السوق العربية المشتركة | الإعلاميون سقطوا فى مستنقع الألفاظ البذيئة والتعبيرات التى تسىء لقيم ومبادئ المجتمع المصرى

السوق العربية المشتركة

الإثنين 23 سبتمبر 2024 - 09:39
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

الإعلاميون سقطوا فى مستنقع الألفاظ البذيئة والتعبيرات التى تسىء لقيم ومبادئ المجتمع المصرى

  الكنيسى يتحدث لمحررة السوق العربية
الكنيسى يتحدث لمحررة السوق العربية

الإعلامى حمدى الكنيسى رئيس الإذاعة المصرية الأسبق يتحدث لـ«السوق العربية المشتركة»:
الإعلام يقدم أخبارا غير دقيقة وموضوعات تفتقد الصحة والأمانة
الأفلام السينمائية الآن تدعو إلى العنف وتشجع على ممارسة الرذيلة
مستمع الإذاعة مازال موجودا.. الإذاعة تعمل بشكل مستمر على تطوير أدائها وبرامجها.. والمعلنون يتهافتون على تقديم إعلاناتهم من
خلالها

لا شك أن المنظومة الإعلامية تتمتع بقدر كبير من الفساد والفشل نظرا لوجود المرتزقة الأفاقين والمنافقين المتطفلين أصحاب الذمم المنحرفة الذين يعملون لصالح أشخاص ومؤسسات يشوبها الانحطاط الأخلاقى والمهنى، تلك الشرذمة التى خرجت من "عباءة إبليس"، لا يعملون حبا للوطن والمواطن المصرى، بل يعملون لصالح رأس المال، رجال المال والأعمال، وفقا لتوجهاتهم وإرضاء لمن يحركهم نحو هدم الدولة، فهم الذين يشكلون وجه الإعلام، ويحددون له ملامحه، لأنهم يرونه مرآتهم، وهو لسانهم والمعبر عنهم، بدلا من أن يكون الإعلام هو المتحدث الرسمى باسم الشعب يصبح هو المتحدث الرسمى بلسان أصحاب رأس المال السياسى ورجال المال والأعمال، للأسف الإعلام أصبح مثل رجال السياسة وعلماء الدين الموالين للسلطة والذين يفتون بكل ما يوافق هوى حكوماتهم، ويتحولون مع كل حكومة جديدة، حتى لو باعوا دينهم بدنياهم، لأن فى ذلك بقاءهم واستمراريتهم.. للأسف الشديد الإعلام المصرى ليس إلا مرآة لحكوماتنا وليس صوتا حقيقيا لشعوبنا، وسيظل ذلك حال إعلامنا طالما يدور الإعلاميون فى فلك أصحاب رأس المال رجال المال والأعمال المتحكمين صانعى المرتزقة أصحاب الذمم المنحرفة، خاصة الذين انتقلوا من خانة الصحفيين أصحاب الملاليم إلى خانة الإعلاميين أصحاب الملايين، وليس لهم سوى تنفيذ أجندات رجال المال والأعمال، والدفاع عن الحكومة، طالما هو يسير على دربهم ويستفيدون من وجوده، وطالما هذه الحكومات تعطى لهؤلاء المرتزقة التسهيلات وتتغاضى عن التجاوزات، حتى لو كانت ضد مصالح الناس، لا ينتقضون الحكومة أبدا إلا بعد استقالة وزير أو إقالة حكومة، أو اذا اقترب من مصالحهم وأصبحت قراراته تشكل تهديدا لهم.. أما عن الإعلام القومى.. فحدث ولا حرج، فهو يسبح بحمد الحكومة ويتغنى لها وعليها، ولا يناقش القضايا المصيرية والمهمة والحيوية للناس، الذين يمول هذا الإعلام من رواتبهم والضرائب المتعددة التى يدفعونها، ويحدث هذا فى ظل بعض القيادات الصحفية والإعلامية الخاضعة تماما لأصحاب السلطة، رجال المال والأعمال المتحكمين، والذين يستمدون وجودهم من طاعة أوامرهم حتى لو كانت فى غير صالح الوسائل الإعلامية التى يعملون بها، أو حتى تتنافى مع أبسط مبادئ المهنة وميثاق الشرف الإعلامى.. ولأننا لسنا ضد المسئولين الشرفاء كان لنا هذا الحوار مع الإعلامى الوطنى رئيس الإذاعة المصرية الأسبق حمدى الكنيسى الرافض تماما لما يحدث فى المنظومة الإعلامية.. إلى نص الحوار.. وسحقا لكم أيها المرتزقة الرعاع يا من تلعبون بمقدرات الوطن.

