التى انتقلت للمسيحية ثم للمسلمين لاحقا، ويقول: إن أهم ملامح الاحتفالات الفرعونية هى تقديس الآلهة والفرعون وتقديم القرابين، والجانب الفلكلورى مثل: الموسيقى والغناء والرقص، كما أن هناك عبارات التقديس التى كانت تُطلق على الفرعون؛ فهو الذى يهب الحـياة، وهو النور الذى يهدى الناس، وهو إما الإله أو من سلالة الآلهة. وهذه الصفات نفسها نجد كثيراً منها مستخدَماً حتى الآن فى تقديس الأولياء والقديسين. ولكن موضوعنا عن مولد السيد البدوى الذى يقام للبدوى احتفال آخر يعرف بـ "المولد الرجبى"، والذى يُقام فى النصف الأول من شهر إبريل من كل عام، ويقام لمدة أسبوع أيضا، ويرجع مولد أحمد البدوى إلى مدينة فاس المغربية سنة 596هـ/1199 ميلاديًّا، وكان السادس فى الترتيب بين قائمة إخوته، وقد انتقل أجداده من شبه الجزيرة العربية إلى مدينة فاس سنة 73هـ/ 692 ميلاديًّا عندما زاد اضطهاد الحجاج بن يوسف الثقفى للعلويين.
فى سنة 603هـ/1206م، عندما كان عمر أحمد البدوى سبع سنوات، هاجرت أسرته من فاس إلى مكة فى رحلة استغرقت حوالى أربع سنوات، وقد مروا بمصر فى طريقهم، وعاشوا فيها فترة تقدر بحوالى ثلاث سنوات. وهناك بعض القصص الصوفية تقول إن على والد البدوى جاءه هاتف فى المنام أن: يا على، ارحل من هذه البلاد إلى مكة المشرفة، فإن لنا فى ذلك شأناً.
وقد توفى والده سنة 627هـ/1229م، وبعدها بأربع سنوات توفى محمد شقيق البدوى، فلم يبقَ من إخوته الذكور أحد سوى شقيقه الأكبر حسن، وهو الذى تولى رعايته. وبحسب مصادر الصوفية، فإن البدوى قد لزم منذ صباه العكوف على العبادة، وتعود الذهاب إلى مغارة فى جبل أبى قبيس قرب مكة ليتعبد فيها وحده. وبقى هكذا حتى بلغ ثمانية وثلاثين سنة من عمره، حينها قرر الرحيل إلى العراق مع أخيه حسن سنة 634هـ1227/م. وبعد انتهاء احتفال مولد السيد البدوى يتبعه احتفال مولد إبراهيم الدسوقى فى مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، وذلك فى الأسبوع التالى للاحتفال بالبدوى مباشرةً.