الفسـاد وكـربـاج السيسى
الفساد هو الآفة الكبرى والمعوق الأول للتنمية والمعطل الوحيد لمصالح المواطنين. والفساد قديم قدم التاريخ وقد عرفه الصينيين القدماء وعرفته مصر قديماً وحديثاً وقد انتشر فى مفاصل الدولة وأصبح ظاهرة تحتاج لعلاج فورى وحاسم تنظيمياً وتشريعياً وأداًء فعالاً، حيث لا يكفى التنظيم التشريعى الحالى لمكافحة الفساد، كما أن المكافحة تحتاج إلى فعالية فى التوسع النوعى والجغرافى، وإن كان هذا لا يقلل من الجهود الكبيرة التى تبذلها أجهزة المكافحة خاصة هيئة الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة.
ويوم أن استمعت إلى الرئيس السيسى وقت أن كان وزيراً للدفاع قلت إن هذا القائد ناعم فى حديثه، بمعنى أنه بسيط ومقنع، إلا أنه يحمل فى يده كرباجاً سببه حبه للوطن ومعرفته بمشاكله ومعوقات التنمية وتربيته العسكرية.
وقد استخدم الرئيس كرباجه فى أول مواجهة رئاسية حازمة مع الفساد، والواضح أن هيئة الرقابة الإدارية عرضت عليه الفساد فى وزارة الزراعة، ويبدو أن تعليماته أن لا أحد فوق القانون، وأصدر تعليماته لرئيس مجلس الوزراء بالطلب من وزير الزراعة تقديم استقالته وقبولها وتم ذلك، ولدى خروج الوزير من مجلس الوزراء ألقت الرقابة الإدارية القبض عليه وقررت النيابة العامة حبسه وآخرين فى قضية فساد. وإقالة وزير الزراعة بطريق الاستقالة وقبولها أمر طيب حتى لا تحول حصانته الوزارية دون التحقيق معه ومحاكمته وحتى لا يلجأ إلى القضاء الادارى.
ورئيس مجلس الوزراء مسئول شخصياً عن خطأ وزير الزراعة إذا ثبت هذا الخطأ أمام القضاء، لأنه هو الذى رشح الوزير، ودائماً يقال فى القانون أن الإدارة مسئولة عن أخطاء موظفيها لأنها أخطأت منذ البداية فى اختيار الموظف الذى ارتكب الخطأ. ولذا يتعين على كـل مسئول أن يحسن اختيار الموظف العــام. وعمل الـــوزير عمل تنفيذى بالدرجة الأولى ويخضع لاشراف ورقابة رئيس مجلس الوزراء، فأين كان مجلس الوزراء وأجهزته الخاصة بالمراقبة والمتابعة، وهل المطلوب من رئيس الجمهورية أن يتابع بنفسه الوزراء وكبار المسئولين ويراقب أعمالهم ويكشف فسادهم، فهذا عبء كبير على عاتق الرئيس وكفـاه ما لديه من أعباء، وتلك مهمة رئيس مجلس الوزراء وأجهزته الرقابية. والواضح أننا فى حاجة إلى مائة سيسى كل عام يختارهم الرئيس لكى تنهض مصر وتتقدم، وهى زاخرة بالكفاءات وتجربة الفريق مميش واللواء كامل الوزير مازالت قريبة لم ننسها. وقد كشف تعيين الدكتور أحمد زكى بدر وزيراً للتنمية المحلية عن العزم على مواجهة حاسمة للفساد.
المهم أن حزم ومتابعة الرئيس ألقت الرعب والفزع فى قلوب كافة المسئولين التنفيذيين، ولعلهم يفكرون ألف مرة قبل أن يمارسوا الفساد أو حتى يسمحوا به.