■ بداية ماذا عن دور الإعلام فى تنمية فكر الشباب واستعادة الضمير الوطنى وأخلاق المصريين فى رأيك استاذ حمدى الكنيسى.؟

- الإعلام صار الآن أخطر سلاح يؤثر فى الجماهير والأحداث المختلفة، وبقدر ما زادت أهميته بهذه الصورة أصبح مسئولا بشكلا مباشر عن توجيه الرأى العام فى القضايا العامة المختلفة، والإعلام له دوره الذى لا بديل عن ممارسته فى تنمية فكر الشباب وتوعيته بأهمية الحظر ما يمكن أن تبثه مصادر معادية لمصر وللأمة العربية، وعلى الشباب أن يدرك من خلال الإعلام أنه مطالب بأن يكون إيجابيا واعيا ومدركا لحجم الأخطار التى تتربص وتهدد مصر والأمة العربية بصفة عامة، خاصة أن الشباب يمثلون الآن فى مصر والأمة العربية نسبة كبيرة فى تعداد السكان كما أنهم مستهدفون بكل ما يحاول إضعافهم أو دفعهم إلى أفكار ومواقف لا تتمشى مع مصلحة الوطن والأمة، ولعلنا نتذكر ما حدث من الإعلام عندما ارتكب خطأ لا يغتفر بتقديم أخبار غير دقيقة وإثارة موضوعات تفتقد للصحة والأمانة، ما دفع بعض الشباب إلى مشاركة الإخوان وغيرهم من الجماعات الإرهابية فى المظاهرات، بالرغم من أن هؤلاء الشباب أنفسهم كانوا قد شاركوا فى ثورة يونيو ضد النظام الدينى الفاشى.

■ كيف ترى دور الإعلام فى محاولة طمس اللغة العربية والاستسلام للغزو الثقافى الخارجى؟

- ما نتعرض له من غزو ثقافى مريب ورهيب وما تتعرض له لغتنا العربية من تشويش فالإعلام هنا عليه أن يلفت نظر المدارس والجامعات إلى أهمية دفع الطلاب إلى دراسة اللغة العربية بالشكل الصحيح، بل وجعل اللغة العربية لها أولوية فى الامتحانات وفى القبول بالجامعات، من جهة أخرى يجب على الإعلام نفسه أن يقدم الصورة المشرفة للغة العربية، فلا يجنح إلى العامية فى كل الموضوعات أو يتحدث بلغة عربية ضعيفة ركيكة، اذا من الضرورى فعلا أن يسارع الإعلام إلى إنقاذ اللغة العربية من حالة التدنى والتدهور التى أصابتها وتصيبها، بما يؤثر على هويتنا وشخصيتنا العربية فعلا.

■ اذا ماذا عن رأى حضرتك فى هذا التدنى والانحدار الأخلاقى فى ما يقدم من خلال الإعلام الآن؟

- يجب على الإعلاميين أن يرتفعوا بمستوى الأداء المهنى، فلا يسقط منهم من يسقط فى مستنقع الألفاظ البذيئة والتعبيرات التى تسىء لقيم ومبادئ المجتمع المصرى، كما أن الإعلام مطالب بأن يتبنى الأعمال الدرامية سواء كانت سينما أو مسرح أو مسلسلات، التى تكون مهتمة وحريصة على رفع مستوى الذوق العام وتأكيد أهمية التمسك بالأخلاقيات التى ترفع مستوى المجتمع، خاصة أن بعض الأفلام الآن للأسف الشديد تقدم صورا غير حقيقية تدعو إلى العنف، بل تكاد تشجع إلى ممارسة الرذيلة ذاتها.

