أشرف كاره
فضائح شركات السيارات العالمية.. إلى أين؟
طالعتنا وسائل الإعلام العالمية سواء المتخصصة أو غير المتخصصة مؤخراً بأخبار فضيحة شركة (فولكسفاجن - VW) العالمية لصناعة السيارات حول تلاعبها فى الوحدات الإلكترونية الخاصة بمحركات سياراتها الديزل خلال السنوات الأخيرة والتى من دورها إعطاء مؤشرات غير حقيقية (أقل بالمقدار) فى قراءات مستوى العادم الذى تنفثه تلك المحركات، ومن ثم توافقها مع القوانين العالمية الصارمة لمستويات (ثانى أكسيد الكربون كأحد أهم نواتج العادم الذى يخرج من تلك السيارات).. ليس فقط على المستوى الأوربى، بل وأيضاً على المسوى العالمى. وبالرغم من الضبط الإلكترونى الذى قامت به شركة فولكسفاجن لسياراته تلك لإعطاء مؤشرات القراءة للعادم غير الحقيقية.. إلا أن إحدى الهيئات الأمريكية المتخصصة فى الكشف عن أعطال وإلكترونيات السيارات كانت قد تمكنت مؤخراً من فك شفرة تلك الوحدات الإلكترونية المبرمجة مسبقاً لسيارات الشركة (الديزل) تلك وإظهار القيم الحقيقية التى تنفثها عوادمها والمخالفة لقوانين الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية وما يسمح به من مستويات للعادم.. الأمر الذى سيكبد الصانع الألمانى الشهير ما يقرب من 12 مليار دولار خسائر بين (استدعاء- Recall) لهذه السيارات على مستو العالم لإصلاح هذا الخلل (إن جاز التعبير) بخلاف المبالغ التى ستدفع كتعويضات قضائية للكثيرين من ملاك تلك السيارات وكذا للجهات الحكومية المختلفة حول العالم.
إلا أن الأمر- من وجهة نظرى- يحمل أبعاداً أخرى أكثر بـمن ذلك كثير، والتى من أهمها:
■ رغبة العديد من (اللوبيات) الصناعية حول العالم بالتشكيك فى جودة وقدرة الصناعة الألمانية بشكل عام وصناعة السيارات بشكل خاص، خاصة أن هذه الفضيحة قد أعلن عنها قبل أيام من توجه المستشارة الألمانية/ أنجيلا ميركل إلى الولايات المتحدة، وما قد يسببه لها هذا الأمر من إحراج على المستوى السياسى والصناعى أمام الأقطاب الأمريكية المختلفة.
■ بغض النظر عن حالة الإفلاس التى هددت الشركات الأمريكية للسيارات بسبب الانهيارات الاقتصادية العالمية (بخاصة فى أمريكا) من عدة سنوات وقيام حكومة (أوباما) بدعمها.. فمن الملاحظ (استدامة) ظهور فضائح من حين لآخر لدى الشركات العالمية الكبرى التى تحتل المراتب الأولى بين مصنعى السيارات العالميين- على حساب التفوق المعهود سابقاً للشركات الأمريكية- وهو ما لاحظناه منذ ما يزيد على عام سابق فى فضيحة شركة تويوتا (التى كانت تتصدر الترتيب العالمى لمصنعى السيارات).. وكذا مصنعى سيارات يابانيين آخرين حول فضيحة الوسائد الهوائية المجهزة بها سيارات تويوتا وإمكانية إنفتاحها دون حوادث ومن ثم خطرها القاتل على ركاب السيارة.. وهو الأمر نفسه الذى حدث مع فولكسفاجن التى تصدرت الترتيب العالمى مؤخراً لمصنعى السيارات العالميين، فيبدو أن هناك منهجا ما (تحت السطح) للإطاحة بمتصدرى الترتيب العالمى لصناعة السيارات (غير الأمريكيين).. فلربما الأمر قد يتبع نظرية المؤامرة؟ والذى قد يدلل على هذا الطرح فكرة "ما الذى يضمن لنا نحن المستهلكين العاديين بأن باقى شركات السيارات لم تنتهج نفس التوجه الذى قامت به فولكسفاجن يصورة أو أخرى- خاصة ما هو معروف بشكل عام عن مستوى استهلاك السيارات الأمريكية للوقود ومن ثم نسبة عوادمها الأكبر بالمقارنة بالسيارات الأوروبية والآسيوية- وهو ما يجب التحقق منه".
■ وأخيراً رؤيتى- بالرغم من كبر حجم الجرم الذى إقترفته فولكسفاجن- فالعديد من شركات السيارات العالمية (أى كان دولة التصنيع التى تتواجد بها) قد يصدر منها تصرف على نفس مستوى الفداحة مع اختلاف صورة التعمد.. شأن إنتاج بعض من طرازاتها تحمل عيباً صناعياً (ما) ويتم تعمد تجاهل إصلاحه لفترة طويلة- بالرغم من إكتشافه- إلا بعد أن تتفاقم مشاكله بين مستهلكى هذا الطراز وترى تلك الشركات أن تدارك الأمر فى هذا التوقيت سيكون أفضل من الإطاحة بسمعتها.. الأمر الذى رأيناه مع عدة شركات- دون الخوض فى أسماء محددة- فالعبرة بنهاية الأمر فى معالجة الأمر طالما سيتم علاجه وعدم تجاهله.
إن فضائح شركات السيارات لن تنتهى مادامت الصناعة، إلا أن الذى يهم المستهلكين بنهاية المطاف هو حصولهم على حقهم كاملاً بمقابل ما قاموا بدفعه من مبالغ تعد استثمارات كبيرة للعديد منهم حول العالم.