■ إذا كيف ننهض بمنظومة الإعلام المصرى والخروج من هذا النفق المظلم؟

- أرى أن الإعلام لن يستعيد توازنه ويقوم بدوره المنوط به كرسالة بالغة الأهمية فى مصر إلا اذا قامت نقابة الإعلاميين لأنها وحدها التى تملك إطلاق ميثاق الشرف الإعلامى، وهى وحدها التى تملك حق المتابعة والمراجعة والمحاسبة، لأنها هى وحدها التى تملك العمل على الارتقاء بمستوى المهنة، وعندما يعرف أى إعلامى أن نقابته لن تغمض العين عن تجاوز يرتكبه فى حق القيم والمبادئ، وفى حق الوطن والأمه فإنه سيكون حريصا على الالتزام بميثاق الشرف الإعلامى، والمعايير الضرورية لممارسة المهنة السامية، والمعروف أنه توجد حاليا نقابة الإعلاميين تحت التأسيس وتنتظر فقط صدور قرار بقانون من رئيس الجمهورية يتيح لها الوجه الدستورى حتى تمارس مهمتها إزاء الإعلام والوطن.

■ هل سيكون هناك تنسيق بين نقابة الصحفيين ونقابة الإعلاميين لمعايير ممارسة المهنة والالتزام بميثاق شرف إعلامى موحد؟

- عندما تقوم نقابة الإعلاميين فإنها تتحرك مع النقابة التوأم وهى نقابة الصحفيين لمتابعة كل ما يتصل بميثاق الشرف الإعلامى والصحفى، وبالتنسيق بين النقابتين يمكن فعلا التوصل إلى الأداء الصحفى والإعلامى الذى يرتفع إلى مستوى المسئولية ويعبر فعلا عن ثورتى يناير ويونيو.

■ إذا تحدثنا عن الإذاعة نجد فرقا كبيرا بين الماضى والحاضر نظرا للتطور الهائل الذى حدث على مستوى الميديا.. هل مستمع الإذاعة مازال موجودا فى رأى حضرتك؟

- أعتقد أن مستمع الإذاعة مازال موجودا ومرتبطا بها بشكلا أو بآخر، بالرغم من المنافسة الشرسة التى تواجهها الإذاعة من القنوات الأرضية والفضائية، ومن مواقع الاتصال الإلكترونية، ومن الصحف أيضا، إلا أن الحقيقة الثابتة تاريخيا تقول "أنه لا توجد وسيلة إعلامية تلغى وسيلة إعلامية أخرى" لكن الفيصل هنا هو أن تعمل الإذاعة بشكل مستمر على تطوير أدائها وبرامجها، ولذلك فإن بعض الإذاعات الآن تحظى فعلا بنسبة استماع عالية، ودليل ذلك أن المعلنين يتهافتون على تقديم إعلانتهم من خلال هذه الإذاعات التى نجحت فى تطوير نفسها، التى تقدم المادة الإذاعية بالشكل الذى يجتذب الجمهور لأنها تعرف ماذا ينتظره الجمهور منها مثل إذاعة راديو مصر وإذاعة الأغانى، والإذاعات التى تحررت بشكل أو بآخر من حالة الجمود، والشكل الروتينى المفتقد للحيوية.

■ ما تفسيرك لظاهرة احتلال واستحواذ الفنانين والرياضيين مقاعد الإعلاميين؟

- الواقع أن الأمور اختلطت بشكل مثير للتفاؤل، حتى صار الإعلام مهنة أى إنسان "له مهنة أو لا مهنة له" بغض النظر عن تخصصه ودراسته وفهمه للعمل الإعلامى الحقيقى، وبالتالى نلاحظ الآن انتشار البرامج التى يقدمها فنانون ورياضيون، والقليل جدا منهم استطاع أن يمسك بوسائل الأداء الإعلامى الجيد، بينما يرتكب غيرهم أخطاء لا يمكن قبولها لأنه لا صلة لها بالعمل الإعلامى الحقيقى والأمثلة على ذلك عديدة، فمنهم من كاد يفسد علاقة مصر بدول عربية وإفريقية من خلال آراء وألفاظ لا صلة لها بالإعلام أو الثقافة أو السياسة، ومنهم من أطلق آراء تضرب الأخلاق والمبادئ فى مقتل، والمؤكد أن هذا الواقع الذى أثار ويثير قلق الرئيس شخصيا، بل يثير قلق عدد كبير من الإعلاميين الحقيقيين، لكن يتم القضاء على هذا بتفعيل نقابة الإعلاميين فهى التى تملك أن تعطى التصريح لمن يمارس العمل الإعلامى وتوجيهه إلى معايير العمل الإعلامى، وهى التى تملك هنا المتابعة والمحاسبة للإعلام العام والخاص.

■ ماذا عن دور المثقفين والمشاركة الشعبية فى محاربة الإرهاب؟

- المثقفون مطالبون بتصحيح الصورة التى تلتصق بهم حاليا عندما يقول البعض "أن النخبة الثقافية هى التى لا تمارس أى دور حقيقى فى قضايا المجتمع، بل تتخلف عن استثمار ما لديها من فكر وقدرة على التأثير فى المجتمع ما أكد هذه التهمة التى تطارد المثقفين الآن".

■ ما رأيك فى جهود القوات المسلحة فى التعامل مع الأزمات التى شهدتها مصر؟

- الواقع أن القوات المسلحة المصرية أعادت إلى الأذهان دورها التاريخى فى حرب أكتوبر التى حطمت فيها الأساطير الإسرائيلية، فما نراه الآن من القوات المسلحة المصرية هو امتداد لهذا الأداء الوطنى جدا.. البطولى جدا، ففى ثورة يناير قامت القوات المسلحة بحماية الثوار ثم تصاعد دورها فى ثورة يونيو عندما احتضنت ودعمت ثورة الشعب الرائعة، وتصدت بقيادة وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى آنذاك بالمؤامرات الداخلية والخارجية، بالصورة التى أكدت أن يونيو ثورة شعبية بحماية ودعم الجيش، ولعل ما تحقق أخيرا من توجيه ضربات قاتلة للتنظيمات الإرهابية فى شمال سيناء، تحت عنوان "حق الشهيد" وما تقوم به قواتنا المسلحة أيضا على حدودنا الغربية والجنوبية دليل حى على المستوى الرائع الذى تقوم به قواتنا المسلحة من أجل الوطن والأجيال المختلفة.

■ إذا ماذا عن المطلوب من المؤسسة التعليمية والمؤسسة الدينية فى تنمية القدرات الشبابية وتكوين جيل قادر على تحمل المسئولية والتصدى لأى غزو خارجى؟

- أرى أننا نحتاج إلى ثورة تعليمية وثورة دينية.. بمعنى إعادة النظر فى الأساليب المتخلفة التى أدت بالتعليم إلى التدنى وما يشبه الانهيار، وأيضا إلى الفكر الجامد الذى أصاب الدين الحنيف بما يرتكبه، البعض ممن يتصورون أنهم بإطلاق اللحيه، واقتناص لقب الشيخ يمكنهم إطلاق الآراء والفتاوى التى ساعدت فى ظهور التنظيمات الإرهابية، ولعل ما ذكره الرئيس عبدالفتاح السيسى، عن ضرورة تصحيح الخطاب الدينى فيما وجهه لرجال الأزهر الشريف دليلا قاطعا على أننا ما زلنا فى حاجة، لهذا التصحيح.

■ لكن كيف يرى الإعلامى حمدى الكنيسى دور المرأة فى تنمية المجتمع والمشاركة الفاعلة لها؟

- حقا هذه فرصة لكى أرفع القبعة وأتجه بالتحية من قلبى وعقلى للمرأة المصرية التى أثبتت فى ثورتى يناير ويونيو، أنها لديها من الوعى والإيجابية ما جعلها تشارك به فى الثورتين بصورة رائعة، كما أن المرأة أيضا فى الاستفتاء والانتخابات الرئاسية والبرلمانية تفوقت جدا على الرجل بحرصها على الإدلاء بصوتها، والمشاركة الفعالة فى الانتخابات، وبذلك تثبت أنها جديرة بأكبر المواقع التنفيذية.

■ حتى أطيل عليك أستاذنا القدير.. هل لنا أن نعرف بماذا تحلم لمنظومة إعلامية وثقافية متردية؟!

- أنا متفائل جدا بالمستقبل لأن شعب مصر الآن ثار لديه الوعى الكافى وأن مصر تملك إرادتها ولديها قيادة وطنية مثقفة، لديها صورة دقيقة لما يحتاجه المواطن، وصورة دقيقة لما يدبره أعداء الداخل والخارج، ويكفى أنها حققت التوازن فى علاقتنا الخارجية وأخرجت مصر من حالة الانبطاح تحت أقدام دولة معينة، لا تحمل لنا إلا ما يسير القلق والمخاوف، ولعل الإعلام والثقافة يشاركان بقوة فى تبنى قضايا الوطن، ويتم التخلى عن أى سلبيات فى الأداء الإعلامى أو الثقافى، مع تعظيم الإيجابيات فى هذا الأداء.